العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

البعد المنْسي للطاقة النووية

بقلم: د. إسماعيل محمد المدني

الأربعاء ٠٣ يوليو ٢٠٢٤ - 02:00

معوقات‭ ‬وصعوبات‭ ‬استخدام‭ ‬الطاقة‭ ‬النووية‭ ‬لأغراض‭ ‬سلمية‭ ‬أو‭ ‬عسكرية‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬جوانب‭. ‬أما‭ ‬الجانب‭ ‬الأول‭ ‬فهو‭ ‬الاعتبارات‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تحيط‭ ‬وتُقيِّد‭ ‬استخدام‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬لأي‭ ‬هدفٍ‭ ‬كان،‭ ‬سواء‭ ‬لأغراض‭ ‬مدنية‭ ‬كتوليد‭ ‬الكهرباء‭ ‬في‭ ‬المدن،‭ ‬أو‭ ‬السفن‭ ‬العملاقة،‭ ‬أو‭ ‬الغواصات‭ ‬النووية،‭ ‬أو‭ ‬لاستخدامات‭ ‬عسكرية‭ ‬كإنتاج‭ ‬القنبلة‭ ‬الذرية‭ ‬والصواريخ‭ ‬ذات‭ ‬الرؤوس‭ ‬النووية‭ ‬وغيرهما‭.‬

فهناك‭ ‬دول‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬يُطلق‭ ‬عليها‭ ‬النادي‭ ‬النووي،‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬احتكرت‭ ‬هذه‭ ‬الطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تسيطر‭ ‬الآن‭ ‬بشكلٍ‭ ‬مباشر،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلالها،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المنظمة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية،‭ ‬فهي‭ ‬التي‭ ‬تعطي‭ ‬الترخيص‭ ‬للاستخدام‭ ‬والسماح‭ ‬للدول‭ ‬الأخرى‭ ‬للولوج‭ ‬في‭ ‬تفاصيل‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الطاقة،‭ ‬وذلك‭ ‬عندما‭ ‬ترضى‭ ‬عنها‭ ‬هذا‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬المهيمنة‭ ‬على‭ ‬النادي‭ ‬النووي،‭ ‬وتتطابق‭ ‬سياساتها‭ ‬وتوجهاتها‭ ‬مع‭ ‬سياسات‭ ‬ومواقف‭ ‬دول‭ ‬النادي‭ ‬النووي‭. ‬وهذا‭ ‬النادي‭ ‬بدأ‭ ‬صغيراً‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬ومقتصراً‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية‭ ‬المتقدمة‭ ‬الكبرى‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬والاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬سابقاً،‭ ‬وبريطانيا،‭ ‬وفرنسا،‭ ‬وألمانيا،‭ ‬ثم‭ ‬توسع‭ ‬النادي‭ ‬النووي‭ ‬العسكري‭ ‬ليشمل‭ ‬الصين،‭ ‬وكوريا‭ ‬الشمالية،‭ ‬وباكستان،‭ ‬والهند،‭ ‬والكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬والتي‭ ‬جميعها‭ ‬تمتلك‭ ‬نوعاً‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية،‭ ‬أو‭ ‬أسلحة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل‭.‬

أما‭ ‬الجانب‭ ‬الثاني،‭ ‬فهو‭ ‬متعلق‭ ‬بالأمن‭ ‬والسلامة‭ ‬من‭ ‬استخدام‭ ‬هذه‭ ‬الطاقة،‭ ‬وخاصة‭ ‬لأغراض‭ ‬مدنية‭. ‬وهذا‭ ‬البعد‭ ‬الأمني‭ ‬يتم‭ ‬التركيز‭ ‬عليه‭ ‬أثناء‭ ‬وبعد‭ ‬إنشاء‭ ‬المفاعلات‭ ‬النووية‭ ‬لتوليد‭ ‬الطاقة‭ ‬الكهربائية‭. ‬ويتحدد‭ ‬هذا‭ ‬البعد‭ ‬في‭ ‬أخذ‭ ‬كافة‭ ‬احتياطات‭ ‬وإجراءات‭ ‬السلامة‭ ‬للموظفين‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬المحطة‭ ‬النووية‭ ‬لتوليد‭ ‬الكهرباء،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬عامة‭ ‬الناس،‭ ‬سواء‭ ‬الذين‭ ‬يسكنون‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬المحطة‭ ‬أو‭ ‬بعيداً‭ ‬عنها‭. ‬ومن‭ ‬أهم‭ ‬وأخطر‭ ‬قضايا‭ ‬السلامة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تهدد‭ ‬ليس‭ ‬القريب‭ ‬فقط،‭ ‬وإنما‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭ ‬قد‭ ‬تُوقع‭ ‬سكان‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬خطر‭ ‬التعرض‭ ‬للإشعاعات‭ ‬عند‭ ‬تسربها‭ ‬من‭ ‬المفاعل‭. ‬وهناك‭ ‬عدة‭ ‬كوارث‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬أيقظت‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬وطأة‭ ‬تهديدات‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬الطاقة،‭ ‬وأكدت‭ ‬أهمية‭ ‬هذا‭ ‬البعد‭ ‬الأمني‭ ‬للبشر‭ ‬والكرة‭ ‬الأرضية‭ ‬برمتها‭. ‬ومن‭ ‬أشهرها‭ ‬حادثة‭ ‬‮«‬ثري‭ ‬مايلز‭ ‬آيلند‮»‬‭ ‬في‭ ‬28‭ ‬مارس‭ ‬1979‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬بنسلفانيا‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وكارثة‭ ‬تشرنوبيل‭ ‬في‭ ‬26‭ ‬أبريل‭ ‬1986‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬وفوكوشيما‭ ‬في‭ ‬اليابان‭ ‬في‭ ‬11‭ ‬مارس‭ ‬2011‭. ‬

وأما‭ ‬الجانب‭ ‬الثالث‭ ‬فهو‭ ‬متعلق‭ ‬بمرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬تشغيل‭ ‬المفاعلات‭ ‬النووية‭ ‬وتوليد‭ ‬الكهرباء‭ ‬منها،‭ ‬وخاصة‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬المخلفات‭ ‬المشعة‭ ‬التي‭ ‬تنجم‭ ‬عنها‭ ‬بشكل‭ ‬مستمر‭. ‬وهذا‭ ‬الجانب‭ ‬ذو‭ ‬شقين،‭ ‬بيئي‭ ‬وصحي‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬ولذلك‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬أخذ‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬كيفية‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬مخلفاتها،‭ ‬والطرق‭ ‬المستدامة‭ ‬لإدارتها،‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬واقعاً‭ ‬ملموساً‭ ‬ومشهوداً‭ ‬أمام‭ ‬المعنيين،‭ ‬ويشكل‭ ‬خطراً‭ ‬بيئياً‭ ‬وصحياً‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬أجمع‭ ‬وعلى‭ ‬كوكبنا‭. ‬وهذا‭ ‬البعد‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬المخلفات‭ ‬المشعة‭ ‬الصلبة،‭ ‬وشبه‭ ‬الصلبة،‭ ‬والسائلة‭ ‬يكون‭ ‬منسيا‭ ‬وقتاً‭ ‬طويلاً،‭ ‬ويتم‭ ‬تجاهل‭ ‬وجودها‭ ‬كواقع‭ ‬حتمي،‭ ‬فيخزن‭ ‬عادة‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬خاصة‭ ‬بطرق‭ ‬غير‭ ‬مستدامة‭ ‬وغير‭ ‬بيئية‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬الأنظار‭.‬

ويتمثل‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬في‭ ‬وقود‭ ‬اليورانيوم‭ ‬المستنفد‭ ‬الذي‭ ‬يُستخدم‭ ‬لتوليد‭ ‬الكهرباء‭ ‬ويفقد‭ ‬مع‭ ‬الوقت‭ ‬جزءاً‭ ‬كبيراً‭ ‬من‭ ‬قوته‭ ‬الاشعاعية،‭ ‬ولذلك‭ ‬يفقد‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬تشغيل‭ ‬المفاعل‭ ‬وإنتاج‭ ‬الطاقة‭ ‬فيتحول‭ ‬إلى‭ ‬مخلفات‭ ‬مشعة،‭ ‬مما‭ ‬يتحتم‭ ‬التخلص‭ ‬منه‭ ‬واستبداله‭ ‬بأعمدة‭ ‬وقود‭ ‬جديدة‭ ‬لها‭ ‬قوة‭ ‬عالية‭. ‬وهذه‭ ‬الأعمدة‭ ‬المشعة،‭ ‬أو‭ ‬المخلفات‭ ‬الصلبة‭ ‬المشعة‭ ‬تكون‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬المفاعلات‭ ‬النووية،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬محطات‭ ‬توليد‭ ‬الكهرباء،‭ ‬أو‭ ‬السفن‭ ‬والغواصات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬بالطاقة‭ ‬النووية‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬المنسي‭ ‬للطاقة‭ ‬النووية‭ ‬يتمثل‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬جهود‭ ‬إغلاق‭ ‬المفاعل‭ ‬النووي‭ ‬أينما‭ ‬كان‭ ‬بشكلٍ‭ ‬كلي‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تنتهي‭ ‬صلاحيته‭ ‬وعمره‭ ‬الافتراضي،‭ ‬ولذلك‭ ‬يجب‭ ‬تفكيكه‭ ‬بطرق‭ ‬سليمة‭ ‬بيئيا‭ ‬وصحيا‭ ‬والتخلص‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬أجزائه‭ ‬ومكوناته‭ ‬المشعة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬وقوع‭ ‬أي‭ ‬أضرار،‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬العاملين‭ ‬أو‭ ‬السكان‭ ‬حول‭ ‬المفاعل،‭ ‬أو‭ ‬مكونات‭ ‬البيئة‭ ‬من‭ ‬ماء،‭ ‬وهواء،‭ ‬وتربة‭. ‬وعملية‭ ‬التفكيك‭ ‬للمحطة‭ ‬النووية‭ ‬تُعد‭ ‬من‭ ‬أعقد‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬يواجهها‭ ‬المهندسون‭ ‬والفنيون‭ ‬الآن،‭ ‬ومن‭ ‬أكثرها‭ ‬كلفة‭ ‬مالية‭ ‬واستغراقاً‭ ‬للوقت‭ ‬والجهد‭.‬

وهناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬والدراسات‭ ‬والتقارير‭ ‬التي‭ ‬تُنشر‭ ‬بين‭ ‬الحين‭ ‬والآخر‭ ‬حول‭ ‬كمية‭ ‬ونوعية‭ ‬المخلفات‭ ‬المشعة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬صورة‭ ‬أعمدة‭ ‬وقود‭ ‬اليورانيوم‭ ‬المستنفد،‭ ‬أو‭ ‬الأجهزة‭ ‬والمعدات‭ ‬المشعة،‭ ‬أو‭ ‬المخلفات‭ ‬السائلة،‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬المخلفات‭ ‬التي‭ ‬تنتج‭ ‬أثناء‭ ‬تشغيل‭ ‬المفاعلات‭ ‬وتوليد‭ ‬الكهرباء،‭ ‬أو‭ ‬بعد‭ ‬الانتهاء‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬الافتراضي‭ ‬للمحطة‭ ‬نفسها‭. ‬

ومعظم‭ ‬هذه‭ ‬التقارير‭ ‬تنشر‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬المتقدمة‭ ‬الكبرى،‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬شحاً‭ ‬في‭ ‬المعلومات‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬المخلفات‭ ‬المشعة‭ ‬المنسية‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الشيوعية،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬سابقاً،‭ ‬أو‭ ‬روسيا‭ ‬حالياً‭.   ‬

فمن‭ ‬هذه‭ ‬المنشورات‭ ‬التحقيق‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬موسكو‭ ‬تايمز‮»‬‭ ‬الروسية‭ (‬The‭ ‬Moscow‭ ‬Times‭) ‬في‭ ‬28‭ ‬مايو‭ ‬2024‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬الغواصات‭ ‬الروسية‭ ‬تبقى‭ ‬تهديداً‭ ‬ساماً‭ ‬للقطب‭ ‬الشمالي‮»‬،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ورقة‭ ‬العمل‭ ‬الصادرة‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2024‭ ‬من‭ ‬‮«‬مؤسسة‭ ‬بلونا‮»‬‭ (‬Bellona‭ ‬Foundation‭)‬،‭ ‬وهي‭ ‬مجموعة‭ ‬بيئية‭ ‬دولية‭ ‬من‭ ‬القطاع‭ ‬الأهلي،‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬الإرث‭ ‬النووي‭ ‬للقطب‭ ‬الشمالي‭ ‬الروسي‮»‬‭. ‬وهذه‭ ‬الورقة‭ ‬الرابعة‭ ‬تقع‭ ‬ضمن‭ ‬سلسلة‭ ‬تقارير‭ ‬حول‭ ‬المخلفات‭ ‬النووية‭ ‬المشعة‭ ‬للاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬سابقاً‭ ‬وروسيا‭ ‬حالياً‭.‬

فهذا‭ ‬التقرير‭ ‬لخص‭ ‬أزمة‭ ‬المخلفات‭ ‬النووية‭ ‬المشعة‭ ‬الواقعة‭ ‬في‭ ‬شبه‭ ‬جزيرة‭ ‬كولا‭ (‬Kola‭ ‬Peninsula‭) ‬في‭ ‬القطب‭ ‬الشمالي‭ ‬الروسي‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬النرويجية‭ ‬والفنلندية‭ ‬في‭ ‬القطب‭ ‬الشمالي،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬في‭ ‬خليج‭ ‬‮«‬أندريفا‮»‬‭ (‬Andreyeva‭)‬،‭ ‬والذي‭ ‬يُعتبر‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬مواقع‭ ‬تخزين‭ ‬المخلفات‭ ‬النووية‭ ‬المشعة،‭ ‬وخاصة‭ ‬‮«‬أعمدة‭ ‬الوقود‭ ‬النووي‭ ‬المستنفد‮»‬‭ ( ‬spent‭ ‬nuclear‭ ‬fuel‭) ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية‭.‬

فالقطب‭ ‬الشمالي‭ ‬الروسي،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬القاعدة‭ ‬البحرية‭ ‬لصيانة‭ ‬الغواصات‭ ‬والسفن‭ ‬النووية،‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬أشد‭ ‬المناطق‭ ‬تلوثاً‭ ‬اشعاعياً‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬إمبراطورية‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬بدءاً‭ ‬بعام‭ ‬1961‭ ‬عندما‭ ‬بدأت‭ ‬عمليات‭ ‬التشغيل‭. ‬وهذه‭ ‬المنطقة‭ ‬نساها‭ ‬العالم‭ ‬وتجاهل‭ ‬وجودها‭ ‬في‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭ ‬المشتركة‭ ‬للجميع‭. ‬

ولكن‭ ‬حادثة‭ ‬تسرب‭ ‬المياه‭ ‬المشعة‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬1982،‭ ‬والتي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬صرف‭ ‬قرابة‭ ‬700‭ ‬ألف‭ ‬طن‭ ‬متري‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬المشعة‭ ‬من‭ ‬الموقع‭ ‬إلى‭ ‬بحر‭ ‬بارنتس‭ (‬Barents‭ ‬Sea‭)‬،‭ ‬ربما‭ ‬وجهت‭ ‬أنظار‭ ‬دول‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية‭ ‬نحو‭ ‬هذا‭ ‬الموقع‭ ‬الذي‭ ‬يحتوي‭ ‬في‭ ‬بطنه‭ ‬على‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬قنابل‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل‭ ‬الموقوتة‭ ‬والتي‭ ‬قد‭ ‬تنفجر‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬لحظة‭.‬

ونظراً‭ ‬إلى‭ ‬التهديد‭ ‬الذي‭ ‬يمثله‭ ‬هذا‭ ‬الموقع‭ ‬الكارثي‭ ‬على‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية‭ ‬خاصة‭ ‬وكوكب‭ ‬الأرض‭ ‬عامة،‭ ‬فقد‭ ‬وضَعتْ‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬قبل‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬خطة‭ ‬لتنظيفه‭ ‬من‭ ‬كافة‭ ‬أنواع‭ ‬المخلفات‭ ‬المشعة‭ ‬بكلفة‭ ‬تقدر‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬20‭ ‬بليون‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي،‭ ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬الخطة‭ ‬توقف‭ ‬العمل‭ ‬بها‭ ‬بعد‭ ‬الغزو‭ ‬الروسي‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬في‭ ‬24‭ ‬فبراير‭ ‬2024،‭ ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬رغم‭ ‬مرور‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬64‭ ‬عاماً‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬هذه‭ ‬المخلفات‭ ‬فإن‭ ‬الأزمة‭ ‬العصيبة‭ ‬جارية‭ ‬ولم‭ ‬تنته‭ ‬بعد،‭ ‬وفي‭ ‬تقديري‭ ‬لن‭ ‬تنتهي‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬المنظور،‭ ‬وستظل‭ ‬مخلفات‭ ‬منسية‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الموقع‭ ‬البعيد‭ ‬النائي‭ ‬ولا‭ ‬يعلم‭ ‬أحد‭ ‬عواقبها،‭ ‬وهذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬لا‭ ‬تنطبق‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬وإنما‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬النووية‭ ‬التي‭ ‬بعضها‭ ‬كالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لديها‭ ‬مخلفات‭ ‬نووية‭ ‬مشعة‭ ‬منسية‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬85‭ ‬عاماً‭.‬

 

ismail‭.‬almadany@gmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا