العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

المخلفات الغازية والصلبة الناجمة عن حرب الإبادة في غزة

بقلم: د. إسماعيل محمد المدني

الجمعة ٢٣ أغسطس ٢٠٢٤ - 02:00

عدة‭ ‬دراسات‭ ‬وتقارير‭ ‬أممية‭ ‬وجامعية‭ ‬وإعلامية‭ ‬نُشرت‭ ‬منذ‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬الشاملة‭ ‬التي‭ ‬يشنها‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬بدعمٍ‭ ‬ومساعدة‭ ‬عسكرية‭ ‬شاملة‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وألمانيا،‭ ‬وبريطانيا‭ ‬ودول‭ ‬غربية‭ ‬أخرى‭. ‬وهذه‭ ‬التقارير‭ ‬وثقت‭ ‬وغطت‭ ‬جوانب‭ ‬مختلفة‭ ‬تمخضت‭ ‬عن‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الشاملة،‭ ‬معظمها‭ ‬ركز‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الإنساني‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬مقتل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬40‭ ‬ألف‭ ‬فلسطيني‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬معظمهم‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء،‭ ‬إضافة‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬العمراني‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬التدمير‭ ‬الشامل‭ ‬للمباني‭ ‬السكنية،‭ ‬والمرافق‭ ‬الخدمية‭ ‬العامة،‭ ‬والمساجد‭ ‬والكنائس‭ ‬والجامعات‭ ‬والمقابر،‭ ‬والحقول‭ ‬الزراعية‭ ‬المثمرة‭ ‬والمنتجة‭.‬

وهذه‭ ‬الحرب‭ ‬الضروس‭ ‬الظالمة‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الأعزل‭ ‬المدافع‭ ‬عن‭ ‬وطنه‭ ‬وأرضه‭ ‬وعرضه،‭ ‬تمخضت‭ ‬عنها‭ ‬أيضاً‭ ‬تأثيرات‭ ‬بيئية‭ ‬عميقة،‭ ‬ومردودات‭ ‬عقيمة‭ ‬تجذرت‭ ‬في‭ ‬شرايين‭ ‬كل‭ ‬مكونات‭ ‬البيئة‭ ‬الحية‭ ‬وغير‭ ‬الحية‭. ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬لم‭ ‬يحظ‭ ‬بالاهتمام‭ ‬المطلوب،‭ ‬ولم‭ ‬يلق‭ ‬ما‭ ‬يستحق‭ ‬من‭ ‬عناية‭ ‬ورعاية‭ ‬وتوثيق‭ ‬علمي‭ ‬دقيق،‭ ‬فلا‭ ‬حياة‭ ‬كريمة‭ ‬للإنسان‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬ملوثة،‭ ‬ولا‭ ‬حياة‭ ‬صحية‭ ‬وآمنة‭ ‬للإنسان‭ ‬عند‭ ‬العيش‭ ‬في‭ ‬ظلِ‭ ‬هواء‭ ‬ملوث،‭ ‬وماء‭ ‬آسن،‭ ‬وتربة‭ ‬مسمومة،‭ ‬فلا‭ ‬استدامة‭ ‬ولا‭ ‬سلامة‭.  ‬

فالعمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬الصهيونية‭ ‬المشتركة‭ ‬من‭ ‬الجو،‭ ‬والبر،‭ ‬والبحر،‭ ‬ولَّدت‭ ‬انبعاثات‭ ‬غازية‭ ‬مشبعة‭ ‬بخليطٍ‭ ‬معقد‭ ‬من‭ ‬الملوثات‭ ‬السامة‭ ‬والخطرة،‭ ‬كما‭ ‬أنتجت‭ ‬كميات‭ ‬ضخمة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬البشرية‭ ‬من‭ ‬المخلفات‭ ‬الصلبة‭ ‬الخطرة‭ ‬والمتفجرة‭ ‬والسامة‭ ‬والمسرطنة‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬والمخلفات‭ ‬الصلبة‭ ‬غير‭ ‬الخطرة‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭. ‬

أما‭ ‬الانبعاثات‭ ‬الغازية‭ ‬السامة‭ ‬التي‭ ‬لوثت‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي‭ ‬وأفسدت‭ ‬جودته‭ ‬وصحته‭ ‬فنجمت‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬مصادر‭ ‬متنوعة‭. ‬فالمصدر‭ ‬الأول‭ ‬نجم‭ ‬عن‭ ‬حركة‭ ‬الطيران‭ ‬الحربي‭ ‬جواً،‭ ‬وثانياً‭ ‬الانبعاثات‭ ‬من‭ ‬انفجار‭ ‬الأطنان‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬أنواع‭ ‬القنابل‭ ‬والمتفجرات‭ ‬والصواريخ‭ ‬خلال‭ ‬60‭ ‬يوماً‭ ‬فقط،‭ ‬وثالثاً‭ ‬من‭ ‬حركة‭ ‬طائرات‭ ‬الشحن‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬العملاقة‭ ‬خاصة‭ ‬والغربية‭ ‬عامة،‭ ‬والتي‭ ‬لم‭ ‬تتوقف‭ ‬طوال‭ ‬فترة‭ ‬الهجوم‭ ‬العسكري‭ ‬البري‭ ‬والجوي‭ ‬والبحري،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الانبعاثات‭ ‬من‭ ‬عوادم‭ ‬السيارات‭ ‬البرية‭ ‬العسكرية‭ ‬بمختلف‭ ‬أنواعها‭ ‬وأحجامها‭.‬

أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬لانبعاثات‭ ‬الملوثات‭ ‬من‭ ‬المتفجرات‭ ‬فأخطرها‭ ‬من‭ ‬قنابل‭ ‬الفوسفور‭ ‬الأبيض‭ ‬المحرمة‭ ‬دولياً‭ ‬والتي‭ ‬استُخدمت‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬أيام‭ ‬على‭ ‬سكان‭ ‬غزة،‭ ‬منها‭ ‬يومي‭ ‬10‭ ‬و11‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬بحسب‭ ‬التقارير‭ ‬الصادرة‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬الواشنطن‭ ‬بوست‭ ‬الأمريكية،‭ ‬ومنظمة‭ ‬العفو‭ ‬الدولية‭ ‬وهيومان‭ ‬رايتس‭. ‬وهذه‭ ‬القنبلة،‭ ‬أو‭ ‬القذيفة‭ ‬الكيماوية،‭ ‬تُطلق‭ ‬من‭ ‬المدافع‭ ‬أو‭ ‬الصواريخ،‭ ‬وعند‭ ‬التماسها‭ ‬بالأكسجين‭ ‬في‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي‭ ‬تحترق‭ ‬وتشتعل‭ ‬وتولد‭ ‬كمية‭ ‬ضخمة‭ ‬من‭ ‬الحرارة‭ ‬العالية‭ ‬جداً‭ ‬ومن‭ ‬الأدخنة‭ ‬والسحب‭ ‬البيضاء‭ ‬السامة‭ ‬والحارقة‭ ‬للبشر‭ ‬والشجر‭ ‬والحجر‭ ‬والحيوان‭. ‬وهذه‭ ‬القنبلة‭ ‬الفوسفورية‭ ‬لها‭ ‬بصمات‭ ‬عميقة‭ ‬وعقيمة‭ ‬تتركها‭ ‬في‭ ‬مكونات‭ ‬البيئة‭ ‬وفي‭ ‬جسم‭ ‬الإنسان‭ ‬فتبقى‭ ‬خالدة‭ ‬مخلدة‭ ‬فيها‭ ‬عقوداً‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الزمن‭. ‬فجسيمات‭ ‬الفوسفور‭ ‬الحارقة‭ ‬تنزل‭ ‬على‭ ‬البشر،‭ ‬وعلى‭ ‬المسطحات‭ ‬المائية،‭ ‬وعلى‭ ‬التربة‭ ‬فتلوثها‭ ‬جميعا‭ ‬وتتجذر‭ ‬في‭ ‬أعماقها‭ ‬تحت‭ ‬سطح‭ ‬التربة‭ ‬وإلى‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية‭ ‬وتتراكم‭ ‬فيها‭ ‬يوماً‭ ‬بعد‭ ‬يوم،‭ ‬فتنتقل‭ ‬مع‭ ‬الوقت‭ ‬من‭ ‬النبات‭ ‬إلى‭ ‬الحيوان‭ ‬والإنسان‭ ‬ضمن‭ ‬السلسلة‭ ‬الغذائية‭.‬

كذلك‭ ‬فإن‭ ‬القنابل‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬عندما‭ ‬تسقط‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬تولد‭ ‬أدخنة‭ ‬سوداء‭ ‬مظلمة‭ ‬تحول‭ ‬النهار‭ ‬ليلاً،‭ ‬وقاتلة‭ ‬للبشر‭ ‬والشجر‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القريب‭ ‬والبعيد‭. ‬فهذه‭ ‬الأدخنة‭ ‬السوداء‭ ‬التي‭ ‬نُطلق‭ ‬عليها‭ ‬بالجسيمات‭ ‬الدقيقة‭ ‬تهدد‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬جانبين‭. ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬تعرض‭ ‬الإنسان‭ ‬مباشرة‭ ‬لهذه‭ ‬الملوثات‭ ‬المسرطنة‭ ‬فتدخل‭ ‬حسب‭ ‬حجمها‭ ‬إلى‭ ‬الإنسان‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الجهاز‭ ‬التنفسي،‭ ‬وقد‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬الجزء‭ ‬السفلي‭ ‬من‭ ‬الجهاز‭ ‬التنفسي‭ ‬وإلى‭ ‬الرئتين‭ ‬والشعاب‭ ‬الهوائية‭ ‬فيها،‭ ‬ثم‭ ‬تنتقل‭ ‬فتدخل‭ ‬إلى‭ ‬الدورة‭ ‬الدموية،‭ ‬ومنها‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬خلية‭ ‬من‭ ‬خلايا‭ ‬أعضاء‭ ‬جسم‭ ‬الإنسان‭. ‬وأما‭ ‬الجانب‭ ‬الثاني‭ ‬فإن‭ ‬الجسيمات‭ ‬الدقيقة‭ ‬السوداء‭ ‬تحمل‭ ‬على‭ ‬سطحها‭ ‬الملوثات‭ ‬المسرطنة‭ ‬والسامة‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تمتصها‭ ‬من‭ ‬الجو‭ ‬الملوث‭ ‬والمسموم،‭ ‬فتتضاعف‭ ‬تهديداتها‭ ‬لصحة‭ ‬الإنسان،‭ ‬وتزيد‭ ‬هذه‭ ‬التهديدات‭ ‬بالنسبة‭ ‬للأطفال‭ ‬والمرضى‭ ‬الذين‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬مشكلات‭ ‬في‭ ‬التنفس‭. ‬وعلاوة‭ ‬على‭ ‬الدخان‭ ‬المنبعث‭ ‬من‭ ‬المتفجرات‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬ملوثات‭ ‬أخرى‭ ‬سامة‭ ‬تنطلق‭ ‬منها‭ ‬فتفسد‭ ‬نقاوة‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي‭ ‬وتدمر‭ ‬صحة‭ ‬البشر،‭ ‬منها‭ ‬أكاسيد‭ ‬النيتروجين،‭ ‬وأول‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون،‭ ‬وأنواع‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬المعادن‭ ‬الثقيلة‭ ‬السامة،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬الرصاص‭.‬

وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬فجميع‭ ‬المصادر‭ ‬التي‭ ‬ذكرتُها‭ ‬تنبعث‭ ‬عنها‭ ‬غاز‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬المسؤول‭ ‬الأول‭ ‬عن‭ ‬أعظم‭ ‬وأعقد‭ ‬قضية‭ ‬بيئية‭ ‬وصحية‭ ‬عرفها‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬تاريخه،‭ ‬وهي‭ ‬قضية‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬وارتفاع‭ ‬درجة‭ ‬حرارة‭ ‬الأرض‭ ‬والمردودات‭ ‬الأخرى‭ ‬الكثيرة‭ ‬الناجمة‭ ‬عنها‭. ‬فقد‭ ‬أكدت‭ ‬عدة‭ ‬دراسات‭ ‬أولية‭ ‬بأن‭ ‬الانبعاثات‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬غاز‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬والغازات‭ ‬الأخرى‭ ‬مرتفعة‭ ‬جداً،‭ ‬وتُعتبر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الانبعاثات‭ ‬السنوية‭ ‬للكثير‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الغاز،‭ ‬حيث‭ ‬قُدَّرت‭ ‬الكمية‭ ‬خلال‭ ‬شهرين‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬العدوان‭ ‬الصهيوني‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬بنحو‭ ‬281‭ ‬ألف‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬مكافئ‭ ‬غاز‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يساوي‭ ‬حرق‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬150‭ ‬ألف‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬الفحم‭. ‬وهذه‭ ‬الدراسة‭ ‬الأولية‭ ‬منشورة‭ ‬في‭ ‬9‭ ‬يناير‭ ‬2024‭ ‬في‭ (‬Social‭ ‬Science‭ ‬Research‭ ‬Network‭) ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬الانبعاثات‭ ‬الزمانية‭ ‬المتعددة‭ ‬لغازات‭ ‬الدفيئة‭ ‬من‭ ‬نزاع‭ ‬إسرائيل‭ ‬‭ ‬غزة‮»‬‭.‬

وأما‭ ‬المخلفات‭ ‬الصلبة‭ ‬التي‭ ‬نجمت‭ ‬عن‭ ‬الإبادة‭ ‬الشاملة‭ ‬لغزة،‭ ‬فيمكن‭ ‬تصنيفها‭ ‬إلى‭ ‬مخلفات‭ ‬صلبة‭ ‬خطرة‭ ‬وغير‭ ‬خطرة‭. ‬فأما‭ ‬المخلفات‭ ‬غير‭ ‬الخطرة‭ ‬فتتمثل‭ ‬في‭ ‬ركام‭ ‬المباني‭ ‬المهدومة‭ ‬والخرسانة‭ ‬المسلحة‭ ‬بأنواعها‭ ‬والأعمدة‭ ‬الحديدية‭ ‬والمعدنية‭ ‬بشكلٍ‭ ‬عام،‭ ‬إضافة‭ ‬على‭ ‬مخلفات‭ ‬الشوارع‭ ‬الإسفلتية‭ ‬وغير‭ ‬الإسفلتية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تدميرها‭. ‬والمخلفات‭ ‬الخطرة‭ ‬فهي‭ ‬المواد‭ ‬العازلة‭ ‬الأسبستية‭ ‬المسرطنة‭ ‬من‭ ‬المباني‭ ‬ومخلفات‭ ‬المستشفيات‭ ‬الخطرة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬القنابل‭ ‬والصواريخ‭ ‬والذخائر‭ ‬الأخرى‭ ‬الموقوتة‭ ‬قد‭ ‬تنفجر‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت،‭ ‬وبقايا‭ ‬جثث‭ ‬آلاف‭ ‬الشهداء‭ ‬الذين‭ ‬مازالوا‭ ‬تحت‭ ‬ركام‭ ‬المباني‭. ‬وقد‭ ‬قامت‭ ‬منظمات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وبعض‭ ‬الباحثين‭ ‬بتقديرها‭ ‬حسب‭ ‬صور‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬التي‭ ‬تُقدم‭ ‬عدد‭ ‬المباني‭ ‬والعمارات‭ ‬والمرافق‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬هدمها‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬هناك‭ ‬التقرير‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬معهد‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للتدريب‭ ‬والأبحاث‭ ‬(United Nations Institute for Training & Research)‭ ‬والمنشور‭ ‬في‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬أغسطس‭ ‬2024،‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬غزة‭: ‬المخلفات‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬النزاع‭ ‬الحالي‭ ‬يقدر‭ ‬بأكثر‭ ‬14‭ ‬مرة‭ ‬من‭ ‬اجمالي‭ ‬المخلفات‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬النزاعات‭ ‬الأخرى‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2008‮»‬،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬التقرير‭ ‬الأممي‭ ‬من‭ ‬برنامج‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للبيئة‭ ‬(United Nations Environment Program)، وبرنامج‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للمستوطنات‭ ‬البشرية‭ ‬(United Nations Habitat)، وتحقيق‭ ‬‮«‬البلومبيرج‮»‬‭ ‬في‭ ‬16‭ ‬أغسطس‭ ‬2024‭.‬

فكمية‭ ‬المخلفات‭ ‬الصلبة‭ ‬غير‭ ‬الخطرة‭ ‬التي‭ ‬قُدِّرت‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬يناير‭ ‬بلغت‭ ‬قرابة‭ ‬2‭ ‬مليون‭ ‬و293‭ ‬ألف‭ ‬طن،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الكمية‭ ‬الضخمة‭ ‬زادت‭ ‬بنسبة‭ ‬83%‭ ‬في‭ ‬6‭ ‬يوليو‭ ‬حيث‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬41‭ ‬مليونا‭ ‬و946‭ ‬ألف‭ ‬طن،‭ ‬أي‭ ‬نحو‭ ‬300‭ ‬كيلوجرام‭ ‬من‭ ‬المخلفات‭ ‬الصلبة‭ ‬في‭ ‬المتر‭ ‬المربع‭ ‬من‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭. ‬وفي‭ ‬تقديري‭ ‬ونتيجة‭ ‬لاستمرار‭ ‬العدوان‭ ‬الهمجي‭ ‬البربري‭ ‬على‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬السكنية‭ ‬والخدمية‭ ‬فإن‭ ‬كمية‭ ‬المخلفات‭ ‬الصلبة‭ ‬قد‭ ‬تتجاوز‭ ‬الـ‭ ‬50‭ ‬مليون‭ ‬طن‭.‬

فهذه‭ ‬المخلفات‭ ‬الغازية‭ ‬والصلبة‭ ‬الخطرة‭ ‬وغير‭ ‬الخطرة‭ ‬ستمثل‭ ‬أزمة‭ ‬خالدة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الغزاوي‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ينتهي‭ ‬العدوان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬وستحتاج‭ ‬للتخلص‭ ‬منها‭ ‬إلى‭ ‬عقود‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬وكلفة‭ ‬مالية‭ ‬عالية‭ ‬مرهقة‭ ‬لميزانية‭ ‬أية‭ ‬دولة‭.‬

ismail.almadany@gmail.com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا