العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

خطة الثالوث الصهيوني لابتلاع الضفة الغربية

بقلم: موفق مطر

الاثنين ٠١ يوليو ٢٠٢٤ - 02:00

جاء‭ ‬التسجيل‭ ‬المسرب‭ ‬لوزير‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ (‬بتسلئيل‭ ‬سموتيريتش‭) ‬ليقدم‭ ‬إثباتا‭ ‬جديدا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬حذرت‭ ‬منه‭ ‬القيادة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬مرارا،‭ ‬بأن‭ ‬حكومة‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬تخطط‭ ‬لابتلاع‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬بالتوازي‭ ‬مع‭ ‬عملية‭ ‬تهويد‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية،‭ ‬لتحقيق‭ ‬هدف‭ ‬منع‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مترابطة‭ ‬جغرافيا،‭ ‬عبر‭ ‬تقطيعها‭ ‬بالاستيطان‭ ‬اليهودي،‭ ‬والمواقع‭ ‬والحواجز‭ ‬العسكرية‭ ‬الثابتة،‭ ‬وإضعاف‭ ‬مؤسسات‭ ‬دولة‭ ‬فلسطين،‭ ‬بقرصنة‭ ‬أموال‭ ‬الضرائب‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬والسطو‭ ‬على‭ ‬أعمدة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬ونهب‭ ‬الثروات‭ ‬الطبيعية‭ ‬من‭ ‬أرض‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المعترف‭ ‬بها‭ ‬بقرارات‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬حملة‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬بلغت‭ ‬ذروتها‭ ‬الدموية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬

اللافت‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬‭ ‬الأمريكية‭ ‬نشرت‭ ‬مضمون‭ ‬التسريب،‭ ‬حيث‭ ‬بات‭ ‬الجمهور‭ ‬الأمريكي‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬بمخططات‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬وإجراءاتها‭ ‬العملية‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬1967،‭ ‬ومدى‭ ‬تعارضها‭ ‬مع‭ ‬الموقف‭ ‬الرسمي‭ ‬الأمريكي‭ ‬المعلن‭ ‬باعتبارها‭ ‬‮«‬أرضا‭ ‬محتلة‮»‬‭ ‬لكننا‭ ‬نعلم‭ ‬أن‭ ‬الإدارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬المتتابعة‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬تجسيد‭ ‬موقفها‭ ‬عمليا،‭ ‬وتحويله‭ ‬إلى‭ ‬قرارات،‭ ‬وقوانين‭ ‬نافذة‭ ‬في‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬نظرا‭ ‬إلى‭ ‬عقلية‭ ‬الدولة‭ ‬الاستعمارية‭ ‬العميقة‭ ‬المسيطرة‭ ‬على‭ ‬هياكل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬السيادية،‭ ‬والناظمة‭ ‬لسياساتها‭ ‬الخارجية‭ ‬تحديدا‭!‬

أما‭ ‬رقم‭ ‬واحد‭ ‬الحاكم‭ ‬والمقيم‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬فإنه‭ ‬يعلم‭ ‬بشتى‭ ‬الوسائل‭ ‬ليس‭ ‬بمخططات‭ ‬حكومات‭ ‬إسرائيل‭ ‬وحسب،‭ ‬بل‭ ‬نوايا‭ ‬وزرائها‭ ‬ورؤساء‭ ‬أحزابها،‭ ‬وسيكون‭ ‬مضحكا‭ ‬تصريح‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بمنطق‭ ‬المفاجأ‭! ‬أو‭ ‬القلق‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬خطة‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬الثعبانية‭ ‬لابتلاع‭ ‬الضفة‭ ‬بصمت‭!‬

‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬سعي‭ ‬ثالوث‭ ‬الصهيونية‭ ‬الدينية‭ ‬والسياسية‭ (‬نتنياهو‭ ‬وبن‭ ‬غفير‭ ‬وسموتيريتش‭) ‬سرا‭ ‬وعلنا‭ ‬للالتفاف‭ ‬والتحايل‭ ‬على‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وقرارات‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بات‭ ‬واضحا‭ ‬وحسب،‭ ‬لكنهم‭ ‬يعملون‭ ‬بكل‭ ‬جدية‭ ‬لتجديد‭ ‬الاحتلال‭ ‬العسكري‭ ‬والاستيطاني‭ (‬الاستعمار‭) ‬والسيطرة‭ ‬على‭ ‬كامل‭ ‬فلسطين‭ ‬التاريخية‭ ‬والطبيعية‭.‬

حمل‭ ‬التسريب‭ ‬تفاصيل‭ ‬اجتماع‭ ‬لسموتيرتش‭ ‬مع‭ ‬مستوطنين‭ ‬بالضفة‭ ‬يوم‭ ‬9‭ ‬يونيو‭ ‬2024،‭ ‬حيث‭ ‬اعترف‭ ‬بدعم‭ ‬نتنياهو‭ ‬لخطة‭ ‬تقضي‭ ‬بسيطرة‭ ‬مدنية‭ ‬إسرائيلية‭ ‬في‭ ‬الضفة،‭ ‬بحسب‭ ‬‮«‬نص‭ ‬الاتفاق‭ ‬الائتلافي‭ ‬بين‭ ‬الليكود‭ ‬والصهيونية‭ ‬الدينية‮»‬‭ ‬وأن‭ ‬هدف‭ ‬الخطة‭ ‬التي‭ ‬وصفها‭ ‬‮«‬بالحدث‭ ‬الدراماتيكي‭ ‬الكبير،‭ ‬هو‭: ‬‮«‬منع‭ ‬يهودا‭ ‬والسامرة‭ ‬أي‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭- ‬من‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مستقبلية‮»‬‭ ‬عبر‭: ‬‮«‬نقل‭ ‬صلاحيات‭ ‬من‭ ‬الجيش‭ ‬إلى‭ ‬جهات‭ ‬مدنية‭ ‬تتبع‭ ‬لبن‭ ‬غفير‭ ‬بوزارة‭ ‬الأمن‮»‬‭ ‬أي‭ ‬تتبع‭ ‬الضلع‭ ‬الثالث‭ ‬في‭ ‬ثالوث‭ ‬الصهيونية‭ ‬الدينية‭ ‬وزير‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬ايتمار‭ ‬بن‭ ‬غفير‭.‬

وفعلا‭: ‬‮«‬أنشئت‭ ‬منظومة‭ ‬مدنية‭ ‬منفصلة‭ ‬لذلك‮»‬‭.. ‬ولنا‭ ‬أن‭ ‬نتخيل‭ ‬كيف‭ ‬تمت‭ ‬التعمية‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المخطط‭ ‬وتنفيذه‭ ‬وراء‭ ‬غطاء‭ ‬من‭ ‬دخان‭ (‬خلافات‭ ‬مصطنعة‭) ‬بين‭ ‬أركان‭ ‬الصهيونية‭ ‬الدينية‭ ‬ووزير‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلي‭ (‬يوآف‭ ‬جالانت‭) ‬فهل‭ ‬يعقل‭ ‬أن‭ ‬معلومات‭ ‬واشنطن‭ ‬عن‭ ‬أعمال‭ ‬وقرارات‭ (‬جالانت‭) ‬هي‭ ‬صفر؟‭! ‬بالتأكيد‭ ‬لا،‭ ‬لكن‭ ‬الخداع‭ ‬متأصل،‭ ‬حتى‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬ذكر‭ ‬مكتبه‭ ‬بعد‭ ‬التسريب‭: ‬‮«‬إن‭ ‬الوضعية‭ ‬النهائية‭ ‬للضفة‭ ‬سيحددها‭ ‬الطرفان‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المفاوضات‭ ‬المباشرة،‭ ‬وهذه‭ ‬السياسة‭ ‬لم‭ ‬تتغير‮»‬‭.‬

كشف‭ ‬سموتيريتش‭ ‬تفاصيل‭ ‬ملف‭ ‬الاحتيال‭ ‬على‭ ‬العالم‭ - ‬وهو‭ ‬المكشوف‭ ‬سلفا‭- ‬بقوله‭: ‬‮«‬إن‭ ‬الخطة‭ ‬ستسهل‭ ‬علينا‭ ‬ابتلاع‭ ‬الأمور‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الدولي‭ ‬والقانوني،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يقولوا‭ ‬إننا‭ ‬نضم‭ ‬المنطقة‭. ‬فالجيش‭ ‬حاليا‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬إدارة‭ ‬الصلاحيات‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬المحتلة‭.‬

لذلك‭ ‬فإن‭ ‬جهات‭ ‬مدنية‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الأمن‭ ‬ولا‭ ‬تعمل‭ ‬لدى‭ ‬ضباط‭ ‬بالجيش،‭ ‬ستشرف‭ ‬على‭ ‬معظم‭ ‬عملية‭ ‬توسيع‭ ‬البناء‭ ‬الاستيطاني‭ ‬في‭ ‬الضفة،‭ ‬ومصادرة‭ ‬الأراضي‭ ‬وشق‭ ‬الشوارع‮»‬‭.‬

لم‭ ‬تكن‭ ‬سياسة‭ ‬نتنياهو‭ ‬تجاه‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬قبل‭ ‬العدوان‭ ‬الراهن‭ ‬إلا‭ ‬بهدف‭ ‬تعميق‭ ‬الانقسام‭ ‬الفلسطيني‭ ‬باعتبار‭ ‬ذلك‭ ‬مصلحة‭ ‬استراتيجية‭ ‬لإسرائيل‭ ‬وفي‭ ‬سياق‭ ‬تحقيق‭ ‬هدف‭ ‬منع‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية،‭ ‬واليوم‭ ‬بعد‭ ‬تدمير‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬وإخراجه‭ ‬بالمجازر‭ ‬والتدمير‭ ‬الشامل‭ ‬عن‭ ‬منطق‭ ‬الحياة‭ ‬والعيش‭ ‬الكريم،‭ ‬يستكمل‭ ‬نتنياهو‭ ‬خطته‭ ‬القديمة‭ ‬المحدثة‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬بعد‭ ‬اطمئنانه‭ ‬أن‭ ‬بايدن‭ ‬لن‭ ‬يلغي‭ ‬قرار‭ ‬سلفه‭ ‬ترامب‭ ‬باعتبار‭ ‬القدس‭ ‬عاصمة‭ ‬موحدة‭ ‬للدولة‭ ‬القائمة‭ ‬بالاحتلال‭ ‬والاستيطان‭ ‬وهي‭ ‬دولة‭ ‬‮«‬الكيان‭ ‬الصهيوني‮»‬‭.‬

{ كاتب‭ ‬من‭ ‬فلسطين‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا