العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الاستنفار المجتمعي من أجل العودة المدرسية

بقلم: د. نبيل العسومي

الخميس ٠٥ سبتمبر ٢٠٢٤ - 02:00

تشكل‭ ‬العودة‭ ‬المدرسية‭ ‬سنويا‭ ‬أهمية‭ ‬كبرى‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬المجتمع‭ ‬والأسر‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬شأنها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬شأن‭ ‬جميع‭ ‬الأسر‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬فهذه‭ ‬العودة‭ ‬بعد‭ ‬إجازة‭ ‬طويلة‭ ‬نسبيا‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬شهرين‭ ‬وثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬لها‭ ‬بعدان‭ ‬رئيسيان‭:‬

الأول‭: ‬البعد‭ ‬المادي‭ ‬الذي‭ ‬يُبنى‭ ‬على‭ ‬الميزانية‭ ‬الكبيرة‭ ‬نسبيا‭ ‬والتي‭ ‬تستدعيها‭ ‬هذه‭ ‬العودة‭ ‬لإعداد‭ ‬الأبناء‭ ‬سواء‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الزي‭ ‬المدرسي‭ ‬أو‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬القرطاسية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬مستلزمات‭ ‬هذه‭ ‬العودة‭ ‬مما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬الأعباء‭ ‬المالية‭ ‬على‭ ‬الأسر‭ ‬التي‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬العادة‭ ‬قد‭ ‬أنفقت‭ ‬ميزانيتها‭ ‬بالكامل‭ ‬خلال‭ ‬الإجازة‭ ‬الصيفية،‭ ‬ولذلك‭ ‬ترتفع‭ ‬الشكوى‭ ‬كل‭ ‬سنة‭ ‬بسبب‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬الناجم‭ ‬وسط‭ ‬ظروف‭ ‬مادية‭ ‬صعبة‭ ‬لأسر‭ ‬ذات‭ ‬دخل‭ ‬محدود‭ ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬ذوي‭ ‬دخل‭ ‬متوسط،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬جاءت‭ ‬المبادرة‭ ‬الكريمة‭ ‬بتقديم‭ ‬العون‭ ‬لأولياء‭ ‬الأمور‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬المتكرر‭ ‬سنويا،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬جهود‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬بالتنسيق‭ ‬مع‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬التجارية‭ ‬لتوفير‭ ‬قسائم‭ ‬للمستلزمات‭ ‬المدرسية‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬التخفيف‭ ‬عن‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬الجهود‭ ‬المباركة‭ ‬التي‭ ‬تستحق‭ ‬كل‭ ‬الشكر‭ ‬والثناء‭ ‬والامتنان‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬السخي‭.‬

الثاني‭: ‬البعد‭ ‬التنظيمي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬ففي‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬يشكل‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬أهمية‭ ‬كبرى‭ ‬سواء‭ ‬للمجتمع‭ ‬أو‭ ‬لوزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬أو‭ ‬للمدرسة‭ ‬والطلبة‭ ‬فالعودة‭ ‬المدرسية‭ ‬تعيد‭ ‬الحياة‭ ‬إلى‭ ‬المجتمع‭ ‬ككل‭ ‬وتؤثر‭ ‬في‭ ‬إيقاعه‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عودة‭ ‬الازدحامات‭ ‬المرورية‭ ‬وتغير‭ ‬برنامج‭ ‬العمل‭ ‬الأسري‭ ‬وجداول‭ ‬دراسة‭ ‬الطلاب‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الجوانب‭ ‬تعيد‭ ‬للمجتمع‭ ‬الإيقاع‭ ‬السابق‭ ‬عن‭ ‬الإجازة‭ ‬الصيفية‭.‬

ومن‭ ‬المهم‭ ‬هنا‭ ‬الإشادة‭ ‬بتوجيهات‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬لإقامة‭ ‬يوم‭ ‬تعريفي‭ ‬لكل‭ ‬المدارس‭ ‬الحكومية‭ ‬لأولياء‭ ‬الأمور‭ ‬يقدم‭ ‬فيه‭ ‬أعضاء‭ ‬الهيئات‭ ‬الإدارية‭ ‬والتعليمية‭ ‬بالمدارس‭ ‬شرحا‭ ‬عن‭ ‬العام‭ ‬الدراسي‭ ‬الجديد،‭ ‬وقد‭ ‬كلف‭ ‬سموه‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬بالاستعداد‭ ‬لهذا‭ ‬اللقاء‭ ‬وتوفير‭ ‬كل‭ ‬المعلومات‭ ‬الخاصة‭ ‬بالمدارس‭ ‬والعودة‭ ‬المدرسية‭ ‬تأكيدا‭ ‬لما‭ ‬يحظى‭ ‬به‭ ‬التعليم‭ ‬لدى‭ ‬سموه‭ ‬من‭ ‬اهتمام‭ ‬ورعاية‭ ‬كبيرين‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬البحرين‭ ‬منذ‭ ‬القدم‭ ‬أقامت‭ ‬نهضتها‭ ‬على‭ ‬التعليم‭ ‬الذي‭ ‬لايزال‭ ‬إلى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬العمود‭ ‬الفقري‭ ‬للتنمية‭ ‬وبازدهاره‭ ‬تزدهر‭ ‬البحرين‭.‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬العودة‭ ‬المدرسية‭ ‬الجديدة‭ ‬تطرح‭ ‬علينا‭ ‬كمجتمع‭ ‬وكأسر‭ ‬وكأولياء‭ ‬أمور‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المسؤوليات،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬مسؤولية‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬لا‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬المدرسة‭ ‬فقط‭ ‬أو‭ ‬للوزارة‭ ‬وإنما‭ ‬تعود‭ ‬بالضرورة‭ ‬إلى‭ ‬المجتمع‭ ‬ككل‭ ‬وخاصة‭ ‬للأسرة‭ ‬التي‭ ‬لها‭ ‬دور‭ ‬جوهري‭ ‬وكبير‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التربية،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التعليم‭ ‬مسؤولية‭ ‬الأسرة‭ ‬في‭ ‬هذين‭ ‬المجالين‭ ‬أساسية‭ ‬وهي‭ ‬أعمق‭ ‬وأكبر‭ ‬من‭ ‬مسؤولية‭ ‬المدرسة،‭ ‬فالطفل‭ ‬منذ‭ ‬ولادته‭ ‬الأولى‭ ‬يتعلم‭ ‬ويتربى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القدوة‭ ‬ويعتبر‭ ‬والديه‭ ‬المعلمين‭ ‬الأوليين‭ ‬والقدوة‭ ‬الصالحة‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الوسائل‭ ‬الفعالة‭ ‬في‭ ‬التربية‭ ‬الأخلاقية‭ ‬والروحية‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء،‭ ‬بل‭ ‬ربما‭ ‬التأثير‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬الطفل‭ ‬كطفل‭ ‬وكطالب‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المراحل‭ ‬الدراسية‭ ‬وخاصة‭ ‬المرحلة‭ ‬الابتدائية‭ ‬ولذلك‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نغير‭ ‬مفاهيمنا‭ ‬السائدة‭ ‬حول‭ ‬أن‭ ‬المدرسة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بجميع‭ ‬الأدوار‭ ‬فدور‭ ‬المدرسة‭ ‬تعليمي‭ ‬وتربوي‭ ‬نعم‭ ‬ولكن‭ ‬الأساس‭ ‬هو‭ ‬دور‭ ‬الأسرة‭ ‬الداعم‭ ‬الأول‭ ‬للطفل‭ ‬وللطالب‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الفرق‭ ‬بين‭ ‬الطلبة‭ ‬والأداء‭ ‬التعليمي‭ ‬وفي‭ ‬نتائج‭ ‬التحصيل‭ ‬العلمي‭ ‬يتأثر‭ ‬كثيرا‭ ‬بمستوى‭ ‬الآباء‭ ‬والأمهات‭ ‬وعبر‭ ‬اهتمامهم‭ ‬ومتابعتهم‭ ‬المستمرة،‭ ‬ولسنا‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬التذكير‭ ‬بالواجب‭ ‬التربوي‭ ‬للأسرة‭ ‬لأنه‭ ‬معروف‭ ‬ومعلوم‭ ‬ومنه‭ ‬غرس‭ ‬القيم‭ ‬والتعليم‭ ‬الأخلاقي‭ ‬وتعليم‭ ‬الطفل‭ ‬العادات‭ ‬السليمة‭ ‬ومنحه‭ ‬الحرية‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬رأيه‭ ‬وعدم‭ ‬التضييق‭ ‬على‭ ‬الطفل‭ ‬أو‭ ‬الانتقاص‭ ‬من‭ ‬مكانته‭ ‬وإعداده‭ ‬الجيد‭ ‬للعودة‭ ‬المدرسية‭.‬

وإضافة‭ ‬إلى‭ ‬دور‭ ‬الأسرة‭ ‬والمدرسة‭ ‬والوزارة‭ ‬فإن‭ ‬هنالك‭ ‬أدوارا‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬أهمية‭ ‬لمؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬من‭ ‬أندية‭ ‬رياضية‭ ‬وثقافية‭ ‬ومجتمعية‭ ‬وأدوارا‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الدينية‭ ‬والروحية‭ ‬في‭ ‬التهذيب‭ ‬والتوجيه‭ ‬للمساهمة‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬الطلبة‭ ‬الإعداد‭ ‬الجيد‭.‬

نتمنى‭ ‬لأبنائنا‭ ‬الطلبة‭ ‬والطالبات‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المراحل‭ ‬الدراسية‭ ‬عودة‭ ‬مدرسية‭ ‬وجامعية‭ ‬ناجحة‭ ‬وموفقة‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬مكللة‭ ‬بالنجاح‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬العام‭ ‬الدراسي‭ ‬وكل‭ ‬عام‭ ‬وأبناؤنا‭ ‬وبناتنا‭ ‬بخير‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا