المعروف أن الاستثمار العقاري يعتبر من أفضل أنوع الاستثمارات التي تحافظ على قيمتها ولا تخسر مهما كانت تذبذبات السوق.
ولكن يبدو أن هذا المبدأ لا ينطبق على جميع الأسواق، فهناك دولة تعتبر حالة استثنائية وهي اليابان أو ما يعرف بكوكب اليابان.
اليابان تختلف عن باقي دول العالم في الكثير من الأمور. ومن الواضح أن القطاع العقاري أبى هو الآخر إلا أن يكون مختلفا أيضا؛ فالاستثمار العقاري في اليابان يخسر ولا يربح.
يشبّه الخبير العقاري أشرف علام شراء العقار في اليابان بشراء سيارة، فكل يوم يمر ينخفض سعرها. وهذا ما ينطبق على العقارات في اليابان! والسؤال هنا: لماذا تخسر العقارات هناك؟ ولماذا يعتبر هو الاستثمار الأسوأ في العالم، ما يجعل المستثمرين يهربون.
يحلل أشرف علام ذلك بقوله: تتميز اليابان بأنها أقل دول العالم تضخما إلى درجة أنه منذ عام 1960 حتى اليوم لم تتجاوز نسبة التضخم 500%. وهذا ما يعني أن ارتفاع الأسعار خلال 64 عاما بلغ خمسة أضعاف فقط. في حين أن دولة كمصر مثلا بلغت نسبة التضخم خلال الفترة نفسها (41000%).
وعلى الرغم من أن التضخم كان خمسة أضعاف في اليابان فإنه لا ينطبق كذلك على العقار، ما يعني أن سعر العقار منذ عام 1960 لم يرتفع بمقدار خمسة اضعاف. لأن العقار في اليابان يمر بدورة مدتها 30 سنة، وذلك بسبب طبيعة القوانين التي تفرض على أصحاب البيوت السكنية القديمة هدم البيت او تجديده بالكامل، ومن ثم كل عام يمر على العقار فإنه يقترب من المدة المحددة للهدم، ما يعني انخفاض السعر.
وسبب هذا القانون هو الزلازل، حيث تعتبر اليابان من أكثر الدول تعرضا للزلازل بواقع 1500 زلزال في العام، وهو ما يعني أربعة زلازل في اليوم. ومن ثم على الرغم من بناء المنازل بتقنيات معينة، فإنها تبقى بحاجة إلى التجديد أو إعادة البناء بعد مدة.
الأمر الآخر لانخفاض أسعار العقارات هو انخفاض الطلب، وذلك بسبب ارتفاع عدد المسنين مقابل انخفاض عدد المواليد. فنسبة من تزيد أعمارهم على 75 سنة تبلغ 30% من اجمالي عدد السكان البالغ 126 مليون نسمة. وبالطبع لا يبحث كبار السن عن منزل جديد. فيما يركز صغار السن على المساكن الصغيرة والمحدودة. كما أن عدد المواليد في اليابان يقل سنويا، ومن المتوقع أن يتراجع تعداد السكان عام 2065 إلى 88 مليون نسمة.
أضف إلى ذلك نسبة الضرائب العالية سنويا، بل كلما كان البيت أقدم ارتفعت الضرائب عليه، وهذا بحد ذاته كفيل بعدم رغبة المستثمرين العقاريين بشراء منازل. وعلى الرغم من التقدم الذي تتميز به اليابان فإنها تفتقر إلى حد كبير إلى الشفافية في السوق العقاري، وهو جانب مهم يلعب دورا كبيرا في جذب المستثمرين العقاريين من عدمه لأن توافر المعلومات الكافية يساعدهم على اتخاذ القرار الصحيح. وما يضاعف المشكلة هو أن معظم الوسطاء العقاريين لا يجيدون اللغة الإنجليزية. والمواقع العقارية باللغة اليابانية، وكأن التصدير العقاري ليس امرا أساسيا بالنسبة إليهم.
ليس هذا فحسب، فالشعب الياباني يتسم بعدم وجود ما يمكن اعتباره جانبا عاطفيا وارتباطا بالمسكن، حيث يعتبر المسكن مجرد وسيلة، ولذلك فإن الانتقال أو هدم المنزل أمر أسهل. وعدد البيوت التي تهدم سنويا لإعادة بناء غيرها تبلغ 4%، وهي نسبة عالية مقارنة بالدول الأخرى.
ثم إن الاقتصاد الياباني يتأثر سلبا في ظل هيمنة منافسة كبيرة من دول مصنعة كالصين وكوريا. وأيضا، يعتبر العائد السنوي على الاستثمار منخفضا نوعا ما ولا يتجاوز 3%-4%. ولذلك لا يمثل ذلك عامل جذب للمستثمرين، وخاصة أن تأجير المساكن غير مسموح لفترات تزيد على ستة أشهر في العام. وهذا يمثل عائقا امام المستثمرين العقاريين.
يضاف إلى ذلك ضعف الطلب على تأجير المكاتب. فمعظم الشركات باتت تعمل عن بعد. ولذلك تراجع الطلب على المكاتب. وهذا يعني أن الاستثمار العقاري في هذا المجال يعتبر غير جاذب أيضا، وليس في المنازل فقط. هذه العوامل مجتمعة تجعل من الاستثمار العقاري في اليابان امرا غير مجد، بل معقدا نوعا ما ويواجه تحديات كبيرة. لذلك تعتبر اليابان أسوأ دولة في الاستثمار العقاري بالعالم!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك