العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

دور أمريكا في دعم إسرائيل في عدوانها على الشعب الفلسطيني

بقلم: د. جيمس زغبي

الأربعاء ١١ سبتمبر ٢٠٢٤ - 02:00

اتسمت‭ ‬العناوين‭ ‬الرئيسية‭ ‬الآتية‭ ‬من‭ ‬فلسطين‭ ‬وإسرائيل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬التشاؤم‭ ‬والمأسوية‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬عناوين‭ ‬متوقعة‭. ‬وبطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬تتمثل‭ ‬المشكلة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬تبدو‭ ‬عازمة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تجعل‭ ‬الوضع،‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬سيئ‭ ‬للغاية‭ ‬بطبيعة،‭ ‬أكثر‭ ‬سوءًا‭. ‬أما‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬فهي‭ ‬تتصرف‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬تفعله‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬السنوات‭ ‬الثلاث‭ ‬والنصف‭ ‬الماضية‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬آخر‭ ‬غير‭ ‬صب‭ ‬البنزين‭ ‬على‭ ‬النار‭ ‬المشتعلة‭ ‬أصلا‭.‬

في‭ ‬هذه‭ ‬الأثناء،‭ ‬تواصل‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬التصرف‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬عواقب‭ ‬لأعمالها‭ ‬وسياساتها‭ ‬واعتداءاتها‭ ‬الوحشية‭. ‬فهي‭ ‬تأبى‭ ‬أن‭ ‬توقف‭ ‬عدوانها‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬وسكانه،‭ ‬ذلك‭ ‬أنها‭ ‬تأمر‭ ‬مرة‭ ‬تلو‭ ‬الأخرى‭ ‬بعمليات‭ ‬إجلاء‭ ‬جماعية‭ ‬تجبر‭ ‬عائلات‭ ‬بأكملها‭ ‬على‭ ‬النزوح‭ ‬من‭ ‬بقعة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى‭.‬

وقد‭ ‬أدت‭ ‬عمليات‭ ‬القصف‭ ‬التي‭ ‬طالت‭ ‬مختلف‭ ‬مناطق‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬حدوث‭ ‬نقص‭ ‬حاد‭ ‬في‭ ‬الغذاء‭ ‬والدواء‭ ‬والمياه،‭ ‬وقد‭ ‬أفادت‭ ‬عدة‭ ‬تقارير‭ ‬عن‭ ‬أطفال‭ ‬يموتون‭ ‬بسبب‭ ‬سوء‭ ‬التغذية،‭ ‬فيما‭ ‬تفاقمت‭ ‬حالات‭ ‬شلل‭ ‬الأطفال‭.‬

وما‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬القيادة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬أن‭ ‬تفهمه‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تنامي‭ ‬الغضب‭ ‬ومشاعر‭ ‬الألم‭ ‬السائدة‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬بين‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬لن‭ ‬يؤديا‭ ‬إلا‭ ‬إلى‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المقاومة‭ ‬وتمكين‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬من‭ ‬استقطاب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬العناصر‭. ‬

وقد‭ ‬واجه‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬الأشهر‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية،‭ ‬مقاتلي‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬وبقية‭ ‬التنظيمات‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬شمال‭ ‬ووسط‭ ‬غزة‭ ‬التي‭ ‬ادعت‭ ‬إسرائيل‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬تم‭ ‬تطهيرها‮»‬‭.‬

ولكن‭ ‬كما‭ ‬تعلمت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الدرس‭ ‬البليغ‭ ‬خلال‭ ‬الحروب‭ ‬المتعاقبة‭ ‬التي‭ ‬خاضتها‭ ‬في‭ ‬فيتنام‭ ‬وأفغانستان‭ ‬والعراق،‭ ‬فطالما‭ ‬بقي‭ ‬الغازي‭ ‬الأجنبي‭ ‬فلن‭ ‬يتم‭ ‬‮«‬تطهير‮»‬‭ ‬أي‭ ‬منطقة‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬تبدو‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬حافة‭ ‬الانفجار‭. ‬فمنذ‭ ‬عدة‭ ‬سنوات،‭ ‬يقوم‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬وشرطة‭ ‬الحدود‭ ‬بشن‭ ‬هجمات‭ ‬قاتلة‭ ‬تستهدف‭ ‬التجمعات‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ومنذ‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬تسارعت‭ ‬عمليات‭ ‬الاجتياح‭ ‬والاقتحامات‭ ‬والاعتداءات‭ ‬كما‭ ‬أصبحت‭ ‬أكثر‭ ‬فتكا‭ ‬لأنها‭ ‬مصحوبة‭ ‬بقصف‭ ‬جوي‭.‬

هذا‭ ‬ليس‭ ‬كل‭ ‬شيء‭. ‬

لقد‭ ‬عانى‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬عنف‭ ‬المستوطنين‭ ‬المتطرفين‭ ‬‭ ‬الحرق‭ ‬والنهب‭ ‬وحتى‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬المميتة‭. ‬وقد‭ ‬تسامحت‭ ‬القوات‭ ‬العسكرية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الاعتداءات‭ ‬السافرة،‭ ‬بل‭ ‬شجعتها‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان،‭ ‬كما‭ ‬تزايدت‭ ‬هذه‭ ‬الاعتداءات‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬تكرارها‭ ‬وما‭ ‬تتسم‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬عنف‭ ‬قاتل‭.‬

ومما‭ ‬زاد‭ ‬الطين‭ ‬بلة‭ ‬أن‭ ‬أعضاء‭ ‬الائتلاف‭ ‬الحاكم‭ ‬الذي‭ ‬يقوده‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬انخرطوا‭ ‬في‭ ‬استفزازات،‭ ‬بالقول‭ ‬والفعل،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تحريض‭ ‬المستوطنين‭ ‬المتطرفين‭ ‬وتأجيج‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬مشاعر‭ ‬الغضب‭ ‬أو‭ ‬الخوف‭ ‬بين‭ ‬الشعب‭ ‬أبناء‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الأسير‭.‬

لقد‭ ‬تم‭ ‬إضفاء‭ ‬الشرعية‭ ‬على‭ ‬البؤر‭ ‬الاستيطانية‭ ‬غير‭ ‬القانونية،‭ ‬وتوفير‭ ‬الحماية‭ ‬العسكرية‭ ‬والخدمات‭ ‬الحكومية‭ ‬والأسلحة،‭ ‬وتم‭ ‬ضمها‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المقاصد‭ ‬والأغراض‭. ‬وقد‭ ‬قاد‭ ‬أحد‭ ‬الوزراء‭ ‬المتطرفين‭ ‬غزو‭ ‬الحرم‭ ‬الشريف،‭ ‬معلنا‭ ‬نيته‭ ‬بناء‭ ‬كنيس‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭.‬

في‭ ‬تلك‭ ‬الأثناء،‭ ‬قال‭ ‬عضو‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬الائتلاف‭ ‬الحاكم‭ ‬بقيادة‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬إن‭ ‬هدف‭ ‬الحكومة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬إخراج‭ ‬الجزء‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬لجعلها‭ ‬أكثر‭ ‬قابلية‭ ‬للحكم‭.‬

ويبدو‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬مجتمعة‭ ‬كانت‭ ‬بمثابة‭ ‬خير‭ ‬دافع‭ ‬لعمليات‭ ‬التجنيد‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬حركة‭ ‬حماس،‭ ‬حيث‭ ‬أفادت‭ ‬التقارير‭ ‬أن‭ ‬الحركة‭ ‬قد‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬استقطاب‭ ‬أعضاء‭ ‬جدد‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة،‭ ‬بل‭ ‬أيضاً‭ ‬بين‭ ‬اللاجئين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬لبنان‭.‬

وبينما‭ ‬تستمر‭ ‬رقصة‭ ‬الموت‭ ‬هذه،‭ ‬تتصرف‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬بلا‭ ‬أدنى‭ ‬علم،‭ ‬وهي‭ ‬تبحث‭ ‬يائسة‭ ‬عن‭ ‬فتح‭ ‬باب‭ ‬التفاوض‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تعرفه‭ ‬الآن‭ ‬أن‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬ليس‭ ‬لديها‭ ‬مصلحة‭ ‬في‭ ‬القبول‭ ‬بوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭. ‬

وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬تلاعبت‭ ‬بها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بالشروط‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬هذا‭ ‬العرض‭ ‬مقبولا‭ ‬لدى‭ ‬الجانب‭ ‬الإسرائيلي‭ (‬مما‭ ‬يجعلها‭ ‬غير‭ ‬مقبولة‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بالنسبة‭ ‬لحماس،‭ ‬بل‭ ‬لمصر‭ ‬أيضا‭)‬،‭ ‬فإن‭ ‬نتنياهو،‭ ‬الخائف‭ ‬من‭ ‬خسارة‭ ‬حكومته،‭ ‬يواصل‭ ‬إما‭ ‬قول‭ ‬‮«‬لا‮»‬‭ ‬أو‭ ‬إثارة‭ ‬بعض‭ ‬الغضب‭ ‬كتكتيك‭ ‬لتأخير‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬صفقة‭.‬

في‭ ‬الأثناء‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬حكومة‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬تتجاوز‭ ‬الخطوط‭ ‬الحمراء‭ ‬الأمريكية‭ ‬وتنتهك‭ ‬القانون‭ ‬الأمريكي،‭ ‬لكن‭ ‬رد‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬هو‭ ‬إرسال‭ ‬الأسلحة‭ ‬وتهديد‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يطالبون‭ ‬بالمحاسبة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭.‬

ومن‭ ‬شأن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬يزيد‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬شعور‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالحصانة‭ ‬والإفلات‭ ‬من‭ ‬العقاب،‭ ‬وتأجيج‭ ‬الغضب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وتقوية‭ ‬مكانة‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬بين‭ ‬السكان‭ ‬الذين‭ ‬يشعرون‭ ‬بالمرارة‭ ‬وخيبة‭ ‬الأمل،‭ ‬فيما‭ ‬يزداد‭ ‬الضرر‭ ‬الذي‭ ‬يلحق‭ ‬بصورة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬أعين‭ ‬العالم‭ ‬باعتبار‭ ‬أنها‭ ‬تغض‭ ‬الطرف‭ ‬عن‭ ‬الأعمال‭ ‬الهمجية‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

إن‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬رد‭ ‬انتقامي‭ ‬على‭ ‬هجمات‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬تحول‭ ‬الآن‭ ‬إلى‭ ‬عدوان‭ ‬شامل‭ ‬وواسع‭ ‬النطاق‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيزيد‭ ‬في‭ ‬إذكاء‭ ‬روح‭ ‬المقاومة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تلوح‭ ‬أي‭ ‬نهاية‭ ‬في‭ ‬الأفق‭.‬

ولا‭ ‬ينبغي‭ ‬لأحد‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬جانب‭ ‬أن‭ ‬يفترض‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيق‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬النصر‭. ‬لقد‭ ‬أصبح‭ ‬المجتمعان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬والفلسطيني‭ ‬أكثر‭ ‬استقطابا،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬بئر‭ ‬المرارة‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬حفره‭ ‬سوف‭ ‬يستغرق‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬جيل‭ ‬حتى‭ ‬يمتلئ‭.‬

صحيح‭ ‬أن‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬شنت‭ ‬هجومها‭ ‬يوم‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬وأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬ردت‭ ‬الفعل‭ ‬وشنت‭ ‬عدوانها‭ ‬العسكري‭ ‬المدمر‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬ولكن‭ ‬الخطأ‭ ‬يقع‭ ‬أيضاً‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭.‬

لقد‭ ‬ظلت‭ ‬سلطات‭ ‬واشنطن،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬مختلف‭ ‬الإدارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬المتعاقبة،‭ ‬ولفترة‭ ‬طويلة‭ ‬جدًا،‭ ‬توفر‭ ‬الحماية‭ ‬لإسرائيل‭ ‬وتغطي‭ ‬على‭ ‬أعمالها‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭ ‬وانتهاكاتها‭ ‬السافرة‭. ‬ونتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬فقد‭ ‬شجعت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بهذه‭ ‬السياسة‭ ‬المتطرفين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬وقضت‭ ‬على‭ ‬قوى‭ ‬السلام‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

كما‭ ‬تسببت‭ ‬هذه‭ ‬السياسات‭ ‬التي‭ ‬ظلت‭ ‬تنتهجها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬إضعاف‭ ‬وتهميش‭ ‬المعتدلين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وتقوية‭ ‬الأطراف‭ ‬الراديكالية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وتعزيز‭ ‬مكانتهم‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬الفلسطيني‭. ‬

كذلك،‭ ‬ظلت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬طوال‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬تكافئ‭ ‬الإسرائيليين،‭ ‬بينما‭ ‬تعاقب‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬فالفلسطينيون‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬تطالبهم‭ ‬سلطات‭ ‬واشنطن‭ ‬باتخاذ‭ ‬الاختيارات‭ ‬الصعبة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬لا‭ ‬يُطلَب‭ ‬إلا‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬‭ ‬وعندما‭ ‬ترفض‭ ‬إسرائيل‭ ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬تتحمل‭ ‬أي‭ ‬عواقب،‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

ولتغيير‭ ‬هذه‭ ‬الديناميكية،‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أن‭ ‬تعيد‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬السياسات‭ ‬التي‭ ‬ظلت‭ ‬تنتهجها‭ ‬‭ ‬وأن‭ ‬تفعل‭ ‬ذلك‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭. ‬إن‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬بقطع‭ ‬شحنات‭ ‬الأسلحة‭ ‬الأمريكية‭ ‬عن‭ ‬إسرائيل،‭ ‬والذي‭ ‬طال‭ ‬انتظاره،‭ ‬والاعتراف‭ ‬بحق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬المصير،‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬الصدمة‭ ‬اللازمة‭ ‬للنظام‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬اتخاذ‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬أن‭ ‬يفرض‭ ‬نقاشا‭ ‬داخليا‭ ‬في‭ ‬إسرائيل،‭ ‬مما‭ ‬يدعم‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يريدون‭ ‬السلام‭. ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬المفيد‭ ‬أيضًا‭ ‬إرسال‭ ‬رسالة‭ ‬إلى‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬محنته‭ ‬وحقوقه‭ ‬تلقى‭ ‬كل‭ ‬التفهم‭.‬

صحيح‭ ‬أن‭ ‬اتخاذ‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬لن‭ ‬تنهي‭ ‬الصراع‭ ‬غدا‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬مستقبل‭ ‬قريب،‭ ‬لكنها‭ ‬بالتأكيد‭ ‬ستضع‭ ‬المنطقة‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬السلام،‭ ‬وتدخل‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬المسار‭ ‬الحالي‭.‬

سيقول‭ ‬البعض‭ ‬إنه‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يتمكن‭ ‬الرئيس‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬من‭ ‬اتخاذ‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة،‭ ‬ولكن‭ ‬إذا‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬حشد‭ ‬نفس‭ ‬العزم‭ ‬الذي‭ ‬اتخذه‭ ‬للتنحي‭ ‬جانبا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ترشح‭ ‬نائبة‭ ‬الرئيس‭ ‬كامالا‭ ‬هاريس‭ ‬للانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬القادم،‭ ‬فإنه‭ ‬يمكنه‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬يجد‭ ‬الشجاعة‭ ‬الكافية‭ ‬للقيام‭ ‬بذلك‭.‬

صحيح‭ ‬أن‭ ‬اتخاذ‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الخطوات‭ ‬المطلوبة‭ ‬من‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لن‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬إزالة‭ ‬الضرر‭ ‬الذي‭ ‬حدث،‭ ‬لكنها‭ ‬ستمهد‭ ‬الطريق‭ ‬لخليفة‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬للتحرك‭ ‬بسهولة‭ ‬أكبر‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬السلام‭ ‬بين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وإسرائيل‭.‬

{‭ ‬رئيس‭ ‬المعهد‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا