يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
انقلاب على الصهيونية
تحدثت أمس عن التحولات التي تحدث في الدول الغربية على مستوى المجتمعات والمستويات الرسمية في بعض الدول فيما يتعلق بالمواقف من الصراع العربي الصهيوني وتمثل تحولات ايجابية جديدة.
هذه التحولات في المواقف السياسية على المستويات الشعبية والرسمية في بعض الدول ترافق معها تحول آخر له أهمية كبرى. ترافق معها عملية مراجعات فكرية وسياسية كبرى للصهيونية والمشروع الصهيوني ولكل تطورات الصراع العربي الصهيوني.
خلال الشهور الماضية قرأت عددا كبيرا من الأبحاث والتحليلات كتبها مفكرون وباحثون غربيون في إطار هذه المراجعات. هذه الأبحاث والتحليلات تقدم رؤية مغايرة الى حد كبير لكل ما استقر وترسخ في الفكر الغربي فيما يتعلق بالصهيونية والمشروع الصهيوني وتاريخ الصراع العربي الصهيوني.
من المفهوم بطبيعة الحال ان الذي فجر عملية المراجعة هذه حرب الإبادة الصهيونية في غزة بكل وحشيتها ما ترافق معها من مواقف صهيونية تم التعبير عنها علنا دفاعا عن هذه الإبادة.
هذه المراجعات الغربية تطرح جوانب في غاية الأهمية سنتوقف عند بعض منها.
اهم ما تطرحه هذه المراجعات، القيام بعملية بحث عميقة في جذور الإبادة الجماعية الصهيونية التي تحدث في غزة.
عدد كبير من الأبحاث والتقارير الغربية التي تطرقت الى هذه القضية توصلت الى نتيجة حاسمة وهي ان هذه الإبادة في غزة وما ترافق معها من دعوات شديدة العنصرية والفاشية والتطرف لا ترى بأسا في قتل الأطفال والنساء وحتى إبادة العرب كلهم، لم تكن نتاجا لعملية المقاومة في السابع من أكتوبر، وانما هي في صلب العقيدة الصهيونية، وفي صلب المشروع الصهيوني في المنطقة العربية.
هذه الدراسات الغربية اعادت تقديم الصهيونية وأسسها وعقيدتها الى القارئ الغربي من هذا المنظور، وقدمت عرضا تفصيليا لنظريات الصهاينة التي تدعو إلى الإبادة الجماعية كضرورة لبقاء الكيان الاسرائيلي ولأقوال قادة الصهاينة في هذا الخصوص.
وهذه الدراسات كي تدلل على هذا تقدم رصدا تفصيليا للتاريخ الطويل من عمليات الإبادة للشعب الفلسطيني التي ارتكبها الصهاينة منذ ما قبل قيام الكيان الإسرائيلي حتى اليوم.
وحين تبرز الدراسات الغربية الحديثة جذور الإبادة الجماعية على هذا النحو فهي تؤكد في نفس الوقت بناء على ذلك ان فكرة التعايش والسلام الدائم ليست واردة بالنسبة للصهاينة والكيان الإسرائيلي، فهم يعتبرون ان بقاءهم واستمرار دولتهم رهن بإبادة الآخر، وان أي سلام يعرض وجودهم للخطر.
والمراجعات الغربية الحديثة تعيد الاعتبار للمقاومة الفلسطينية على كل المستويات. الفكرة الجوهرية التي تتضمنها هنا هي ان عملية السابع من أكتوبر وأي عمليات سابقة او لاحقة للمقاومة هي نتاج تاريخ طويل من الظلم والاضطهاد التاريخي للشعب الفلسطيني، وتاريخ طويل من عمليات الإبادة التي ارتكبها الصهاينة.
هذه مجرد نبذة سريعة عن عملية المراجعة في الغرب اليوم للصهيونية والمشروع الصهيوني ولتاريخ الصراع. وهي تطرح جوانب مهمة أخرى قد نعود اليها لاحقا.
هذا يعتبر تحولا ضخما له أهمية تاريخية اذا انه ينسف كل اركان الصورة التي حاول الصهاينة بناءها في الغرب عبر عقود طويلة.. صورة الضحية التي تعيش في عالم عربي متخلف وهمجي يريد افتراسهم.. وينسف صورة ان إسرائيل تمثل النموذج الغربي المثالي للديمقراطية والتحضر في منطقة عربية استبدادية.
لهذا تمثل هذه المراجعات الغربية انقلابا حقيقيا على الصهيونية والمشروع الصهيوني.
بالطبع هذا تيار في أوساط مفكرين وباحثين ومحللين غربيين ولا نستطيع ان نقول انه يمثل تيارا سائدا حتى الآن لكن مجرد ان تطرح هذه الأفكار وبهذا الحسم سيكون له بالتأكيد تأثير كبير في الحياة الفكرية والسياسية في الغرب، وفي الموقف العام من الصراع العربي الصهيوني.
التحولات التي تحدث في الغرب على نحو ما ذكرته أمس واليوم من المفروض بداهة ان تستغلها الدول العربية سياسا واعلاميا في معركة الدفاع عن قضية فلسطين والقضايا العربية عموما.
لكن كي يحدث هذا من المفترض أن تكون هناك ابتداء إرادة عربية وخطة عربية فكرية وسياسية واعلامية بهذا الشأن. وهذا للأسف غير موجود.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك