العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

كيف حارب الإعلام الأمريكي انتفاضة طلبة بلاده؟

بقلم: د. أسعد عبدالرحمن

الأحد ٣٠ يونيو ٢٠٢٤ - 02:00

مازالت‭ ‬المنصات‭ ‬الإعلامية‭ ‬الكبرى‭ (‬الرسمية‭ ‬وغير‭ ‬الرسمية‭) ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تلعب‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬محاولتها‭ ‬صد‭ ‬التحول‭ ‬الامريكي‭ ‬الجاري‭ ‬داخليا‭ (‬بالوقوف‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬حقوق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وإدانة‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬المستمرة‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭) ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬وتوجيهه‭ ‬للعودة‭ ‬إلى‭ ‬ممارسات‭ ‬العهود‭ ‬السابقة‭ ‬شبه‭ ‬المتصهينة،‭ ‬كون‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الأمريكي‭ ‬بأغلبيته‭ ‬داعما‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭. ‬

ولقد‭ ‬روج‭ ‬هذا‭ ‬الإعلام‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬عقود‭ ‬للبروباجندا‭ ‬الصهيونية،‭ ‬قبل‭ ‬حدوث‭ ‬التغيير‭ ‬الكبير‭ ‬بابتعاد‭ ‬فئة‭ ‬الشباب‭ ‬عن‭ ‬الشاشات‭ ‬الكبرى‭ ‬المشتراة‭ ‬سياسياً،‭ ‬والتفاعل‭ - ‬حصراً‭ ‬تقريباً‭- ‬مع‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والجماهيري‭ ‬التي‭ ‬بثت،‭ ‬بالصوت‭ ‬والصورة،‭ ‬الحقائق‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬كاشفة‭ ‬جرائم‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬في‭ ‬القطاع‭.‬

في‭ ‬تغطيتها‭ ‬للاحتجاجات‭ ‬الطلابية‭ ‬في‭ ‬حرم‭ ‬الجامعات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬لم‭ ‬تختلف‭ ‬سياسة‭ ‬شبكات‭ ‬الإعلام‭ ‬الرسمية‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬عن‭ ‬خطها‭ ‬السابق‭ ‬المتصهين‭ ‬الا‭ ‬قليلاً،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬هذه‭ ‬الشبكات‭ ‬في‭ ‬الأغلب‭ ‬الأعم‭ ‬مستمرة‭ ‬بشيطنة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وتبرير‭ ‬الحرب‭ ‬الإبادية‭ ‬التي‭ ‬يشنها‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭.‬

‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فشلت‭ ‬هذه‭ ‬الشبكات‭ ‬في‭ ‬تجاهل‭ ‬الحركة‭ ‬الطلابية‭ ‬الأمريكية‭ ‬المناصرة‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬التي‭ ‬اكتسحت‭ ‬شوارع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬فلجأت‭ ‬أيضاً‭ ‬إلى‭ ‬شيطنة‭ ‬الحركة‭ ‬الطلابية،‭ ‬بزعم‭ ‬اتهامات‭ ‬عديدة‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬لا‭ ‬الحصر‭: ‬الطلاب‭ ‬الداعمون‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬يرددون‭ ‬هتافات‭ ‬تحريضية‭ ‬ضد‭ ‬اليهود،‭ ‬الطلاب‭ ‬يستخدمون‭ ‬عبارات‭ ‬الكراهية،‭ ‬وهم‭ ‬يمجدون‭ ‬الإرهاب‭ ‬ويتمادون‭ ‬في‭ ‬معاداة‭ ‬السامية،‭ ‬ويسهمون‭ ‬بخلق‭ ‬بيئة‭ ‬سامة‭ ‬للطلاب‭ ‬اليهود‭ ‬في‭ ‬حرم‭ ‬الجامعات،‭ ‬مع‭ ‬تجاهل‭ ‬كامل‭ ‬للدور‭ ‬القيادي‭ ‬الانساني‭ ‬للجيل‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬اليهود‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬وإدامة‭ ‬هذه‭ ‬الاحتجاجات‭.‬

من‭ ‬الأساليب‭ ‬التي‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬شيطنة‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬الطلابية‭ ‬تسمية‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬بـ«حرب‭ ‬إسرائيل‭/ ‬حماس‮»‬‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬تبرير‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭. ‬

وكذلك‭ ‬تسمية‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬بـ«الاحتجاجات‭ ‬المناهضة‭ ‬لإسرائيل‮»‬‭ ‬وليس‭ ‬لجرائمها،‭ ‬مقابل‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬عدائهم‭ ‬وعداء‭ ‬الحركة‭ ‬الاحتجاجية‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬كدولة‭ ‬‮«‬جامعة‭ ‬لليهود‮»‬‭! ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬المقالات‭ ‬والتقارير‭ ‬التضليلية‭ ‬التي‭ ‬اعتمدتها‭ ‬بعض‭ ‬الشبكات‭ ‬التلفزيونية‭ ‬والإعلامية‭ ‬حين‭ ‬اعتبرت‭ ‬امتداح‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬إرهابا‭ ‬يستهدف‭ ‬ترحيل‭ ‬كل‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا،‭ ‬وأيضاً‭ ‬توظيف‭ ‬عبارة‭ ‬من‭ ‬البحر‭ ‬إلى‭ ‬النهر‭ ‬لتبرير‭ ‬الهجمة‭ ‬القمعية‭ ‬التي‭ ‬قادتها‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬الأمريكي‭ ‬بإيعاز‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬إدارات‭ ‬الجامعات‭. ‬

بل‭ ‬وصل‭ ‬الحال‭ ‬حداً‭ ‬شبهت‭ ‬معه‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬‭ ‬فيه‭ ‬الطلبة‭ ‬بالمرض‭! ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬انتشار‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬بلفظ‭ ‬معدٍ‭!‬،‭ ‬مركزة‭ ‬على‭ ‬أسباب‭ ‬اقتصار‭ ‬انتشار‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬العالم‭ (‬وهو‭ ‬الامر‭ ‬الذي‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬انتهى‭ ‬مع‭ ‬توسع‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬الى‭ ‬عديد‭ ‬الجامعات‭ ‬في‭ ‬العالم‭) ‬مع‭ ‬تجاهل‭ ‬كامل‭ ‬للدور‭ ‬الأساسي‭ ‬الذي‭ ‬تلعبه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬تمويل‭ ‬ودعم‭ ‬المقتلة‭ ‬المستمرة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭.‬

‭ ‬ومن‭ ‬جهتها،‭ ‬اتهمت‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬سي‭ ‬إن‭ ‬إن‮»‬‭ ‬الطلبة‭ ‬بنشر‭ ‬الكراهية‭ ‬ومعاداة‭ ‬السامية‭ ‬حين‭ ‬ركزّت‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬بعضهم‭ ‬عبارات‭ ‬حادة‭ (‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الغالبية‭ ‬الساحقة‭ ‬من‭ ‬الشعارات‭ ‬كانت‭ ‬فقط‭: ‬إما‭ ‬منددة‭ ‬بانتهاكات‭ ‬اسرائيلية‭ ‬واضحة،‭ ‬وإما‭ ‬مؤيدة‭ ‬لحق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬وفي‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭).‬

ومع‭ ‬استمرار‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬الطلابية،‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬بعض‭ ‬الشبكات‭ ‬الإعلامية‭ ‬والتلفازية‭ ‬الكبرى‭ ‬بدا‭ ‬من‭ ‬محاولة‭ ‬الموازنة‭ ‬بين‭ ‬الحقيقة‭ ‬الساطعة‭ ‬والكذب‭ ‬الرسمي‭ ‬فحاولت‭ ‬مسك‭ ‬العصا‭ ‬من‭ ‬الوسط‭ ‬وتقديم‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬التقارير‭ ‬المحدودة‭ ‬التي‭ ‬تمارس‭ ‬فيها‭ ‬دور‭ ‬الصحافة‭ ‬الاستقصائية‭ ‬الحقيقي،‭ ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬انكشاف‭ ‬النهج‭ ‬القمعي‭ ‬الذي‭ ‬اتبعته‭ ‬إدارات‭ ‬تلك‭ ‬الجامعات‭ ‬التي‭ ‬انحازت‭ ‬للرواية‭ ‬الرسمية‭ ‬الأمريكية‭ ‬والصهيونية‭ ‬في‭ ‬خطوطها‭ ‬العامة،‭ ‬وذلك‭ ‬بحجة‭ ‬حفظ‭ ‬الأمن‭ ‬ومحاربة‭ ‬معاداة‭ ‬السامية‭.‬

لكن‭ ‬من‭ ‬المخزي‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬العم‭ ‬سام‭ ‬التي‭ ‬ترفع‭ ‬شعار‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬كون‭ ‬تصوير‭ ‬هذه‭ ‬الشبكات‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬كانتهاك‭ ‬للحدود‭ ‬القانونية‭ ‬المكفولة‭ ‬لحرية‭ ‬التعبير،‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬اعتبارات‭ ‬أخرى‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬أهمية‭ ‬مثل‭: ‬حرية‭ ‬التعلم‭ ‬وعدم‭ ‬التمييز،‭ ‬ووجوب‭ ‬حماية‭ ‬مصالح‭ ‬بقية‭ ‬الطلبة‭ ‬اليهود‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬متجاهلين‭ ‬دوماً‭ ‬الدور‭ ‬القيادي‭ ‬لطلبة‭ ‬يهود‭ ‬في‭ ‬الحركة‭ ‬الاحتجاجية،‭ ‬ومتجاهلين‭ ‬أيضا‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬كمفهوم‭ ‬قانوني‭ ‬محمي‭ ‬بموجب‭ ‬الدستور‭. ‬هذا،‭ ‬ويحدثونا‭ ‬عن‭ ‬شفافية‭ ‬وموضوعية‭ ‬الإعلام‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الغرب‭!‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا