العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الأبعاد الدولية لتلوث نهر السين في باريس

بقلم: د. إسماعيل محمد المدني

الثلاثاء ١٣ أغسطس ٢٠٢٤ - 02:00

حادثة‭ ‬رياضية‭ ‬غريبة‭ ‬وقعت‭ ‬أثناء‭ ‬الألعاب‭ ‬الأولمبية‭ ‬في‭ ‬باريس،‭ ‬وتتمثل‭ ‬في‭ ‬انسحاب‭ ‬الفريق‭ ‬البلجيكي‭ ‬في‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬أغسطس‭ ‬من‭ ‬سباق‭ ‬‮«‬الترايثيلون‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يتكون‭ ‬من‭ ‬ثلاث‭ ‬مسابقات‭ ‬هي‭ ‬ركوب‭ ‬الدراجة،‭ ‬والجري،‭ ‬ثم‭ ‬السباحة‭. ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬السبب‭ ‬في‭ ‬اعتراض‭ ‬بلجيكا‭ ‬وانسحابها‭ ‬هو‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬الملعب‭ ‬المناسب‭ ‬الذي‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬المعايير‭ ‬والاشتراطات‭ ‬الأولمبية،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬سباق‭ ‬السباحة‭ ‬الذي‭ ‬ينظم‭ ‬في‭ ‬نهر‭ ‬السين‭ (‬Seine‭) ‬العظيم‭ ‬الذي‭ ‬يمر‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬العاصمة‭ ‬الفرنسية،‭ ‬باريس‭. ‬وقد‭ ‬قامت‭ ‬اللجنة‭ ‬المنظمة‭ ‬لسباق‭ ‬الترايثيلون‭ ‬في‭ ‬الغاء،‭ ‬أو‭ ‬تأجيل‭ ‬الجزء‭ ‬المتعلق‭ ‬بالسباحة‭ ‬في‭ ‬النهر‭ ‬عدة‭ ‬مرات،‭ ‬إما‭ ‬لساعات،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬أياماً‭ ‬نظراً‭ ‬لتلوث‭ ‬مياه‭ ‬النهر‭ ‬وعدم‭ ‬موافقة‭ ‬جودة‭ ‬المياه‭ ‬لمعايير‭ ‬الاتحاد‭ ‬العالمي‭ ‬للترايثيلون‭.‬

ولذلك‭ ‬عزى‭ ‬البلجيكيون‭ ‬انسحابهم‭ ‬وعدم‭ ‬مشاركتهم‭ ‬في‭ ‬الجزء‭ ‬الخاص‭ ‬بالسباحة‭ ‬لأسباب‭ ‬بيئية‭ ‬وصحية،‭ ‬وتتمثل‭ ‬في‭ ‬تلوث‭ ‬مياه‭ ‬نهر‭ ‬السين‭ ‬ببكتيريا‭ ‬القالون‭ ‬الذي‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬صرف‭ ‬مياه‭ ‬المجاري‭ ‬في‭ ‬النهر،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬مرض‭ ‬المتسابقين‭ ‬الذين‭ ‬سبحوا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النهر‭ ‬الملوث‭ ‬بالجراثيم‭ ‬المرضية‭ ‬في‭ ‬الجهاز‭ ‬العظمي‭.‬

فهذا‭ ‬الحدث‭ ‬الرياضي‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يعتبره‭ ‬البعض‭ ‬لأول‭ ‬وهلة‭ ‬وبنظرة‭ ‬سطحية‭ ‬عابرة‭ ‬بأنه‭ ‬حدث‭ ‬بسيط‭ ‬ووقع‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬الرياضة،‭ ‬له‭ ‬مدلولات‭ ‬خطيرة‭ ‬كثيرة‭ ‬ومتنوعة‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬المستويات‭ ‬القومية‭ ‬والإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬ويؤشر‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬قضايا‭ ‬حيوية‭ ‬مرتبطة‭ ‬بحياة‭ ‬الشعوب‭ ‬وسلامتهم،‭ ‬وله‭ ‬تأثيرات‭ ‬عميقة‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬الدولة‭ ‬لمواردها‭ ‬وثرواتها‭ ‬الطبيعية‭ ‬الحية‭ ‬وغير‭ ‬الحية،‭ ‬ومرافقها‭ ‬العامة‭ ‬وخدماتها‭ ‬التي‭ ‬تُقدمها‭ ‬للناس‭.  ‬أما‭ ‬المؤشر‭ ‬الأول‭ ‬فيبين‭ ‬العلاقة‭ ‬التبادلية‭ ‬والتكاملية‭ ‬بين‭ ‬الرياضة‭ ‬والبيئة،‭ ‬ويؤكد‭ ‬تأثير‭ ‬كل‭ ‬واحدٍ‭ ‬منهما‭ ‬على‭ ‬الآخر‭. ‬فالرياضة‭ ‬واللاعب‭ ‬الرياضي‭ ‬لكي‭ ‬يمارس‭ ‬لعبته‭ ‬ويحقق‭ ‬الأرقام‭ ‬القياسية‭ ‬الجديدة‭ ‬والألقاب‭ ‬المتميزة‭ ‬والرفيعة‭ ‬في‭ ‬الألعاب‭ ‬الأولمبية‭ ‬وغيرها‭ ‬فإنه‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬بيئة‭ ‬نقية‭ ‬ونظيفة،‭ ‬سواء‭ ‬أكانت‭ ‬جودة‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي‭ ‬وخلوه‭ ‬من‭ ‬الملوثات‭ ‬السامة‭ ‬والمسرطنة‭ ‬التي‭ ‬تفسد‭ ‬أداء‭ ‬الرياضي‭ ‬في‭ ‬الألعاب‭ ‬الخارجية،‭ ‬وتؤثر‭ ‬على‭ ‬مستواه‭ ‬وتعيق‭ ‬تحقيق‭ ‬الإنجازات‭ ‬والأرقام‭ ‬الجديدة،‭ ‬أو‭ ‬كانت‭ ‬جودة‭ ‬المياه‭ ‬السطحية‭ ‬التي‭ ‬تُمارس‭ ‬فيها‭ ‬الرياضات‭ ‬المائية‭. ‬ومن‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬فإن‭ ‬المسابقات‭ ‬الرياضة‭ ‬الدولية‭ ‬والإقليمية‭ ‬الكبيرة‭ ‬كالألعاب‭ ‬الأولمبية‭ ‬وكأس‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬وغيرهما‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬الجانب‭ ‬البيئي‭ ‬وحماية‭ ‬البيئة‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬مواردها،‭ ‬فإنها‭ ‬ستترك‭ ‬بصماتٍ‭ ‬عميقة،‭ ‬وتغرس‭ ‬غرسة‭ ‬سيئة‭ ‬ومفسدة‭ ‬لجميع‭ ‬مكونات‭ ‬البيئة‭ ‬وصحة‭ ‬الإنسان،‭ ‬فتؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تدهور‭ ‬صحتها‭ ‬من‭ ‬الناحيتين‭ ‬الكمية‭ ‬والنوعية‭. ‬وأما‭ ‬المؤشر‭ ‬الثاني‭ ‬فيؤكد‭ ‬تدمير‭ ‬الإنسان‭ ‬للثروات‭ ‬الطبيعية‭ ‬والموارد‭ ‬البيئية،‭ ‬وعدم‭ ‬الاهتمام‭ ‬بها،‭ ‬وتجاهل‭ ‬صحتها‭ ‬وسلامتها‭ ‬للأجيال‭ ‬الحالية‭ ‬والمستقبلية،‭ ‬والمتمثلة‭ ‬في‭ ‬حالتنا‭ ‬هذه‭ ‬في‭ ‬نهر‭ ‬السين‭ ‬في‭ ‬باريس،‭ ‬أو‭ ‬المسطحات‭ ‬المائية‭ ‬بشكلٍ‭ ‬عام‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي،‭ ‬من‭ ‬أنهار،‭ ‬وبحيرات،‭ ‬وبحار‭ ‬ومحيطات‭. ‬

فأزمة‭ ‬تلوث‭ ‬ومعاناة‭ ‬نهر‭ ‬السين‭ ‬قديمة‭ ‬ومستمرة‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1923،‭ ‬عندما‭ ‬مُنع‭ ‬الإنسان‭ ‬الفرنسي‭ ‬وحُرم‭ ‬من‭ ‬التمتع‭ ‬بهذا‭ ‬المورد‭ ‬العظيم‭ ‬والخير‭ ‬الوفير،‭ ‬وتم‭ ‬حظر‭ ‬السباحة‭ ‬فيه‭ ‬كلياً،‭ ‬واصطياد‭ ‬الأسماك،‭ ‬وشرب‭ ‬الماء،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬قضية‭ ‬تلوث‭ ‬النهر‭ ‬وهذه‭ ‬الثروة‭ ‬المائية‭ ‬العظيمة‭ ‬التي‭ ‬وهبها‭ ‬الله‭ ‬للإنسان‭ ‬أزلية‭ ‬وترافق‭ ‬حياة‭ ‬الأجيال‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬مائة‭ ‬عامٍ‭ ‬وقرن‭ ‬من‭ ‬الزمان،‭ ‬علماً‭ ‬بأن‭ ‬باريس‭ ‬سمحت‭ ‬في‭ ‬17‭ ‬يوليو‭ ‬2024‭ ‬وعلى‭ ‬مضض،‭ ‬ولحفظ‭ ‬ماء‭ ‬وجهها‭ ‬للسباحة‭ ‬في‭ ‬النهر،‭ ‬وتحت‭ ‬ضغط‭ ‬عشرات‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬الذين‭ ‬إما‭ ‬جاؤوا‭ ‬مباشرة‭ ‬إلى‭ ‬باريس،‭ ‬أو‭ ‬الذين‭ ‬شاهدوا‭ ‬الألعاب‭ ‬الأولمبية‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬من‭ ‬دولهم‭. ‬

فتصورا‭ ‬أن‭ ‬دولة‭ ‬عريقة‭ ‬ومتقدمة‭ ‬ومتحضرة‭ ‬وغنية‭ ‬كفرنسا‭ ‬لم‭ ‬تنجح‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬الحياة‭ ‬للنهر‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬وتخليص‭ ‬ماء‭ ‬النهر‭ ‬من‭ ‬الملوثات‭ ‬الحيوية‭ ‬والكيميائية‭ ‬التي‭ ‬تشبعت‭ ‬وتجذرت‭ ‬فيه‭ ‬بعمق‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬جسده‭ ‬العليل‭. ‬وربما‭ ‬في‭ ‬تقديري‭ ‬تجاهلت‭ ‬باريس‭ ‬هذه‭ ‬القضية،‭ ‬وأهملتها‭ ‬طوال‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬الطويلة،‭ ‬ولم‭ ‬تلق‭ ‬لها‭ ‬بالاً‭ ‬حتى‭ ‬انفجرت‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬الحكومة‭ ‬الفرنسية‭ ‬وأثرت‭ ‬على‭ ‬سمعتها‭ ‬ومكانتها‭ ‬أمام‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬الأولمبياد،‭ ‬فظهرت‭ ‬قضية‭ ‬تلوث‭ ‬ماء‭ ‬النهر‭ ‬وانكشفت‭ ‬على‭ ‬السطح‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الألعاب‭ ‬الأولمبية‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬باريس،‭ ‬فرأى‭ ‬الجميع‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬سَوْءَة‭ ‬هذه‭ ‬البلدة‭ ‬المتقدمة،‭ ‬وحقيقة‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬اهمالٍ‭ ‬مزمن‭ ‬للبيئة‭ ‬ومكوناتها‭ ‬الطبيعية،‭ ‬وتأخر‭ ‬ملحوظ‭ ‬ورجعية‭ ‬شديدة‭ ‬في‭ ‬الأجندة‭ ‬البيئية‭. ‬

ولكن‭ ‬هل‭ ‬إهمال‭ ‬البيئة‭ ‬وضعف‭ ‬رعايتها‭ ‬وصيانتها‭ ‬بشكلٍ‭ ‬مستدام،‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭ ‬المسطحات‭ ‬المائية‭ ‬كالأنهار‭ ‬قضية‭ ‬معزولة‭ ‬وفردية‭ ‬تخص‭ ‬فرنسا‭ ‬فقط؟‭ ‬أم‭ ‬أنها‭ ‬الآن‭ ‬ظاهرة‭ ‬دولية‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬معظم‭ ‬المسطحات‭ ‬المائية‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬الحضرية‭ ‬حول‭ ‬العالم؟

فلو‭ ‬ذهبنا‭ ‬إلى‭ ‬عاصمة‭ ‬الضباب‭ ‬لندن‭ ‬لوجدنا‭ ‬الحالة‭ ‬نفسها‭ ‬تتكرر‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬تلوث‭ ‬مياه‭ ‬نهر‭ ‬التايمز‭ (‬Thames‭) ‬العريق‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬شريان‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المدينة‭ ‬التاريخية‭ ‬المتقدمة‭. ‬فهذا‭ ‬النهر‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬مقبرة‭ ‬واسعة،‭ ‬ومكب‭ ‬عام‭ ‬للمخلفات‭ ‬السائلة‭ ‬والصلبة،‭ ‬وبخاصة‭ ‬مياه‭ ‬المجاري‭. ‬فقد‭ ‬نُشر‭ ‬تقرير‭ ‬في‭ ‬27‭ ‬مارس‭ ‬2024‭ ‬عن‭ ‬وكالة‭ ‬البيئة‭ ‬البريطانية‭ ‬حول‭ ‬حجم‭ ‬صرف‭ ‬مياه‭ ‬الأمطار‭ ‬الفائضة‭ ‬مع‭ ‬مياه‭ ‬المجاري‭ ‬الخام‭ ‬وغير‭ ‬المعالجة‭ ‬إلى‭ ‬النهر‭ ‬لعام‭ ‬2023،‭ ‬وأكد‭ ‬التقرير‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬زيادة‭ ‬في‭ ‬تسربات‭ ‬مياه‭ ‬المجاري‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬54%‭ ‬مقارنة‭ ‬بعام‭ ‬2022‭. ‬

وتلوث‭ ‬مياه‭ ‬المسطحات‭ ‬المائية‭ ‬سواء‭ ‬أكانت‭ ‬الأنهار‭ ‬أو‭ ‬البحيرات‭ ‬أو‭ ‬المحيطات‭ ‬تسبب‭ ‬أزمات‭ ‬خانقة‭ ‬للدول‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬البيئات‭ ‬الحيوية‭ ‬كمصدر‭ ‬لمياه‭ ‬الشرب،‭ ‬أو‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬الفطري‭ ‬للشعب،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الصحية‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬انتقال‭ ‬الأمراض‭ ‬المعدية‭ ‬وغير‭ ‬المعدية‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المياه‭ ‬الملوثة‭ ‬إلى‭ ‬الإنسان‭ ‬والحياة‭ ‬الفطرية‭ ‬النباتية‭ ‬والحيوانية‭. ‬ولذلك‭ ‬فمثل‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬تخالف‭ ‬المبادئ‭ ‬الأساسية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وهي‭ ‬حقه‭ ‬في‭ ‬التمتع‭ ‬بالماء‭ ‬الصحي‭ ‬النظيف‭ ‬الخالي‭ ‬من‭ ‬الشوائب‭ ‬والملوثات‭ ‬والذي‭ ‬لا‭ ‬يسبب‭ ‬له‭ ‬أية‭ ‬أمراض‭ ‬حادة‭ ‬أو‭ ‬مزمنة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬حقه‭ ‬في‭ ‬توافر‭ ‬الغذاء‭ ‬السليم‭ ‬والآمن‭ ‬والكافي‭ ‬لإشباع‭ ‬الشعب،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬لا‭ ‬تستقيم‭ ‬وتتعارض‭ ‬مع‭ ‬واجبات‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭.‬

وهناك‭ ‬عدة‭ ‬أسباب‭ ‬تقف‭ ‬وراء‭ ‬ظاهرة‭ ‬تلوث‭ ‬مياه‭ ‬الأنهار‭ ‬والمسطحات‭ ‬المائية‭ ‬الأخرى‭. ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬عدم‭ ‬فصل‭ ‬أنابيب‭ ‬ونظام‭ ‬صرف‭ ‬مياه‭ ‬الأمطار‭ ‬عن‭ ‬مياه‭ ‬المجاري،‭ ‬مما‭ ‬يشكل‭ ‬عبئاً‭ ‬كبيراً‭ ‬على‭ ‬محطات‭ ‬معالجة‭ ‬مياه‭ ‬المجاري‭ ‬وتزيد‭ ‬عن‭ ‬طاقتها‭ ‬الاستيعابية‭ ‬في‭ ‬المعالجة،‭ ‬وخاصة‭ ‬عندما‭ ‬تنزل‭ ‬الأمطار‭ ‬الشديدة‭ ‬ولساعات‭ ‬طويلة،‭ ‬مما‭ ‬يضطر‭ ‬المشغلون‭ ‬إلى‭ ‬صرف‭ ‬مياه‭ ‬الأمطار‭ ‬مع‭ ‬مياه‭ ‬المجاري‭ ‬الخام‭ ‬مباشرة‭ ‬إلى‭ ‬الأنهار‭. ‬أما‭ ‬السبب‭ ‬الثاني‭ ‬فهو‭ ‬عدم‭ ‬مواكبة‭ ‬مشاريع‭ ‬التنمية‭ ‬والزيادة‭ ‬السكانية‭ ‬مع‭ ‬قدرة‭ ‬الخدمات‭ ‬العامة‭ ‬من‭ ‬مياه‭ ‬المجاري‭ ‬وغيرها‭ ‬على‭ ‬معالجة‭ ‬المياه‭ ‬المتزايدة‭ ‬التي‭ ‬تنتج‭ ‬عنهما،‭ ‬وبخاصة‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المدن‭ ‬الغربية‭ ‬العريقة‭ ‬لم‭ ‬تقم‭ ‬بتحديث‭ ‬وتطوير‭ ‬وصيانة‭ ‬الأنابيب‭ ‬القديمة‭ ‬البالية‭ ‬والتالفة‭ ‬التي‭ ‬أكل‭ ‬عليها‭ ‬الدهر‭ ‬وشرب‭ ‬والخاصة‭ ‬بالمجاري‭ ‬والأمطار،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬رفع‭ ‬الطاقة‭ ‬الاستيعابية‭ ‬لهذه‭ ‬المرافق‭ ‬الخدمية‭. ‬

ولذلك‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬حادثة‭ ‬بسيطة‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬رياضي،‭ ‬انكشف‭ ‬وظهرت‭ ‬لها‭ ‬دلالات‭ ‬واسعة‭ ‬النطاق،‭ ‬ليست‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬فيها‭ ‬الحادثة‭ ‬وإنما‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬مدن‭ ‬العالم،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الدلالات‭ ‬والمؤشرات‭ ‬تبينت‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬الميدان‭ ‬الرياضي‭ ‬الضيق‭ ‬فحسب،‭ ‬وإنما‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬الأخرى‭ ‬على‭ ‬حدٍ‭ ‬سواء‭. ‬

ismail‭.‬almadany@gmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا