العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

تحديات في مواجهة الرئيس الإيراني الجديد

بقلم: د. نبيل العسومي

الثلاثاء ١٦ يوليو ٢٠٢٤ - 02:00

اختار‭ ‬الإيرانيون‭ ‬رئيسا‭ ‬جديدا‭ ‬بعد‭ ‬رحيل‭ ‬الرئيس‭ ‬الإيراني‭ ‬السابق‭ ‬إبراهيم‭ ‬رئيسي‭ ‬بعد‭ ‬مقتله‭ ‬في‭ ‬حادث‭ ‬سقوط‭ ‬طائرته،‭ ‬وكان‭ ‬واضحا‭ ‬ان‭ ‬الاتجاه‭ ‬الأكبر‭ ‬للرأي‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬يتجه‭ ‬نحو‭ ‬الإصلاح‭ ‬والتجديد،‭ ‬فالرئيس‭ ‬الجديد‭ ‬مسعود‭ ‬بزشكيان‭ ‬يعتبر‭ ‬من‭ ‬التيار‭ ‬الإصلاحي‭ ‬الإيراني،‭ ‬حيث‭ ‬صوت‭ ‬له‭ ‬حوالي‭ ‬17‭ ‬مليون‭ ‬إيراني‭ ‬في‭ ‬الجولة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬الانتخابات‭ ‬المبكرة‭ ‬التي‭ ‬بلغت‭ ‬نسبة‭ ‬المشاركة‭ ‬فيها‭ ‬حوالي‭ ‬50%‭. ‬وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬بحد‭ ‬ذاته‭ ‬يعد‭ ‬جانبا‭ ‬إيجابيا،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬اختيار‭ ‬رئيس‭ ‬إصلاحي‭ ‬هو‭ ‬موقف‭ ‬شعبي‭ ‬واضح‭ ‬نحو‭ ‬نظام‭ ‬سياسي‭ ‬أكثر‭ ‬مرونة‭ ‬وبراغماتية،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬الجديد‭ ‬قد‭ ‬رفع‭ ‬خلال‭ ‬الحملة‭ ‬الانتخابية‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشعارات‭ ‬الإيجابية،‭ ‬وخصوصا‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالحاجة‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬علاقات‭ ‬جديدة‭ ‬مع‭ ‬المحيط‭ ‬الإقليمي‭ ‬ومع‭ ‬العالم‭ ‬كسبيل‭ ‬من‭ ‬سبل‭ ‬تحسين‭ ‬أوضاع‭ ‬إيران‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬ومن‭ ‬المفترض‭ ‬ان‭ ‬يؤدي‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬عند‭ ‬ترجمته‭ ‬إلى‭ ‬تحسين‭ ‬علاقات‭ ‬إيران‭ ‬بمحيطها‭ ‬الخليجي‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭. ‬

تبقى‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬سوف‭ ‬تواجه‭ ‬الرئيس‭ ‬الإيراني‭ ‬الجديد‭ ‬وهي‭ ‬كبيرة‭ ‬جدا‭ ‬

وأولها‭ ‬تحديات‭ ‬الداخل‭ ‬الإيراني‭ ‬الناجم‭ ‬عن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التوترات‭ ‬داخل‭ ‬بعض‭ ‬المناطق‭ ‬وبين‭ ‬أوساط‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأقليات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬شدة‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬بالقوة،‭ ‬ويستذكر‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬العالمي‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأزمات‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬القبيل،‭ ‬التي‭ ‬على‭ ‬الرئيس‭ ‬الإيراني‭ ‬المنتخب‭ ‬أن‭ ‬يواجهها‭ ‬بمنطق‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬التسامح‭ ‬وإشراك‭ ‬هذه‭ ‬الأقليات‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬الحكم‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تشعر‭ ‬بالتهميش‭.‬

التحدي‭ ‬الثاني‭ ‬الذي‭ ‬سوف‭ ‬يواجه‭ ‬الرئيس‭ ‬الإيراني‭ ‬الجديد‭ ‬هو‭ ‬التحدي‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يخفى‭ ‬أن‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬يعاني‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬أزمات‭ ‬اقتصادية‭ ‬مستحكمة‭ ‬فالاقتصاد‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬أزمات‭ ‬مختلفة‭ ‬ومن‭ ‬الركود‭ ‬والتضخم‭ ‬وكذلك‭ ‬من‭ ‬انخفاض‭ ‬قيمة‭ ‬العملة‭ ‬الإيرانية،‭ ‬ويصحب‭ ‬هذه‭ ‬الازمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬أزمة‭ ‬اجتماعية‭ ‬متفاقمة‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬البطالة‭ ‬بشكل‭ ‬خطير،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬شح‭ ‬بعض‭ ‬المواد‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬في‭ ‬منتهى‭ ‬الخطورة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمجتمع‭ ‬الإيراني،‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬أمام‭ ‬الرئيس‭ ‬الجديد‭ ‬مهمة‭ ‬صعبة‭ ‬وثقيلة‭ ‬يرتبط‭ ‬فيها‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بالاجتماعي‭ ‬بالسياسي‭ ‬بما‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬حل‭ ‬لهذه‭ ‬الازمات‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬ترابطها،‭ ‬فالانفتاح‭ ‬السياسي‭ ‬الإيراني‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يساعد‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬القضايا‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وحلها‭ ‬سوف‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬الأزمات‭ ‬الاجتماعية‭.‬

أما‭ ‬التحدي‭ ‬الثالث‭ ‬الذي‭ ‬يواجه‭ ‬الرئيس‭ ‬بزشكيان‭ ‬فهو‭ ‬الملف‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬أزمات‭ ‬إيران‭ ‬ومواجهتها‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ومعظم‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬الغربية،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬استمرار‭ ‬الحصار‭ ‬والعقوبات‭ ‬التي‭ ‬أُثرت‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬تؤثر‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الإيراني‭. ‬فهذا‭ ‬الملف‭ ‬النووي‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬رؤية‭ ‬براغماتية‭ ‬تحل‭ ‬مشكلته‭ ‬من‭ ‬الأساس‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬استمرار‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭ ‬يثير‭ ‬مخاوف‭ ‬العالم‭ ‬والإقليم‭ ‬بوجه‭ ‬خاص‭ ‬كيف‭ ‬سيتعامل‭ ‬الرئيس‭ ‬الجديد‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬وهل‭ ‬يتجه‭ ‬إلى‭ ‬تجديد‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بهذا‭ ‬الملف‭ ‬أو‭ ‬تجميده‭ ‬والمضي‭ ‬قدما‭ ‬في‭ ‬تحدي‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والاستمرار‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬القوة‭ ‬النووية‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬جار‭ ‬منذ‭ ‬2018‭.‬

إن‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬الملحة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬قائمة‭ ‬منذ‭ ‬عدة‭ ‬سنوات،‭ ‬ولكن‭ ‬العالم‭ ‬ينتظر‭ ‬التغيير‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬الانفتاح‭ ‬والتسامح،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الداخل‭ ‬الإيراني‭ ‬ينتظر‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬الجديد‭ ‬حل‭ ‬الأزمات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬لتجاوز‭ ‬الوضع‭ ‬الحالي‭ ‬الصعب‭ ‬خصوصا‭ ‬بعد‭ ‬التفاؤل‭ ‬الذي‭ ‬ساد‭ ‬أوساط‭ ‬الشباب‭ ‬تحديدا‭ ‬بعد‭ ‬فوز‭ ‬الرئيس‭ ‬في‭ ‬الجولة‭ ‬الثانية‭.‬

وبالنسبة‭ ‬إلينا‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭ ‬يهمنا‭ ‬بوجه‭ ‬خاص‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬إيران‭ ‬دولة‭ ‬مستقرة‭ ‬آمنة‭ ‬فهي‭ ‬جار‭ ‬أساسي‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬التوترات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تخدم‭ ‬أحدا‭ ‬لتكون‭ ‬علاقاتنا‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬الاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬للمحافظة‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬المنطقة‭ ‬لبناء‭ ‬جسور‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والأمني‭ ‬والسياسي‭ ‬يساعد‭ ‬على‭ ‬حشد‭ ‬جهود‭ ‬الجميع‭ ‬لتطوير‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬والثقة‭ ‬المتبادلة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا