العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

هل يستفيد الفلسطينيون من بداية تحول الرأي العام الدولي؟

بقلم: د. رمزي بارود {

الأربعاء ١٢ يونيو ٢٠٢٤ - 02:00

في‭ ‬عالم‭ ‬السياسة‭ ‬يكتسي‭ ‬السياق‭ ‬أهمية‭ ‬بالغة‭.‬

لكي‭ ‬نقدر‭ ‬حقًا‭ ‬القرار‭ ‬الأخير‭ ‬الذي‭ ‬اتخذته‭ ‬تباعا‭ ‬ثلاث‭ ‬دول‭ ‬أوروبية،‭ ‬وهي‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬إيرلندا‭ ‬وإسبانيا‭ ‬والنرويج،‭ ‬بالاعتراف‭ ‬بدولة‭ ‬فلسطين،‭ ‬يجب‭ ‬وضع‭ ‬الموضوع‭ ‬في‭ ‬سياقه‭ ‬الصحيح‭. ‬ففي‭ ‬15‭ ‬نوفمبر‭ ‬1988،‭ ‬أعلن‭ ‬ياسر‭ ‬عرفات‭ ‬رئيس‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬آنذاك،‭ ‬فلسطين‭ ‬دولة‭ ‬مستقلة‭.‬

تم‭ ‬ذلك‭ ‬الإعلان‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬الجزائرية‭ ‬ضمن‭ ‬سياقات‭ ‬تاريخية‭ ‬مهمة‭ ‬وفريدة‭ ‬من‭ ‬نوعها‭. ‬يتمثل‭ ‬السياق‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬اندلاع‭ ‬الانتفاضة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬ديسمبر‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬1987،‭ ‬والتي‭ ‬لاقت‭ ‬دعماً‭ ‬وتعاطفاً‭ ‬دولياً‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

أما‭ ‬السياق‭ ‬التاريخي‭ ‬الثاني‭ ‬فهو‭ ‬يتعلق‭ ‬بتزايد‭ ‬التوقعات‭ ‬بأن‭ ‬القيادة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬مطابقة‭ ‬الانتفاضة‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬ببرنامج‭ ‬سياسي‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تهدر‭ ‬الاهتمام‭ ‬العالمي‭ ‬الذي‭ ‬اكتسبته‭ ‬الانتفاضة‭.‬

يجب‭ ‬ألا‭ ‬ننسى‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الخضم‭ ‬أنه‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬أيضا‭ ‬قضايا‭ ‬أخرى‭ ‬تستحق‭ ‬التوقف‭ ‬عندها،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬التهميش‭ ‬المتزايد‭ ‬لمنظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬باعتبارها‭ ‬الجبهة‭ ‬السياسية‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬قيادة‭ ‬حركة‭ ‬النضال‭ ‬الفلسطيني‭.‬

وكان‭ ‬ذلك‭ ‬التهميش‭ ‬وانعدام‭ ‬الأهمية‭ ‬هو‭ ‬النتيجة‭ ‬السياسية‭ ‬الطبيعية‭ ‬للنفي‭ ‬القسري‭ ‬لقيادة‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬من‭ ‬لبنان‭ ‬إلى‭ ‬تونس‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1982،‭ ‬والذي‭ ‬قطع‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬القيادة‭ ‬ودائرة‭ ‬انتخابية‭ ‬فلسطينية‭ ‬مؤثرة‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬إعلان‭ ‬ياسر‭ ‬عرفات‭ ‬قد‭ ‬صدر‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬العاصمة،‭ ‬فإن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬فلسطين‭ ‬المحتلة‭ ‬وفي‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬قد‭ ‬ابتهجوا‭ ‬بتلك‭ ‬الخطوة‭. ‬لقد‭ ‬شعروا‭ ‬بأن‭ ‬قيادتهم‭ ‬أصبحت،‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬منخرطة‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬في‭ ‬نضالهم،‭ ‬وأن‭ ‬انتفاضتهم،‭ ‬التي‭ ‬كلفتهم‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬مئات‭ ‬الأرواح‭ ‬البشرية‭ ‬الثمينة،‭ ‬قد‭ ‬اكتسبت‭ ‬مؤخرًا‭ ‬نوعًا‭ ‬من‭ ‬الأفق‭ ‬السياسي‭.‬

وكانت‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬اعترفت‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬تقريباً‭ ‬بدولة‭ ‬فلسطين‭ ‬تعكس‭ ‬التكوين‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭: ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬التي‭ ‬اعترفت‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬وغير‭ ‬مشروط‭ ‬بالدولة‭ ‬الوليدة‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬دول‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭ ‬العالمي‭ ‬أعربت‭ ‬عن‭ ‬تضامنها‭ ‬التاريخي‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

وهناك‭ ‬فئة‭ ‬ثالثة‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬ذات‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة‭ ‬أيضاً،‭ ‬حيث‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬بلدان‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬وأوروبا‭ ‬الشرقية‭ ‬ــبما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬روسيا‭ ‬ذاتهاــ‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬تدور‭ ‬داخل‭ ‬فلك‭ ‬النفوذ‭ ‬السوفيتي،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يشكل‭ ‬تحدياً‭ ‬مباشراً‭ ‬للهيمنة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والنزعة‭ ‬العسكرية‭ ‬والتوسعية‭ ‬الغربية‭.‬

بعد‭ ‬وقت‭ ‬قصير‭ ‬من‭ ‬إعلان‭ ‬الجزائر،‭ ‬تلقت‭ ‬الجغرافيا‭ ‬السياسية‭ ‬العالمية‭ ‬أكبر‭ ‬صدمة‭ ‬لها‭ ‬منذ‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬وتحديداً‭ ‬انهيار‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1991‭ ‬وما‭ ‬تلا‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬تفكك‭ ‬الدول‭ ‬الموالية‭ ‬للاتحاد‭ ‬السوفيتي،‭ ‬وبالتالي‭ ‬عزل‭ ‬الجنوب‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬الهيمنة‭ ‬الغربية‭ ‬المتزايدة‭. ‬

وكان‭ ‬لذلك‭ ‬أيضاً‭ ‬تأثير‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬فلسطين‭. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬عرفات‭ ‬ومنظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ارتكبا‭ ‬نصيبهما‭ ‬العادل‭ ‬من‭ ‬الأخطاء‭ ‬وسوء‭ ‬التقدير‭ ‬السياسي،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬إبرام‭ ‬اتفاقيات‭ ‬أوسلو،‭ ‬وتشكيل‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وتفتيت‭ ‬الجبهة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬نفسها،‭ ‬فإن‭ ‬خيارات‭ ‬القيادة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التحليل‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬الصارم،‭ ‬كانت‭ ‬محدودة‭ ‬للغاية‭.‬

ففي‭ ‬تلك‭ ‬الحقبة‭ ‬التاريخية،‭ ‬وجدت‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬نفسها‭ ‬أمام‭ ‬خيار‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬خيارين‭ ‬اثنين‭. ‬فإما‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬بالاستمرار‭ ‬في‭ ‬النضال‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحرية‭ ‬والاستقلال‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬نموذج‭ ‬التحرر‭ ‬الوطني،‭ ‬وإما‭ ‬تبني‭ ‬نهج‭ ‬سياسي‭ ‬بحت‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬المفاوضات‭ ‬و«التسويات‭ ‬المؤلمة‮»‬‭ ‬المزعومة‭. ‬لقد‭ ‬اختارت‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الخيار‭ ‬الأخير،‭ ‬الذي‭ ‬ثبت‭ ‬أنه‭ ‬خطأ‭ ‬فادح‭.‬

يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬المفاوضات‭ ‬السياسية‭ ‬مجزية‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬لدى‭ ‬الأطراف‭ ‬المتفاوضة‭ ‬ما‭ ‬يكفي‭ ‬من‭ ‬النفوذ‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬كانت‭ ‬إسرائيل‭ ‬تتمتع‭ ‬بالنفوذ‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬كونها‭ ‬القوة‭ ‬المحتلة‭ ‬وتتلقى‭ ‬الدعم‭ ‬غير‭ ‬المشروط‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وحلفائها‭ ‬الغربيين،‭ ‬فإن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لديهم‭ ‬سوى‭ ‬القليل‭ ‬للغاية‭ ‬من‭ ‬النفوذ‭.‬

لذلك،‭ ‬كانت‭ ‬النتيجة‭ ‬واضحة‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬متوقعة،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬تهميش‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لصالح‭ ‬كيان‭ ‬سياسي‭ ‬جديد،‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬التي‭ ‬أعادت‭ ‬تعريف‭ ‬مفهوم‭ ‬النفوذ‭ ‬السياسي‭ ‬بالكامل،‭ ‬ليعني‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬فوائد‭ ‬مالية‭ ‬مباشرة‭ ‬للطبقة‭ ‬الحاكمة‭ ‬الخاضعة‭ ‬لعقوبات‭ ‬إسرائيل‭.‬

منذ‭ ‬عام‭ ‬1988،‭ ‬اعترفت‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬بدولة‭ ‬فلسطين،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الاعتراف‭ ‬المتزايد‭ ‬ظل‭ ‬محصوراً‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬داخل‭ ‬التشكيلات‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرحلة‭ ‬من‭ ‬مراحل‭ ‬التاريخ‭.‬

على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2008‭ ‬و2011،‭ ‬اعترفت‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬أمريكا‭ ‬الجنوبية‭ ‬بفلسطين،‭ ‬وهي‭ ‬نتيجة‭ ‬مباشرة‭ ‬للاستقلال‭ ‬السياسي‭ ‬الجديد‭ ‬والحازم‭ ‬الذي‭ ‬تحقق‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الجزء‭ ‬من‭ ‬العالم‭.‬

في‭ ‬عام‭ ‬2012،‭ ‬صوتت‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬لمنظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬بقبول‭ ‬فلسطين‭ ‬كدولة‭ ‬مراقبة‭ ‬غير‭ ‬عضو،‭ ‬ما‭ ‬سمح‭ ‬لها‭ ‬باستخدام‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬دولة‭ ‬فلسطين‮»‬‭ ‬رسميًا‭ ‬لجميع‭ ‬الأغراض‭ ‬السياسية‭.‬

وقد‭ ‬فشلت‭ ‬كافة‭ ‬الجهود‭ ‬الفلسطينية‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬في‭ ‬التغلب‭ ‬على‭ ‬نموذج‭ ‬القوة‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬موجودًا‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬والذي‭ ‬يفصل‭ ‬بين‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وتلك‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بحق‭ ‬النقض‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭.‬

ومن‭ ‬المؤكد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬أن‭ ‬الأحداث‭ ‬والتطورات‭ ‬التي‭ ‬انطلقت‭ ‬منذ‭ ‬يوم‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬وحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬التي‭ ‬تلت‭ ‬ذلك،‭ ‬بشرت‭ ‬بحركة‭ ‬عالمية‭ ‬ضخمة‭ ‬تحدت‭ ‬النموذج‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬الموجود‭ ‬مسبقًا‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بفلسطين‭.‬

ولكن‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬الحرب‭ ‬قد‭ ‬اندلعت‭ ‬قبل‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬فربما‭ ‬كانت‭ ‬الاستجابة‭ ‬العالمية‭ ‬للنداء‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التضامن‭ ‬مختلفة،‭ ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬هو‭ ‬الحال،‭ ‬لأن‭ ‬العالم‭ ‬نفسه‭ ‬يشهد‭ ‬حالة‭ ‬مخاض‭ ‬كبيرة‭.‬

ظلت‭ ‬القوى‭ ‬العالمية‭ ‬الصاعدة‭ ‬الجديدة‭ ‬تتحدى‭ ‬بجرأة‭ ‬واهتمام‭ ‬الوضع‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬العالمي‭ ‬سنوات‭ ‬عديدة‭. ‬ويشمل‭ ‬ذلك‭ ‬المواجهة‭ ‬المباشرة‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬وحلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلنطي‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬وصعود‭ ‬الصين‭ ‬إلى‭ ‬مكانة‭ ‬القوة‭ ‬العالمية،‭ ‬والنفوذ‭ ‬المتزايد‭ ‬لمجموعة‭ ‬البريكس،‭ ‬والأجندات‭ ‬السياسية‭ ‬الأكثر‭ ‬صرامة‭ ‬وإصرارا‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬وأمريكا‭ ‬الجنوبية‭.‬

ومن‭ ‬جانبها،‭ ‬شكلت‭ ‬حرب‭ ‬غزة‭ ‬التي‭ ‬اندلعت‭ ‬يوم‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2024‭ ‬أيضاً‭ ‬تحدياً‭ ‬لمفهوم‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬باعتبارها‭ ‬الضامن‭ ‬للهيمنة‭ ‬الدائمة‭. ‬وهذا‭ ‬واضح‭ ‬الآن‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭.‬

لقد‭ ‬سمح‭ ‬هذا‭ ‬الإدراك‭ ‬الأخير،‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬بظهور‭ ‬هوامش‭ ‬جديدة‭ ‬وكبيرة،‭ ‬ما‭ ‬سمح‭ ‬لدول‭ ‬أوروبا‭ ‬الغربية‭ ‬بقبول‭ ‬حقيقة‭ ‬مفادها‭ ‬بأن‭ ‬فلسطين‭ ‬تستحق‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬دولة،‭ ‬وأنه‭ ‬يجب‭ ‬احترام‭ ‬التطلعات‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬كما‭ ‬يجب‭ ‬احترام‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭.‬

أما‭ ‬التحدي‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬الآن‭ ‬يواجه‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬فهو‭ ‬يتعلق‭ ‬بما‭ ‬إذا‭ ‬كانوا‭ ‬سيتمكنون‭ ‬من‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة‭ ‬التاريخية‭ ‬إلى‭ ‬أقصى‭ ‬درجة‭. ‬ونأمل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الدماء‭ ‬الغالية‭ ‬والزكية‭ ‬التي‭ ‬أُريقت‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬أكثر‭ ‬قدسية‭ ‬من‭ ‬المكاسب‭ ‬المالية‭ ‬المحدودة‭ ‬التي‭ ‬حققتها‭ ‬مجموعة‭ ‬صغيرة‭ ‬من‭ ‬السياسيين‭.‬

{ أكاديمي‭ ‬وكاتب‭ ‬فلسطيني

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا