العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

تناغم سياسات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

الأربعاء ٠٣ يوليو ٢٠٢٤ - 02:00

نظمت‭ ‬جمعية‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬البحرينية‭ ‬بالمشاركة‭ ‬وجمعية‭ ‬الأعمال‭ ‬والصداقة‭ ‬البحرينية‭ ‬الصينية،‭ ‬المؤتمر‭ ‬السنوي‭ ‬الثاني‭ ‬عشر‭ ‬لليوم‭ ‬العالمي‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬2024،‭ ‬في‭ ‬27‭ ‬يونيو‭ ‬المنصرم‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ ‬‮«‬الفرص‭ ‬الاستثمارية‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬والصين‮»‬‭. ‬جاء‭ ‬هذا‭ ‬المؤتمر‭ ‬بعد‭ ‬زيارة‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬للصين،‭ ‬والتي‭ ‬سعت‭ ‬إلى‭ ‬توطيد‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬وفتح‭ ‬آفاق‭ ‬استثمارية‭ ‬وتنموية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التصنيع‭ ‬وزيادة‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬فسوف‭ ‬يقام‭ ‬العام‭ ‬المقبل‭ ‬مبادرة‭ ‬للتوظيف‭ ‬والتدريب‭ ‬لقطاع‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة،‭ ‬وأكد‭ ‬عدم‭ ‬انفصال‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬عن‭ ‬تنمية‭ ‬وتطوير‭ ‬بيئة‭ ‬ريادة‭ ‬الأعمال‭.‬

تشكل‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬جزءا‭ ‬مهما‭ ‬وأساسيا‭ ‬لأي‭ ‬اقتصاد،‭ ‬فمؤسسات‭ ‬اليوم‭ ‬هي‭ ‬كبرى‭ ‬شركات‭ ‬المستقبل‭ ‬بحصولها‭ ‬على‭ ‬الدعم‭ ‬اللازم‭ ‬والبيئة‭ ‬المناسبة‭ ‬لكي‭ ‬تنمو‭ ‬وتزدهر‭. ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تتعرض‭ ‬لإخفاقات،‭ ‬فكثير‭ ‬منها‭ ‬لا‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬المواصلة‭ ‬وتخفق‭ ‬وسط‭ ‬الطريق‭ ‬لأسباب‭ ‬عدة‭ ‬منها‭ ‬اعتماد‭ ‬استراتيجيات‭ ‬وخيارات‭ ‬خاطئة،‭ ‬ومنها‭ ‬أسباب‭ ‬إدارية‭ ‬أو‭ ‬تمويلية‭. ‬لكن‭ ‬الأهم‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالبيئة‭ ‬التشريعية‭ ‬والمؤثرات‭ ‬من‭ ‬التحولات‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬أو‭ ‬السوق‭ ‬الذي‭ ‬تعمل‭ ‬فيه‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬طبيعة‭ ‬التنافسية‭ ‬في‭ ‬الصناعة‭ ‬نفسها‭. ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬وجهود‭ ‬دعمها‭ ‬يرتبط‭ ‬ارتباطا‭ ‬وثيقا‭ ‬بتنمية‭ ‬وخلق‭ ‬بيئة‭ ‬محفزة‭ ‬وداعمة‭ ‬لريادة‭ ‬الأعمال‭ ‬والابتكار‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬التمويلية‭ ‬أو‭ ‬الثقافية‭/‬الفكرية‭ ‬أو‭ ‬إدارة‭ ‬الرعاية‭ ‬والضمان‭ ‬الاجتماعي‭.‬

خلق‭ ‬البيئة‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬وكذلك‭ ‬الناشئة‭ ‬والمتناهية‭ ‬الصغر‭ ‬لا‭ ‬يتوقف‭ ‬عند‭ ‬مؤسسة‭ ‬‮«‬تمكين‮»‬‭ ‬أو‭ ‬وزارة‭ ‬التجارة،‭ ‬هناك‭ ‬أيضا‭ ‬وزارة‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬ومجلس‭ ‬تنمية‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة،‭ ‬وكذلك‭ ‬مجلس‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الذي‭ ‬وضع‭ ‬خطة‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬مساهمة‭ ‬القطاع‭ ‬في‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬إلى‭ ‬45%‭ ‬عام‭ ‬2026‭. ‬هذه‭ ‬الجهات‭ ‬الحكومية‭ ‬تعطي‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬دورا‭ ‬محوريا‭ ‬في‭ ‬التنويع‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬ورفد‭ ‬الاستدامة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وخلق‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬المحلية‭. ‬ترجمة‭ ‬ذلك‭ ‬جاء‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬أمين‭ ‬عام‭ ‬مجلس‭ ‬المناقصات‭ ‬الذي‭ ‬أفاد‭ ‬بارتفاع‭ ‬حصتها‭ ‬من‭ ‬المناقصات‭ ‬بنسبة‭ ‬84‭.‬8%‭. ‬كذلك‭ ‬تحصل‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬من‭ ‬بنك‭ ‬البحرين‭ ‬للتنمية‭ ‬وصادرات‭ ‬البحرين‭. ‬

يقول‭ ‬رئيس‭ ‬جمعية‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬‮«‬إن‭ ‬هناك‭ ‬30‭ ‬جهة‭ ‬حكومية‭ ‬وغير‭ ‬حكومية‭ ‬تعمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬دعم‭ ‬قطاع‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬العوامل‭ ‬الخارجية‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬البيئة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاستثمارية،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬التأثير‭ ‬لا‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬معينة‭ ‬أو‭ ‬سياسة‭ ‬أو‭ ‬قرار‭ ‬بعينه،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬تفاعل‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬والقرارات‭ ‬والسياسات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يتضح‭ ‬تأثيرها‭ ‬حين‭ ‬وضعها،‭ ‬لذلك‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬حدوث‭ ‬تضارب‭ ‬بين‭ ‬بعض‭ ‬القرارات‭ ‬والسياسات‭ ‬مما‭ ‬يضعف‭ ‬البيئة‭ ‬المناسبة،‭ ‬ويحتم‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬جهة‭ ‬تتولى‭ ‬مسؤولية‭ ‬التنسيق‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬الجهات‭ ‬ووضع‭ ‬المؤشرات‭ ‬الواجب‭ ‬مراقبتها‭ ‬لضمان‭ ‬ازدهار‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭. ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬الجهة‭ ‬المستفيدة‭ ‬مثل‭ ‬جمعية‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬وغرفة‭ ‬التجارة‭ ‬والصناعة‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬التجارة‭ ‬والصناعة‭ ‬هي‭ ‬الأقدر‭ ‬للنظر‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬البيئة‭ ‬بكليتها‭ ‬كمنظومة‭ ‬وتحديد‭ ‬تأثير‭ ‬هذه‭ ‬البيئة‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬وليس‭ ‬تأثير‭ ‬كل‭ ‬عنصر‭ ‬من‭ ‬البيئة‭ ‬على‭ ‬حدة‭. ‬

الأمر‭ ‬الآخر‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يؤثر‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬ريادة‭ ‬الأعمال‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬ما‭ ‬تحصل‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬من‭ ‬مراكز‭ ‬الأبحاث،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بروز‭ ‬مشاريع‭ ‬وأفكار‭ ‬ريادية‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دراسة‭ ‬البيئة‭ ‬الاستثمارية‭ ‬والريادية‭ ‬وتفاعل‭ ‬القرارات‭ ‬وتأثيرها‭ ‬لرفع‭ ‬فاعليتها‭ ‬وقدرتها‭ ‬على‭ ‬احتضان‭ ‬المشاريع‭ ‬والرياديين‭. ‬

في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬يتطلب‭ ‬الأمر‭ ‬إبراز‭ ‬وتعزيز‭ ‬ورفع‭ ‬مستوى‭ ‬ما‭ ‬تقدمه‭ ‬هذه‭ ‬الجهات‭ ‬المتعددة‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬للبحث‭ ‬والتطوير‭ ‬أو‭ ‬ربط‭ ‬مراكز‭ ‬الأبحاث‭ (‬الجامعات‭) ‬مع‭ ‬رواد‭ ‬الأعمال‭ ‬ومع‭ ‬الجمعيات‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬القطاع‭ ‬وغرفة‭ ‬التجارة‭.‬

تضع‭ ‬الدولة‭ ‬سياساتها‭ ‬التنموية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬وتحدد‭ ‬فيها‭ ‬أهدافا‭ ‬عليا،‭ ‬ليست‭ ‬مالية‭ ‬فقط‭ ‬وإنما‭ ‬اجتماعية‭ ‬وثقافية‭ ‬وفكرية‭ ‬تسعى‭ ‬للتنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬كذلك‭ ‬وهي‭ ‬الأهم،‭ ‬وعلى‭ ‬الجهات‭ ‬الأخرى‭ ‬التناغم‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬السياسات‭ ‬فيما‭ ‬تتخذه‭ ‬من‭ ‬توجهات‭ ‬وقرارات‭ ‬وما‭ ‬تضع‭ ‬من‭ ‬مشاريع‭ ‬وبرامج‭. ‬

لذلك‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يُطرح‭ ‬السؤال‭ ‬هل‭ ‬هذه‭ ‬البرامج‭ ‬والتوجهات‭ ‬متناغمة‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬والسوق‭ ‬بشكل‭ ‬عام؟‭ ‬وماذا‭ ‬عن‭ ‬سياسات‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬وما‭ ‬تأثيرها‭ ‬وتأثير‭ ‬قرارات‭ ‬الجهات‭ ‬الأخرى‭ ‬على‭ ‬خطط‭ ‬تمكين؟‭ ‬الجواب‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬محددة،‭ ‬وإنما‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬دراسة‭ ‬مستفيضة‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬الجهة‭ ‬المستفيدة‭ ‬من‭ ‬الخدمات‭ (‬مثلا‭ ‬جمعية‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬أو‭ ‬غرفة‭ ‬التجارة‭ ‬أو‭ ‬وزارة‭ ‬الصناعة‭) ‬وتحويل‭ ‬ما‭ ‬تتوصل‭ ‬إليه‭ ‬الدراسة‭ ‬إلى‭ ‬رافد‭ ‬لتعزيز‭ ‬البيئة‭ ‬المناسبة‭ ‬والمشجعة،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬والناشئة،‭ ‬لكن‭ ‬كذلك‭ ‬لمنظومة‭ ‬الريادة‭ ‬والابتكار‭ ‬والتنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭.‬

 

drmekuwaiti@gmail‭.‬com‭.‬bh

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا