يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
جلالة الملك وحديث الثوابت الوطنية والعربية
الحديث الذي تفضل به جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة اثناء ترؤس جلالته اجتماع مجلس الوزراء بالأمس كان حديثا استثنائيا بكل معنى الكلمة.
جلالة الملك أراد في حديثه ان يؤكد وأن يذكر الجميع بثوابت البحرين الكبرى.. الثوابت الكبرى للعمل الوطني في البحرين، ولمواقف البحرين ودورها العربي والعالمي.
جلالة الملك أراد تأكيد هذه الثوابت والتذكير بها في وقت تمر فيه المنطقة العربية والعالم كله بتحولات صعبة متلاحقة تحمل اخطارا وتحديات كبرى للبحرين والدول العربية، وفي وقت تتحمل فيه البحرين مسئولية كبرى بقيادتها للعمل العربي المشترك منذ القمة العربية الأخيرة.
أما عن الثوابت الوطنية، أي ثوابت العمل الوطني في البحرين فقد كان جلالة الملك حريصا على تأكيد ثوابت ثلاثة كبرى على وجه خاص هي:
أولا: أن البحرين وطن الجميع بلا أي تفرقة أو تمييز.. وأطلق جلالة الملك هذا التعبير الجميل المعبر «البحرين للبحرينيين جميعا». ومصدر القوة الأساسي للبحرين هو ترابط وتماسك المجتمع وكل أبنائها.. البحرين هي مملكة المواطنة التي تجمع ولا تفرق بين مواطن وآخر.
يجب ان نذكر ان هذا هو جوهر المشروع الاصلاحي لجلالة الملك منذ انطلاقه، وحرص جلالة الملك على إعادة التذكير بهذا الثابت الوطني الأساسي.
ثانيا: ان المحافظة على الهوية الوطنية أولوية كبرى. جلالة الملك اعتبر أن تعزيز الهوية الوطنية وثوابتها مهمة وطنية أساسية وضرورة حاسمة من اجل الحفاظ على الوحدة الوطنية وأيضا كضرورة لتحقيق الإنجازات.
ومن هذا المنطلق جاءت توجيهات جلالة الملك بوضع خطة عمل للمحافظة على الهوية التاريخية والثقافية لمباني ومدن البحرين.
وتأكيد جلالة الملك على اعتبار أن المحافظة على الهوية الحضارية والثقافية في البحرين على هذا النحو هي اشارة لكل القوى في المجتمع بضرورة الاجتهاد في تقديم الرؤى والتصورات الكفيلة بتحقيق هذا الهدف.
ثالثا: ان المواطن البحريني ومصالحه وتحقيق آماله هو الهدف الأول للعمل الحكومي والعمل الوطني عموما على اعتبار ان المواطن شريك اساسي، ويجب الاستثمار فيه وان تكون كل مشاريع التنمية مكرسة من اجل صالح المواطن.
هذه الثوابت التي حرص جلالة الملك على تأكيدها في حديثه تحتاج إلى تحليل مطول، لكن المهم هنا ان جلالته أراد ان ينبه الجميع إلى أن هذه الثوابت الوطنية يجب ان تكون حاكمة للعمل الوطني برمته، وان تكون هي المرجع والدليل في مواقف وتصرفات الكل بلا استثناء في المجتمع.
أما عن الثوابت العربية في مواقف البحرين وفي العمل العربي المشترك عموما فإن ما قاله جلالة الملك بهذا الخصوص يعتبر اهم ما قيل على الصعيد العربي على الاطلاق.
في الظروف الصعبة الخطيرة التي تمر بها المنطقة العربية والتي تحمل الكثير جدا من الأخطار والتحديات لكل الدول العربية، حرص جلالة الملك ان يضع بوضوح وحسم عددا من الثوابت الكبرى التي يجب ان تحكم المواقف العربية.
جلالة الملك تحدث هنا باعتباره رئيسا للقمة العربية وقائدا للعمل العربي المشترك في الوقت الحاضر.
جلالة الملك حدد أربعة ثوابت عربية كبرى في الظروف الخطيرة الحالية هي على النحو التالي:
أولا: اننا كعرب يجب ان نعتز اشد الاعتزاز بأمتنا العربية. يجب ان نعتز بتاريخها وحضارتها وقيمها وثقافتها وبدورها المحوري الحاسم في عالم اليوم.
جلالة الملك يقول هذا ادراكا من جلالته انه من دون هذا الاعتزاز بأمتنا العربية، ومن دون الثقة في أنفسنا وفي امكانياتنا وقدراتنا، لا يمكن ان نتخذ مواقف او نتبع سياسات تحقق مصالح الأمة العربية وبشكل مستقل.
ثانيا: ان قرارات الدول العربية يجب ان تكون نابعة من مصالحنا العربية أولا وأخيرا، وان تكون غايتها الأولى والأخيرة هي تحقيق المصلحة العربية.
جلالة الملك بتأكيده هذا الجانب يشير الى الأهمية الحاسمة لأن يكون القرار العربي مستقلا لا تحكمه ولا تحركه الا مصالح الأمة العربية واهدافها.
ثالثا: ان أصدقاء العرب وشركاءهم في العالم يتحملون اليوم مسئولية أساسية بالوقوف الى جاب دول المنطقة بشكل واضح والتزام في مواجهة ما تواجهه المنطقة من اخطار وتحديات.
بتأكيد هذا الجانب يوجه جلالة الملك رسالة واضحة حاسمة الى كل القوى والدول التي من المفروض انها شريكة للعرب بأنه آن الأوان لأن يتحملوا مسئولية هذه الشراكة ويقوموا بواجبهم تجاه الدول العربية وتجاه حماية امن المنطقة.
رابعا: انه في كل الأحوال لا يمكن ان يتمكن العرب من مواجهة الأخطار والتحديات من دون التكاتف العربي، أي من دون مواقف وسياسات موحدة وحشد موحد للإمكانيات العربية.
جلالة الملك بهذا الحديث عن الثوابت الوطنية والعربية بهذا الوضوح والحسم يقدم للعالم نموذجا وطنيا عربيا للحكم الرشيد والالتزام القومي العربي الأصيل.
وجلالة الملك بهذا الحديث يضع الجميع امام مسئولياتهم اليوم بضرورة الالتزام بهذه الثوابت والعمل على أساسها.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك