العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

جريمة سلاح التجويع الإسرائيلي للفلسطينيين

بقلم: بشير عبد الفتاح

الجمعة ٢٣ أغسطس ٢٠٢٤ - 02:00

ضمن‭ ‬سياق‭ ‬مخططات‭ ‬إسرائيل‭ ‬لتغليظ‭ ‬حصارها‭ ‬المطبق‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬عقب‭ ‬عملية‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي،‭ ‬أعلن‭ ‬وزير‭ ‬دفاعها‭ ‬يوآف‭ ‬جالانت،‭ ‬منع‭ ‬الكهرباء،‭ ‬الطعام،‭ ‬والوقود‭ ‬عن‭ ‬قاطنيه،‭ ‬الذين‭ ‬نعتهم‭ ‬‮«‬حيوانات‭ ‬بشرية‮»‬‭ ‬وإبان‭ ‬حلقة‭ ‬نقاشية‭ ‬التأمت،‭ ‬مطلع‭ ‬الشهر‭ ‬الجاري،‭ ‬حول‭ ‬مستقبل‭ ‬غزة،‭ ‬دعا‭ ‬وزير‭ ‬المالية‭ ‬اليميني‭ ‬المتطرف،‭ ‬سموتريتش،‭ ‬إلى‭ ‬تجويع‭ ‬ما‭ ‬يربو‭ ‬على‭ ‬مليوني‭ ‬فلسطيني‭ ‬بالقطاع،‭ ‬حتى‭ ‬الموت‭. ‬معتبرًا‭ ‬ذلك‭ ‬وسيلة‭ ‬أخلاقية،‭ ‬تبررها‭ ‬غاية‭ ‬استعادة‭ ‬الأسرى‭ ‬الإسرائيليين‭.‬

وفقًا‭ ‬لشهادات‭ ‬شخصيات‭ ‬ومؤسسات‭ ‬دولية‭ ‬رسمية،‭ ‬تعتمد‭ ‬إسرائيل‭ ‬‮«‬التجويع‮»‬‭ ‬سلاحًا‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬بموازاة‭ ‬استراتيجيتي‭ ‬الإبادة‭ ‬والحصار‭. ‬حيث‭ ‬تفتقد‭ ‬أسرة‭ ‬واحدة،‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬خمس‭ ‬أسر‭ ‬فلسطينية،‭ ‬مياه‭ ‬الشرب‭ ‬والغذاء،‭ ‬بما‭ ‬يعرضها‭ ‬لمخاطر‭ ‬المجاعة‭ ‬والهلاك‭.‬

وفى‭ ‬27‭ ‬فبراير‭ ‬الماضي،‭ ‬أخطر‭ ‬مفوضون‭ ‬أمميون،‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬بمكابدة‭ ‬سكان‭ ‬غزة،‭ ‬قاطبة،‭ ‬عذابات‭ ‬الجوع،‭ ‬ومعاناة‭ ‬تحصيل‭ ‬الماء،‭ ‬الغذاء‭ ‬والدواء،‭ ‬اعتمادًا‭ ‬على‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬التي‭ ‬يتعذر‭ ‬توافرها‭ ‬بانتظام،‭ ‬لأجل‭ ‬البقاء‭. ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬باتوا‭ ‬يمثلون‭ ‬80%‭ ‬ممن‭ ‬يواجهون‭ ‬شبح‭ ‬المجاعة‭ ‬عالميًا،‭ ‬بينما‭ ‬يصارع‭ ‬25%‭ ‬منهم‭ ‬المجاعة‭ ‬المذرية،‭ ‬التي‭ ‬تعتبرها‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬أسوأ‭ ‬مستويات‭ ‬انعدام‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬الخمسة‭.‬

وبينما‭ ‬كان‭ ‬85%‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬يعتمدون‭ ‬على‭ ‬المساعدات‭ ‬قبل‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي،‭ ‬أصبح‭ ‬جلهم‭ ‬اليوم‭ ‬مهددين‭ ‬بالمجاعة‭. ‬فيما‭ ‬يواجه‭ ‬335‭ ‬طفلًا‭ ‬دون‭ ‬الخامسة،‭ ‬شبح‭ ‬سوء‭ ‬التغذية‭ ‬الحاد‭. ‬وحذر‭ ‬مراقبون‭ ‬أمميون‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬حصول‭ ‬النساء‭ ‬الحوامل‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يكفي‭ ‬من‭ ‬التغذية‭ ‬والرعاية‭ ‬الصحية،‭ ‬وتعرض‭ ‬جيل‭ ‬كامل‭ ‬من‭ ‬المواليد‭ ‬لخطر‭ ‬التقزم،‭ ‬جراء‭ ‬اضطراب‭ ‬النمو،‭ ‬إثر‭ ‬سوء‭ ‬التغذية؛‭ ‬بما‭ ‬يستتبع‭ ‬إعاقات‭ ‬جسدية‭ ‬وإدراكية‭ ‬يستعصي‭ ‬علاجها‭. ‬

الأمر،‭ ‬الذي‭ ‬اعتبرته‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬أبشع‭ ‬مأساة‭ ‬لانعدام‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي،‭ ‬يتم‭ ‬توثيقها‭ ‬لتجمع‭ ‬بشرى،‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭.‬

تنوعت‭ ‬أساليب‭ ‬التجويع‭ ‬الممنهج،‭ ‬التي‭ ‬تتبعها‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بحق‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬فهي‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬تتحكم‭ ‬في‭ ‬حياتهم،‭ ‬إذ‭ ‬يعتمدون‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬إمدادهم‭ ‬بالكهرباء،‭ ‬معظم‭ ‬المياه،‭ ‬مشتقات‭ ‬البترول،‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬والأدوية‭ ‬المستوردة‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬عبر‭ ‬الموانئ‭ ‬الإسرائيلية‭. ‬وحالة‭ ‬نشوب‭ ‬حرب‭ ‬إقليمية،‭ ‬أو‭ ‬تعرض‭ ‬إسرائيل‭ ‬لهجمات‭ ‬انتقامية‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬ووكلائها،‭ ‬فسيتضرر‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬وغزة‭ ‬بالتبعية،‭ ‬جراء‭ ‬اعتمادهم‭ ‬المفرط‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مناحي‭ ‬حياتهم،‭ ‬باعتبارها‭ ‬‮«‬القوة‭ ‬القائمة‭ ‬بالاحتلال‮»‬‭.‬

تتفنن‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬إعاقة‭ ‬دخول‭ ‬المساعدات‭ ‬إلى‭ ‬القطاع،‭ ‬حيث‭ ‬أغلقت‭ ‬المعابر،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تتيح‭ ‬دخول‭ ‬نحو600‭ ‬شاحنة‭ ‬يوميًا،‭ ‬وباتت‭ ‬المتحكم‭ ‬الوحيد‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬القوافل‭ ‬والبضائع،‭ ‬عبر‭ ‬حاجز‭ ‬إيريز‭. ‬ولا‭ ‬يكفي‭ ‬ما‭ ‬يدخل،‭ ‬حاليا،‭ ‬من‭ ‬السلع‭ ‬والبضائع،‭ ‬لتلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬1%‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬جنوب‭ ‬ووسط‭ ‬القطاع،‭ ‬بينما‭ ‬تعاني‭ ‬مناطق‭ ‬الشمال‭ ‬حرمانا‭ ‬مروعا‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تضاعف‭ ‬نسبة‭ ‬الوفيات‭ ‬الطبيعية،‭ ‬بنحو‭ ‬سبعة‭ ‬أضعاف‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬قبل‭ ‬العدوان‭ ‬الحالي‭.‬

بدم‭ ‬بارد،‭ ‬وفى‭ ‬تحد‭ ‬صارخ‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬لا‭ ‬تتورع‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬عن‭ ‬استهداف‭ ‬موظفي‭ ‬وعمال‭ ‬الإغاثة‭ ‬الأمميين،‭ ‬بغية‭ ‬عرقلة‭ ‬وصول‭ ‬المساعدات‭ ‬إلى‭ ‬غزة،‭ ‬ما‭ ‬أفضى‭ ‬إلى‭ ‬وفاة‭ ‬ما‭ ‬يناهز‭ ‬150‭ ‬منهم‭.‬

وبموازاة‭ ‬رفض‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬غالبية‭ ‬طلبات‭ ‬البعثات‭ ‬الإنسانية‭ ‬بالوصول‭ ‬إلى‭ ‬مدينة‭ ‬غزة‭ ‬وشمال‭ ‬القطاع،‭ ‬تتعاظم‭ ‬التحديات‭ ‬والقيود‭ ‬على‭ ‬حركة‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الإنساني،‭ ‬بجريرة‭ ‬أوامر‭ ‬الإخلاء‭ ‬المتكررة،‭ ‬وإعلان‭ ‬بؤر‭ ‬عديدة‭ ‬مناطقَ‭ ‬عمليات‭. ‬ولم‭ ‬يتوان‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬عن‭ ‬التماس‭ ‬السبل‭ ‬الكفيلة‭ ‬بتقويض‭ ‬نشاط‭ ‬‮«‬الأونروا‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تلعب‭ ‬دورا‭ ‬مركزيا‭ ‬في‭ ‬إنقاذ‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭. ‬

ورغم‭ ‬الإدانات‭ ‬والتحذيرات،‭ ‬التي‭ ‬أطلقتها‭ ‬منظمات‭ ‬الإغاثة‭ ‬الدولية،‭ ‬تنحسر‭ ‬أعداد‭ ‬الشاحنات،‭ ‬التي‭ ‬تنقل‭ ‬المساعدات‭ ‬إلى‭ ‬القطاع،‭ ‬بشكل‭ ‬مقلق،‭ ‬مع‭ ‬اشتداد‭ ‬وطأة‭ ‬القصف،‭ ‬الحصار‭ ‬والإغلاق‭. ‬فإلى‭ ‬جانب‭ ‬تدمير‭ ‬الطرق‭ ‬والبنى‭ ‬التحتية،‭ ‬بما‭ ‬يعرقل‭ ‬الوصول‭ ‬الآمن‭ ‬للمساعدات،‭ ‬تسيطر‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬على‭ ‬قوافلها‭ ‬كافة‭ ‬عند‭ ‬معبر‭ ‬رفح،‭ ‬وتتفنن‭ ‬في‭ ‬إعاقتها‭ ‬وتأخير‭ ‬وصولها‭. ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬عمليات‭ ‬النهب‭ ‬والتخريب،‭ ‬التي‭ ‬تتعرض‭ ‬لها‭ ‬القوافل‭ ‬القليلة‭ ‬المسموح‭ ‬بمرورها‭ ‬عبر‭ ‬المعابر‭ ‬الحدودية،‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬اليمينيين‭ ‬المتطرفين‭ ‬الإسرائيليين‭.‬

تأبى‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬إلا‭ ‬ممارسة‭ ‬التدمير‭ ‬الشامل‭ ‬والممنهج‭ ‬للنظام‭ ‬الغذائي‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬بما‭ ‬يعوق‭ ‬إيصال‭ ‬الغذاء‭ ‬الى‭ ‬الجوعى‭ ‬والمنكوبين،‭ ‬كما‭ ‬يقوض‭ ‬قدرتهم‭ ‬على‭ ‬إنتاجه‭. ‬فلم‭ ‬ترع‭ ‬عن‭ ‬تدمير‭ ‬البيئة‭ ‬الزراعية،‭ ‬وتجريف‭ ‬نحو‭ ‬22%‭ ‬من‭ ‬مساحاتها،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬آبار‭ ‬المياه،‭ ‬المعدات‭ ‬الحيوية‭ ‬لإحياء‭ ‬الأرض،‭ ‬البساتين‭ ‬والصوبات‭ ‬الحرارية‭. ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬حرمان‭ ‬المزارعين‭ ‬من‭ ‬البذور،‭ ‬مياه‭ ‬الري،‭ ‬وقطع‭ ‬الغيار‭ ‬للميكنة‭ ‬الزراعية‭. ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أطاح‭ ‬بآمال‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬ألف‭ ‬عامل‭ ‬فلسطيني،‭ ‬لجأوا‭ ‬إلى‭ ‬استصلاح‭ ‬أراضيهم‭ ‬لإنتاج‭ ‬غذائهم،‭ ‬بعدما‭ ‬ألغت‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬تصاريح‭ ‬عملهم‭ ‬داخل‭ ‬إسرائيل،‭ ‬عقب‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭. ‬وعلاوة‭ ‬على‭ ‬منع‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬بلوغ‭ ‬البحر،‭ ‬دمر‭ ‬الاحتلال‭ ‬70%‭ ‬من‭ ‬أسطول‭ ‬الصيد،‭ ‬و75%‭ ‬من‭ ‬منازل‭ ‬القطاع،‭ ‬بما‭ ‬يقوض‭ ‬قدرة‭ ‬قاطنيه‭ ‬على‭ ‬إدراك‭ ‬الطعام،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬تدبيره‭.‬

في‭ ‬ديسمبر‭ ‬الماضي،‭ ‬أعلنت‭ ‬منظمة‭ ‬هيومن‭ ‬رايتس‭ ‬ووتش،‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ترتكب‭ ‬جرائم‭ ‬حرب،‭ ‬باستخدامها‭ ‬تجويع‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬سلاحًا‭. ‬وفى‭ ‬مارس‭ ‬الماضي،‭ ‬حذر‭ ‬مسؤول‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬والأمنية‭ ‬بالاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬استخدام‭ ‬إسرائيل‭ ‬التجويع‭ ‬سلاحًا‭ ‬في‭ ‬الحرب،‭ ‬سيتسبب‭ ‬في‭ ‬حدوث‭ ‬مجاعة‭ ‬بقطاع‭ ‬غزة،‭ ‬الذي‭ ‬وصفه،‭ ‬بأنه‭ ‬كان‭ ‬أكبر‭ ‬سجن‭ ‬مفتوح‭ ‬قبل‭ ‬العدوان،‭ ‬لكنه‭ ‬تحول‭ ‬اليوم‭ ‬إلى‭ ‬أسوأ‭ ‬مقبرة‭ ‬مفتوحة‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

ليس‭ ‬لعشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬فحسب،‭ ‬وإنما‭ ‬لمبادئ‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭. ‬بدورهم،‭ ‬أدان‭ ‬نواب‭ ‬بالبرلمان‭ ‬الأوروبي‭ ‬استخدام‭ ‬الجوع‭ ‬سلاحا‭ ‬في‭ ‬الحرب،‭ ‬مشددين‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬المجاعة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ناجمة‭ ‬عن‭ ‬ممارسة‭ ‬إسرائيل‭ ‬‮«‬إبادة‭ ‬جماعية‮»‬،‭ ‬عبر‭ ‬تبنيها‭ ‬استراتيجية‭ ‬ممنهجة‭ ‬لمنع‭ ‬وصول‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وتقويض‭ ‬إمكانية‭ ‬العيش‭ ‬في‭ ‬القطاع،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استهداف‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬المتدافعين‭ ‬لتسلم‭ ‬المساعدات‭. ‬ودعوا‭ ‬إسرائيل‭ ‬الى‭ ‬فتح‭ ‬كافة‭ ‬الممرات‭ ‬والسبل‭ ‬أمام‭ ‬قوافل‭ ‬المساعدات‭. ‬وحذر‭ ‬مفوض‭ ‬إدارة‭ ‬الأزمات‭ ‬بالاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬من‭ ‬تفشى‭ ‬المجاعة‭ ‬بعموم‭ ‬غزة،‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تفتح‭ ‬طرقا‭ ‬برية‭ ‬لإيصال‭ ‬المساعدات‭ ‬إليها‭. ‬لافتًا‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إسقاط‭ ‬المساعدات‭ ‬جوًا،‭ ‬عبر‭ ‬عمليات‭ ‬أمريكية‭ ‬معقدة،‭ ‬مكلفة،‭ ‬خطيرة،‭ ‬وغير‭ ‬ناجزة‭ ‬أو‭ ‬تدشين‭ ‬ممر‭ ‬بحري‭ ‬قبالة‭ ‬غزة،‭ ‬لن‭ ‬يغني‭ ‬عن‭ ‬ضرورة‭ ‬فتح‭ ‬طرق‭ ‬برية‭ ‬لإيصال‭ ‬المساعدات‭ ‬إلى‭ ‬القطاع‭ ‬المحاصر‭.‬

انطلاقًا‭ ‬من‭ ‬اعتبار‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬أي‭ ‬تسبب‭ ‬متعمد‭ ‬في‭ ‬التجويع‭ ‬والحرمان‭ ‬جريمة‭ ‬حرب،‭ ‬أصدر‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي،‭ ‬قراره‭ ‬رقم‭ ‬2417‭ ‬لسنة‭ ‬2018،‭ ‬الذي‭ ‬يدين‭ ‬تجويع‭ ‬المدنيين‭ ‬كسلاح‭ ‬في‭ ‬الحرب‭. ‬كما‭ ‬يشجب‭ ‬الرفض‭ ‬غير‭ ‬القانوني‭ ‬والعرقلة‭ ‬المتعمدة‭ ‬لإيصال‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭. ‬ويطالب‭ ‬بحماية‭ ‬الهياكل‭ ‬اللازمة‭ ‬لإيصالها‭ ‬وتعزيز‭ ‬الإنتاج‭ ‬الغذائي‭. ‬ويُناشد‭ ‬الدول،‭ ‬التي‭ ‬لها‭ ‬تأثير‭ ‬على‭ ‬أطراف‭ ‬النزاعات‭ ‬المسلحة،‭ ‬احترام‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬الإنساني،‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬التحقيق‭ ‬بمثل‭ ‬هذه‭ ‬الانتهاكات،‭ ‬ومعاقبة‭ ‬مرتكبيها؛‭ ‬مع‭ ‬إخطار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬حالة‭ ‬وجود‭ ‬تهديد‭ ‬بحدوث‭ ‬‮«‬مجاعة‭ ‬بسبب‭ ‬النزاع‮»‬‭.‬

جدير‭ ‬بالذكر،‭ ‬أن‭ ‬لمجلس‭ ‬الأمن‭ ‬حق‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬الأشخاص‭ ‬أو‭ ‬الكيانات،‭ ‬التي‭ ‬تعيق‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬أو‭ ‬الوصول‭ ‬إليها،‭ ‬أو‭ ‬توزيعها‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬تنفيذ‭ ‬تلك‭ ‬التدابير،‭ ‬يتطلب‭ ‬توفر‭ ‬الإجماع‭ ‬داخل‭ ‬المجلس،‭ ‬وهوما‭ ‬يتعذر‭ ‬حدوثه‭ ‬حاليا،‭ ‬بسبب‭ ‬الانحياز‭ ‬الأمريكي‭ ‬لإسرائيل‭. ‬وعبر‭ ‬حكمها‭ ‬الصادر‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬الماضي،‭ ‬دعت‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية،‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬اتخاذ‭ ‬تدابير‭ ‬فورية‭ ‬وفعالة،‭ ‬لتسهيل‭ ‬توفير‭ ‬الخدمات‭ ‬الأساسية‭ ‬والمساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬الملحة،‭ ‬وتنفيذ‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬رقم‭ ‬2417‭.‬

ما‭ ‬لم‭ ‬يتوقف‭ ‬استخدام‭ ‬إسرائيل‭ ‬للتجويع‭ ‬سلاحًا‭ ‬في‭ ‬الحرب،‭ ‬ستتضاعف‭ ‬أعداد‭ ‬الضحايا‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بوتيرة‭ ‬متسارعة‭. ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬ستتجاوز‭ ‬تداعياته‭ ‬تفاقم‭ ‬المأساة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬لتطبع‭ ‬وصمة‭ ‬عار‭ ‬على‭ ‬جبين‭ ‬الإنسانية‭ ‬جمعاء،‭ ‬كونها‭ ‬ستنال‭ ‬من‭ ‬جهود‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬لحماية‭ ‬المدنيين،‭ ‬تعزيز‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬أثناء‭ ‬النزاعات‭ ‬المسلحة،‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الجوع،‭ ‬وضمان‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي،‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2030،‭ ‬بوصفه‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬الـ17‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

ويؤكد‭ ‬برنامج‭ ‬الأغذية‭ ‬العالمي،‭ ‬أن‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي،‭ ‬التنمية،‭ ‬السلام،‭ ‬جميعها‭ ‬أمور‭ ‬متلازمات‭. ‬فمن‭ ‬دون‭ ‬السلام،‭ ‬لن‭ ‬يتسنى‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الجوع،‭ ‬الذي‭ ‬يعيق‭ ‬إدراك‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬وترسيخ‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار،‭ ‬في‭ ‬ربوع‭ ‬المعمورة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا