العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

مشاهد من أولمبياد باريس

بقلم: عمرو الشوبكي

الخميس ١٥ أغسطس ٢٠٢٤ - 02:00

رغم‭ ‬أن‭ ‬مشاهد‭ ‬الأولمبياد‭ ‬يُفترض‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬فقط‭ ‬أو‭ ‬أساسًا‭ ‬مشاهد‭ ‬رياضية،‭ ‬فإنها‭ ‬باتت‭ ‬أيضًا‭ ‬مشاهد‭ ‬ثقافية‭ ‬مرتبطة‭ ‬بحفلي‭ ‬الافتتاح‭ ‬والختام،‭ ‬وأيضًا‭ ‬سياسية‭ ‬تتعلق‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬المشاهد‭ ‬والمواقف‭.‬

وقد‭ ‬أثار‭ ‬حفل‭ ‬افتتاح‭ ‬أولمبياد‭ ‬باريس‭ ‬جدلًا‭ ‬وانتقادات‭ ‬كثيرة،‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬حفل‭ ‬الختام،‭ ‬الذي‭ ‬جاء‭ ‬مبتكرًا،‭ ‬ولم‭ ‬يقدم‭ ‬أي‭ ‬مشاهد‭ ‬جدلية،‭ ‬وظلت‭ ‬مشكلة‭ ‬رد‭ ‬فعلنا‭ ‬على‭ ‬المظاهر‭ ‬المخالفة‭ ‬لثقافتنا‭ ‬وقيمنا‭ ‬الحضارية‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تخرج‭ ‬عن‭ ‬المواقف‭ ‬التقليدية،‭ ‬التي‭ ‬تبنتها‭ ‬مدرسة‭ ‬الدعاة‭ ‬الجدد‭ ‬وبعض‭ ‬رجال‭ ‬الدين‭ ‬عقب‭ ‬أي‭ ‬إساءة‭ ‬إلى‭ ‬الدين‭ ‬أو‭ ‬عملية‭ ‬إرهابية‭ ‬تلصق‭ ‬أسبابها‭ ‬بالإسلام‭ ‬بالترويج‭ ‬لمقولة‭ ‬إنه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نقنع‭ ‬الغرب‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬نشرح‭ ‬لهم‭ ‬‮«‬الإسلام‭ ‬الصحيح‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬مفهوم‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬فهم‭ ‬العقلية‭ ‬الغربية‭ ‬لأن‭ ‬منظومة‭ ‬قيمها‭ ‬لا‭ ‬تنطلق‭ ‬من‭ ‬قاعدة‭ ‬دينية،‭ ‬إنما‭ ‬علمانية‭.‬

ويصبح‭ ‬المطلوب‭ ‬هو‭ ‬مناقشة‭ ‬الغرب‭ ‬على‭ ‬أرضية‭ ‬احترام‭ ‬التنوع‭ ‬الحضاري‭ ‬والثقافي‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬الذي‭ ‬تتأذى‭ ‬فيه‭ ‬معظم‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬إساءة‭ ‬إلى‭ ‬الدين‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬لوحة‭ ‬العشاء‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬عُرضت‭ ‬في‭ ‬افتتاحية‭ ‬أولمبياد‭ ‬باريس،‭ ‬واعتُبرت‭ ‬فيها‭ ‬إساءة‭ ‬إلى‭ ‬السيد‭ ‬المسيح،‭ ‬أو‭ ‬نشر‭ ‬رسومات‭ ‬مسيئة‭ ‬إلى‭ ‬الرسول‭ ‬الكريم‭ ‬على‭ ‬صفحات‭ ‬بعض‭ ‬الصحف‭ ‬الفرنسية‭ ‬والأوروبية‭. ‬وتصبح‭ ‬أرضية‭ ‬أي‭ ‬نقاش‭ ‬لمنع‭ ‬الإساءة‭ ‬إلى‭ ‬الأديان‭ ‬ليست‭ ‬‮«‬هداية‭ ‬الغرب‮»‬‭ ‬للإسلام‭ ‬أو‭ ‬المسيحية‭ ‬أو‭ ‬القيم‭ ‬الدينية،‭ ‬إنما‭ ‬احترام‭ ‬التنوع‭ ‬الحضاري‭ ‬والثقافي‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

المشهد‭ ‬الثاني‭ ‬فتمثل‭ ‬في‭ ‬منع‭ ‬العَلَم‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬دخول‭ ‬الملاعب‭ ‬كما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬البلاد‭ ‬العربية‭ ‬باعتباره‭ ‬يحمل‭ ‬رسالة‭ ‬سياسية،‭ ‬ويجب‭ ‬الفصل‭ ‬بين‭ ‬الرياضة‭ ‬والسياسة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬منع‭ ‬روسيا‭ ‬من‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬دورة‭ ‬الألعاب‭ ‬الأوليمبية‭ ‬مثّل‭ ‬موقفًا‭ ‬سياسيًّا‭ ‬صارخًا‭ ‬لأنه‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬رفض‭ ‬هجومها‭ ‬على‭ ‬أوكرانيا‭ ‬والسيطرة‭ ‬على‭ ‬جانب‭ ‬من‭ ‬أراضيها‭ ‬بالقوة،‭ ‬وهو‭ ‬الهجوم‭ ‬الذي‭ ‬اعتبرته‭ ‬روسيا‭ ‬دفاعًا‭ ‬عن‭ ‬أمنها‭ ‬القومي‭ ‬وعن‭ ‬الأقليات‭ ‬العرقية‭ ‬الروسية،‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬الأقاليم‭ ‬الأربعة‭ ‬التي‭ ‬سيطرت‭ ‬على‭ ‬معظمها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ترفضه‭ ‬أمريكا‭ ‬وأوروبا‭.‬

منع‭ ‬روسيا‭ ‬من‭ ‬المشاركة‭ ‬تسييس‭ ‬للرياضة‭ ‬لأنه‭ ‬حضر‭ ‬فيه‭ ‬‮«‬الأداء‭ ‬الأمريكي‮»‬‭ ‬في‭ ‬المعايير‭ ‬المزدوجة،‭ ‬فإذا‭ ‬كنا‭ ‬سنضع‭ ‬احترام‭ ‬قرارات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬معيارًا‭ ‬لقبول‭ ‬مشاركة‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬الأولمبياد،‭ ‬فإن‭ ‬روسيا‭ ‬لم‭ ‬تلتزم‭ ‬بقرار‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الذي‭ ‬أدان‭ ‬الهجوم‭ ‬وطالب‭ ‬بوقفه،‭ ‬كذلك‭ ‬إسرائيل‭ ‬التي‭ ‬يُعتبر‭ ‬تاريخها‭ ‬هو‭ ‬تاريخ‭ ‬حافل‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الالتزام‭ ‬بقرارات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬شاركت‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأولمبياد‭.‬

وبقي‭ ‬المشهد‭ ‬الثالث،‭ ‬وهو‭ ‬المشهد‭ ‬الأهم،‭ ‬أي‭ ‬الرياضي،‭ ‬حيث‭ ‬ظلت‭ ‬هناك‭ ‬علاقة‭ ‬قوية‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬صناعيًّا،‭ ‬والتي‭ ‬تتبنى‭ ‬قيم‭ ‬المهنية‭ ‬والعمل،‭ ‬وبين‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬الرياضة،‭ ‬لذا‭ ‬علينا‭ ‬ألّا‭ ‬نندهش‭ ‬من‭ ‬تقدم‭ ‬دول‭ ‬تؤسس‭ ‬نظمها‭ ‬على‭ ‬العلم‭ ‬والإنتاج،‭ ‬رغم‭ ‬اختلاف‭ ‬نماذجها‭ ‬السياسية،‭ ‬فكانت‭ ‬أمريكا‭ ‬عادة‭ ‬في‭ ‬المقدمة،‭ ‬وخلفها‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ (‬الممنوعة‭)‬،‭ ‬ثم‭ ‬أوروبا‭ ‬واليابان،‭ ‬وخلفها‭ ‬الدول‭ ‬الصاعدة‭ ‬مثل‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬والبرازيل‭ ‬وتركيا‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا