العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

المخلفات البلاستيكية تحتل كل شبرٍ من أجسادنا!

بقلم: د. إسماعيل محمد المدني

الأربعاء ٠٤ سبتمبر ٢٠٢٤ - 02:00

هل‭ ‬تُصدقونني‭ ‬إذا‭ ‬قلتُ‭ ‬لكم‭ ‬إنكم‭ ‬لو‭ ‬تخلصتم‭ ‬من‭ ‬المخلفات‭ ‬بشكلٍ‭ ‬عام،‭ ‬وخاصة‭ ‬المخلفات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتحلل‭ ‬بطريقة‭ ‬غير‭ ‬سليمة‭ ‬بيئيا‭ ‬وصحيا،‭ ‬فإنها‭ ‬سترجع‭ ‬إليكم‭ ‬مرة‭ ‬ثانية‭ ‬عاجلاً‭ ‬أم‭ ‬آجلاً،‭ ‬وبطريقة‭ ‬مباشرة‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مباشرة،‭ ‬طال‭ ‬الزمن‭ ‬أو‭ ‬قصر،‭ ‬وتؤثر‭ ‬على‭ ‬صحتكم‭ ‬وتُصيبكم‭ ‬بالأمراض‭ ‬والعلل‭ ‬الغريبة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يعلم‭ ‬عنها‭ ‬أحد؟

فهل‭ ‬تصدقونني‭ ‬في‭ ‬صحة‭ ‬هذا‭ ‬الادعاء،‭ ‬وتثقون‭ ‬بكلامي؟

لقد‭ ‬تحول‭ ‬هذا‭ ‬الادعاء‭ ‬الآن‭ ‬إلى‭ ‬حقيقة‭ ‬علمية‭ ‬واقعة‭ ‬تُسندها‭ ‬الدراسات‭ ‬المخبرية،‭ ‬وتدعمها‭ ‬الأبحاث‭ ‬الميدانية،‭ ‬وتؤكد‭ ‬صحتها‭ ‬التقارير‭ ‬الطبية،‭ ‬فأصبح‭ ‬هناك‭ ‬اليوم‭ ‬إجماع‭ ‬واتفاق‭ ‬عند‭ ‬العلماء‭ ‬على‭ ‬مصداقيتها‭ ‬وواقعيتها‭.‬

وسأُقدم‭ ‬إليكم‭ ‬الدليل‭ ‬الدامغ‭ ‬والشافي‭ ‬الذي‭ ‬تمخض‭ ‬عن‭ ‬آخر‭ ‬الأبحاث‭ ‬المنشورة‭ ‬التي‭ ‬سبرت‭ ‬بعمق‭ ‬غور‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬كل‭ ‬المجتمعات‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬بدون‭ ‬استثناء،‭ ‬سواء‭ ‬أكانت‭ ‬قريبة‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬والمدن‭ ‬الحضرية،‭ ‬أم‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬الأرياف‭ ‬النائية‭ ‬وبعيدة‭ ‬عن‭ ‬الأنشطة‭ ‬البشرية‭ ‬الملوثة‭ ‬لمكونات‭ ‬البيئة‭. ‬

أما‭ ‬الحقيقة‭ ‬الأولى‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالمخلفات‭ ‬عامة،‭ ‬والمخلفات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬خاصة‭ ‬فهي‭ ‬إنها‭ ‬أصبحت‭ ‬الآن‭ ‬جزءاً‭ ‬أصيلاً‭ ‬ومشهوداً‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬مكونات‭ ‬وعناصر‭ ‬بيئتنا،‭ ‬سواء‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي،‭ ‬أو‭ ‬المسطحات‭ ‬المائية‭ ‬العذبة‭ ‬والمالحة،‭ ‬أو‭ ‬التربة‭ ‬الزراعية‭ ‬والصحراوية،‭ ‬بل‭ ‬أصبحت‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬تحللها‭ ‬تتراكم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العناصر‭ ‬البيئية‭. ‬فهذه‭ ‬المخلفات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬مع‭ ‬الوقت‭ ‬وبفعل‭ ‬الظروف‭ ‬المناخية‭ ‬من‭ ‬حرارة‭ ‬ورطوبة‭ ‬وأشعة‭ ‬الشمس،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬التيارات‭ ‬المائية‭ ‬تبدأ‭ ‬في‭ ‬التكسر‭ ‬الحيوي‭ ‬‭(‬biofragmentation‭)‬،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المخلفات‭ ‬الكبيرة‭ ‬تتكسر‭ ‬وتتجزأ‭ ‬مع‭ ‬الزمن‭ ‬إلى‭ ‬قطع‭ ‬وجسيمات‭ ‬بلاستيكية‭ ‬أصغر‭ ‬فأصغر‭ ‬حتى‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬الجسيمات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تُرى‭ ‬بالعين‭ ‬المجردة،‭ ‬ويُطلق‭ ‬عليها‭ ‬‮«‬الميكروبلاستيك‮»‬‭ ‬و«النانوبلاستيك‮»‬‭.  ‬

والسؤال‭ ‬هو‭: ‬هل‭ ‬هذه‭ ‬المخلفات‭ ‬والجسيمات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمجهرية‭ ‬تبقى‭ ‬تراوح‭ ‬في‭ ‬مكانها‭ ‬في‭ ‬عناصر‭ ‬بيئتنا،‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬لها‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الحركة‭ ‬والتنقل‭ ‬وغزو‭ ‬جبهات‭ ‬جديدة‭ ‬أخرى‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬في‭ ‬الحسبان‭ ‬ولم‭ ‬تخطر‭ ‬على‭ ‬بال‭ ‬أحد؟

والإجابة‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬تنقلنا‭ ‬إلى‭ ‬الحقيقة‭ ‬الثانية‭ ‬الموثقة‭ ‬مخبرياً‭ ‬وميدانياً،‭ ‬حيث‭ ‬أجمعت‭ ‬الدراسات‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الجسيمات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬لا‭ ‬تَبْقى‭ ‬ثابتة‭ ‬في‭ ‬مكانها‭ ‬في‭ ‬مكونات‭ ‬بيئتنا‭ ‬وإنما‭ ‬تنتقل‭ ‬وتغزو‭ ‬أولاً‭ ‬بيئات‭ ‬جديدة‭ ‬نائية‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬أعين‭ ‬وأنشطة‭ ‬الإنسان‭ ‬كالقطبين‭ ‬الشمالي‭ ‬والجنوبي،‭ ‬وأعالي‭ ‬الجبال‭ ‬الشاهقة،‭ ‬وأعماق‭ ‬المحيطات‭ ‬المظلمة‭ ‬والشديدة‭ ‬البرودة،‭ ‬وثانياً‭ ‬لهذه‭ ‬الجسيمات‭ ‬الدقيقة‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬كسر‭ ‬جدار‭ ‬جسم‭ ‬الإنسان‭ ‬وغزو‭ ‬جميع‭ ‬أعضاء‭ ‬أجسادنا،‭ ‬الصغيرة‭ ‬منها‭ ‬والكبيرة،‭ ‬القريبة‭ ‬منها‭ ‬والبعيدة،‭ ‬حتى‭ ‬خلايا‭ ‬الإنسان‭ ‬لم‭ ‬تسلم‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الجسيمات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬المجهرية‭. ‬

وسأُقدم‭ ‬لكم‭ ‬بعض‭ ‬الأمثلة‭ ‬على‭ ‬غزوها‭ ‬أولاً‭ ‬للبيئات‭ ‬الفطرية‭ ‬البكر‭ ‬النائية،‭ ‬ثم‭ ‬كيفية‭ ‬دخولها‭ ‬لأعضاء‭ ‬أجسادنا‭. ‬فقد‭ ‬نُشرت‭ ‬دراسة‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬بيولوجيا‭ ‬التغيير‭ ‬العالمي‮»‬‭ ‬(Global Change Biology) في‭ ‬21‭ ‬أغسطس‭ ‬2024‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬المخلفات‭ ‬الطافية‭ ‬فوق‭ ‬سطح‭ ‬والكائنات‭ ‬الحية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تغزو‭ ‬سواحل‭ ‬القطب‭ ‬الجنوبي‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬البيئات‭ ‬البرية‭ ‬في‭ ‬نصف‭ ‬الكرة‭ ‬الجنوبية‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬الدراسة‭ ‬تمت‭ ‬مراقبة‭ ‬المخلفات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬الكبيرة،‭ ‬مثل‭ ‬عبوات‭ ‬المياه‭ ‬والأكياس‭ ‬البلاستيكية،‭ ‬وكيفية‭ ‬تحركها‭ ‬وانتقالها‭ ‬عبر‭ ‬سطح‭ ‬مياه‭ ‬المحيط‭ ‬الهادئ‭ ‬من‭ ‬الجزء‭ ‬الجنوبي‭ ‬من‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬من‭ ‬أستراليا،‭ ‬ودولة‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬وأمريكا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬ونيوزيلاندا،‭ ‬وقارة‭ ‬زيلانديا‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬الهادئ‭ ‬ووصولها‭ ‬بعد‭ ‬أشهر‭ ‬طويلة،‭ ‬أو‭ ‬سنوات‭ ‬إلى‭ ‬سواحل‭ ‬بحار‭ ‬القطب‭ ‬الجنوبي‭. ‬فهذه‭ ‬الدراسة‭ ‬أكدت‭ ‬نتائج‭ ‬الدراسات‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬المخلفات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬بمختلف‭ ‬أنواعها‭ ‬وأحجامها‭ ‬تتحرك‭ ‬من‭ ‬موقعها‭ ‬الأصلي‭ ‬وتصل‭ ‬إلى‭ ‬مواقع‭ ‬تبعد‭ ‬آلاف‭ ‬الكيلومترات‭ ‬عنها،‭ ‬ثم‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬المخلفات‭ ‬تحمل‭ ‬على‭ ‬ظهرها‭ ‬كائنات‭ ‬حية‭ ‬نباتية‭ ‬وحيوانية‭ ‬وكائنات‭ ‬مجهرية‭ ‬دقيقة‭ ‬كالبكتيريا‭ ‬والفيروسات،‭ ‬فتنقلها‭ ‬إلى‭ ‬بيئات‭ ‬جديدة‭ ‬غريبة‭ ‬عليها،‭ ‬وتغزوها‭ ‬وتؤثر‭ ‬على‭ ‬الكائنات‭ ‬الفطرية‭ ‬الأصيلة‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬فيها،‭ ‬وتهدد‭ ‬التنوع‭ ‬الإحيائي‭ ‬والنظام‭ ‬البيئي‭ ‬الفطري‭ ‬المتوازن‭ ‬والدقيق‭ ‬بشكلٍ‭ ‬عام‭. ‬

أما‭ ‬القضية‭ ‬الثانية‭ ‬فهي‭ ‬دخول‭ ‬هذه‭ ‬الجسيمات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬الدقيقة‭ ‬إلى‭ ‬أعضاء‭ ‬جسم‭ ‬الإنسان‭ ‬وتراكمها‭ ‬واستقرارها‭ ‬أخيراً‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأعضاء‭. ‬فهذه‭ ‬الجسيمات‭ ‬المجهرية‭ ‬تدخل‭ ‬أولاً‭ ‬إلى‭ ‬جسم‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬منافذ‭ ‬رئيسة‭ ‬هي‭ ‬استنشاق‭ ‬الهواء‭ ‬الملوث‭ ‬بهذه‭ ‬الجسيمات،‭ ‬أي‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الأنف،‭ ‬أو‭ ‬شرب‭ ‬وأكل‭ ‬مواد‭ ‬غذائية‭ ‬ملوثة‭ ‬بالبلاستيك،‭ ‬أي‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الفم،‭ ‬أو‭ ‬دخولها‭ ‬إلى‭ ‬الجسم‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬مسامات‭ ‬الجلد‭. ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬المنافذ‭ ‬تدخل‭ ‬إلى‭ ‬مجرى‭ ‬الدم‭ ‬والدورة‭ ‬الدموية‭ ‬فتتخطى‭ ‬الحاجز‭ ‬الفاصل‭ ‬بين‭ ‬الدم‭ ‬وخلايا‭ ‬أعضاء‭ ‬الجسم‭ ‬فتغزوها‭ ‬وتنتقل‭ ‬إليها‭ ‬وتبدأ‭ ‬في‭ ‬التراكم‭ ‬فيها‭ ‬مع‭ ‬الوقت‭. ‬

ومن‭ ‬هذه‭ ‬الأعضاء‭ ‬المخ،‭ ‬والكلية،‭ ‬والكبد‭ ‬حسب‭ ‬الدراسة‭ ‬المنشورة (Research Square)‭ ‬في‭ ‬6‭ ‬مايو‭ ‬2024‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬تقييم‭ ‬التراكم‭ ‬الحيوي‭ ‬للميكروبلاستيك‭ ‬في‭ ‬مخ‭ ‬الإنسان‭ ‬المتوفى‮»‬‭. ‬وقد‭ ‬اكتشفتْ‭ ‬الدراسة‭ ‬وجود‭ ‬الميكروبلاستيك‭ ‬في‭ ‬عينات‭ ‬من‭ ‬أنسجة‭ ‬المخ،‭ ‬والكلية،‭ ‬والكبد‭ ‬من‭ ‬الموتى‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2016‭ ‬إلى‭ ‬2024،‭ ‬كما‭ ‬أفادت‭ ‬بأن‭ ‬تركيز‭ ‬الميكروبلاستيك‭ ‬في‭ ‬تزايد‭ ‬مع‭ ‬الزمن،‭ ‬مما‭ ‬يؤكد‭ ‬تراكمها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأعضاء‭. ‬

ودراسة‭ ‬أخرى‭ ‬ستُنشر‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬المواد‭ ‬الخطرة‮»‬‭ ‬(Hazardous Materials)‭ ‬في‭ ‬15‭ ‬سبتمبر‭ ‬2024،‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬اكتشاف‭ ‬وتحليل‭ ‬الميكروبلاستيك‭ ‬في‭ ‬نخاع‭ ‬العظم‭ ‬البشري‮»‬‭. ‬وهذه‭ ‬الدراسة‭ ‬أكدت‭ ‬وجود‭ ‬جسيمات‭ ‬المخلفات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬عظام‭ ‬الإنسان،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬في‭ ‬نخاع‭ ‬العظام،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬معدل‭ ‬التركيز‭ ‬51‭.‬29‭ ‬ميكروجراما‭ ‬من‭ ‬البلاستيك‭ ‬لكل‭ ‬جرام‭ ‬من‭ ‬نخاع‭ ‬العظام،‭ ‬وتراوح‭ ‬بين‭ ‬15‭.‬37‭ ‬إلى‭ ‬92‭.‬05‭. ‬وهذه‭ ‬الجسيمات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬بولي‭ ‬إيثلين،‭ ‬وبولي‭ ‬ستيرين،‭ ‬وبولي‭ ‬كلوريد‭ ‬الفينل،‭ ‬وبولي‭ ‬بروبلين،‭ ‬وتراوح‭ ‬الحجم‭ ‬بين‭ ‬20‭ ‬إلى‭ ‬100‭ ‬مايكرومتر‭. ‬

كما‭ ‬تم‭ ‬اكتشاف‭ ‬الجسيمات‭ ‬الميكروبلاستيكية‭ ‬في‭ ‬أنسجة‭ ‬المشيمة،‭ ‬كالدراسة‭ ‬المنشورة‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2024‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬علوم‭ ‬السموم‮»‬ (Toxicological Sciences) تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬تحديد‭ ‬كمية‭ ‬واكتشاف‭ ‬تراكم‭ ‬الميكروبلاستيك‭ ‬في‭ ‬عينات‭ ‬المشيمة‭ ‬البشرية‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬تراوح‭ ‬التركيز‭ ‬في‭ ‬62‭ ‬عينة‭ ‬من‭ ‬المشيمة‭ ‬بين‭ ‬6‭.‬5‭ ‬و685‭ ‬ميكروجراماً‭ ‬من‭ ‬البلاستيك‭ ‬لكل‭ ‬جرام‭ ‬من‭ ‬أنسجة‭ ‬المشيمة،‭ ‬وبمعدل‭ ‬126‭.‬8،‭ ‬والأكثر‭ ‬نوعاً‭ ‬من‭ ‬البلاستيك‭ ‬هو‭ ‬بولي‭ ‬إيثلين‭ ‬وبولي‭ ‬كلوريد‭ ‬الفينل‭. ‬فهذه‭ ‬الدراسة‭ ‬تثير‭ ‬التساؤلات‭ ‬حول‭ ‬تأثير‭ ‬البلاستيك‭ ‬على‭ ‬الحمل،‭ ‬وعلى‭ ‬الجنين‭ ‬في‭ ‬رحم‭ ‬أمه،‭ ‬وعلى‭ ‬تعقيدات‭ ‬الولادة‭ ‬وصحة‭ ‬الجنين‭ ‬المولود‭.‬

أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬القلب‭ ‬فقد‭ ‬نُشرت‭ ‬دراسة‭ ‬في‭ ‬6‭ ‬مارس‭ ‬2024‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬نيو‭ ‬إنجلند‭ ‬الطبية‮»‬ (New England Journal of Medicine) تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬الميكروبلاستيك‭ ‬والنانوبلاستيك‭ ‬في‭ ‬الأورام‭ ‬وحالات‭ ‬القلب‭ ‬والأوعية‭ ‬الدموية‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬شملت‭ ‬العينة‭ ‬304‭ ‬من‭ ‬مرضى‭ ‬الشريان‭ ‬السباتي‭ ‬الموجود‭ ‬في‭ ‬طرفي‭ ‬العنق،‭ ‬وتم‭ ‬اكتشاف‭ ‬بولي‭ ‬إيثلين‭ ‬في‭ ‬‮«‬البلاك‮»‬ (plaque)،‭ ‬أو‭ ‬ترسبات‭ ‬اللويحات‭ ‬الدهنية‭ ‬في‭ ‬عينة‭ ‬150‭ ‬مريضاً،‭ ‬وبمعدل‭ ‬21‭.‬7‭ ‬ميكروجرام‭ ‬لكل‭ ‬مليجرام‭ ‬من‭ ‬البلاك‭. ‬واستنتجتْ‭ ‬الدراسة‭ ‬بأن‭ ‬المرضى‭ ‬الذين‭ ‬اكتُشفتْ‭ ‬المخلفات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬في‭ ‬عينة‭ ‬لوحات‭ ‬الشريان‭ ‬السباتي‭ ‬أكثر‭ ‬عرضة‭ ‬للسقوط‭ ‬في‭ ‬أمراض‭ ‬القلب‭. ‬

والآن‭ ‬وبعد‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الدراسات،‭ ‬هل‭ ‬يشك‭ ‬أحد‭ ‬منا‭ ‬بأن‭ ‬المخلفات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬وغير‭ ‬البلاستيكية‭ ‬التي‭ ‬نتخلص‭ ‬منها‭ ‬سترجع‭ ‬إلينا‭ ‬مرة‭ ‬ثانية‭ ‬فتُعرض‭ ‬أمننا‭ ‬الصحي‭ ‬للخطر،‭ ‬وتهددنا‭ ‬بنزول‭ ‬أمراض‭ ‬غريبة‭ ‬ومستعصية‭ ‬على‭ ‬العلاج؟

إن‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬البيئية‭ ‬الصحية‭ ‬المزمنة‭ ‬التي‭ ‬نعيش‭ ‬فيها‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬أن‭ ‬توقظ‭ ‬كافة‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬بالصحة‭ ‬والبيئة،‭ ‬فيُعلنون‭ ‬فوراً‭ ‬حالة‭ ‬الطوارئ‭ ‬الصحية‭ ‬العامة‭ ‬لغزو‭ ‬المخلفات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬الدقيقة‭ ‬لبيئتنا‭ ‬وكافة‭ ‬أعضاء‭ ‬أجسامنا،‭ ‬والبحث‭ ‬في‭ ‬الأسقام‭ ‬والعلل‭ ‬الجديدة‭ ‬والغريبة‭ ‬التي‭ ‬سنسقط‭ ‬فيها‭ ‬لا‭ ‬محالة‭.‬

 

ismail‭.‬almadany@gmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا