العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

ظاهرة الاستقالات وسياسة بايدن اللاأخلاقية من حرب غزة

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الجمعة ١٦ أغسطس ٢٠٢٤ - 02:00

خلال‭ ‬الحرب‭ ‬القائمة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والعدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬عليها‭ ‬والمستمر‭ ‬منذ‭ ‬عشرة‭ ‬أشهر،‭ ‬اعترت‭ ‬استجابة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإدارتها‭ ‬بقيادة‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الإخفاقات‭ ‬الأخلاقية‭ ‬والسياسية‭. ‬فعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الإدانات‭ ‬واسعة‭ ‬النطاق‭ ‬لسلوك‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬جماعات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬والجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وملايين‭ ‬المحتجين‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬وفضلاً‭ ‬عن‭ ‬إطلاق‭ ‬تحقيقات‭ ‬قانونية‭ ‬مباشرة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬والمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬رفضت‭ ‬اتخاذ‭ ‬أي‭ ‬إجراءات‭ ‬جدية‭ ‬لتوبيخ‭ ‬حكومة‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬اتهام‭ ‬واشنطن‭ ‬بالنفاق‭ ‬وإزدواجية‭ ‬المعايير‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالقانون‭ ‬الدولي‭ ‬وحماية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭.‬

وكتبت‭ ‬إيما‭ ‬آشفورد‭ ‬زميلة‭ ‬بارزة‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬ستيمسون،‭ ‬أن‭ ‬محاولات‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬إمساك‭ ‬العصا‭ ‬من‭ ‬المنتصف‭ -‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬غير‭ ‬المشروط‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬مع‭ ‬الدفع‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬بتسوية‭ ‬تفاوضية‭ ‬مع‭ ‬حماس‭-    ‬كان‭ ‬لها‭ ‬تأثير‭ ‬في‭ ‬جعل‭ ‬الأمور‭ ‬تزداد‭ ‬سوءًا‭. ‬والواقع‭ ‬أن‭ ‬واشنطن،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬تجاهل‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬مع‭ ‬مجرمي‭ ‬حرب‭ ‬آخرين،‭ ‬فقد‭ ‬رحبت‭ ‬به‭ ‬ليلقى‭ ‬خطابًا‭ ‬أمام‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬يوليو‭ ‬2024،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لم‭ ‬تترك‭ ‬للمراقبين‭ ‬أدنى‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬ولاء‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭.‬

إن‭ ‬موقف‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالوسائل‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬ومواصلة‭ ‬شحن‭ ‬الذخائر،‭ ‬والحماية‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬من‭ ‬المساءلة‭ ‬الدولية؛‭ ‬وضع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭ ‬والمسؤولين‭ ‬داخل‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬أضحى‭ ‬معه‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬عليهم‭ ‬الاستمرار‭ ‬ومحاولة‭ ‬إحداث‭ ‬تأثير‭ ‬إيجابي‭. ‬وعندما‭ ‬لم‭ ‬يتطرق‭ ‬كبار‭ ‬قادة‭ ‬الوزارة‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أنتوني‭ ‬بلينكن‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬إلى‭ ‬مخاوفهم‭ ‬إزاء‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬ومع‭ ‬عدم‭ ‬تغيير‭ ‬واشنطن‭ ‬نهجها‭ ‬ردًا‭ ‬على‭ ‬مقتل‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين؛‭ ‬اختار‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬الاستقالة‭ ‬والتعبير‭ ‬علنًا‭ ‬عن‭ ‬إداناتهم‭. ‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬هؤلاء‭ ‬هالة‭ ‬راريت‭ ‬التي‭ ‬استقالت‭ ‬من‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬2024‭ ‬بعد‭ ‬18‭ ‬عامًا‭ ‬من‭ ‬تمثيل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬دبلوماسيًا،‭ ‬وأنيل‭ ‬شيلين‭ ‬التي‭ ‬استقالت‭ ‬من‭ ‬مكتب‭ ‬شؤون‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بالخارجية‭ ‬قبل‭ ‬شهر،‭ ‬وهي‭ ‬باحثة‭ ‬في‭ ‬معهد‭ ‬كوينسي‭ ‬للحكم‭ ‬المسؤول‭. ‬

وفي‭ ‬مقال‭ ‬نشرته‭ ‬مجلة‭ ‬فورين‭ ‬بوليسي‭ ‬أكدت‭ ‬راريت‭ ‬وشيلين‭ ‬أن‭ ‬فشل‭ ‬القيادة‭ ‬الأمريكية‭ ‬يسمح‭ ‬بانتشار‭ ‬ألسنة‭ ‬اللهب‭ ‬مما‭ ‬يهدد‭ ‬بالتصعيد‭ ‬الإقليمي،‭ ‬واتهمتا‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بلينكن،‭ ‬بتجاهل‭ ‬التحولات‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬نتيجة‭ ‬للدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬غير‭ ‬المشروط‭ ‬لإسرائيل‭.‬

وعقب‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الانتقادات‭ ‬لفشل‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬كبح‭ ‬جماح‭ ‬تجاوزات‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة،‭ ‬كتبت‭ ‬باربرا‭ ‬سلافين‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬ستيمسون،‭ ‬أن‭ ‬رد‭ ‬واشنطن‭ ‬على‭ ‬اغتيال‭ ‬إسرائيل‭ ‬لإسماعيل‭ ‬هنية‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬يوليو،‭ ‬سيكون‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬محاولة‭ ‬الحيلولة‭ ‬دون‭ ‬انفجار‭ ‬المنطقة‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬اتخاذ‭ ‬تدابير‭ ‬استباقية‭ ‬لمنع‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬التصعيد‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭. ‬ورأت‭ ‬راريت‭ ‬وشيلين‭ ‬أن‭ ‬نتنياهو‭ ‬يريد‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬حربًا‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬شرق‭ ‬أوسط‭ ‬مستعر‭ ‬إلى‭ ‬الأبد؛‭ ‬والذي‭ ‬سيمكنه‭ ‬من‭ ‬إنهاء‭ ‬جريمة‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وضم‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭. ‬وأوضحت‭ ‬المسؤولتان‭ ‬السابقتان‭ ‬أن‭ ‬الاستقبال‭ ‬الذي‭ ‬تلقاه‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬خلال‭ ‬زيارته‭ ‬للكونجرس‭ ‬جعله‭ ‬أكثر‭ ‬جرأة‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف،‭ ‬لتأكده‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬له‭. ‬ونتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬فإن‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬سمحت‭ ‬لزعيم‭ ‬أجنبي‭ ‬متطرف‭ ‬بتحديد‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ستنزلق‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬كارثية‭ ‬أخرى‭.‬

وجاء‭ ‬رد‭ ‬واشنطن‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الممارسات‭ ‬والانتهاكات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تصريح‭ ‬بلينكين‭ ‬الذي‭ ‬حث‭ ‬فيه‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬تصعيد‭ ‬أحد‭ ‬لهذا‭ ‬الصراع،‭ ‬وبالتالي‭ ‬وضعت‭ ‬واشنطن‭ ‬مسؤولية‭ ‬التصعيد‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬التي‭ ‬بادرت‭ ‬بالهجوم،‭ ‬ليُظهر‭ ‬موقفها‭ ‬محاولاتها‭ ‬لتبرئة‭ ‬الحكومة‭ ‬والجيش‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬من‭ ‬المسؤولية‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬وضوح‭ ‬انتهاكاتهم‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬لبقية‭ ‬العالم‭.‬

ورأت‭ ‬راريت‭ ‬وشيلين‭ ‬أن‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬تصرف‭ ‬بطريقة‭ ‬مرتعدة‭ ‬وجبانة؛‭ ‬والتي‭ ‬جعلت‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬غير‭ ‬مأخوذة‭ ‬على‭ ‬محمل‭ ‬الجد‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬نتنياهو‭ ‬فهي‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬طموحاته‭ ‬لتدمير‭ ‬غزة‭ ‬وبقية‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وأكد‭ ‬ذلك‭ ‬جيريمي‭ ‬كونينديك‭ ‬رئيس‭ ‬المنظمة‭ ‬الدولية‭ ‬للاجئين،‭ ‬حيث‭ ‬أظهر‭ ‬بايدن‭ ‬للزعيم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬عدم‭ ‬موافقته‭ ‬على‭ ‬الانتهاكات‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬لكنه‭ ‬لن‭ ‬يفرض‭ ‬عليه‭ ‬أي‭ ‬عقوبات،‭ ‬ولن‭ ‬يتخذ‭ ‬أي‭ ‬إجراءات‭ ‬جادة‭ ‬ضده

وأشار‭ ‬فرانك‭ ‬لوينشتاين‭ ‬المبعوث‭ ‬الخاص‭ ‬للمفاوضات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬باراك‭ ‬أوباما،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تصرفات‭ ‬نتنياهو‭ ‬وضعت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬حرج،‭ ‬بينما‭ ‬تساءلت‭ ‬راريت‭ ‬وشيلين‭ ‬حول‭ ‬مدى‭ ‬تورط‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬التصعيد‭ ‬والعمليات‭ ‬العدوانية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬المنطقة؛‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ادعاءات‭ ‬بلينكن‭ ‬بأن‭ ‬واشنطن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬متورطة‭ ‬في‭ ‬اغتيال‭ ‬هنية‭ ‬في‭ ‬طهران،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المستوى‭ ‬العالي‭ ‬من‭ ‬التعاون،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬تبادل‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخباراتية‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬ووزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬تغاضا‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الاغتيال،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكونا‭ ‬مشاركين‭ ‬نشطين‭ ‬في‭ ‬تنفيذه‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭.‬

وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬شكلت‭ ‬قضية‭ ‬استخدام‭ ‬الأسلحة‭ ‬المصنوعة‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬سببًا‭ ‬رئيسيًا‭ ‬لاستقالة‭ ‬مسؤولي‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬وإدانتهم‭ ‬لحكومتهم‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬إسرائيل‭ ‬حربها‭ ‬على‭ ‬غزة‭. ‬ورغم‭ ‬اعتراف‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬بأن‭ ‬استخدام‭ ‬إسرائيل‭ ‬لذخائر‭ ‬أمريكية‭ ‬الصنع‭ ‬أدى‭ ‬لقتل‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الوزارة‭ ‬وافقت‭ ‬في‭ ‬أغسطس‭ ‬2024‭ ‬على‭ ‬إرسال‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأصول‭ ‬العسكرية‭ ‬بقيمة‭ ‬3‭.‬5‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭. ‬

وبعد‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬بدء‭ ‬الحرب،‭ ‬استقال‭ ‬جوش‭ ‬بول‭ ‬من‭ ‬إدارة‭ ‬مكتب‭ ‬الشؤون‭ ‬السياسية‭ ‬والعسكرية‭ ‬بوزارة‭ ‬الخارجية؛‭ ‬احتجاجًا‭ ‬على‭ ‬القرار‭ ‬المدمر‭ ‬والظالم‭ ‬والمتناقض‭ ‬بإرسال‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الذخائر‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬دون‭ ‬إشراف‭ ‬على‭ ‬استخدامها‭. ‬وبعد‭ ‬استقالته،‭ ‬انتقدت‭ ‬شيلين‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وأكدت‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تظهر‭ ‬أي‭ ‬رغبة‭ ‬في‭ ‬حجب‭ ‬الأسلحة‭ ‬الهجومية‭ ‬عن‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إجبارها‭ ‬على‭ ‬ضبط‭ ‬النفس‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭.‬

كما‭ ‬أشارت‭ ‬راريت‭ ‬وشيلين‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬قد‭ ‬حذروا‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬منذ‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬دعمها‭ ‬غير‭ ‬المشروط‭ ‬لحرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬قرار‭ ‬مفلس‭ ‬أخلاقيًا،‭ ‬ويتناقض‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬مع‭ ‬المصالح‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬لكن‭ ‬أصواتًا‭ ‬مثل‭ ‬أصواتهم‭ ‬تم‭ ‬تهميشها‭ ‬وإسكاتها‭ ‬عمدًا‭ ‬وبشكل‭ ‬متكرر،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬إقدام‭ ‬الوزارة‭ ‬بـ‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬خاطئة‭ ‬وخطيرة‭ ‬من‭ ‬أعلى‭ ‬مستوياتها‭ ‬بهدف‭ ‬الانصياع‭ ‬لسياسات‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وإلا‭ ‬التعرض‭ ‬لعواقب‭ ‬مهنية‭ ‬لا‭ ‬يحمد‭ ‬عقباها‭. ‬

وكان‭ ‬تقديم‭ ‬استقالات‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬رفضوا‭ ‬الانصياع‭ ‬لدعم‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬المستمر‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬وتهميش‭ ‬أصواتهم‭ ‬المحذرة‭ ‬من‭ ‬عواقب‭ ‬هذا‭ ‬له‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الإخفاقات‭ ‬غير‭ ‬الأخلاقية‭ ‬في‭ ‬نهج‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الراهنة‭. ‬فلقد‭ ‬استقالت‭ ‬ستايسي‭ ‬جيلبرت‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2024‭ ‬والتي‭ ‬عملت‭ ‬كمسؤولة‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬لمدة‭ ‬20‭ ‬عامًا،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الاستنتاجات‭ ‬التي‭ ‬توصل‭ ‬إليها‭ ‬المسؤولون‭ ‬الأمريكيون‭ ‬بأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لم‭ ‬تمنع‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬عن‭ ‬غزة‭ ‬كاذبة‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭. ‬كما‭ ‬أوضح‭ ‬ألكسندر‭ ‬سميث‭ ‬بالوكالة‭ ‬الأمريكية‭ ‬للتنمية‭ ‬الدولية‭ (‬USAID‭)‬،‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬عالم‭ - ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ - ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الاعتراف‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬بشر‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تنطبق‭ ‬عليهم‭ ‬مبادئ‭ ‬النوع‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬كغيرهم‭. ‬

ونتيجة‭ ‬لهذه‭ ‬الإخفاقات‭ ‬الخطيرة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬أشار‭ ‬نيكولاس‭ ‬كريستوف‭ ‬بصحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز،‭ ‬أن‭ ‬دعم‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لحرب‭ ‬نتنياهو‭ ‬والتصعيد‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬جعل‭ ‬ادعاءات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بقيادة‭ ‬نظام‭ ‬دولي‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬القواعد‭ ‬أمر‭ ‬أشبه‭ ‬بالـ‭ ‬مهزلة،‭ ‬وأكدت‭ ‬راريت‭ ‬وشيلين‭ ‬أن‭ ‬وقوف‭ ‬تلك‭ ‬الإدارة‭ ‬مكتوفة‭ ‬الأيدي‭ ‬وسط‭ ‬انتهاكات‭ ‬جسيمة‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬قد‭ ‬دمر‭ ‬مصداقية‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬كجهة‭ ‬فاعلة‭ ‬إنسانيا‭.‬

ونظرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬هي‭ ‬القناة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الرسمية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬فقد‭ ‬أكدت‭ ‬راريت‭ ‬وشيلين‭ ‬أن‭ ‬تدمير‭ ‬المصداقية‭ ‬سيؤثر‭ ‬بشكل‭ ‬ضار‭ ‬على‭ ‬طبيعة‭ ‬عمل‭ ‬الوزارة‭ ‬وسلامة‭ ‬موظفيها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الأبعد‭. ‬بينم‭ ‬تساءل‭ ‬مسؤولون‭ ‬سابقون‭ ‬بالوزارة‭ ‬حول‭ ‬تصور‭ ‬بايدن‭ ‬وبلينكن،‭ ‬ومستشار‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬جيك‭ ‬سوليفان،‭ ‬ومنسق‭ ‬شؤون‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بريت‭ ‬ماكجورك‭ ‬أنهم‭ ‬لازالوا‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬الدعم‭ ‬غير‭ ‬المشروط‭ ‬لحرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬دون‭ ‬إلحاق‭ ‬ضرر‭ ‬لا‭ ‬رجعة‭ ‬فيه‭ ‬بسمعة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وسلطتها‭ ‬بين‭ ‬شركائها‭ ‬العرب‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬إن‭ ‬التداعيات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬دعم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬خلال‭ ‬حربها‭ ‬ضد‭ ‬غزة‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬أسوأ‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬رأيناه‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الحديث،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬على‭ ‬الإرهاب‭ ‬والغزو‭ ‬الذي‭ ‬قادته‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬للعراق‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2003،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬أوضحت‭ ‬راريت‭ ‬وشيلين‭ - ‬بصفتهما‭ ‬من‭ ‬دعاة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭- ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬السياسات‭ ‬والإجراءات‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وشعبها‭.‬

‮ ‬ومع‭ ‬دخول‭ ‬إدارة‭ ‬جديدة‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2025،‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬التحول‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بشأن‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬مطلوب‭ ‬بشكل‭ ‬عاجل،‭ ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬نجاح‭ ‬كامالا‭ ‬هاريس‭ ‬في‭ ‬خلافة‭ ‬بايدن‭ ‬كرئيسة‭ ‬ديمقراطية،‭ ‬سيظل‭ ‬هناك‭ ‬وفقا‭ ‬لما‭ ‬ذكرته‭ ‬راريت‭ ‬وشيلين‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬جدًا‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬داخل‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الذين‭ ‬يرون‭ ‬أن‭ ‬سياسات‭ ‬واشنطن‭ ‬تجاه‭ ‬إسرائيل‭ ‬والفلسطينيين‭ ‬خاطئة‭ ‬وغير‭ ‬قانونية‭. ‬ولكن‭ ‬اعتمدت‭ ‬هاريس‭ ‬لغة‭ ‬أكثر‭ ‬صرامة‭ ‬في‭ ‬انتقاد‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أثار‭ ‬الآمال‭ ‬في‭ ‬تحولات‭ ‬سياسية‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تتفق‭ ‬مع‭ ‬رغبات‭ ‬نتنياهو‭. ‬ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬التغييرات‭ ‬مطلوبة‭ ‬أيضًا‭ ‬داخل‭ ‬القطاع‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬صناع‭ ‬قرار‭ ‬قادرين‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬التوصيات‭ ‬المقدمة‭ ‬لهم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الخبراء‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا