العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

كيف يمكن للسياسات المرنة أن تضمن رفاهية المواطنين؟

بقلم: نبيلة رجب

الأربعاء ٢٨ أغسطس ٢٠٢٤ - 02:00

في‭ ‬عالم‭ ‬يتسارع‭ ‬فيه‭ ‬إيقاع‭ ‬الأحداث‭ ‬وتتغير‭ ‬فيه‭ ‬الظروف‭ ‬بوتيرة‭ ‬ملحوظة،‭ ‬تبرز‭ ‬قدرة‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬تعديل‭ ‬سياساتها‭ ‬بذكاء‭ ‬وسرعة‭ ‬كعامل‭ ‬حاسم‭ ‬لتحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وتعزيز‭ ‬جودة‭ ‬حياة‭ ‬الأفراد‭. ‬في‭ ‬عصرنا‭ ‬الحالي،‭ ‬أصبح‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬التغيرات‭ ‬المستمرة‭ ‬ضرورة‭ ‬لا‭ ‬غنى‭ ‬عنها‭ ‬لضمان‭ ‬تنمية‭ ‬مستدامة‭ ‬وتحقيق‭ ‬الرفاهية،‭ ‬حيث‭ ‬تقاس‭ ‬قوة‭ ‬الدول‭ ‬اليوم‭ ‬بمدى‭ ‬مرونتها‭ ‬في‭ ‬الاستجابة‭ ‬للتحديات،‭ ‬وقدرتها‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬تضمن‭ ‬استقرارا‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭.‬

من‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬العدسة،‭ ‬يمكننا‭ ‬فهم‭ ‬كيف‭ ‬تسهم‭ ‬السياسات‭ ‬الداعمة‭ ‬للتطوير‭ ‬المستمر‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الثقة‭ ‬المتبادلة‭ ‬بين‭ ‬الحكومات‭ ‬والمواطنين،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬مجتمعات‭ ‬أكثر‭ ‬تماسكا‭ ‬واستقرارًا‭. ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬السياسات‭ ‬يُمكّن‭ ‬من‭ ‬مواجهة‭ ‬الصعوبات‭ ‬بفعالية‭ ‬ويعزز‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬الشعوب‭ ‬على‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬التحولات،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬محلية‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬عالمية‭.‬

ومع‭ ‬تزايد‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تحديث‭ ‬اللوائح‭ ‬والإجراءات‭ ‬لتتماشى‭ ‬مع‭ ‬العدالة‭ ‬والتطورات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬تأتي‭ ‬بعض‭ ‬التعديلات‭ ‬الإجرائية‭ ‬لتقوي‭ ‬من‭ ‬انسيابية‭ ‬الوسائل‭ ‬والخطوات‭ ‬وتسهل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الحقوق‭. ‬من‭ ‬الأمثلة‭ ‬البارزة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬موافقة‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬مؤخرًا‭ ‬على‭ ‬مشروع‭ ‬قرار‭ ‬بشأن‭ ‬الإجراءات‭ ‬التنظيمية‭ ‬للإسكان،‭ ‬الذي‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬تحقيق‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬المواطنين‭ ‬المنتفعين‭ ‬من‭ ‬الخدمات‭ ‬الإسكانية‭. ‬وشمل‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬إلغاء‭ ‬شرط‭ ‬عدم‭ ‬انتفاع‭ ‬الزوجة‭ ‬بعقار‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الإرث‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬الخدمات‭ ‬الإسكانية‭. ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬تمثل‭ ‬جهداً‭ ‬لإزالة‭ ‬الحواجز‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تحول‭ ‬دون‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬والإنصاف‭.‬

هذه‭ ‬التعديلات‭ ‬لاقت‭ ‬استحسانا‭ ‬واسعا‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الجهات‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المنظمات‭ ‬غير‭ ‬الحكومية‭ ‬ومؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭. ‬إذ‭ ‬رأوا‭ ‬فيها‭ ‬خطوة‭ ‬مهمة‭ ‬نحو‭ ‬تحسين‭ ‬حياة‭ ‬المواطنين‭ ‬وتلبية‭ ‬احتياجاتهم‭. ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تكييف‭ ‬السياسات‭ ‬مع‭ ‬الظروف‭ ‬المتغيرة‭ ‬تمنح‭ ‬بلادنا‭ ‬مرونة‭ ‬أكبر‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬القادمة‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬الفرص‭ ‬المستقبلية‭.‬

تعد‭ ‬تجربة‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬رؤية‭ ‬2030‭ ‬نموذجا‭ ‬مشرفا‭ ‬لهذا‭ ‬التكيف،‭ ‬حيث‭ ‬عملت‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬تجديد‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬سكني‮»‬،‭ ‬ما‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬ارتفاع‭ ‬ملحوظ‭ ‬في‭ ‬نسبة‭ ‬تملك‭ ‬المواطنين‭ ‬لمساكنهم‭. ‬هذا‭ ‬التغيير‭ ‬لم‭ ‬يعط‭ ‬دفعة‭ ‬للعدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬أسهم‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬مستوى‭ ‬جودة‭ ‬الحياة‭.‬

وفي‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة،‭ ‬شهدت‭ ‬قوانين‭ ‬التقاعد‭ ‬تغييرات‭ ‬جذرية‭ ‬لمواكبة‭ ‬التحولات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والديموغرافية‭. ‬هذه‭ ‬الإصلاحات‭ ‬تُعد‭ ‬خطوة‭ ‬مهمة‭ ‬نحو‭ ‬تعزيز‭ ‬الاستقرار‭ ‬المالي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬للمتقاعدين،‭ ‬مما‭ ‬يعكس‭ ‬أهمية‭ ‬التكيف‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التحولات‭ ‬المجتمعية‭.‬

وعلى‭ ‬الصعيد‭ ‬الدولي،‭ ‬يبرز‭ ‬مثال‭ ‬كندا،‭ ‬ففي‭ ‬عام‭ ‬2017،‭ ‬قامت‭ ‬كندا‭ ‬بتعديل‭ ‬قوانين‭ ‬الإسكان‭ ‬الاجتماعي‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬‮«‬الاستراتيجية‭ ‬الوطنية‭ ‬للإسكان‮»‬،‭ ‬في‭ ‬استجابة‭ ‬للتغيرات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬لديهم‭. ‬هذه‭ ‬التعديلات‭ ‬كانت‭ ‬جهدًا‭ ‬مستمرًا‭ ‬لضمان‭ ‬توفير‭ ‬سكن‭ ‬لائق‭ ‬وتحسين‭ ‬حياة‭ ‬الأسر،‭ ‬مما‭ ‬يعكس‭ ‬أهمية‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬العوائق‭ ‬كعامل‭ ‬جوهري‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬مستقبل‭ ‬أكثر‭ ‬أمانا‭ ‬ورفاهية‭.‬

كل‭ ‬هذه‭ ‬النماذج‭ ‬السابقة‭ ‬تظهر‭ ‬بوضوح‭ ‬أن‭ ‬مواكبة‭ ‬المستجدات‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬للظروف‭ ‬الوقتية،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬استراتيجية‭ ‬أساسية‭ ‬لضمان‭ ‬التقدم‭ ‬المستدام‭. ‬عندما‭ ‬تتسم‭ ‬السياسات‭ ‬بالقدرة‭ ‬على‭ ‬التكيف،‭ ‬تُفتح‭ ‬أمام‭ ‬المجتمعات‭ ‬أبواب‭ ‬الإبداع‭ ‬والفرص‭ ‬الجديدة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يمكنها‭ ‬من‭ ‬التعامل‭ ‬بفاعلية‭ ‬مع‭ ‬الصعوبات‭ ‬وتحويلها‭ ‬إلى‭ ‬نقاط‭ ‬قوة‭. ‬

ختام‭ ‬القول،‭ ‬يتضح‭ ‬أن‭ ‬التكيف‭ ‬والتجديد‭ ‬في‭ ‬السياسات‭ ‬العامة‭ ‬يشكلان‭ ‬حجر‭ ‬الزاوية‭ ‬لضمان‭ ‬راحة‭ ‬وجودة‭ ‬حياة‭ ‬المواطنين‭. ‬وإن‭ ‬اتباع‭ ‬مسار‭ ‬استباقي‭ ‬ومرن‭ ‬يضمن‭ ‬معيشة‭ ‬هانئة‭ ‬ومستقرة‭ ‬للجماعات،‭ ‬ويضع‭ ‬الأسس‭ ‬لتعزيز‭ ‬القوة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬مما‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬بناء‭ ‬مجتمعات‭ ‬متجددة‭ ‬وحيوية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬تحديات‭ ‬المستقبل‭ ‬بثقة‭ ‬وثبات‭.‬

rajabnabeela@gmail‭.‬com

 

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا