يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
«هندسة» انتخاب الرئيس الإيراني!
رسميا تم تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان رئيسا لإيران، وهو يُعد لتشكيل حكومته الجديدة وبدء فترة رئاسته.
في داخل إيران وخارجها، ومنذ أن تم إعلان فوز بزكشيان في الانتخابات، هناك تساؤلات محددة طرحتها عشرات التقارير والتحليلات مثل، هل يمكن توقع تغيير كبير في سياسات النظام الإيراني الداخلية والخارجية؟
ما حدود هذا التغيير؟.. إلى أي حدٍّ يمكن تعليق آمال على رئاسة بزشكيان؟
من المفهوم أن ما جعل مثل هذه التساؤلات مطروحة هو أن الرئيس الجديد تم تقديمه منذ البداية على أنه إصلاحي ويمثل الإصلاحيين في إيران.
قبل أن نتطرق إلى الإجابات المطروحة على مثل هذه التساؤلات، لا بد أن نتوقف عند تقرير مهم نشرته وكالة «رويترز» مؤخرا.
التقرير بعنوان «كيف دفع خامنئي بمعتدل مغمور إلى رئاسة إيران؟».
التقرير ينقل عن خمسة مصادر إيرانية مطلعة قولها إن انتخاب بزكشيان لرئاسة إيران تمت «هندسته» قبل الانتخابات، وأن المرشد الإيراني خامنئي بناء على تقارير ووفقا لحسابات معينة هو الذي تولى شخصيا رسم ترشحه في الانتخابات.
الذي حدث، بحسب التقرير، أن خامنئي تلقى قبل الانتخابات تقارير من المخابرات تقدم توقعات قاتمة، إذ ذكرت أن معظم الإيرانيين الغاضبين من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة يعتزمون مقاطعة الانتخابات وأن نسبة المشاركة ستبلغ نحو 13% فقط.
بناء على هذه التقارير عقد المرشد الإيراني ثلاثة اجتماعات على الأقل مع عدد من مستشاريه الأكثر تمتعا بالثقة لمناقشة الوضع. وضمت الاجتماعات في مقر خامنئي مجموعة صغيرة من كبار المسؤولين والمساعدين الأمنيين وحليفه المقرب ومستشاره علي أكبر ولايتي، بالإضافة إلى اثنين من كبار قادة الحرس الثوري.
ينقل التقرير عن المصادر الإيرانية قولها إن خامنئي أعرب عن القلق من احتمال أن تضر نسبة المشاركة الضعيفة بمصداقية النظام برمته، وأنه يجب البحث عن خطة للحفاظ على النظام وتجنب هذه النتيجة.
ولتحقيق هذا الهدف، قال خامنئي إن «إيران بحاجة إلى رئيس يلقى قبولا لدى طبقات مختلفة من المجتمع من دون أن يتحدى الحكم الديني».
يذكر التقرير أنه طرحت عدة أسماء في الاجتماعات، لكن خامنئي هو الذي اقترح اسم بزشكيان «كشخص يمكنه تعزيز الوحدة بين من هم في السلطة ورأب الصدع بين المؤسسة الدينية والشعب وضمان عملية اختيار سلسة للمرشد التالي. وذلك على اعتبار أن «السجل المعتدل لبزشكيان من شأنه إرضاء الإيرانيين الساخطين وضمان الاستقرار الداخلي وسط تصاعد الضغوط الخارجية، كما يوفر لخامنئي حليفا موثوقا به في اختيار خليفة له في نهاية المطاف».
يقول التقرير إن بزكشيان نفسه لم يكن على علم بهذه الخطة وأنه فوجئ بموافقة مجلس صيانة الدستور على ترشحه.
الأرجح أن هذا التقرير صحيح، فما جاء به استنادا إلى مصادر إيرانية مطلعة يعبر فعلا عن جوهر أزمة النظام الإيراني في الوقت الحاضر.
النظام يواجه غضبا شعبيا عارما منذ الانتفاضة التي اندلعت بعد مقتل مهسا أميني. النظام يعاني من أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة مفتوحة على كل الاحتمالات.
في الوقت نفسه علاقات النظام الإيراني متأزمة مع مختلف دول العالم ومع الدول الغربية بالذات.
في ظل هذا الوضع وخوفا من تفجر الأوضاع الداخلية من المنطقي أن يفكر النظام على النحو الذي سجله التقرير.
من الطبيعي أن يفكر في تدشين مرحلة جديدة مع رئيس جديد مثل بزكشيان.. مرحلة من الاعتدال الظاهر، والانفتاح المحسوب والمحكوم داخليا وخارجيا.
بعبارة أدق، الفكرة اليوم أن النظام الإيراني مع الرئيس الجديد يريد أن يعطي للإيرانيين وللعالم انطباعا بأن هناك أملا في التغيير، لكن في الوقت نفسه يجب أن يكون هذا التغيير منضبطا ولا يهدد أركان النظام الديني أو يمثل تحديا للمرشد والمؤسسة الدينية.
للحديث بقية بإذن الله.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك