العدد : ١٧٠٥٧ - الأربعاء ٠٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٧ - الأربعاء ٠٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

الجنود الصهاينة يحملون خريطة «إسرائيل الكبرى» على أكتافهم!

{‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يتوهم‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬قابل‭ ‬للترويض‭ ‬أو‭ ‬التعايش،‭ ‬أو‭ ‬الانزواء‭ ‬في‭ ‬حطام‭ ‬الجغرافيا‭ ‬الفلسطينية‭ ‬التي‭ ‬احتلوها‭ ‬اليوم‭ ‬كلها،‭ ‬لولا‭ ‬مقاومة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬لهم،‭ ‬فلينظروا‭ ‬فقط‭ ‬إلى‭ ‬الصورة‭ ‬المتداولة‭ ‬على‭ ‬ملابس‭ ‬جندي‭ ‬‮«‬إسرائيلي‮»‬،‭ ‬وتم‭ ‬تصويره‭ ‬خلال‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬مؤخرًا‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وعلى‭ ‬زيه‭ ‬وزي‭ ‬أمثاله‭ ‬من‭ ‬الجنود‭ ‬بالطبع‭ ‬خريطة‭ ‬تصوّر‭ ‬‮«‬إسرائيل‭ ‬الكبرى‮»‬‭! ‬ولم‭ ‬تشتمل‭ ‬الخريطة‭ ‬المعروضة‭ ‬على‭ ‬ذراع‭ ‬الجندي‭ ‬‮«‬فلسطين‮»‬‭ ‬التي‭ ‬أسموها‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬فقط،‭ ‬وإنما‭ ‬شملت‭ ‬مساحات‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬المجاورة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬كل‭ ‬فلسطين‭ ‬والأردن‭ ‬ولبنان‭ ‬وأجزاء‭ ‬من‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق‭ ‬ومصر‭ ‬والسعودية‭! ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬تعرفه‭ ‬أصلاً‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭!‬

{‭ ‬ولأن‭ ‬الصورة‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬أشعلت‭ ‬عاصفة‭ ‬من‭ ‬ردود‭ ‬الفعل‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬للجميع‭ ‬أن‭ ‬الخريطة‭ ‬تعكس‭ (‬الأجندة‭ ‬التوسعية‭) ‬للكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬والتي‭ ‬لطالما‭ ‬امتلأت‭ ‬بها‭ ‬أدبياتهم‭ ‬ومعتقداتهم‭ ‬الصهيونية‭! ‬وحيث‭ ‬مفهوم‭ ‬‮«‬إسرائيل‭ ‬الكبرى‮»‬‭ ‬لا‭ ‬تذكرنا‭ ‬فقط‭ ‬بالطموحات‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬مثل‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬لدى‭ ‬‮«‬ألمانيا‭ ‬النازية‮»‬،‭ ‬وإنما‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬‮«‬المفهوم‭ ‬التوسعي‭ ‬العدواني‮»‬‭ ‬ضد‭ ‬سيادة‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬إنما‭ ‬هي‭ (‬متجذرة‭) ‬وحتى‭ ‬اللحظة‭ ‬في‭ ‬أدبيات‭ ‬‮«‬الأيديولوجية‭ ‬الصهيونية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬بنت‭ ‬نفسها‭ ‬على‭ ‬خرافة‭ ‬‮«‬الأرض‭ ‬الموعودة‮»‬‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭ ‬التلمودي‭ ‬‮«‬المحرّف‮»‬‭ ‬لتمتد‭ ‬من‭ ‬النيل‭ ‬إلى‭ ‬الفرات‭ ‬وما‭ ‬بينهما‭ ‬وحولهما‭! ‬

{‭ ‬وهم‭ ‬يبيدون‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬ويريدون‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬المقاومة‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وحدها،‭ ‬أو‭ ‬ضد‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬وحدها،‭ ‬أو‭ ‬ضد‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬وحدها،‭ ‬فإن‭ (‬حلم‭ ‬التوسع‭ ‬الإقليمي‭) ‬يحمله‭ ‬جنود‭ ‬الكيان‭ ‬على‭ ‬أكتافهم‭! ‬مما‭ ‬يثير‭ ‬لدى‭ ‬كل‭ ‬‮«‬المتشككين‮»‬‭ ‬في‭ ‬قابلية‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬للسلام،‭ ‬مزيداً‭ ‬من‭ ‬مصداقية‭ ‬الشكوك،‭ ‬ومزيداً‭ ‬من‭ ‬احتمالات‭ ‬الفوضى‭ ‬الفكرية‭ ‬التي‭ ‬تحيط‭ ‬بكل‭ ‬من‭ ‬يثق‭ ‬بهذا‭ ‬الكيان،‭ ‬وقابليته‭ ‬للاندماج‭ ‬السلمي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭! ‬

{‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ (‬رأس‭ ‬الحربة‭ ‬الاستعمارية‭) ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬كلها،‭ ‬لم‭ ‬يتوان‭ ‬منذ‭ ‬تأسيسه‭ ‬غربيًا‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الاستعمار‭ ‬البريطاني،‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الدؤوب‭ ‬على‭ ‬صناعة‭ ‬الأزمات‭ ‬والصراعات‭ ‬والفتن‭ ‬لإضعاف‭ ‬العرب،‭ ‬خاصة‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬طموحه‭ ‬التوسعي‭ ‬إقليمياً‭! ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬يشارك‭ ‬بمخابراته‭ ‬‮«‬الموساد‮»‬‭ ‬و‮«‬المخابرات‭ ‬البريطانية‮»‬‭ ‬‮«‬MI6‮»‬‭ ‬والمخابرات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الـ‭ ‬‮«‬C‭.‬I‭.‬A‮»‬‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أزمات‭ ‬ومشاكل‭ ‬العالم‭ ‬ككل‭! ‬وحيث‭ ‬‮«‬الصهيونية‭ ‬العالمية‮»‬‭ ‬تبدأ‭ ‬بطموح‭ ‬وأطماع‭ ‬‮«‬إسرائيل‭ ‬الكبرى‮»‬‭ ‬لتصل‭ ‬إلى‭ ‬طموح‭ (‬الحكومة‭ ‬التلمودية‭ ‬العالمية‭) ‬التي‭ ‬يحكم‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬‮«‬الدجال‮»‬‭ ‬العالم‭ ‬كله‭! (‬هذا‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬المعتقد‭ ‬الصهيوني‭) ‬و«المسحية‭ ‬الصهيونية‮»‬‭ ‬وليس‭ ‬مجرد‭ ‬كلام‭ ‬نظري‭ ‬أو‭ ‬تأويلي‭ ‬يتم‭ ‬طرحه‭! ‬ومن‭ ‬يشكك‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬فليقرأ‭ ‬‮«‬الأدبيات‭ ‬الصهيونية‭ ‬والاستعمارية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تحفل‭ ‬بها‭ ‬منظماتهم‭ ‬السرية‭ ‬والعلنية،‭ ‬ولينظر‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬الخارطة‭ ‬التي‭ ‬يضعها‭ ‬الجندي‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬كتفه،‭ ‬وهو‭ ‬يمارس‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وأبشع‭ ‬أشكال‭ ‬الاحتلال‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭!‬

{‭ ‬إن‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ (‬أيًّا‭ ‬كان‭ ‬الرأي‭ ‬حول‭ ‬بعض‭ ‬فصائلها‭)‬،‭ ‬هي‭ ‬وحدها‭ ‬التي‭ ‬استطاعت‭ ‬اليوم،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تضحيات‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الفادحة،‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬والأيديولوجية‭ ‬الصهيونية‭ ‬التي‭ ‬يستند‭ ‬عليها،‭ ‬في‭ ‬مأزق‭ ‬‮«‬تاريخي‮»‬‭ ‬منذ‭ ‬نشوئه‭ ‬و‭(‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات‭ ‬العسكرية‭ ‬والقانونية‭ ‬والأخلاقية‭ ‬والإنسانية‭ ‬والسياسية‭)! ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬يراهن‭ ‬على‭ ‬زوال‭ ‬هذه‭ ‬المقاومة‭ ‬التي‭ ‬تتنوع‭ ‬عناصرها‭ ‬ولا‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬وحدها،‭ ‬فإنه‭ ‬يرتكب‭ ‬أكبر‭ ‬‮«‬خطأ‭ ‬استراتيجي‮»‬‭ ‬على‭ ‬المستوى،‭ ‬‮«‬الجيوسياسي‮»‬،‭ ‬لأن‭ ‬زوال‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬تعني‭ ‬فتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ (‬التوسع‭ ‬الإقليمي‭) ‬الذي‭ ‬يحمله‭ ‬الجنود‭ ‬الصهاينة‭ ‬على‭ ‬أكتافهم‭ ‬حتى‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة‭! ‬ويعني‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬المعركة‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬جذوره‭ ‬الحقيقية،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬الصهاينة‭ ‬متشبثين‭ ‬بها‭ ‬وهي‭ ‬أنه‭ ‬صراع‭ ‬‮«‬عربي‭ ‬صهيوني‮»‬‭ ‬وليس‭ ‬كما‭ ‬يتم‭ ‬اختزاله‭ ‬بإسفاف‭ ‬اليوم‭ ‬باعتباره‭ ‬نزاعاً‭ ‬بين‭ ‬الكيان‭ ‬وحماس‭! ‬

{‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬فإنه‭ (‬من‭ ‬المفيد‭ ‬للعرب‭ ‬جميعاً‭ ‬أن‭ ‬تنهزم‭ ‬الصهيونية‭ ‬على‭ ‬‮«‬المستوى‭ ‬العالمي‮»‬‭ ‬وأن‭ ‬يسهم‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬ذلك‭)‬،‭ ‬وأن‭ ‬يدركوا‭ ‬أن‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬للاحتلال‭ ‬الصهيوني،‭ ‬هي‭ ‬الحائط‭ ‬الأخير،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تم‭ ‬إسقاط‭ ‬دول‭ ‬مثل‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬ولبنان‭ ‬في‭ ‬حضن‭ ‬الفوضى‭ ‬والفشل‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬تخلى‭ ‬العرب‭ ‬عن‭ ‬الخيار‭ ‬العسكري‭! ‬وأن‭ ‬انتزاع‭ ‬هذه‭ ‬المقاومة‭ ‬من‭ ‬‮«‬الحضن‭ ‬الإيراني‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يتاجر‭ ‬بها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تخلى‭ ‬العرب‭ ‬عنها‭ ‬ضرورة‭ ‬لتكون‭ ‬مقاومة‭ ‬بوجه‭ ‬عربي‭ ‬خالص‭ ‬وهو‭ ‬المأمن‭ ‬والملاذ‭ ‬من‭ (‬أطماع‭ ‬الكيان‭ ‬التوسعية‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬العربية‭ ‬المرسومة‭ ‬خارطتها‭ ‬على‭ ‬أكتاف‭ ‬الجنود‭ ‬الصهاينة‭)! ‬ونعيد‭ ‬ونكرر‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬غير‭ ‬قابل‭ ‬للتعايش‭ ‬أو‭ ‬السلام،‭ ‬فأطماعه‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬بكثير،‭ ‬ولذلك‭ ‬يتعطل‭ ‬‮«‬الحل‭ ‬السلمي‮»‬‭ ‬و«المبادرة‭ ‬العربية‮»‬‭ ‬وتتم‭ ‬إعاقة‭ ‬كل‭ ‬محاولات‭ ‬الحل‭ ‬والسلام‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬طويلة،‭ ‬رغم‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬والمفاوضات‭ ‬وفتح‭ ‬الباب‭ ‬للعلاقات‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬المغتصب‮»‬‭!‬

مأزق‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يعمقه‭ ‬العرب‭ ‬لا‭ ‬أن‭ ‬يحاولوا‭ ‬انتشاله‭ ‬منه‭! ‬لأن‭ ‬نهاية‭ ‬الصهيونية‭ ‬العالمية‭ ‬التي‭ ‬تترنح‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله‭! ‬هي‭ ‬وحدها‭ ‬المدخل‭ ‬للأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬مجرد‭ ‬أوهام‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الاستراتيجي،‭ ‬وكل‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬تدرك‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة،‭ ‬وعلى‭ ‬الأنظمة‭ ‬العربية‭ ‬أن‭ ‬تدركها‭ ‬أيضاً‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا