العدد : ١٧٠٥٧ - الأربعاء ٠٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٧ - الأربعاء ٠٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

أنا الذي أدير العالم!

{ ما‭ ‬بين‭ ‬أمريكا‭ ‬وبريطانيا،‭ ‬وما‭ ‬بين‭ ‬إصرار‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬انسحابه‭ ‬من‭ ‬الحملة‭ ‬الانتخابية،‭ ‬وبين‭ ‬فوز‭ ‬زعيم‭ ‬‮«‬حزب‭ ‬العمال‮»‬‭ ‬‮«‬كير‭ ‬ستارمر‮»‬‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬العامة‭ ‬البريطانية،‭ ‬فإن‭ ‬الأهوال‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬العالم‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬صنع‭ ‬هاتين‭ ‬الدولتين‭ ‬ونمط‭ ‬القادة‭ ‬الذين‭ ‬يحكمون‭ ‬البلدين‭! ‬رغم‭ ‬صورية‭ ‬حكم‭ ‬الرئيس‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭! ‬رغم‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬البالغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬82‭ ‬عاماً،‭ ‬يتباهى‭ ‬بنفسه‭ ‬بعد‭ ‬فشله‭ ‬الكارثي‭ ‬في‭ ‬المناظرة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬ورغم‭ ‬تكرار‭ ‬الدعوات‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬في‭ ‬حزبه‭ ‬الديمقراطي،‭ ‬لانسحابه‭ ‬من‭ ‬الانتخابات‭ ‬خوفاً‭ ‬من‭ ‬رجحان‭ ‬فشله‭! ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬رصدته‭ ‬كاميرات‭ ‬العالم،‭ ‬بين‭ ‬السقوط‭ ‬على‭ ‬السلالم،‭ ‬والتأتأة‭ ‬في‭ ‬الحديث،‭ ‬والنسيان‭ ‬والقيام‭ ‬بتصرفات‭ ‬غريبة،‭ ‬تم‭ ‬إرجاعها‭ ‬إلى‭ ‬الكبر‭ ‬في‭ ‬السن‭! ‬

{ نعرف‭ ‬جميعا‭ ‬الآثار‭ ‬التي‭ ‬نتجت‭ ‬من‭ ‬هيمنة‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تغيب‭ ‬عنها‭ ‬الشمس‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله،‭ ‬حتى‭ ‬وهي‭ ‬متوارية‭ ‬خلف‭ ‬الستار‭ ‬الاستعماري،‭ ‬فإن‭ ‬أياديها‭ ‬تلعب‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬سواء‭ ‬بصهيونيتها‭ ‬العارمة،‭ ‬أو‭ ‬باستخباراتها،‭ ‬أو‭ ‬برعايتها‭ ‬للجماعات‭ ‬المتطرفة‭ ‬كالإخوان‭ ‬وغيرهم،‭ ‬أو‭ ‬بالمحافل‭ ‬السرية‭ ‬والعلنية‭ ‬التي‭ ‬تتناسل‭ ‬على‭ ‬أراضيها‭ ‬للاستخدام‭ ‬السري‭ ‬في‭ ‬العبث‭ ‬بدول‭ ‬بعينها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬وغيرها‭! ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬مع‭ ‬فوز‭ ‬‮«‬ستارمر‮»‬‭ ‬المشهور‭ ‬بتخليه‭ ‬عن‭ ‬وعوده‭ ‬الانتخابية‭ ‬وتغيير‭ ‬سياسته‭ ‬بشكل‭ ‬جذري،‭ ‬فهو‭ ‬من‭ ‬المحرضين‭ ‬ضد‭ ‬روسيا‭ ‬واستمرار‭ ‬الحرب‭ ‬ودعمها‭! ‬وهو‭ ‬من‭ ‬قال‭ ‬‮«‬إن‭ ‬من‭ ‬حق‭ (‬إسرائيل‭) ‬أن‭ ‬تقتل‭ ‬وتمنع‭ ‬الغذاء‭ ‬والماء‭ ‬والكهرباء‭ ‬عن‭ ‬غزة‮»‬،‭ ‬بما‭ ‬يوضح‭ ‬مدى‭ ‬عنصريته‭ ‬وصهيونيته‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭! ‬وبالطبع‭ ‬عدم‭ ‬إنسانيته‭ ‬وهو‭ ‬‮«‬الملحد‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمتلك‭ ‬في‭ ‬تكوينه‭ ‬أي‭ ‬روادع‭ ‬دينية،‭ ‬وحيث‭ ‬زوجته‭ ‬‮«‬اليهودية‮»‬‭ ‬تدفعه‭ ‬ربما‭ ‬إلى‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التعصب‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬مما‭ ‬يدلل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الموقف‭ ‬القادم‭ ‬لبريطانيا‭ ‬لن‭ ‬يتغير،‭ ‬بل‭ ‬سيلعب‭ ‬دوراً‭ ‬أكثر‭ ‬خطورة‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬وفي‭ ‬إدارة‭ ‬العالم‭! ‬

{ بدوره‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬المتفاخر‭ ‬بنفسه،‭ ‬وفي‭ ‬حوار‭ ‬تلفزيوني‭ ‬مع‭ ‬قناة‭ ‬‮«‬ABC‮»‬‭ ‬كرر‭ ‬بنرجسية‭ ‬عالية‭ ‬‮«‬أنا‭ ‬من‭ ‬أعاد‭ ‬تجميع‭ (‬الناتو‭) ‬ولم‭ ‬يعتقد‭ ‬أحد‭ ‬أنني‭ ‬أستطيع‭ ‬توسيعه،‭ ‬وأنا‭ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬وحد‭ ‬50‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬وخارجها‭ ‬لمساعدة‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وأنا‭ ‬من‭ ‬أوقف‭ ‬بوتين‭! ‬أنا‭ ‬أدير‭ ‬العالم‭ ‬ولن‭ ‬أنسحب‭ ‬من‭ ‬السباق‭ ‬الانتخابي‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬نزل‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬السماء‮»‬‭! ‬في‭ ‬تطاول‭ ‬على‭ ‬الذات‭ ‬الإلهية‭! ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬قائد‭ ‬أمريكا‭ ‬الراهن،‭ ‬الذي‭ ‬يعتقد‭ ‬بثقة‭ ‬بقدرته‭ ‬على‭ ‬الفوز‭ ‬والرئاسة‭ ‬للمرة‭ ‬الثانية‭! ‬وهو‭ ‬النموذج‭ ‬الذي‭ ‬يدير‭ ‬العالم‭ ‬بالحروب‭ ‬شرقاً‭ ‬وغرباً‭! ‬ويدعم‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬عسكريا‭ ‬وماليا‭ ‬ولوجستيا‭ ‬لاستمرار‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭! ‬ويجعل‭ ‬دول‭ ‬أوروبا‭ ‬خاضعة‭ ‬لمنظور‭ ‬‮«‬الدولة‭ ‬العميقة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تديره‭ ‬كرئيس‭ ‬ليأتي‭ ‬هو‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬ويتباهى‭ ‬بإدارة‭ ‬العالم‭! ‬

{ أمريكا‭ ‬التي‭ ‬أخذت‭ (‬زعامة‭ ‬الحقبة‭ ‬الاستعمارية‭ ‬الغربية‭) ‬من‭ ‬بريطانيا،‭ ‬هي‭ ‬وبريطانيا‭ ‬ومعهما‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬الاستعمارية‭ ‬الغربية‭ ‬الأخرى،‭ ‬تعتقد‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬حقهم‭! ‬وأن‭ ‬نموذج‭ ‬التطرف‭ ‬الغربي‭ ‬الذي‭ ‬يديرانه،‭ ‬كاد‭ ‬يكتسح‭ ‬‮«‬فرنسا‮»‬‭ ‬وبعدها‭ ‬كل‭ ‬أوروبا،‭ ‬لولا‭ ‬أن‭ ‬شاءت‭ ‬الأقدار‭ ‬بفوز‭ ‬اليسار‭ ‬في‭ ‬فرنسا،‭ ‬التي‭ ‬تمتلك‭ ‬التأثير‭ ‬السياسي‭ ‬والفكري‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أوروبا‭ ‬تقريباً،‭ ‬منذ‭ ‬‮«‬الثورة‭ ‬الفرنسية‮»‬‭! ‬

{ العالم‭ ‬لن‭ ‬يمر‭ ‬بمرحلة‭ ‬جيدة‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬أمثال‭ ‬هؤلاء‭ ‬القادة‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬واجهة‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬أكبر‭ ‬بلدين‭ ‬يمثلان‭ ‬الاستعمار‭ ‬الغربي‭ ‬الكارثي‭ ‬على‭ ‬العالم‭: ‬أمريكا‭ ‬وبريطانيا‭! ‬وبحكم‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصهيونية‭ ‬والماسونية‭ ‬‮«‬الدولة‭ ‬العميقة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تضع‭ ‬الخطوط‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬إدارة‭ ‬العالم‭ ‬استعماريا‭! ‬سواء‭ ‬بالحروب‭ ‬أو‭ ‬بالأزمات‭ ‬أو‭ ‬بالتقنيات‭ ‬الناعمة‭ ‬من‭ ‬إعلام‭ ‬واتفاقيات‭ ‬وضغوط‭!‬

وحين‭ ‬يتباهى‭ ‬بايدن‭ ‬بقوله‭ ‬‮«‬أنا‭ ‬من‭ ‬أدير‭ ‬العالم‮»‬‭! ‬يقفز‭ ‬عن‭ ‬الحقيقة‭ ‬الواضحة‭ ‬أمام‭ ‬كل‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬أن‭ ‬أسوأ‭ ‬دولة‭ ‬مهيمنة‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬الكوارث‭ ‬الدولية‭ ‬والعالمية‭ ‬منذ‭ ‬هيمنتها‭ ‬هي‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭! ‬وأن‭ ‬تاريخها‭ ‬وتسلسل‭ ‬الوقائع‭ ‬المأساوية‭ ‬منذ‭ ‬استخدام‭ ‬‮«‬القنبلة‭ ‬النووية‮»‬‭ ‬في‭ ‬هيروشيما‭ ‬ونجازاكي،‭ ‬لم‭ ‬يقم‭ ‬بها‭ ‬أحد‭ ‬قبلها‭! ‬وأن‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬يتململ‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬القبضة‭ ‬الصهيونية‭ - ‬الماسونية‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬وبريطانيا،‭ ‬يحاول‭ ‬الوقوف‭ ‬على‭ ‬قدميه‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬حقبة‭ ‬الاستعمار‭ ‬الغربي،‭ ‬الذي‭ ‬مازال‭ ‬مستمراً‭ ‬بأشكال‭ ‬مختلفة‭! ‬وبقادة‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬الواجهة‭ ‬فيما‭ ‬الجوهر‭ ‬محكوم‭ ‬بعقول‭ ‬شيطانية‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا