العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

رفض هاريس حظر الأسلحة الأمريكية لإسرائيل وتداعياته على موقف بريطانيا

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الأربعاء ٠٤ سبتمبر ٢٠٢٤ - 02:00

خلال‭ ‬الأسابيع‭ ‬التي‭ ‬أعقبت‭ ‬اختيار‭ ‬كامالا‭ ‬هاريس‭ ‬كبديل‭ ‬عن‭ ‬الرئيس‭ ‬جو‭ ‬بايدن،‭ ‬وكمرشحة‭ ‬للحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬نوفمبر،‭ ‬التحقت‭ ‬هاريس‭ ‬بمنافسها‭ ‬الجمهوري‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬وتفوقت‭ ‬عليه‭ ‬باستطلاعات‭ ‬الرأي،‭ ‬لذا‭ ‬جاء‭ ‬تركيز‭ ‬المعلقين‭ ‬السياسيين‭ ‬بديهيا‭ ‬على‭ ‬سياساتها‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬حديث‭ ‬نائبة‭ ‬الرئيس‭ ‬الحالية‭ ‬أمام‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التجمعات‭ ‬والأحداث‭ ‬السياسية‭ ‬خلال‭ ‬حملتها‭ ‬التي‭ ‬استمرت‭ ‬شهرًا‭ ‬لرئاسة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وكذلك‭ ‬بختام‭ ‬المؤتمر‭ ‬الوطني‭ ‬الديمقراطي‭ ‬منتصف‭ ‬أغسطس،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬الجدير‭ ‬بالملاحظة‭ ‬عدم‭ ‬إجرائها‭ ‬أي‭ ‬مقابلة‭ ‬مع‭ ‬الصحافة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أو‭ ‬الدولية‭ ‬لعدة‭ ‬أسابيع؛‭ ‬حيث‭ ‬أوضح‭ ‬مايكل‭ ‬م‭. ‬جرينباوم‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز،‭ ‬أنها‭ ‬أظهرت‭ ‬قليلًا‭ ‬من‭ ‬الحماس‭ ‬لمقابلة‭ ‬الصحفيين‭ ‬بشكل‭ ‬ارتجالي‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لتقديم‭ ‬تصورها‭ ‬العام‭.‬

وفي‭ ‬أول‭ ‬مقابلة‭ ‬لها‭ ‬كمرشحة‭ ‬ديمقراطية‭ ‬لرئاسة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬أجريت‭ ‬في‭ ‬29‭ ‬أغسطس‭ ‬مع‭ ‬شبكة‭ ‬سي‭ ‬إن‭ ‬إن،‭ ‬وبحضور‭ ‬المرشح‭ ‬لمنصب‭ ‬نائب‭ ‬الرئيس‭ ‬تيم‭ ‬والز‭ ‬سُئلت‭ ‬هاريس‭ ‬عن‭ ‬مواقفها‭ ‬السياسية‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالقضايا‭ ‬المحلية‭ ‬مثل‭: ‬مستقبل‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وكذلك‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للبلاد،‭ ‬وأبرزها‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬سيطرأ‭ ‬تحول‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬واشنطن‭ ‬بإسرائيل‭ ‬ورغبتها‭ ‬في‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬

وفي‭ ‬أثناء‭ ‬المقابلة،‭ ‬دافعت‭ ‬هاريس‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬عن‭ ‬مواقفها،‭ ‬وأصرت‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬أصبحت‭ ‬مرشحة‭ ‬رئاسية‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬بقليل،‭ ‬فإن‭ ‬الجوانب‭ ‬الأكثر‭ ‬أهمية‭ ‬والأبرز‭ ‬في‭ ‬منظورها‭ ‬السياسي‭ ‬وقراراتها‭.. ‬لم‭ ‬تتغير‭. ‬وانطوت‭ ‬المقابلة‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬على‭ ‬ردها‭ ‬المخطط‭ ‬بشأن‭ ‬حرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬غزة؛‭ ‬حيث‭ ‬سعت‭ ‬هاريس‭ ‬إلى‭ ‬تأكيد‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬أدلت‭ ‬به‭ ‬خلال‭ ‬حملتها‭ ‬الانتخابية‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬وفي‭ ‬المؤتمر‭ ‬الديمقراطي،‭ ‬وهو‭ ‬إعادة‭ ‬تأكيد‭ ‬الدعم‭ ‬القوي‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬مع‭ ‬التعبير‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬عما‭ ‬يعتريها‭ ‬من‭ ‬ألم‭ ‬إزاء‭ ‬معاناة‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬والالتزام‭ ‬بإنشاء‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مستقلة‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬تضمنت‭ ‬المقابلة‭ ‬رفضًا‭ ‬قاطعًا‭ ‬من‭ ‬هاريس‭ ‬للاقتراح‭ ‬الذي‭ ‬قدمه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المراقبين‭ ‬الغربيين‭ ‬وطالب‭ ‬به‭ ‬أعضاء‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬باحتمالية‭ ‬فرض‭ ‬الإدارة‭ ‬التي‭ ‬تقودها‭ ‬تدابير‭ ‬أكثر‭ ‬صرامة‭ ‬ضد‭ ‬حكومة‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بقيادة‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬جراء‭ ‬قائمة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬التجاوزات‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وكذلك‭ ‬حظر‭ ‬مبيعات‭ ‬الأسلحة‭ ‬ونقلها‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭.‬

وأكدت‭ ‬هاريس‭ ‬أن‭ ‬نهجها‭ ‬لإنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وإدارة‭ ‬علاقات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬سيعكس‭ ‬عن‭ ‬كثب‭ ‬نهج‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭. ‬وكررت‭ ‬التصريحات‭ ‬التي‭ ‬أدلت‭ ‬بها‭ ‬طوال‭ ‬الحملة‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬وتحدثت‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬ضرورة‭ ‬إبرام‭ ‬صفقة‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬وحماس‭ ‬لإنهاء‭ ‬الحرب‭. ‬كما‭ ‬تطرقت‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬مقتل‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬جدًا‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الأبرياء‭ ‬وكيف‭ ‬تدعم‭ ‬حل‭ ‬الدولتين؛‭ ‬حيث‭ ‬يُمنح‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬الأمن‭ ‬وتقرير‭ ‬المصير‭ ‬والكرامة،‭ ‬لكن‭ ‬مايك‭ ‬ويندلنج‭ ‬وماكس‭ ‬ماتزا‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي،‭ ‬أثارا‭ ‬انتفاء‭ ‬طرح‭ ‬هاريس‭ ‬لأي‭ ‬تفاصيل‭ ‬محددة‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬حماية‭ ‬المدنيين‭ ‬من‭ ‬القصف‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

وعلى‭ ‬النقيض‭ ‬من‭ ‬قلقها‭ ‬المعلن‭ ‬بشأن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وسلامة‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هاريس‭ ‬عاودت‭ ‬التزامها‭ ‬بالدفاع‭ ‬عن‭ ‬إسرائيل،‭ ‬كأمر‭ ‬لا‭ ‬لبس‭ ‬فيه‭ ‬ولن‭ ‬يتزعزع‭ ‬إذا‭ ‬انتخبت‭ ‬رئيسة‭. ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬ردها‭ ‬على‭ ‬اقتراح‭ ‬دانا‭ ‬باش‭ ‬المحاورة‭ ‬بشبكة‭ ‬سي‭ ‬إن‭ ‬إن‭ ‬بأن‭ ‬حكومتها‭ ‬قد‭ ‬تغير‭ ‬موقف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تجاه‭ ‬صادرات‭ ‬الأسلحة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ردت‭ ‬هاريس‭ ‬لا،‭ ‬وعاودت‭ ‬التأكيد‭ ‬بأن‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نتوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق؛‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يمهد‭ ‬الطريق‭ ‬أمام‭ ‬الكثير‭ ‬مما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭.‬

ومع‭ ‬آمال‭ ‬الكثيرين‭ ‬في‭ ‬تعديل‭ ‬هاريس‭ ‬لموقف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تجاه‭ ‬إسرائيل‭ ‬والحرب‭ ‬في‭ ‬غزة؛‭ ‬بحيث‭ ‬يشبه‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬الدور‭ ‬التي‭ ‬تبنته‭ ‬كمدافع‭ ‬دولي‭ ‬عن‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬فلا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬الآن‭ ‬قلق‭ ‬من‭ ‬تراجع‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ -‬كالمملكة‭ ‬المتحدة‭- ‬التي‭ ‬سبق‭ ‬وأشارت‭ ‬إلى‭ ‬نواياها‭ ‬باتخاذ‭ ‬موقف‭ ‬سياسي‭ ‬وأخلاقي‭ ‬أكثر‭ ‬حزمًا‭ ‬ضد‭ ‬تصرفات‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الضغوط‭ ‬الأمريكية‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬دعمها‭ ‬لحرب‭ ‬إسرائيل،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬التأثير‭ ‬المدمر‭ ‬الهائل‭ ‬على‭ ‬السكان‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭.‬

ومن‭ ‬تلك‭ ‬المواقف‭ ‬الغربية،‭ ‬قرار‭ ‬حكومة‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭ ‬المنتخبة‭ ‬مؤخرًا‭ ‬بقيادة‭ ‬السير‭ ‬كير‭ ‬ستارمر‭ ‬بإسقاط‭ ‬الاعتراضات‭ ‬القانونية‭ ‬البريطانية‭ ‬على‭ ‬المدعي‭ ‬العام‭ ‬للمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬كريم‭ ‬خان‭ ‬بشأن‭ ‬ملاحقة‭ ‬أوامر‭ ‬الاعتقال‭ ‬الدولية‭ ‬ضد‭ ‬نتنياهو‭ ‬ووزير‭ ‬دفاعه‭ ‬يوآف‭ ‬جالانت،‭ ‬وقد‭ ‬جاء‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬مخالفًا‭ ‬لرغبات‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن،‭ ‬كما‭ ‬هدد‭ ‬روبرت‭ ‬أوبراين‭ ‬مستشار‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬السابق‭ ‬لدونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬بأن‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬العلاقة‭ ‬الخاصة‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬ولندن‭ ‬سوف‭ ‬تزول‭ ‬حال‭ ‬تعارضها‭ ‬مع‭ ‬التزام‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بمصالح‭ ‬إسرائيل‭ ‬ومطالبها؛‭ ‬أيًّا‭ ‬كان‭ ‬الجالس‭ ‬بالمكتب‭ ‬البيضاوي‭ ‬جمهوريا‭ ‬أو‭ ‬ديمقراطيا‭. ‬

لكن‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬إصدار‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬الأخلاقي،‭ ‬فإنها‭ ‬قد‭ ‬منحت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬720‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬من‭ ‬تراخيص‭ ‬تصدير‭ ‬الأسلحة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬منذ‭ ‬2008‭ ‬وفقًا‭ ‬لـحملة‭ ‬مناهضة‭ ‬تجارة‭ ‬الأسلحة،‭ ‬كما‭ ‬أفاد‭ ‬باتريك‭ ‬وينتور‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬الجارديان‭ ‬بمنح‭ ‬108‭ ‬تراخيص‭ ‬لتصدير‭ ‬الأسلحة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬بين‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭ ‬ونهاية‭ ‬مايو‭ ‬2024‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬محاولة‭ ‬ديفيد‭ ‬كاميرون‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬السابق‭ ‬تبرير‭ ‬استمرار‭ ‬حكومته‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬الصادرات‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬بحجة‭ ‬الاختلاف‭ ‬الجوهري‭ ‬بين‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والوضع‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة؛‭ ‬حيث‭ ‬تتحمل‭ ‬لندن‭ ‬مسؤولية‭ ‬أقل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬1%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬واردات‭ ‬الأسلحة‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬فإن‭ ‬رمزية‭ ‬فرض‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬حظرًا‭ ‬على‭ ‬مبيعات‭ ‬الأسلحة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬لا‭ ‬يُمكن‭ ‬إنكارها؛‭ ‬وما‭ ‬ينطوي‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬رسالة‭ ‬مفادها‭ ‬عدم‭ ‬التساهل‭ ‬مع‭ ‬أفعال‭ ‬إسرائيل‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬فيه‭ ‬الخارجية‭ ‬البريطانية‭ ‬تجري‭ ‬تحقيقًا‭ ‬في‭ ‬انتهاكات‭ ‬إسرائيل‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬زعم‭ ‬ديفيد‭ ‬لامي‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬الصواب‭ ‬فرض‭ ‬حظر‭ ‬شامل‭ ‬بين‭ ‬بلادنا‭ ‬وإسرائيل؛‭ ‬لكنه‭ ‬أقر‭ ‬بإمكانية‭ ‬فرض‭ ‬حظر‭ ‬على‭ ‬صادرات‭ ‬الأسلحة‭ ‬الهجومية‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته،‭ ‬أفاد‭ ‬وينتور‭ ‬بأن‭ ‬المسؤولين‭ ‬الحكوميين‭ ‬البريطانيين‭ ‬يبدو‭ ‬أنهم‭ ‬علقوا‭ ‬معالجة‭ ‬تراخيص‭ ‬تصدير‭ ‬الأسلحة‭ ‬للمبيعات‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬استكمال‭ ‬المراجعة‭ ‬التي‭ ‬تجريها‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭. ‬

بيد‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬التأخيرات‭ ‬البيروقراطية‭ ‬ليست‭ ‬كافية‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬ويليام‭ ‬بيل‭ ‬رئيس‭ ‬شؤون‭ ‬سياسة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬لدى‭ ‬مؤسسة‭ ‬كريستيان‭ ‬إيد‭ ‬الخيرية،‭ ‬الذي‭ ‬أقر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الطريقة‭ ‬الوحيدة‭ ‬لضمان‭ ‬عدم‭ ‬استخدام‭ ‬الأسلحة‭ ‬المباعة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬انتهاك‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬هي‭ ‬الحظر‭ ‬الواضح،‭ ‬وينطبق‭ ‬الشيء‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬مارك‭ ‬سميث‭ ‬المسؤول‭ ‬السابق‭ ‬في‭ ‬الخارجية‭ ‬البريطانية‭ ‬الذي‭ ‬استقال‭ ‬من‭ ‬منصبه‭ ‬منتصف‭ ‬أغسطس؛‭ ‬احتجاجًا‭ ‬على‭ ‬كيفية‭ ‬تواطؤ‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬إسرائيل‭ ‬بقطاع‭ ‬غزة،‭ ‬وكيف‭ ‬يتوجب‭ ‬على‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬راضية‭ ‬عن‭ ‬انتهاج‭ ‬الدولة‭ ‬المتلقية‭ ‬لأسلحتها‭ ‬سُبل‭ ‬جدية‭ ‬تحول‭ ‬دون‭ ‬وقوع‭ ‬إصابات‭ ‬بين‭ ‬المدنيين،‭ ‬وتقليل‭ ‬ما‭ ‬يلحق‭ ‬من‭ ‬ضرر‭ ‬بالحياة‭ ‬المدنية؛‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬فليس‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬مسوغ‭ ‬لاستمرار‭ ‬مبيعات‭ ‬الأسلحة‭ ‬البريطانية‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭.‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬حكومة‭ ‬السير‭ ‬كير‭ ‬ستارمر،‭ ‬فإن‭ ‬رفض‭ ‬حكومة‭ ‬هاريس‭ ‬المستقبلية‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬حظر‭ ‬على‭ ‬تصدير‭ ‬الأسلحة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬يعني‭ ‬زيادة‭ ‬الضغوط‭ ‬من‭ ‬إدارة‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬الحالية‭ ‬بل‭ ‬والمستقبلية‭ ‬للتوافق‭ ‬بشكل‭ ‬أوثق‭ ‬مع‭ ‬مصالح‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بصادرات‭ ‬الأسلحة‭. ‬وقد‭ ‬حذر‭ ‬روبرت‭ ‬أوبراين‭ ‬المستشار‭ ‬المؤثر‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬لدونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المضي‭ ‬قدمًا‭ ‬في‭ ‬حظر‭ ‬مبيعات‭ ‬الأسلحة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬تعريض‭ ‬العلاقة‭ ‬الخاصة‭ ‬بين‭ ‬لندن‭ ‬وواشنطن‭ ‬للخطر،‭ ‬وعلى‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬تناول‭ ‬أوبراين‭ ‬دور‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ ‬مقاتلات‭ ‬إف‭-‬35‭ ‬وما‭ ‬قد‭ ‬يمسها‭ ‬من‭ ‬ضرر؛‭ ‬إذا‭ ‬سعت‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬قدر‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬المساءلة‭ ‬ضد‭ ‬إسرائيل‭.‬

وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬قرار‭ ‬حكومة‭ ‬ستارمر‭ ‬بإسقاط‭ ‬الاعتراضات‭ ‬القانونية‭ ‬البريطانية‭ ‬على‭ ‬المدعي‭ ‬العام‭ ‬للمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬كريم‭ ‬خان‭ ‬بشأن‭ ‬ملاحقة‭ ‬أوامر‭ ‬الاعتقال‭ ‬الدولية‭ ‬ضد‭ ‬نتنياهو‭ ‬وجالانت،‭ ‬حث‭ ‬أوبراين‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬بحذر‭ ‬شديد‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬تغيير‭ ‬علاقاتهم‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل،‭ ‬والتأثير‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬الأخرى‭ ‬للقيام‭ ‬بذلك‭ ‬أيضًا،‭ ‬وهدد‭ ‬بـ‭ ‬صدع‭ ‬خطير‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬مع‭ ‬حكومة‭ ‬يقودها‭ ‬ترامب،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضًا‭ ‬مع‭ ‬حكومة‭ ‬تنتمي‭ ‬إلى‭ ‬الديمقراطيين‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬إن‭ ‬التهديدات‭ ‬التي‭ ‬وجهها‭ ‬أوبراين‭ ‬للحكومة‭ ‬البريطانية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التزام‭ ‬هاريس‭ ‬بمصالح‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬نتيجة‭ ‬ما‭ ‬ستسفر‭ ‬عنه‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬نوفمبر،‭ ‬فإن‭ ‬ساكن‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬في‭ ‬2025‭ ‬وما‭ ‬بعده‭ ‬هو‭ ‬زعيم‭ ‬مؤيد‭ ‬لإسرائيل‭. ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬معارض‭ ‬ثلاثة‭ ‬أرباع‭ ‬الناخبين‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬للعمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وإعلان‭ ‬12%‭ ‬فقط‭ ‬دعمهم‭ ‬لنتنياهو،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المقابلة‭ ‬التي‭ ‬أجرتها‭ ‬هاريس‭ ‬مع‭ ‬شبكة‭ ‬سي‭ ‬إن‭ ‬إن‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬أغسطس‭ ‬يبدو‭ ‬أنها‭ ‬حطمت‭ ‬بسرعة‭ ‬آمال‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المعلقين‭ ‬الغربيين‭ ‬في‭ ‬فرضية‭ ‬أن‭ ‬تنأى‭ ‬بنفسها‭ ‬عن‭ ‬سياسات‭ ‬بايدن‭ ‬الفاشلة‭ ‬التي‭ ‬رفضت‭ ‬حماية‭ ‬أمريكا‭ ‬المزعومة‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي‭ ‬لصالح‭ ‬الدعم‭ ‬غير‭ ‬المشروط‭ ‬لإسرائيل‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬العواقب‭.‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬حكومات‭ ‬بريطانيا‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬دعمت‭ ‬حرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ولكنها‭ ‬غيرت‭ ‬مواقفها‭ ‬الآن‭ ‬نحو‭ ‬دعم‭ ‬تحقيق‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬والتفكير‭ ‬بوقف‭ ‬مبيعات‭ ‬الأسلحة‭ ‬والصادرات؛‭ ‬فإن‭ ‬مواصلة‭ ‬هاريس‭ -‬حال‭ ‬انتخابها‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬والسياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والعسكري‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يقوض‭ ‬بشدة‭ ‬أي‭ ‬جُهد‭ ‬لمحاسبة‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬مستويات‭ ‬السياسة‭ ‬الدولية‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا