العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

إطلاق النار على ترامب وتحطيم وهم الأمن الأمريكي

بقلم: أنتوني زوركر {

الخميس ١٨ يوليو ٢٠٢٤ - 02:00

ربما‭ ‬لم‭ ‬يصب‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق،‭ ‬سوى‭ ‬بخدوش‭ ‬بسيطة‭ ‬جراء‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬عليه‭ ‬يوم‭ ‬السبت‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬بنسلفانيا،‭ ‬لكن‭ ‬الرصاص‭ ‬قتل‭ ‬أحد‭ ‬الحاضرين‭ ‬في‭ ‬المؤتمر‭ ‬الانتخابي‭ ‬وأصاب‭ ‬اثنين‭ ‬آخرين‭ ‬بجروح‭ ‬خطيرة‭. ‬كما‭ ‬ألحقت‭ ‬تلك‭ ‬الطلقات‭ ‬أضراراً‭ ‬بالغة‭ ‬بالحملة‭ ‬الرئاسية‭ ‬لانتخابات‭ ‬2024،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يمزق‭ ‬النسيج‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والثقافي‭ ‬للأمة‭ ‬الأمريكية‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬تحطيم‭ ‬هذا‭ ‬الهجوم‭ ‬وهم‭ ‬الأمن‭ ‬والسلامة‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬واللذين‭ ‬بُنيا‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمن‭.‬

ولم‭ ‬يلحق‭ ‬بترامب‭ ‬سوى‭ ‬إصابات‭ ‬طفيفة‭ ‬لكنها‭ ‬كانت‭ ‬قريبة‭ ‬‭ ‬ويظهر‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬التقطها‭ ‬دوج‭ ‬ميلز‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز‭ ‬خط‭ ‬رصاصة‭ ‬تقطع‭ ‬الهواء‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬رأس‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭.‬

ومنذ‭ ‬أن‭ ‬أطلق‭ ‬جون‭ ‬هينكلي‭ ‬جونيور‭ ‬النار‭ ‬على‭ ‬رونالد‭ ‬ريجان‭ ‬عام‭ ‬1981،‭ ‬لم‭ ‬تشهد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أعمال‭ ‬عنف‭ ‬درامية‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬تستهدف‭ ‬رئيس‭ ‬البلاد‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬مرشح‭ ‬رئاسي‭.‬

ويعيدنا‭ ‬هذا‭ ‬الهجوم‭ ‬إلى‭ ‬فترة‭ ‬أكثر‭ ‬قتامة‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬فقبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬قرن،‭ ‬قُتل‭ ‬الأخوان‭ ‬كينيدي‭ ‬‭ ‬كان‭ ‬أحدهما‭ ‬رئيساً‭ ‬والآخر‭ ‬مرشحا‭ ‬للرئاسة‭ ‬‭ ‬بالرصاص‭. ‬كما‭ ‬فقد‭ ‬قادة‭ ‬الحقوق‭ ‬المدنية‭ ‬مثل‭ ‬مدغار‭ ‬إيفرز‭ ‬ومارتن‭ ‬لوثر‭ ‬كينغ‭ ‬جونيور‭ ‬ومالكولم‭ ‬إكس‭ ‬حياتهم‭ ‬جراء‭ ‬أعمال‭ ‬عنف‭ ‬سياسي‭.‬

وساد‭ ‬فترة‭ ‬الستينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬استقطاب‭ ‬سياسي‭ ‬شديد‭ ‬وخلل‭ ‬وظيفي،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الراهنة،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬فيه‭ ‬بوسع‭ ‬سلاح‭ ‬ناري‭ ‬وفرد‭ ‬مستعد‭ ‬لاستخدامه‭ ‬أن‭ ‬يغيرا‭ ‬مسار‭ ‬التاريخ‭.‬

ومن‭ ‬الصعب‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭ ‬التنبؤ‭ ‬بالآثار‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬يخلفها‭ ‬هجوم‭ ‬السبت‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وخطابها‭ ‬السياسي‭. ‬وبالفعل،‭ ‬ظهرت‭ ‬بعض‭ ‬الدعوات‭ ‬من‭ ‬الحزبين‭ ‬الجمهوري‭ ‬والديمقراطي‭ ‬لتهدئة‭ ‬الخطاب‭ ‬وتعزيز‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭.‬

وفي‭ ‬غضون‭ ‬ساعات‭ ‬من‭ ‬الحادث،‭ ‬ظهر‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭              -‬الخصم‭ ‬المحتمل‭ ‬لترامب‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬المقبل‭- ‬أمام‭ ‬الكاميرات‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬ديلاوير‭ ‬للإدلاء‭ ‬بتصريحات‭ ‬للصحافة‭. ‬وقال‭ ‬بايدن‭: ‬‮«‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬مكان‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬العنف‭. ‬إنه‭ ‬مرض‭ ‬ولا‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬هكذا‭. ‬لا‭ ‬يمكننا‭ ‬التغاضي‭ ‬عن‭ ‬هذا‮»‬‭.‬

وتحدث‭ ‬الرئيس‭ ‬الحالي‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬عبر‭ ‬الهاتف‭ ‬بعد‭ ‬تلك‭ ‬التصريحات‭. ‬كما‭ ‬قطع‭ ‬بايدن‭ ‬عطلة‭ ‬نهاية‭ ‬الأسبوع‭ ‬على‭ ‬الشاطئ‭ ‬وقرر‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬متأخر‭ ‬من‭ ‬مساء‭ ‬السبت‭.‬

لكن‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬تسربت‭ ‬نتائج‭ ‬هذا‭ ‬العنف‭ ‬إلى‭ ‬السراديب‭ ‬التي‭ ‬تشهد‭ ‬مباريات‭ ‬الملاكمة‭ ‬السرية‭ ‬بين‭ ‬الحزبين‭ ‬الجمهوري‭ ‬والديمقراطي‭ ‬والتي‭ ‬تُعد‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬سمات‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬الأخيرة‭. ‬وألقى‭ ‬بعض‭ ‬السياسيين‭ ‬الجمهوريين‭ ‬اللوم‭ ‬في‭ ‬الهجوم‭ ‬على‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬الذين‭ ‬استخدموا‭ ‬خطاباً‭ ‬مروعاً‭ ‬عن‭ ‬التهديد‭ ‬الذي‭ ‬يقولون‭ ‬إن‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬يشكله‭ ‬على‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الأمريكية‭.‬

وقال‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬الأمريكي‭ ‬عن‭ ‬ولاية‭ ‬أوهايو‭ ‬جيه‭ ‬دي‭ ‬فانس،‭ ‬الذي‭ ‬يقال‭ ‬إنه‭ ‬مدرج‭ ‬في‭ ‬القائمة‭ ‬الأخيرة‭ ‬ليكون‭ ‬اختيار‭ ‬ترامب‭ ‬لمنصب‭ ‬نائب‭ ‬الرئيس‭: ‬‮«‬الفرضية‭ ‬الأساسية‭ ‬لحملة‭ ‬بايدن‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬فاشي‭ ‬استبدادي‭ ‬يجب‭ ‬إيقافه‭ ‬بأي‭ ‬ثمن‮»‬،‭ ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬حساباته‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭. ‬وأضاف‭ ‬أن‭ ‬‮«‬هذا‭ ‬الخطاب‭ ‬أدى‭ ‬مباشرة‭ ‬إلى‭ ‬محاولة‭ ‬اغتيال‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‮»‬‭.‬

وقال‭ ‬كريس‭ ‬لاسيفيتا،‭ ‬مدير‭ ‬حملة‭ ‬ترامب،‭ ‬إن‭ ‬‮«‬الناشطين‭ ‬اليساريين‭ ‬والمانحين‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬وحتى‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يحاسبوا‭ ‬في‭ ‬صناديق‭ ‬الاقتراع‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭/ ‬تشرين‭ ‬الثاني‭ ‬بسبب‭ ‬التصريحات‭ ‬المثيرة‭ ‬للاشمئزاز‮»‬‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬بحسب‭ ‬رأيه‭ ‬إلى‭ ‬الهجوم‭ .‬وقد‭ ‬يعترض‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الطرح،‭ ‬لكن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬اليساريين‭ ‬استخدموا‭ ‬لغة‭ ‬مماثلة‭ ‬للإلقاء‭ ‬باللوم‭ ‬على‭ ‬الخطاب‭ ‬اليميني‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬الذي‭ ‬كاد‭ ‬أن‭ ‬يودي‭ ‬بحياة‭ ‬عضوة‭ ‬الكونجرس‭ ‬غابي‭ ‬جيفوردز‭ ‬في‭ ‬أريزونا‭ ‬عام‭ ‬2011‭.‬

ومما‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬الهجوم‭ ‬العنيف‭ ‬الذي‭ ‬شهدته‭ ‬بنسلفانيا‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬قوي‭ ‬على‭ ‬مؤتمر‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬الذي‭ ‬يبدأ‭ ‬الاثنين‭. ‬كما‭ ‬يرجح‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تشديد‭ ‬الإجراءات‭ ‬الأمنية‭ ‬الخاصة‭ ‬بهذا‭ ‬الحدث،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬احتجاجات‭ -‬واحتجاجات‭ ‬مضادة‭- ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬المؤتمر‭ ‬وسط‭ ‬شعور‭ ‬بالهلع‭ ‬حيال‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتطور‭ ‬إليه‭ ‬الأحداث‭.‬

كما‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬يحتل‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬دائرة‭ ‬الضوء‭ ‬فور‭ ‬صعوده‭ ‬إلى‭ ‬المنصة‭ ‬مساء‭ ‬الخميس‭ ‬المقبل‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬زاد‭ ‬الاهتمام‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬حدٍ‭ ‬كبيرٍ‭ ‬بعد‭ ‬الحادث‭.‬

ومن‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬صور‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق،‭ ‬وهو‭ ‬ملطخ‭ ‬بالدماء‭ ‬رافعا‭ ‬قبضته‭ ‬لأعلى،‭ ‬ستكون‭ ‬رمزاً‭ ‬يتجمع‭ ‬حوله‭ ‬أنصاره‭ ‬في‭ ‬ميلووكي‭. ‬وكان‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬يخطط‭ ‬بالفعل‭ ‬لجعل‭ ‬القوة‭ ‬والرجولة‭ ‬الخشنة‭ ‬موضوعا‭ ‬رئيسيا‭ ‬للحملة‭ ‬الرئاسية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬تساعد‭ ‬عليه‭ ‬واقعة‭ ‬السبت‭ ‬التي‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬تجدد‭ ‬طاقة‭ ‬الحملة‭.‬

وكتب‭ ‬إريك‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭: ‬‮«‬هذا‭ ‬هو‭ ‬المقاتل‭ ‬الذي‭ ‬تحتاج‭ ‬إليه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬مرفقا‭ ‬صورة‭ ‬لوالده‭ ‬بعد‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬بهذه‭ ‬الكلمات‭.‬

ويواجه‭ ‬الحرس‭ ‬الرئاسي‭ ‬الأمريكي‭ ‬أيضا‭ ‬تدقيقاً‭ ‬مكثفاً‭ ‬بشأن‭ ‬طريقة‭ ‬تأمينه‭ ‬للتجمع‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬فيه‭ ‬ترامب‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تمكن‭ ‬شخص‭ ‬يحمل‭ ‬بندقية‭ ‬حديثة‭ ‬من‭ ‬الاقتراب‭ ‬من‭ ‬مرشح‭ ‬رئاسي‭ ‬رئيسي‭ ‬وجعله‭ ‬في‭ ‬مرمى‭ ‬نيرانه‭.‬

وتعهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬الأمريكي‭ ‬مايك‭ ‬جونسون‭ ‬بأن‭ ‬يجري‭ ‬المجلس‭ ‬تحقيقاً‭ ‬كاملاً،‭ ‬لكن‭ ‬غالباً‭ ‬ما‭ ‬تستغرق‭ ‬تلك‭ ‬التحقيقات‭ ‬وقتاً‭.‬

 

{‭ ‬مراسل‭ ‬أمريكا‭ ‬الشمالية‭ ‬‭ ‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا