العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

بين مشروع الشرق الأوسط الجديد وصفقة القرن

بقلم: د. زكريا الخنجي

الاثنين ٢٢ يوليو ٢٠٢٤ - 02:00

إن‭ ‬مصطلح‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬ظهر‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ (‬كما‭ ‬يقول‭ ‬الباحث‭ ‬رايق‭ ‬البريزات‭ ‬في‭ ‬رسالته‭ ‬للماجستير‭) ‬في‭ ‬مقالة‭ ‬للأميرال‭ ‬البريطاني‭ ‬مهان‭ ‬عام‭ ‬1902‭ ‬ميلادية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يحدد‭ ‬في‭ ‬ذهنه‭ ‬حدودا‭ ‬جغرافية‭ ‬لهذا‭ ‬المصطلح،‭ ‬حيث‭ ‬رآه‭ ‬كمفهوم‭ ‬استراتيجي‭ ‬متحرك‭ ‬ومتغير‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬هو‭ ‬مكان‭ ‬جغرافي‭ ‬ثابت،‭ ‬لذلك‭ ‬فهو‭ ‬يعده‭ ‬منطقة‭ ‬غير‭ ‬محددة‭.‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬عرفته‭ ‬عام‭ ‬1989‭ ‬ميلادية‭ ‬أنها‭ ‬المنطقة‭ ‬الممتدة‭ ‬من‭ ‬ليبيا‭ ‬غربًا‭ ‬إلى‭ ‬إيران‭ ‬شرقًا‭ ‬ومن‭ ‬سوريا‭ ‬شمالاً‭ ‬إلى‭ ‬اليمن‭ ‬جنوبًا،‭ ‬ثم‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬ضم‭ ‬إليها‭ ‬كلا‭ ‬من‭ ‬الحبشة‭ ‬وباكستان‭ ‬وأفغانستان‭ ‬وبقية‭ ‬الدول‭ ‬الإسلامية‭. ‬أما‭ ‬مصطلح‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الكبير‭ ‬فيشمل‭ ‬الشرق‭ ‬الأدنى‭ ‬ودول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬ودولة‭ ‬الاحتلال‭.‬

وتجد‭ ‬بعض‭ ‬الدراسات‭ ‬أن‭ ‬إطلاق‭ ‬مصطلح‭ (‬الشرق‭ ‬الأوسط‭) ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ -‬أيا‭ ‬كانت‭- ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬الصدفة‭ ‬أو‭ ‬الاستعمال‭ ‬البريء،‭ ‬وإنما‭ ‬ترمي‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬هدفين،‭ ‬هما‭:‬

‭ ‬*انسلاخ‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬من‭ ‬معالم‭ ‬العروبة‭ ‬والإسلام‭ ‬والدين‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يجمع‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬الواسعة‭ ‬المترامية‭ ‬الأطراف،‭ ‬وتقسمها‭ ‬إلى‭ ‬دويلات‭ ‬وعشائر‭ ‬وقبليات،‭ ‬ومناطق‭ ‬جغرافية‭ ‬ليست‭ ‬ذات‭ ‬علاقة‭ ‬بعضها‭ ‬ببعض‭.‬

‭ ‬*ضم‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬كجزء‭ ‬أصيل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النسيج‭ ‬العربي‭ ‬الإسلامي‭.‬

وبعد‭ ‬أن‭ ‬نصبت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬نفسها‭ -‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭- ‬زعيمة‭ ‬للعالم،‭ ‬وكذلك‭ ‬بعد‭ ‬أحداث‭ ‬11‭ ‬سبتمبر‭ ‬2001،‭ ‬شرعت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬ترتيب‭ ‬خارطة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الجديد‭ ‬الكبير،‭ ‬وأخذت‭ ‬تطالب‭ ‬المنطقة‭ ‬ببدء‭ ‬إصلاحات‭ ‬ديمقراطية‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬الصحراء‭ ‬الغربية‭ ‬وانتهاء‭ ‬بباكستان،‭ ‬وطبعًا‭ ‬باستثناء‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬التي‭ ‬تعتبرها‭ ‬النموذج‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الأمثل‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وكان‭ ‬مخططها‭ ‬هذا‭ ‬تنفيذًا‭ ‬لمشروع‭ ‬المستشرق‭ ‬الصهيوني‭ (‬برنارد‭ ‬لويس‭). ‬ولست‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أتحدث‭ ‬هنا‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬المستشرق‭ ‬الصهيوني‭ ‬فالمعلومات‭ ‬عنه‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬الشبكة‭ ‬العنكبوتية،‭ ‬ولكن‭ ‬دعونا‭ ‬نلقي‭ ‬نظرة‭ ‬على‭ ‬مخططة‭ ‬الإجرامي‭ ‬المتعلق‭ ‬بالشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬أو‭ ‬بالأحرى‭ ‬دولنا‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بعض‭ ‬كتبه‭ ‬المنشورة‭ ‬على‭ ‬الشبكة‭ ‬وبعض‭ ‬الدراسات‭ ‬التي‭ ‬أجريت‭ ‬حولها‭.‬

في‭ ‬بحث‭ ‬بعنوان‭ (‬برنارد‭ ‬لويس‭ ‬ومشروعه‭ ‬الاستشراقي‭ ‬لتفتيت‭ ‬العالمين‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭) ‬للباحث‭ ‬فيصل‭ ‬عبد‭ ‬الجيار،‭ ‬يقول‭: ‬يرى‭ ‬لويس‭ ‬أن‭ ‬أكبر‭ ‬ما‭ ‬يهدد‭ ‬الوجود‭ ‬الاستعماري‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬هو‭ ‬الإسلام،‭ ‬بما‭ ‬أنطوى‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬أمور‭ ‬عقائدية‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬حرية‭ ‬الإنسان‭ ‬وضرورة‭ ‬مقارعته‭ ‬للظلم‭ ‬والفساد‭. ‬لذلك‭ ‬فإنه‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬الإسلام‭ ‬يقف‭ ‬حجرا‭ ‬كأداة‭ ‬ضد‭ ‬هذا‭ ‬الوجود،‭ ‬فلا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬مقارعته‭ ‬ومكافحته،‭ ‬ويؤكد‭ ‬كبت‭ ‬المسلمين‭ ‬وإسكاتهم‭ ‬وإذلالهم‭ ‬شرطا‭ ‬للتفاهم‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬العرب‭ ‬لأن‭ ‬عقليتهم‭ ‬المتعصبة‭ ‬بتمسكهم‭ ‬بقيمهم‭ ‬العقدية‭ ‬الإسلامية،‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬بتعاليم‭ ‬الإسلام‭ ‬تشكل‭ ‬أكبر‭ ‬عقبة‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬السلام،‭ ‬ويستشهد‭ ‬هنا‭ ‬بقول‭ ‬بن‭ ‬غوريون‭ ‬الذي‭ ‬قال‭: ‬أن‭ ‬أخشى‭ ‬ما‭ ‬أخشاه‭ ‬أن‭ ‬يظهر‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬محمد‭ ‬من‭ ‬جديد‭.‬

وفي‭ ‬20‭ ‬مايو‭ ‬2005‭ ‬صرح‭ ‬لويس‭ ‬في‭ ‬وكالة‭ ‬الإعلام‭ ‬بأخطر‭ ‬أفكاره‭ ‬والتي‭ ‬أشار‭ ‬فيها‭ ‬إلى‭ ‬مخططه‭ ‬لتفتيت‭ ‬وتفكيك‭ ‬الأمة‭ ‬الإسلامية‭ ‬وتحويلها‭ ‬إلى‭ ‬ركام‭ ‬من‭ ‬الطوائف‭ ‬والملل‭ ‬والنحل‭ ‬والمذاهب‭ ‬والأقوام،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬بهدف‭ ‬ضمان‭ ‬العلو‭ ‬لدولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬والهيمنة‭ ‬على‭ ‬فلسطين‭ ‬وبقية‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭.‬

ويمكن‭ ‬هنا‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جورج‭ ‬بوش‭ ‬الابن‭ ‬بعد‭ ‬أحداث‭ ‬سبتمبر،‭ ‬حيث‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬ان‭ ‬استقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬يُعد‭ ‬عثرة‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬المصالح‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬استقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬وذلك‭ ‬اعتقادًا‭ ‬بأن‭ ‬استقرار‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ومواطنيها‭ ‬يتم‭ ‬عبر‭ ‬التغييرات‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬تغيير‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬انتقالية‭ ‬غير‭ ‬مستقرة‭ ‬فإنه‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬قبول‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الطرف‭ ‬الأقوى‭ ‬القادر‭ ‬على‭ ‬توجيه‭ ‬هذه‭ ‬الفوضى‭ ‬الخلاقة‭ -‬وهذا‭ ‬موضوع‭ ‬تحدثنا‭ ‬فيه‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬سابق‭- ‬لمصلحتها‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬منافسين‭ ‬دوليين‭ ‬واقليميين‭ ‬لها‭.‬

كل‭ ‬هذه‭ ‬الأفكار‭ ‬وهذه‭ ‬الاطروحات‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬تنضج‭ ‬تم‭ ‬مناقشتها‭ ‬في‭ ‬جلسة‭ ‬عقدها‭ ‬الكونغرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1983،‭ ‬الذي‭ ‬وافق‭ ‬على‭ ‬مشروع‭ ‬برنارد‭ ‬المبدئي‭ ‬واعتماده‭ ‬وإدراجه‭ ‬في‭ ‬حلقات‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬للسنوات‭ ‬المقبلة،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تطور‭ ‬المشروع‭ ‬وأخذ‭ ‬حيزًا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التنفيذ‭. ‬وكان‭ ‬المبرر‭ ‬الذي‭ ‬تتبناه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ودولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬لتنفيذ‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬أمام‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬العالمي‭ ‬وازدواجية‭ ‬معاييرها‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬العربي‭ ‬الصهيوني‭ ‬هو‭ ‬كراهية‭ ‬العرب‭ ‬ليس‭ ‬لأمريكا‭ ‬فقط،‭ ‬وإنما‭ ‬لكل‭ ‬الحضارة‭ ‬الغربية،‭ ‬لذلك‭ ‬فإنها‭ ‬تحاول‭ ‬أي‭ ‬أمريكا‭ ‬ودولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬كبح‭ ‬جماح‭ ‬شعور‭ ‬المسلمين‭ ‬والعرب‭ ‬بالحقد‭ ‬وكراهية‭ ‬النابع‭ ‬من‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي‭ ‬والانتماء‭ ‬للعرق‭ ‬العربي،‭ ‬وحتى‭ ‬يتم‭ ‬ذلك‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭:‬

1‭. ‬تفتيت‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬الإسلامي‭ ‬إلى‭ ‬دويلات‭ ‬صغيرة‭ ‬وفقًا‭ ‬للعرق‭ ‬والعشائر‭ ‬والأنساب‭.‬

2‭. ‬خلق‭ ‬صراعات‭ ‬قبلية‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الدويلات‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تجتمع‭ ‬تحت‭ ‬راية‭ ‬واحدة‭.‬

3‭. ‬العبث‭ ‬بالمناهج‭ ‬الدراسية‭ ‬وإلغاء‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يمس‭ ‬الجهاد‭ ‬والكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬والعداء‭ ‬لدول‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المناهج‭.‬

4‭. ‬تحجيم‭ ‬الفكر‭ ‬والعقيدة‭ ‬الإسلامية‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬إطار‭ ‬الطهارة‭ ‬والاستنجاء‭ ‬والغُسل‭.‬

5‭. ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬القدوات‭ ‬الفكرية‭ ‬والعلمية‭ ‬وخلق‭ ‬أبطال‭ ‬وهميين‭ ‬حتى‭ ‬يتبعهم‭ ‬الشباب‭ ‬من‭ ‬الجنسين‭.‬

6‭. ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الألعاب‭ ‬الرياضية‭ ‬والملهيات‭ ‬والمهرجانات‭ ‬الغنائية‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭.‬

7‭. ‬إدارة‭ ‬المنطقة‭ ‬بأسلوب‭ ‬الإدارة‭ ‬بالأزمات‭ ‬وابتكار‭ ‬المشاكل‭ ‬فيها،‭ ‬وتقديم‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬نفسها‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنه‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تحل‭ ‬تلك‭ ‬المشاكل‭.‬

8‭. ‬ربط‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬بعقود‭ ‬مالية‭ ‬تعجز‭ ‬عن‭ ‬سدادها،‭ ‬فيتضخم‭ ‬الدين‭ ‬العام‭ ‬سنة‭ ‬بعد‭ ‬سنة‭.‬

9‭. ‬عدم‭ ‬ترك‭ ‬الفرصة‭ ‬للدول‭ ‬والأفراد‭ ‬بالتفكير‭ ‬والتخطيط‭ ‬للمستقبل،‭ ‬وإن‭ ‬رغبت‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬ذلك‭ ‬فإنه‭ ‬يمكن‭ ‬الاستعانة‭ ‬بالخبرات‭ ‬وبيوت‭ ‬الخبرة‭ ‬الغربية‭.‬

10‭. ‬دائمًا‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬الغرب‭ ‬أن‭ ‬تزرع‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ (‬بعبع‭) ‬يسبب‭ ‬الخوف‭ ‬والذعر‭ ‬لهذه‭ ‬الدول‭ ‬والشعوب‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تفكر‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬التغيير‭.‬

وبصورة‭ ‬عامة،‭ ‬فقد‭ ‬تحدثنا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬بإسهاب‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬سابق‭ ‬بعنوان‭ (‬استراتيجيات‭ ‬الدول‭ ‬العظمى‭ ‬في‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬الشعوب‭)‬،‭ ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نطيل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭.‬

وحتى‭ ‬لا‭ ‬يقول‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬القراء‭ ‬أننا‭ ‬نجنح‭ ‬للخيال‭ ‬ونظرية‭ ‬المؤامرة،‭ ‬نجد‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬المخطط‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬المخططات‭ ‬الأخرى‭ ‬تدور‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬عرف‭ ‬سابقًا‭ ‬أو‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬حكم‭ (‬ترامب‭) ‬بصفقة‭ ‬القرن،‭ ‬فما‭ ‬هي‭ ‬هذه‭ ‬الصفقة؟

تشير‭ ‬دراسة‭ ‬نشرت‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ (‬أواصر‭) ‬عام‭ ‬2020‭ ‬بعنوان‭ (‬صفقة‭ ‬القرن‭) ‬أنه‭: ‬يرجع‭ ‬اهتمام‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬بإنجاز‭ ‬تسوية‭ ‬سياسية‭ ‬بين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وإسرائيل،‭ ‬في‭ ‬الأساس،‭ ‬إلى‭ ‬رغبته‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬وعد‭ ‬انتخابي‭ ‬قطعه‭ ‬على‭ ‬نفسه،‭ ‬كي‭ ‬يضمن‭ ‬تأييد‭ ‬قاعدته‭ ‬الانتخابية‭ ‬من‭ ‬الإنجيليين‭ ‬المتحمسين‭ ‬لدولة‭ ‬الاحتلال،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬تطلعه‭ ‬الشخصي‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬إنجاز‭ ‬تاريخي،‭ ‬واستشعار‭ ‬مستشاريه‭ ‬المقربين‭ ‬أن‭ ‬الظرف‭ ‬موات،‭ ‬فلسطينيًّا‭ ‬وعربيًّا،‭ ‬وإقليميًّا‭ ‬ودوليًّا،‭ ‬لتمرير‭ ‬مثل‭ (‬صفقة‭) ‬كهذه‭.‬

قال‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز،‭ ‬بُعيْد‭ ‬انتخابات‭ ‬الرئاسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬2016‭: ‬‮«‬سأكون‭ ‬سعيدًا‭ ‬بأن‭ ‬أكون‭ ‬من‭ ‬يحقق‭ ‬السلام‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬والفلسطينيين‭. ‬أحب‭ ‬هذا‭. ‬سيكون‭ ‬إنجازًا‭ ‬هائلاً‭ ‬لأنه‭ ‬لم‭ ‬ينجح‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬ذلك‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬نهاية‭ ‬عام‭ ‬2018،‭ ‬قال‭ ‬ترامب‭ ‬‮«‬إذا‭ ‬أراد‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬والإسرائيليون‭ ‬دولتين،‭ ‬فلا‭ ‬بأس،‭ ‬وإذا‭ ‬أرادوا‭ ‬دولة‭ ‬واحدة‭ ‬فلا‭ ‬بأس‭ ‬من‭ ‬جانبي‭. ‬أنا‭ ‬مجرد‭ ‬وسيط‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬28‭ ‬يناير‭ ‬2020‭ ‬أعلن‭ ‬في‭ ‬حضور‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو،‭ (‬صفقة‭ ‬القرن‭) ‬تلك‭.‬

تتكون‭ ‬صفقة‭ ‬القرن‭ ‬من‭ ‬181‭ ‬صفحة‭ ‬و22‭ ‬فصلاً،‭ ‬ومن‭ ‬خرائط‭ ‬وملاحق،‭ ‬وتتناول‭ ‬تفاصيل‭ ‬التفاصيل‭. ‬ومن‭ ‬الجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬انه‭ ‬عكف‭ ‬على‭ ‬صياغتها‭ ‬4‭ ‬أفراد‭ ‬لم‭ ‬يمثل‭ ‬أي‭ ‬أحد‭ ‬منهم‭ ‬الجهة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬أو‭ ‬العربية‭ ‬وإنما‭ ‬وضعت‭ ‬بأقلام‭ ‬صهيونية‭ ‬أمريكية،‭ ‬لذلك‭ ‬اعتبرت‭ ‬هذه‭ ‬الصفقة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭: ‬مجرد‭ ‬تفاهمات‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ودولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬ليس‭ ‬إلا،‭ ‬وهذا‭ ‬التصرف‭ ‬يظهر‭ ‬استخفافًا‭ ‬بالطرف‭ ‬الآخر‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يؤخذ‭ ‬له‭ ‬رأي‭ ‬فيها‭.‬

وتشمل‭ ‬الصفقة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬البنود‭ ‬والتفاصيل،‭ ‬ربما‭ ‬نعود‭ ‬إليها‭ ‬يومًا‭ ‬ما‭ ‬لنتحدث‭ ‬عنها‭ ‬بإسهاب،‭ ‬ولكننا‭ ‬اليوم‭ ‬سنستعرض‭ ‬البنود‭ ‬التسعة‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬الصفقة،‭ ‬وهي‭ ‬كالتالي‭:‬

1‭. ‬كل المستوطنات‭ ‬الإسرائيلية في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬ستضم‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭.‬

2‭. ‬وادي‭ ‬الأردن الذي‭ ‬تقول إسرائيل‭ ‬إنه‭ ‬مهم‭ ‬لأمنها‭ ‬سيكون‭ ‬تحت‭ ‬السيادة‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

3‭. ‬القدس‮ ‬غير‭ ‬مقسمة‭ ‬عاصمة‭ ‬لإسرائيل‭.‬

4‭. ‬الوصول‭ ‬إلى الأماكن‭ ‬المقدسة في‭ ‬القدس‭ ‬مسموح‭ ‬لجميع‭ ‬الديانات،‭ ‬والمسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬سيبقى‭ ‬تحت‭ ‬الوصاية‭ ‬الأردنية‭.‬

5‭. ‬عاصمة‭ ‬الفلسطينيين المستقبلية‭ ‬ستكون‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬تقع‭ ‬إلى‭ ‬الشرق‭ ‬والشمال‭ ‬من‭ ‬الجدار‭ ‬المحيط‭ ‬بأجزاء‭ ‬من‭ ‬القدس،‭ ‬ويمكن‭ ‬تسميتها‭ ‬بالقدس‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬اسم‭ ‬آخر‭ ‬تحدده‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المستقبلية‭.‬

6‭. ‬نزع‭ ‬سلاح‭ ‬حركة حماس وأن‭ ‬تكون‭ ‬غزة‭ ‬وسائر‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المستقبلية‭ ‬منزوعة‭ ‬السلاح‭.‬

7‭. ‬إنشاء‭ ‬رابط‭ ‬مواصلات‭ ‬سريع‭ ‬بين الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وغزة‮ ‬يمر‭ ‬فوق‭ ‬أو‭ ‬تحت‭ ‬الأراضي‭ ‬الخاضعة‭ ‬للسيادة‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

8‭. ‬اعتراف‭ ‬الطرفين‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية بأنها‭ ‬دولة‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والدولة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بأنها‭ ‬دولة‭ ‬للشعب‭ ‬اليهودي‭.‬

9‭. ‬ألا‭ ‬تبني‭ ‬إسرائيل‭ ‬أي‮ ‬مستوطنات‭ ‬جديدة في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تخضع‭ ‬لسيادتها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الخطة‭ ‬مدة‭ ‬4‭ ‬سنوات‭.‬

أعتقد‭ ‬أن‭ ‬الأمور‭ ‬واضحة‭ ‬بالنسبة‭ ‬الى‭ ‬دول‭ ‬الغرب‭ ‬ودولة‭ ‬الاحتلال،‭ ‬ولكن‭ ‬للأسف‭ ‬فإن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬وطننا‭ ‬العربي‭ ‬الكبير‭ ‬ما‭ ‬زالوا‭ ‬يتشككون‭ ‬في‭ ‬نوايا‭ ‬الغرب‭ ‬والشرق،‭ ‬وهذا‭ ‬الكلام‭ ‬كله‭ ‬يذكرني‭ ‬بالحديث‭ ‬النبوي‭ ‬الشريف‭ ‬الذي‭ ‬يقول‭ ‬فيه‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭: (‬يوشك‭ ‬الأمم‭ ‬أن‭ ‬تداعى‭ ‬عليكم‭ ‬كما‭ ‬تداعى‭ ‬الأكلة‭ ‬إلى‭ ‬قصعتها‭. ‬فقال‭ ‬قائل‭: ‬ومِن‭ ‬قلة‭ ‬نحن‭ ‬يومئذ؟‭ ‬قال‭: ‬بل‭ ‬أنتم‭ ‬يومئذٍ‭ ‬كثير،‭ ‬ولكنكم‭ ‬غثاء‭ ‬كغثاء‭ ‬السيل،‭ ‬ولينزعن‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬صدور‭ ‬عدوكم‭ ‬المهابة‭ ‬منكم،‭ ‬وليقذفن‭ ‬في‭ ‬قلوبكم‭ ‬الوهن‭. ‬فقال‭ ‬قائل‭: ‬يا‭ ‬رسول‭ ‬الله،‭ ‬وما‭ ‬الوهن؟‭ ‬قال‭: ‬حب‭ ‬الدنيا،‭ ‬وكراهية‭ ‬الموت‭.(‬

 

Zkhunji@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا