يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
«من يهودي صهيوني إلى إيرلندي أمريكي صهيوني»
حين التقى رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل أيام بالرئيس الأمريكي جو بايدن في البيت الأبيض قال له: «من يهودي صهيوني إلى إيرلندي أمريكي صهيوني، شكرا على 50 عاما من الخدمة والدعم لدولة إسرائيل».
يشير نتنياهو إلى ما يقوله بايدن ويكرره باستمرار بأنه «صهيوني» ويفتخر بهذا.
الحقيقة أن بايدن سوف يدخل التاريخ باعتباره أكبر رئيس أمريكي على الإطلاق قدَّم خدمات للكيان الإسرائيلي.
صحيح أن كل رؤساء أمريكا على امتداد العقود الماضية قدموا كل سبل الدعم للكيان الإسرائيلي. وصحيح أن استراتيجية أمريكا في المنطقة تقوم أصلا على ضمان التفوق الإسرائيلي النوعي على كل الدول العربية مجتمعة، لكن الدعم الذي قدمه بايدن للإسرائيليين فاق كل الحدود.
بايدن شارك مع الكيان الإسرائيلي في ارتكاب أكبر عملية إبادة جماعية عرفها العالم في غزة بالجسر الجوي الذي أقامه على امتداد أشهر لنقل الأسلحة. لولا هذا الدعم لما تمكن الكيان الإسرائيلي من مواصلة هذه الحرب. وبايدن هو الذي وضع كل إمكانيات أمريكا ونفوذها من أجل حماية الكيان الإسرائيلي من الإدانات الدولية ومن معاقبته في المنظمات الدولية على الجرائم التي يرتكبها.
نقول هذا بمناسبة ما تفعله أمريكا هذه الأيام في أعقاب اغتيال إسماعيل هنية في طهران، وتهديدات إيران بالانتقام والرد على الاغتيال.
أمريكا قررت فورا الدفع بأكبر حشد عسكري إلى المنطقة.. بوارج حربية، وحاملات طائرات، وأسرابا من الطائرات الحربية، وآلاف الجنود.. وهكذا.
المسؤولون الأمريكيون أعلنوا صراحة أن هذا الحشد العسكري يأتي تحسبا للرد الإيراني المتوقع على اغتيال هنية، وذلك لحماية إسرائيل والدفاع عنها.
يجب أن نلاحظ بداية أن إقدام الكيان الإسرائيلي على اغتيال هنية في طهران هو عدوان إرهابي سافر.. ليس له أي توصيف آخر.
هذا العدوان يجب أن يكون مُدانا من الكل في العالم من حيث المبدأ وبغض النظر عن أي تطورات أو تفاصيل.
ما معنى أن ترسل أمريكا كل هذه الحشود في هذا التوقيت؟
من المفهوم بالطبع، أن أمريكا تدفع بكل هذا الحشد على أمل أن تمثل عامل ردع لإيران؛ بمعنى دفع إيران إلى الاعتقاد بأن أمريكا ستتدخل مباشرة لمواجهتها بكل قواها العسكرية، وبالتالي تخويف إيران بحيث يأتي ردها محدودا.
لكن يبقى المعنى الأكبر، وهو أن أمريكا تستخدم كل قوتها العسكرية الضاربة وكل إمكانياتها لحماية العدوان والإرهاب الإسرائيلي. هذا هو بالضبط ما فعلته إدارة بايدن في حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة.
بعبارة أدق، الرسالة التي تريد إدارة بايدن إرسالها إلى كل دول المنطقة اليوم بما تفعله هي، أن إسرائيل مطلقة السراح، لها أن تفعل أي شيء تريد في المنطقة.. لها أن تشنَّ اعتداء على أي دولة.. لها أن تغتال مَنْ تشاء وتدمِّر ما تشاء، وليس من حق أحدٍ أن يردَّ عليها أو يحاسبها، وفي كل الأحوال أمريكا جاهزة تماما لحمايتها مهما فعلت!
وكما سبق أن كتبت، الأمر يتعدى بكثير الأزمة الحالية بعد اغتيال هنية واحتمالات الرد الإيراني. الأمر يتعلق باستراتيجية بعيدة المدى لفرض أوضاع جديدة على كل دول المنطقة.. أوضاع جوهرها فرض الإرادة الإسرائيلية في المنطقة بمشاركة وحماية أمريكا.
الأمر هو كما قال نتنياهو فعلا.. أمر لقاء إرادات واستراتيجيات بين «يهودي صهيوني، وإيرلندي أمريكي صهيوني».
العجيب حقا أن مع كل هذا، مازال البعض في المنطقة يراهن على أمريكا وعلى دور تلعبه في تحقيق سلام واستقرار.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك