العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

ضريبة الشركات الكبرى خطوة في الاتجاه الصحيح

بقلم: د. نبيل العسومي

الأحد ١٥ سبتمبر ٢٠٢٤ - 02:00

من‭ ‬الأمور‭ ‬المهمة‭ ‬وذات‭ ‬الطابع‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬ما‭ ‬قررته‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬فرض‭ ‬ضريبة‭ ‬على‭ ‬الشركات‭ ‬الكبرى‭ ‬متعددة‭ ‬الجنسيات‭ ‬والعاملة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬اعتبارا‭ ‬من‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬يناير‭ ‬2025‭ ‬كما‭ ‬أكد‭ ‬الجهاز‭ ‬الوطني‭ ‬للإيرادات‭ ‬تطبيق‭ ‬الضريبة‭ ‬على‭ ‬الشركات‭ ‬الكبرى‭ ‬العالمية‭ ‬والتي‭ ‬تتجاوز‭ ‬إراداتها‭ ‬السنوية‭ ‬750‭ ‬مليون‭ ‬يورو‭ ‬وهذا‭ ‬القرار‭ ‬خطوة‭ ‬مهمة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يشاد‭ ‬بها‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬ارتفاع‭ ‬الدين‭ ‬العام‭ ‬البحريني‭ ‬وقلة‭ ‬الموارد‭ ‬التي‭ ‬تتغذى‭ ‬منها‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة‭ ‬للدولة‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬الالتزامات‭ ‬الثقيلة‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭ ‬وخاصة‭ ‬التزاماتها‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التعليم‭ ‬النظامي‭ ‬المجاني‭ ‬وتوفير‭ ‬الخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬المجانية‭ ‬وتوفير‭ ‬الخدمات‭ ‬الإسكانية‭ ‬للمواطنين‭. ‬وهذه‭ ‬الخطوة‭ ‬تتماشى‭ ‬مع‭ ‬متطلبات‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بتنويع‭ ‬مصادر‭ ‬الدخل‭ ‬للميزانية‭ ‬وتماشيا‭ ‬مع‭ ‬انضمام‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬القانونية‭ ‬إلى‭ ‬الإطار‭ ‬الشامل‭ ‬لمنظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتنمية‭ ‬ودعما‭ ‬لمشروع‭ ‬الإصلاح‭ ‬الضريبي‭ ‬والذي‭ ‬وافقت‭ ‬عليه‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬140‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬ويقضي‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬بدفع‭ ‬معدل‭ ‬ضريبة‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬15%‭ ‬من‭ ‬أرباح‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬تعمل‭ ‬فيها‭.‬

وإن‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬خطوة‭ ‬ضرورية‭ ‬وحتمية‭ ‬وإن‭ ‬تأخر‭ ‬عدة‭ ‬سنوات‭ ‬فإن‭ ‬العبرة‭ ‬بكم‭ ‬الإيرادات‭ ‬التي‭ ‬ستجنيها‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الضريبة‭ ‬والأموال‭ ‬المتوقعة‭ ‬وهل‭ ‬تطبيق‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الضريبة‭ ‬سوف‭ ‬يؤثر‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬استقرار‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬فهذا‭ ‬السؤال‭ ‬مهم‭ ‬يجب‭ ‬الإجابة‭ ‬عنه‭ ‬وإنارة‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬بشأنه‭ ‬لتتضح‭ ‬الصورة‭.‬

وإذا‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الضريبة‭ ‬مهمة‭ ‬وضرورية‭ ‬فإن‭ ‬الخطوة‭ ‬التالية‭ ‬المطلوبة‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظري‭ ‬المتواضعة‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬التشاور‭ ‬مع‭ ‬الشركات‭ ‬الوطنية‭ ‬الكبرى‭ ‬بشأن‭ ‬دعم‭ ‬الميزانية‭ ‬والاتفاق‭ ‬على‭ ‬صيغة‭ ‬معينة‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬تتأثر‭ ‬الشركات‭ ‬الوطنية‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الضريبة‭ ‬بحيث‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬الضريبة‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬الأرباح‭ ‬الصافية‭ ‬فقط‭ ‬والتي‭ ‬يتم‭ ‬إعلانها‭ ‬باستمرار‭ ‬فلا‭ ‬بأس‭ ‬أن‭ ‬تسهم‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬بجزء‭ ‬من‭ ‬أرباحها‭ ‬لدعم‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة‭ ‬للدولة‭ ‬لتعزيز‭ ‬هذه‭ ‬الميزانية‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬ضغوطات‭ ‬كبيرة‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬ولا‭ ‬نظن‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬النسبة‭ ‬سوف‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬أوضاع‭ ‬الشركات‭ ‬الوطنية‭ ‬الكبرى‭ ‬أو‭ ‬تقلل‭ ‬من‭ ‬أرباحها‭ ‬لأن‭ ‬مساهمتها‭ ‬في‭ ‬العملية‭ ‬الوطنية‭ ‬ضرورية‭ ‬في‭  ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬الصعبة‭ ‬التي‭ ‬تواجهنا‭ ‬سنويا‭ ‬لتوفير‭ ‬الموارد‭ ‬اللازمة‭ ‬للميزانية‭ ‬العامة‭.‬

إن‭ ‬هذا‭ ‬الشركات‭ ‬الوطنية‭ ‬الكبرى‭ ‬تأسست‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬وأسهمت‭ ‬بشكل‭ ‬جدي‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬وفي‭ ‬توفير‭ ‬الوظائف‭ ‬للمواطنين‭ ‬وتدريبهم‭ ‬وتأهيلهم‭ ‬بل‭ ‬وكان‭ ‬لها‭ ‬الدور‭ ‬الأبرز‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬الصناعة‭ ‬والتجارة‭ ‬وجعل‭ ‬البحرين‭ ‬مركزا‭ ‬اقتصاديا‭ ‬وتجاريا‭ ‬مهما‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وفي‭ ‬العالم‭ ‬ولذلك‭ ‬ومع‭ ‬إشادتنا‭ ‬بدور‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬الوطني‭ ‬ووظيفتها‭ ‬فلا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬نؤكد‭ ‬أنها‭ ‬استفادت‭ ‬مما‭ ‬وفرته‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬بنية‭ ‬تحتية‭ ‬وخدمات‭ ‬خلال‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬من‭ ‬مطارات‭ ‬وخدمات‭ ‬لوجستية‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يحتاجه‭ ‬التجار‭ ‬أو‭ ‬أصحاب‭ ‬الصناعة‭ ‬من‭ ‬إمكانيات‭ ‬أساسية‭ ‬للعمل‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬تطلب‭ ‬الدولة‭ ‬شيئا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬ولم‭ ‬تفرض‭ ‬عليها‭ ‬ضرائب‭.‬

كان‭ ‬ذلك‭ ‬أيام‭ ‬الرخاء‭ ‬والوفرة‭ ‬ولم‭ ‬تلجأ‭ ‬الجهات‭ ‬الرسمية‭ ‬إلى‭ ‬تاريخه‭ ‬إلى‭ ‬فرض‭ ‬ضريبة‭ ‬أو‭ ‬ضرائب‭ ‬على‭ ‬الشركات‭ ‬الوطنية‭ ‬الكبرى‭ ‬فما‭ ‬بالك‭ ‬بالمتوسطة‭ ‬والصغرى‭ ‬أما‭ ‬اليوم‭ ‬فقد‭ ‬تغيرت‭ ‬الظروف‭ ‬واشتد‭ ‬عود‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬وأصبحت‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة‭ ‬للدولة‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬الدعم‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬الموارد‭ ‬لتحقيق‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التطور‭ ‬والتنمية‭ ‬لشعب‭ ‬البحرين‭ ‬ولذلك‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬لفرض‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الضريبة‭ ‬على‭ ‬الأرباح‭ ‬الصافية‭ ‬للشركات‭ ‬الوطنية‭ ‬الكبرى‭ ‬حتى‭ ‬تتجاوز‭ ‬الدولة‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬المالية‭ ‬الصعبة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاتفاق‭ ‬مع‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬كما‭ ‬أسلفنا‭ ‬أسوة‭ ‬بالقيمة‭ ‬المضافة‭ ‬التي‭ ‬فرضت‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬والله‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬القصد‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا