العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

ماذا وراء التراجع الحاد لأسواق المال؟

بقلم: مصباح قطب

الجمعة ٠٩ أغسطس ٢٠٢٤ - 02:00

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬حدة‭ ‬الانخفاضات‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬في‭ ‬أسواق‭ ‬المال‭ ‬العالمية،‭ ‬يومي‭ ‬الخميس‭ ‬والجمعة‭ ‬الماضيين،‭ ‬فإن‭ ‬توصيف‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬شهد‭ ‬تباينا‭ ‬كبيرا،‭ ‬فالبعض‭ ‬أكد،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬اليابان‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬أن‭ ‬العامل‭ ‬الرئيسي‭ ‬في‭ ‬تفسير‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬هو‭ ‬عملية‭ ‬تصحيح‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كانت‭ ‬سوق‭ ‬الأسهم‭ ‬بطوكيو‭ ‬ونيويورك‭ ‬قد‭ ‬تمددت‭ ‬فيها‭ ‬الأسعار‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬غير‭ ‬منطقية،‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬اعتبرت‭ ‬الأغلبية‭ ‬أن‭ ‬هبوط‭ ‬الأسهم‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل‭ ‬الحاد‭ ‬هو‭ ‬انعكاس‭ ‬لمخاوف‭ ‬حقيقية‭ ‬من‭ ‬احتمال‭ ‬سقوط‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الركود‭ ‬أو‭ ‬حدوث‭ ‬تباطؤ‭ ‬ملحوظ‭ ‬فيه‭. ‬جاءت‭ ‬الضربة‭ ‬القوية‭ ‬للأسواق‭ ‬عقب‭ ‬تقرير‭ ‬وظائف‭ ‬وصف‭ ‬بأنه‭ ‬سيئ‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬بأمريكا،‭ ‬ظهر‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬الاقتصاد‭ ‬خلق‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬جديدة‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬المتوقع،‭ ‬وارتفع‭ ‬مستوى‭ ‬البطالة،‭ ‬مع‭ ‬انكشاف‭ ‬منغصات‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬الأجور،‭ ‬ومعدلات‭ ‬الاستقالة‭ ‬التي‭ ‬تعكس‭ ‬الثقة‭ ‬أو‭ ‬ضعف‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬وجود‭ ‬بدائل،‭ ‬مع‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نمو‭ ‬الوظائف،‭ ‬حتى‭ ‬مع‭ ‬ضعفه‭ ‬هذا،‭ ‬حافظ‭ ‬على‭ ‬كونه‭ ‬موجبا‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬أربعين‭ ‬شهرا‭ ‬على‭ ‬التوالي،‭ ‬وقد‭ ‬انخفض‭ ‬مؤشر‭ ‬داو‭ ‬جونز‭ ‬800‭ ‬نقطة‭ ‬أو‭ ‬2,3‭ ‬في‭ ‬المائة،‭ ‬وتراجع‭ ‬مؤشر‭ ‬ستاندرد‭ ‬آند‭ ‬بورز‭ ‬500‭ ‬بنسبة‭ ‬2,6‭ ‬في‭ ‬المائة،‭ ‬ومؤشر‭ ‬ناسداك‭ ‬بنسبة‭ ‬3,1‭ ‬في‭ ‬المائة‭. ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬ظهور‭ ‬تقرير‭ ‬الوظائف‭ ‬ذاك،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬مؤثرات‭ ‬سلبية‭ ‬أخرى‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬انعكاسها‭ ‬على‭ ‬الأسواق،‭ ‬مثل‭ ‬انخفاض‭ ‬أرباح‭ ‬شركات‭ ‬البترول‭ ‬وشركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬خيبة‭ ‬أمل‭ ‬بخصوص‭ ‬التوقعات‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬وعلى‭ ‬خلفية‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬تراقب‭ ‬الأسواق‭ ‬تراجع‭ ‬التصنيع‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬وأمريكا،‭ ‬وبالتبعية‭ ‬ضعف‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬النفط‭.‬

ولأن‭ ‬الانخفاض‭ ‬في‭ ‬المؤشرات‭ ‬الرئيسية‭ ‬بأسواق‭ ‬المال‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬واليابان‭ ‬خاصة‭ ‬كان‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬إجمالا‭ ‬منذ‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬فقد‭ ‬عادت‭ ‬التساؤلات‭ ‬حول‭ ‬مدى‭ ‬صحة‭ ‬قرار‭ ‬المركزي‭ ‬الأمريكي‭ ‬بتثبيت‭ ‬الفائدة‭ ‬الأربعاء‭ ‬الماضي،‭ ‬وهل‭ ‬أخطأ‭ ‬بالتأخر‭ ‬في‭ ‬خفض‭ ‬الفائدة‭ ‬مثلما‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬أخطأ‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬ذات‭ ‬المحللين‭ ‬في‭ ‬رفعها‭ ‬عند‭ ‬بداية‭ ‬صعود‭ ‬التضخم،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬في‭ ‬المحصلة‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الهبوط‭ ‬في‭ ‬الأسواق،‭ ‬أم‭ ‬هناك‭ ‬عوامل‭ ‬أخرى‭ ‬خفية؟‭ ‬لقد‭ ‬تصاعد‭ ‬الرهان‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الفيدرالي‭ ‬الأمريكي‭ ‬سيبدأ‭ ‬خفض‭ ‬الفائدة‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬المقبل،‭ ‬بل‭ ‬وراح‭ ‬البعض‭ ‬يطالب،‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬يضغط‭ ‬أو‭ ‬يتمنى‭ ‬خفض‭ ‬نصف‭ ‬نقطة‭ ‬وليس‭ ‬ربع‭ ‬نقطة،‭ ‬حسبما‭ ‬فهم‭ ‬المحللون‭ ‬من‭ ‬الإشارة‭ ‬الغامضة‭ ‬لمحافظ‭ ‬الفيدرالي‭ ‬مؤخرا‭.‬

ولم‭ ‬تتم‭ ‬الإشارة‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التحليلات‭ ‬إلى‭ ‬المخاطر‭ ‬الجيوستراتيجية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬على‭ ‬خطرها،‭ ‬أو‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬التركيز‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬التحليلات،‭ ‬وتجاهلت‭ ‬قنوات‭ ‬الميديا‭ ‬الرئيسية‭ ‬الأوروبية‭ ‬الحدث‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬بعيد،‭ ‬رغم‭ ‬هبوط‭ ‬مؤشرات‭ ‬أغلبها‭ ‬ولكن‭ ‬بشكل‭ ‬طفيف،‭ ‬وأبرزت‭ ‬البيانات‭ ‬السنوية‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬المؤشرات‭ ‬التي‭ ‬انخفضت‭ ‬بقوة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬محققة‭ ‬مكاسب‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬سنة،‭ ‬وقد‭ ‬برز‭ ‬عنصر‭ ‬جديد‭ ‬يدعم‭ ‬ارتفاع‭ ‬مؤشر‭ ‬خوف‭ ‬المستثمرين‭ ‬ليسجل‭ ‬أعلى‭ ‬مستوى‭ ‬في‭ ‬17‭ ‬شهرا،‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬وصفه‭ ‬بحالة‭ ‬من‭ ‬شبه‭ ‬الذعر‭ ‬وعدم‭ ‬اليقين‭ ‬التي‭ ‬تسيطر‭ ‬على‭ ‬الأسواق،‭ ‬هذا‭ ‬العنصر‭ ‬هو‭ ‬خيبة‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬شأن‭ ‬أداء‭ ‬الشركات‭ ‬الكبرى‭ ‬المعنية‭ ‬بتطوير‭ ‬استخدامات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬وأيضا‭ ‬الشعور‭ ‬القوي‭ ‬الذي‭ ‬عبر‭ ‬عنه‭ ‬محللون‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬وأمريكا‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬بأن‭ ‬نموذجا‭ ‬جديدا‭ ‬لدورة‭ ‬الأعمال‭ ‬والمنافسة‭ ‬وطبيعة‭ ‬المنتجات‭ ‬يتخلق،‭ ‬وحيث‭ ‬لم‭ ‬تتضح‭ ‬ملامحه‭ ‬بعد،‭ ‬فإن‭ ‬الخوف‭ ‬وعدم‭ ‬اليقين‭ ‬ونوع‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭ ‬هي‭ ‬الحلول‭ ‬التي‭ ‬تطرح‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأوقات‭.‬

أكبر‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يواصل‭ ‬الذهب‭ ‬الاتجاه‭ ‬الصعودي‭ ‬ويكسر‭ ‬المستوى‭ ‬القياسي‭ ‬الذي‭ ‬حققه‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬وباعتباره‭ ‬الملاذ‭ ‬الآمن،‭ ‬ولكن‭ ‬الواقع‭ ‬أن‭ ‬الذهب‭ ‬تراجع‭ ‬في‭ ‬البورصات‭ ‬العالمية‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قفز‭ ‬يوم‭ ‬الخميس،‭ ‬بسبب‭ ‬قيام‭ ‬مسؤولي‭ ‬صناديق‭ ‬التحوط‭ ‬بخفض‭ ‬مشترياتهم‭ ‬منه‭ ‬لأسباب‭ ‬غير‭ ‬واضحة،‭ ‬أو‭ ‬لأنهم‭ ‬فضلوا‭ ‬توجيه‭ ‬السيولة‭ ‬لشراء‭ ‬الأسهم‭ ‬ذات‭ ‬التقييمات‭ ‬الجيدة،‭ ‬التي‭ ‬انخفضت‭ ‬بشدة‭ ‬الخميس‭ ‬والجمعة‭ ‬ولديها‭ ‬فرص‭ ‬صعود،‭ ‬هذا‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬احتمال‭ ‬تراجع‭ ‬بريق‭ ‬الذهب‭ ‬نسبيا‭ ‬في‭ ‬الأوقات‭ ‬المقبلة،‭ ‬مع‭ ‬إعلان‭ ‬ترامب‭ ‬تشجيعه‭ ‬للأصول‭ ‬الرقمية‭ ‬كاحتياطي‭ ‬لدى‭ ‬الفيدرالي‭ ‬لو‭ ‬فاز‭ ‬بالرئاسة،‭ ‬وقيام‭ ‬روسيا‭ ‬رسميا‭ ‬بإصدار‭ ‬تشريع‭ ‬منظم‭ ‬للعملات‭ ‬المشفرة‭ ‬برعاية‭ ‬المركزي‭ ‬الروسي‭.‬

بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬فالجميع‭ ‬يترقب‭ ‬حاليا‭ ‬موقف‭ ‬الفيدرالي‭ ‬الأمريكي،‭ ‬خلال‭ ‬اجتماعه‭ ‬سبتمبر‭ ‬المقبل،‭ ‬وما‭ ‬يصدر‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬إشارات‭ ‬للأسواق‭.. ‬وهل‭ ‬يستجيب‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬للمؤشرات‭ ‬الخاصة‭ ‬بتراجع‭ ‬التضخم‭ ‬ويوافق‭ ‬على‭ ‬استئناف‭ ‬دورة‭ ‬التيسير‭ ‬النقدي‭ ‬ويبدأ‭ ‬رحلة‭ ‬خفض‭ ‬الفائدة،‭ ‬أو‭ ‬يواصل‭ ‬أخطاءه‭ ‬كما‭ ‬وصفها‭ ‬العريان؟‭ ‬مع‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الفيدرالي‭ ‬كان‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬ينظر‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭ ‬إلى‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬قوة‭ ‬العملة‭ ‬الأمريكية‭ ‬قبل‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬العوامل،‭ ‬وقوة‭ ‬العملة‭ ‬كما‭ ‬نعلم‭ ‬ترتبط‭ ‬بالفائدة‭ ‬المرتفعة‭ ‬وتقود‭ ‬إلى‭ ‬جذب‭ ‬تدفقات‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬أمريكا‭ ‬وتحبط‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يحاولون‭ ‬منافسة‭ ‬الدولار‭. ‬في‭ ‬المقابل،‭ ‬فان‭ ‬ضعف‭ ‬الدولار‭ (‬وترامب‭ ‬ينحاز‭ ‬إلى‭ ‬مدرسة‭ ‬الدولار‭ ‬الضعيف‭) ‬يقود‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬قطاع‭ ‬التصدير‭ ‬الأمريكي‭ ‬وزيادة‭ ‬عوائده‭ ‬وبالطبع‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسهم‭ ‬الشركات‭ ‬التي‭ ‬تصدر‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا