العدد : ١٧٠٣٨ - الجمعة ١٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٣٨ - الجمعة ١٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

قرار الكنيست وسقوط الأوهام

القرار‭ ‬الذي‭ ‬اتخذه‭ ‬الكنيست‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬بالرفض‭ ‬القاطع‭ ‬لقيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬نتوقف‭ ‬عنده‭ ‬مليا‭ ‬ليس‭ ‬لأنه‭ ‬أتى‭ ‬بشيء‭ ‬جديد‭ ‬لا‭ ‬نعرفه،‭ ‬ولكن‭ ‬لأنه‭ ‬ينبهنا‭ ‬الى‭ ‬أمور‭ ‬لها‭ ‬اهمية‭ ‬حاسمة‭.‬

الكنيست‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬صوت‭ ‬بالأغلبية،‭ ‬على‭ ‬مشروع‭ ‬قرار‭ ‬يرفض‭ ‬إقامة‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية،‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭ ‬ستشكل‭ ‬‮«‬خطرا‭ ‬وجوديا‭ ‬على‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل‭ ‬ومواطنيها‮»‬‭. ‬ومن‭ ‬أصل‭ ‬120‭ ‬عضوا‭ ‬في‭ ‬الكنيست،‭ ‬حظي‭ ‬القرار‭ ‬بتأييد‭ ‬68‭ ‬نائبا،‭ ‬من‭ ‬الائتلاف‭ ‬الحكومي‭ ‬والمعارضة‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭. ‬

أمران‭ ‬مهمان‭ ‬عن‭ ‬القرار‭:‬

الأول‭: ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬برفض‭ ‬إقامة‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬ليس‭ ‬جديدا‭. ‬كل‭ ‬قادة‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬دأبوا‭ ‬منذ‭ ‬سنين‭ ‬طويلة‭ ‬على‭ ‬تأكيد‭ ‬هذا‭ ‬الرفض،‭ ‬ولم‭ ‬يكتفوا‭ ‬بهذا‭ ‬بل‭ ‬أثبتوه‭ ‬عمليا‭ ‬بالعمل‭ ‬على‭ ‬افشال‭ ‬اي‭ ‬مسعى‭ ‬وأي‭ ‬محاولة‭ ‬تفاوض‭ ‬حول‭ ‬حل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭. ‬هذا‭ ‬قبل‭ ‬التطورات‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬بهجوم‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭.‬

والثاني‭: ‬انه‭ ‬بعد‭ ‬هجوم‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬وحرب‭ ‬الابادة‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬رفض‭ ‬اقامة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬مرتبطا‭ ‬بالأحزاب‭ ‬اليمينية‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬فقط،‭ ‬وانما‭ ‬أصبح‭ ‬محل‭ ‬اجماع‭ ‬من‭ ‬الكل‭. ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بأحزاب‭ ‬المعارضة‭ ‬صوتت‭ ‬مع‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬الكنيست‭. ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬الرفض‭ ‬أصبح‭ ‬محل‭ ‬اجماع‭ ‬كل‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬تقريبا‭. ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬تؤكده‭ ‬مثلا‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي،‭ ‬وآخرها‭ ‬استطلاع‭ ‬نشرته‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬معاريف‮»‬‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬مايو‭ ‬الماضي،‭ ‬وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬64‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬يعارضون‭ ‬إقامة‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية،‭ ‬مقابل‭ ‬التطبيع‭ ‬مع‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭..‬

أي‭ ‬ان‭ ‬رفض‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬هو‭ ‬اليوم‭ ‬موقف‭ ‬يلتف‭ ‬حوله‭ ‬كل‭ ‬الاسرائيليين‭.‬

الحقيقة‭ ‬ان‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يعرف‭ ‬ابعاد‭ ‬وأركان‭ ‬الفكر‭ ‬الصهيوني‭ ‬والمخططات‭ ‬الصهيونية‭ ‬يعلم‭ ‬ان‭ ‬جوهر‭ ‬هذا‭ ‬الفكر‭ ‬وجوهر‭ ‬هذه‭ ‬المخططات‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬امر‭ ‬واحد‭ ‬محدد،‭ ‬هو‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬لكل‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬بعبارة‭ ‬أخرى،‭ ‬تقوم‭ ‬المخططات‭ ‬الصهيونية‭ ‬على‭ ‬انه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ضمان‭ ‬بقاء‭ ‬دولة‭ ‬اسمها‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬على‭ ‬ارض‭ ‬فلسطين،‭ ‬وانه‭ ‬لا‭ ‬حل‭ ‬سوى‭ ‬إبادة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وطردهم‭ ‬جماعيا‭.‬

هذا‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يفسر‭ ‬الإبادة‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬الحالية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬بكل‭ ‬هذه‭ ‬الوحشية‭ ‬والهمجية‭. ‬وفي‭ ‬المخطط‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لو‭ ‬نجحوا‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬سينتقلون‭ ‬الى‭ ‬الضفة‭ ‬والى‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬على‭ ‬امل‭ ‬أن‭ ‬يتمكنوا‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬من‭ ‬طرد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬خارج‭ ‬وطنهم‭.‬

المهم‭ ‬انه‭ ‬بالنسبة‭ ‬للإسرائيليين‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬محل‭ ‬على‭ ‬الاطلاق‭ ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬سلام‭ ‬او‭ ‬مفاوضات‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬أي‭ ‬حل‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬نوع،‭ ‬وبالطبع‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬في‭ ‬ظرف‭ ‬من‭ ‬الظروف‭ ‬قبول‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬اقامة‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬على‭ ‬الاطلاق‭. ‬بالنسبة‭ ‬للإسرائيليين،‭ ‬هذا‭ ‬ملف‭ ‬مغلق‭ ‬تماما‭.‬

‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬الاسرائيلي‭ ‬الذي‭ ‬جسده‭ ‬قرار‭ ‬الكنيست‭ ‬يجسد‭ ‬وهما‭ ‬صهيونيا،‭ ‬ويسقط‭ ‬وهما‭ ‬عربيا‭.‬

اما‭ ‬عن‭ ‬الوهم‭ ‬الصهيوني،‭ ‬فالحقيقة‭ ‬الثابتة‭ ‬ان‭ ‬المخطط‭ ‬الصهيوني‭ ‬بإبادة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وطردهم‭ ‬من‭ ‬وطنهم‭ ‬وهم‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يتحقق‭. ‬منذ‭ ‬قيام‭ ‬الكيان‭ ‬الاسرائيلي‭ ‬وهو‭ ‬يقوم‭ ‬بعمليات‭ ‬الإبادة،‭ ‬ومع‭ ‬هذا‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬ان‭ ‬يقضي‭ ‬على‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ولا‭ ‬على‭ ‬مقاومة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬واصراره‭ ‬على‭ ‬استعادة‭ ‬حقوقه‭ ‬المشروعة‭. ‬

اما‭ ‬عن‭ ‬الوهم‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬آن‭ ‬له‭ ‬ان‭ ‬يسقط‭ ‬فهو‭ ‬الاعتقاد‭ ‬بأنه‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬ظرف‭ ‬اجراء‭ ‬مفاوضات‭ ‬سلام‭ ‬على‭ ‬اي‭ ‬مستوى‭ ‬وفي‭ ‬أي‭ ‬إطار‭ ‬والاعتقاد‭ ‬بأنه‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تقود‭ ‬هذه‭ ‬المفاوضات‭ ‬إلى‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مستقلة‭. ‬هذا‭ ‬امر‭ ‬ليس‭ ‬واردا‭ ‬على‭ ‬الاطلاق‭ ‬في‭ ‬اجندة‭ ‬الإسرائيليين‭.‬

والأمر‭ ‬باختصار‭ ‬ان‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لن‭ ‬تقوم‭ ‬ولن‭ ‬يحصل‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬حقوقه‭ ‬ولن‭ ‬ينتهي‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬اجبار‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬بكل‭ ‬سبل‭ ‬الإجبار‭ ‬الممكنة‭.‬

إدراك‭ ‬هذه‭ ‬الحقائق‭ ‬امر‭ ‬مهم‭ ‬عربيا،‭ ‬لأنه‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬ان‭ ‬يحكم‭ ‬هذا‭ ‬المواقف‭ ‬والتحركات‭ ‬العربية‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا