العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

السباق النووي للكبار فقط!

بقلم: د. إسماعيل محمد المدني

الجمعة ١٦ أغسطس ٢٠٢٤ - 02:00

نَشرتْ‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬الإيكونُومِستْ‮»‬‭ ‬الشهيرة‭ ‬المعنية‭ ‬بالشأن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬مقالاً‭ ‬في‭ ‬12‭ ‬أغسطس‭ ‬2024‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬أمريكا‭ ‬تستعد‭ ‬لسباق‭ ‬جديد‭ ‬للأسلحة‭ ‬النووية‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬المقال‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬وتخزين‭ ‬مختلف‭ ‬أنواع‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬من‭ ‬قنابل‭ ‬ذرية‭ ‬تُحمل‭ ‬في‭ ‬الطائرات،‭ ‬أو‭ ‬صواريخ‭ ‬ذات‭ ‬رؤوس‭ ‬نووية‭ ‬أرضية،‭ ‬أو‭ ‬صواريخ‭ ‬نووية‭ ‬بحرية‭ ‬محملة‭ ‬في‭ ‬الغواصات‭. ‬كما‭ ‬أفاد‭ ‬المقال‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬الاقدام‭ ‬المتسارع‭ ‬والكبير‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬جاء‭ ‬بسبب‭ ‬حرب‭ ‬روسيا‭ ‬مع‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وتهديدها‭ ‬باستخدام‭ ‬السلاح‭ ‬النووي،‭ ‬ونية‭ ‬الصين‭ ‬إلى‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬مع‭ ‬تايوان‭ ‬وسرعة‭ ‬إنتاجها‭ ‬وتخزينها‭ ‬للأسلحة‭ ‬النووية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الترسانة‭ ‬النووية‭ ‬المتراكمة‭ ‬في‭ ‬كوريا‭ ‬الشمالية‭ ‬ومحاولات‭ ‬إيران‭ ‬لامتلاك‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭.‬

وفي‭ ‬تقديري،‭ ‬فإن‭ ‬عنوان‭ ‬مقال‭ ‬الإيكونومست‭ ‬يضلل‭ ‬القارئ‭ ‬ولا‭ ‬يقدم‭ ‬المعلومات‭ ‬الواقعية‭ ‬الدقيقة،‭ ‬فهو‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬تستعد‭ ‬لسباق‭ ‬جديد‭ ‬للأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬وكأنها‭ ‬توقفت‭ ‬يوماً‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬وتطوير‭ ‬أنواع‭ ‬جديدة‭ ‬وحديثة‭ ‬من‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭ ‬في‭ ‬تاريخها‭ ‬الطويل‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬بمشروع‭ ‬منهاتن‭ ‬المعروف،‭ ‬الذي‭ ‬تمخض‭ ‬عنه‭ ‬القنبلة‭ ‬الذرية‭ ‬التي‭ ‬أُلقيت‭ ‬عام‭ ‬1945‭ ‬على‭ ‬مدينتي‭ ‬هيروشيما‭ ‬وناجازاكي‭ ‬في‭ ‬اليابان‭. ‬فمنذ‭ ‬ذلك‭ ‬التاريخ‭ ‬وأمريكا‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬استعداد‭ ‬ونفور‭ ‬دائمين،‭ ‬فلم‭ ‬تغفل‭ ‬ولو‭ ‬ساعة‭ ‬عن‭ ‬تطوير‭ ‬أسلحة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل‭ ‬بجميع‭ ‬أنواعها‭ ‬وشدتها،‭ ‬ولم‭ ‬تتجاهل‭ ‬ولو‭ ‬دقيقة‭ ‬عن‭ ‬تحقيق‭ ‬هدفها‭ ‬الرئيس‭ ‬وهو‭ ‬بلوغ‭ ‬التفوق‭ ‬العسكري‭ ‬النووي‭ ‬والتقليدي‭ ‬من‭ ‬الناحيتين‭ ‬النوعية‭ ‬والعددية‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭. ‬فهي‭ ‬كانت‭ ‬ومازالت‭ ‬وستستمر‭ ‬في‭ ‬القيام‭ ‬بهذه‭ ‬البرامج‭ ‬العسكرية‭ ‬النووية‭ ‬والتقليدية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تطويرها‭ ‬للأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وبدون‭ ‬أن‭ ‬تواجه‭ ‬أي‭ ‬عوائق‭ ‬أو‭ ‬ضوابط،‭ ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬تعمل‭ ‬بكل‭ ‬الوسائل‭ ‬والطرق‭ ‬الشرعية‭ ‬وغير‭ ‬الشرعية‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬وسيلة‭ ‬‮«‬شرطة‮»‬‭ ‬منظمات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وأداة‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬والمعاهدات‭ ‬الأممية‭ ‬الخاصة‭ ‬بالانتشار‭ ‬والتسليح‭ ‬النووي‭ ‬على‭ ‬منع‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬النووي،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الاقتراب‭ ‬منه،‭ ‬سواء‭ ‬أكان‭ ‬المجال‭ ‬النووي‭ ‬العسكري‭ ‬بشكل‭ ‬خاص،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬السلمي‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الحالات،‭ ‬فهذه‭ ‬المجالات‭ ‬حلال‭ ‬عليهم‭ ‬وحرام‭ ‬على‭ ‬الآخرين‭.‬

وقد‭ ‬أكد‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬‮«‬براناي‭ ‬فادي‮»‬‭ (‬Pranay‭ ‬Vaddi‭) ‬‮«‬المساعد‭ ‬الخاص‭ ‬للرئيس‭ ‬والمدير‭ ‬الأول‭ ‬لشؤون‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬ونزع‭ ‬السلاح‭ ‬ومنع‭ ‬الانتشار‭ ‬النووي‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‮»‬‭ ‬في‭ ‬المحاضرة‭ ‬التي‭ ‬ألقاها‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬يونيو‭ ‬2024‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬واشنطن‭ ‬‮«‬دي‭ ‬سي‮»‬‭ ‬في‭ ‬اللقاء‭ ‬السنوي‭ ‬لجمعية‭ ‬‮«‬الحد‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‮»‬‭ (‬Arms‭ ‬Control‭ ‬Association‭ )‬،‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬تكييف‭ ‬المدخل‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬ومنع‭ ‬انتشار‭ ‬الأسلحة‭ ‬إلى‭ ‬عصر‭ ‬جديد‮»‬‭. ‬فقد‭ ‬قال‭ ‬هذا‭ ‬المسؤول‭ ‬النووي‭ ‬الأمريكي‭ ‬إن‭ ‬أمريكا‭ ‬ركزت‭ ‬على‭ ‬هدف‭ ‬مركزي‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬طويلة‭ ‬وهو‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬نشوب‭ ‬صراع‭ ‬نووي‭ ‬كارثي،‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬إننا‭ ‬ملتزمون‭ ‬بتحقيق‭ ‬السلام‭ ‬والأمن‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬خال‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬تراكم‭ ‬وانتشار‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭. ‬وأضاف‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتجاهل‭ ‬قوتها‭ ‬العسكرية،‭ ‬فيجب‭ ‬أن‭ ‬نبقى‭ ‬أقوياء‭. ‬وقال‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬وكوريا‭ ‬الشمالية‭ ‬تتوسع‭ ‬وتُنوع‭ ‬ترسانتها‭ ‬النووية‭ ‬بدون‭ ‬أن‭ ‬تبدي‭ ‬أي‭ ‬رغبة‭ ‬في‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬الأسلحة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬إيران،‭ ‬فجميعها‭ ‬تتعاون‭ ‬وتنسق‭ ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭ ‬بحيث‭ ‬أنها‭ ‬تزعزع‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬وتهدد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحلفائنا‭ ‬وشركائنا‭. ‬كذلك‭ ‬أكد‭ ‬في‭ ‬المحاضرة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬المرحلة،‭ ‬أو‭ ‬العصر‭ ‬النووي‭ ‬الجديد‭ ‬يتمحور‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬أعمدة،‭ ‬حسب‭ ‬المنشور‭ ‬في‭ ‬وثيقة‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬إرشادات‭ ‬توظيف‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‮»‬‭ (‬Nuclear‭ ‬Weapons‭ ‬Employment‭ ‬Guidance‭). ‬وهذه‭ ‬الوثيقة‭ ‬هي‭ ‬النسخة‭ ‬الأخيرة‭ ‬بعد‭ ‬الوثيقة‭ ‬التي‭ ‬أصدرها‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬30‭ ‬نوفمبر‭ ‬2020،‭ ‬وأُطلق‭ ‬عليها‭ ‬بتقرير‭ ‬491‭.‬

ولذلك‭ ‬سعي‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لم‭ ‬ينقطع،‭ ‬ولم‭ ‬يتوقف‭ ‬أبداً،‭ ‬وتعمل‭ ‬جاهدة‭ ‬ليلاً‭ ‬نهاراً‭ ‬وبشكلٍ‭ ‬دائم‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬السباق‭ ‬النووي،‭ ‬وتريد‭ ‬أن‭ ‬تحافظ‭ ‬على‭ ‬الصدارة‭ ‬والتفوق‭ ‬منذ‭ ‬الأربعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬المنصرم‭ ‬وأن‭ ‬تحتكر‭ ‬المركز‭ ‬الأول‭ ‬لها‭ ‬فقط‭ ‬وبدون‭ ‬منازع،‭ ‬وتحاول‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬خفض‭ ‬عدد‭ ‬اللاعبين‭ ‬في‭ ‬سباق‭ ‬النخبة‭ ‬المخصص‭ ‬للكبار‭. ‬فهذا‭ ‬التفوق‭ ‬النووي‭ ‬العسكري‭ ‬أداة‭ ‬للهيمنة‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬والسيطرة‭ ‬عليها‭ ‬أمنياً‭ ‬وسياسياً،‭ ‬ووسيلة‭ ‬للابتزاز‭ ‬والسيادة‭ ‬على‭ ‬القرار‭ ‬السياسي‭ ‬للدول‭ ‬الأخرى،‭ ‬وبهذا‭ ‬التفوق‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬نهب‭ ‬وسرقة‭ ‬ثروات‭ ‬وخيرات‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تمتلك‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬القوة‭. ‬

فقد‭ ‬نشر‭ ‬مركز‭ ‬‮«‬ستيمسن‮»‬‭ (‬Stimson‭) ‬تقريراً‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أغسطس‭ ‬2024‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬مستنقع‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬الأمريكية‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬قدَّر‭ ‬التقرير‭ ‬إنفاق‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬برنامج‭ ‬وترسانة‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬تحديث‭ ‬الأسلحة‭ ‬القديمة،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬جيل‭ ‬جديد‭ ‬متطور‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأسلحة،‭ ‬بمبلغ‭ ‬خيالي‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬أمريكا‭ ‬وهو‭ ‬1‭.‬7‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬خلال‭ ‬الثلاثين‭ ‬سنة‭ ‬القادمة‭. ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬‮«‬اتحاد‭ ‬علماء‭ ‬أمريكا‮»‬‭ ‬السنوي‭ ‬حول‭ ‬تطورات‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬ترسانة‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬الأمريكية‭: ‬2024‮»‬‭ ‬والمنشور‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬مايو‭ ‬2024،‭ ‬بأن‭ ‬مكتب‭ ‬الميزانية‭ ‬بالكونجرس‭ ‬قدَّر‭ ‬بأن‭ ‬أمريكا‭ ‬ستُنفق‭ ‬نحو‭ ‬756‭ ‬بليون‭ ‬دولار‭ ‬على‭ ‬تحديث‭ ‬وتطوير‭ ‬برامج‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬2023‭ ‬إلى‭ ‬2032،‭ ‬أي‭ ‬معدل‭ ‬75‭ ‬بليون‭ ‬دولار‭ ‬سنوياً‭. ‬كذلك‭ ‬فإن‭ ‬ميزانية‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬لعام‭ ‬2025‭ ‬تبلغ‭ ‬850‭ ‬بليون‭ ‬دولار،‭ ‬منها‭ ‬69‭ ‬بليون‭ ‬دولار‭ ‬للإنفاق‭ ‬على‭ ‬مشاريع‭ ‬وتشغيل‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭. ‬

وفي‭ ‬المقابل‭ ‬هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التقارير‭ ‬الأمريكية‭ ‬وغير‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬تُعطي‭ ‬تقديرات‭ ‬حول‭ ‬نوعية‭ ‬وكمية‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬التي‭ ‬تمتلكها‭ ‬أمريكا،‭ ‬منها‭ ‬المقال‭ ‬المنشور‭ ‬من‭ ‬‮«‬جمعية‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‮»‬‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬هل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬أسلحة‭ ‬نووية‭ ‬أكثر؟‮»‬‭ ‬في‭ ‬العدد‭ ‬الصادر‭ ‬في‭ ‬يوليو‭/‬أغسطس‭ ‬2024،‭ ‬كذلك‭ ‬التقرير‭ ‬المنشور‭ ‬في‭ ‬13‭ ‬أغسطس‭ ‬2024‭ ‬من‭ (‬The‭ ‬Cipher‭ ‬Brief‭) ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تبني‭ ‬أسلحة‭ ‬نووية‭ ‬جديدة‭ ‬بحجة‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬الأسلحة‮»‬،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬التقرير‭ ‬المنشور‭ ‬في‭ ‬12‭ ‬يونيو‭ ‬2023‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬أستوكهولم‭ ‬الدولي‭ ‬لأبحاث‭ ‬السلام‮»‬‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬الدول‭ ‬تستثمر‭ ‬في‭ ‬الترسانة‭ ‬النووية‭ ‬بعد‭ ‬تدهور‭ ‬العلاقات‭ ‬الجيوسياسية‮»‬‭. ‬فكل‭ ‬هذه‭ ‬التقارير‭ ‬تفيد‭ ‬بأن‭ ‬أمريكا‭ ‬تمتلك‭ ‬العدد‭ ‬الأكبر‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬والتي‭ ‬تُقدر‭ ‬بنحو‭ ‬3700‭ ‬سلاح‭ ‬نووي،‭ ‬منها‭ ‬قنابل‭ ‬الجاذبية،‭ ‬ومنها‭ ‬الرؤوس‭ ‬النووية‭ ‬للصواريخ‭ ‬البرية‭ ‬والبحرية‭ ‬قصيرة‭ ‬وطويلة‭ ‬المدى‭ ‬والتي‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬قرابة‭ ‬1670‭ ‬رأساً‭ ‬نووياً‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬تمتلك‭ ‬عدداً‭ ‬من‭ ‬قنابل‭ ‬الجاذبية‭ ‬العظيمة‭(‬B83‭) ‬وقوتها‭ ‬1‭.‬2‭ ‬ميجا‭ ‬طن،‭ ‬وهي‭ ‬أقوى‭ ‬من‭ ‬قنبلة‭ ‬هيروشيما‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬80‭ ‬مرة‭. ‬وهذا‭ ‬النوع‭ ‬سيحال‭ ‬إلى‭ ‬التقاعد‭ ‬لارتفاع‭ ‬كلفة‭ ‬الصيانة‭ ‬وستستبدل‭ ‬بقنابل‭ (‬B61-13‭) ‬التي‭ ‬قوتها‭ ‬360‭ ‬كيلوطن‭. ‬كذلك‭ ‬هناك‭ ‬الرؤوس‭ ‬النووية‭ ‬من‭ ‬نوع‭(‬W93‭) ‬و‭ (‬W76-2‭) ‬التي‭ ‬قوة‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬منه‭ ‬5‭ ‬كيلوطن،‭ ‬أو‭ ‬نحو‭ ‬نصف‭ ‬القوة‭ ‬التدميرية‭ ‬لقنبلة‭ ‬هيروشيما‭.‬

فهذا‭ ‬السباق‭ ‬للتسلح‭ ‬النووي‭ ‬بشكلٍ‭ ‬خاص‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الكبار‭ ‬قديم‭ ‬منذ‭ ‬أيام‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية،‭ ‬ثم‭ ‬تحول‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬العقيمة‭ ‬إلى‭ ‬حربٍ‭ ‬باردة‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬وتنافسٍ‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬السبق‭ ‬والتفوق‭ ‬النووي‭ ‬العسكري‭. ‬واليوم‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬بدأت‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬والسباق‭ ‬يحتدم‭ ‬للتفوق‭ ‬النووي‭ ‬النوعي‭ ‬والكمي،‭ ‬ولكن‭ ‬اليوم‭ ‬زاد‭ ‬عدد‭ ‬المتسابقين‭ ‬في‭ ‬الملعب،‭ ‬فدخلت‭ ‬الصين‭ ‬وكوريا‭ ‬الشمالية‭ ‬في‭ ‬السباق‭. ‬وأما‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬الدول‭ ‬الفقيرة‭ ‬والضعيفة‭ ‬والنامية‭ ‬فستبقى‭ ‬دائماً‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬خارج‭ ‬السباق،‭ ‬وتتفرج‭ ‬على‭ ‬النتائج‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬حيث‭ ‬أقنعت‭ ‬أمريكا‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬أبداً‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬السلاح،‭ ‬ويكفي‭ ‬أن‭ ‬تدخل‭ ‬معها‭ ‬في‭ ‬اتفاقيات‭ ‬ثنائية‭ ‬لحمايتها‭ ‬والدفاع‭ ‬عنها‭.‬

وهذا‭ ‬السباق‭ ‬النووي‭ ‬النخبوي‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬الكبيرة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتوقف‭ ‬كلياً،‭ ‬فهو‭ ‬سباق‭ ‬نحو‭ ‬الموت‭ ‬والدمار‭ ‬ويهدد‭ ‬مباشرة‭ ‬الأمن‭ ‬والسلم‭ ‬الدوليين،‭ ‬وهو‭ ‬سباق‭ ‬عقيم‭ ‬يضع‭ ‬كوكبنا‭ ‬على‭ ‬شفا‭ ‬حفرة‭ ‬من‭ ‬التدمير‭ ‬الشامل‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬النووية‭ ‬الشريرة،‭ ‬وهو‭ ‬سباق‭ ‬نحو‭ ‬الإنفاق‭ ‬على‭ ‬الشر‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الخير،‭ ‬والإنفاق‭ ‬على‭ ‬الفساد‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬البناء‭ ‬والإعمار‭. ‬

 

ismail‭.‬almadany@gmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا