العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

لماذا يتهاون العالم في مواجهة همجية المستوطنين الصهاينة؟

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الأربعاء ١٨ سبتمبر ٢٠٢٤ - 02:00

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬اهتمام‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربية‭ ‬بتغطية‭ ‬العدوان‭ ‬الوحشي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬منذ‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬فإن‭ ‬تزايد‭ ‬عنف‭ ‬المستوطنين‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بالضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس‭ ‬الشرقية‭ ‬كان‭ ‬موضع‭ ‬تقارير‭ ‬غربية‭ ‬أكبر‭.‬

فقبل‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬انصب‭ ‬تركيز‭ ‬جماعات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬الزيادة‭ ‬الملحوظة‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬القتلى‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬المستوطنين‭ ‬والجيش‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬وتوسيع‭ ‬المستوطنات‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭ ‬بموجب‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭. ‬ولكن‭ ‬عقب‭ ‬مرور‭ ‬أحد‭ ‬عشر‭ ‬شهرًا‭ ‬على‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬نشرت‭ ‬وسائل‭ ‬إعلام‭ ‬مثل‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬الإيكونوميست‮»‬‭ ‬تقارير‭ ‬عن‭ ‬كيف‭ ‬اكتسب‭ ‬المستوطنون‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬الدعم‭ ‬من‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل‭ ‬الذي‭ ‬حل‭ ‬بغزة،‭ ‬وكيف‭ ‬باتوا‭ ‬يتمتعون‭ ‬بقوة‭ ‬مدعومة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الساسة‭ ‬والجيش‭ ‬بالبلاد،‭ ‬فصعّدوا‭ ‬من‭ ‬حملاتهم‭ ‬الإرهابية‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس‭ ‬الشرقية‭.‬

ومع‭ ‬ذلك‭ ‬امتنعت‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ ‬والمنظمات‭ ‬المتعددة‭ ‬الجنسيات‭ ‬التي‭ ‬تدعم‭ ‬إسرائيل‭ ‬سياسيا‭ ‬ودبلوماسيا‭ ‬واقتصاديا‭ ‬وعسكريا‭ ‬ــ‭ ‬وهي‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬وفرنسا‭ ‬وألمانيا‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬ــ‭ ‬عن‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬عملية‭ ‬ضد‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬لوقف‭ ‬جرائمها‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والانتهاكات‭ ‬في‭ ‬الضفة‭. ‬

وفي‭ ‬تقرير‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬الأزمات‭ ‬الدولية‮»‬‭ ‬ومقرها‭ ‬بروكسل،‭ ‬بتاريخ‭ ‬سبتمبر‭ ‬2024‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬القضاء‭ ‬على‭ ‬عنف‭ ‬المستوطنين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬من‭ ‬جذوره‮»‬،‭ ‬أقرت‭ ‬بأن‭ ‬عنف‭ ‬المستوطنين‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬‮«‬لم‭ ‬يخضع‭ ‬لأي‭ ‬رقابة‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‮»‬،‭ ‬وطالب‭ ‬التقرير‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ ‬بـ«استخدام‭ ‬نفوذها‭ ‬لدى‭ ‬إسرائيل‮»‬‭ ‬بشكل‭ ‬أكثر‭ ‬فعالية‭ ‬لكبح‭ ‬جماح‭ ‬هذا‭ ‬الخطر‭ ‬المتزايد‭ ‬على‭ ‬الاستقرار‭ ‬الإقليمي‭ ‬والأمن‭ ‬الإنساني‭.‬

كما‭ ‬حثت‭ ‬‮«‬المجموعة‮»‬‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬أشد‭ ‬وأوسع‭ ‬على‭ ‬المستوطنين‭ ‬المتطرفين‭ ‬مما‭ ‬هي‭ ‬عليه‭ ‬حاليًا،‭ ‬وأن‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تحد‭ ‬من‭ ‬مبيعات‭ ‬الأسلحة‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬انتهاك‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‮»‬‭.‬

إن‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الوحشية‭ ‬المستمرة‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬لم‭ ‬تقتل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬42‭ ‬ألف‭ ‬مدني‭ ‬فلسطيني‭ ‬فحسب،‭ ‬معظمهم‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال‭ ‬وكبار‭ ‬السن،‭ ‬وألحقت‭ ‬أضرارا‭ ‬مادية‭ ‬تقدر‭ ‬بمليارات‭ ‬الدولارات‭ ‬بالبنية‭ ‬التحتية‭ ‬والإسكان،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬أيضًا،‭ ‬ووفقًا‭ ‬لـ«مجموعة‭ ‬الأزمات‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬حولت‭ ‬انتباه‭ ‬العالم‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬‮«‬العنف‭ ‬المنهجي‭ ‬والمتزايد‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المستوطنين‭ ‬بحق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬المحتلة‮»‬‭.‬

ويعيش‭ ‬الآن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬700‭ ‬ألف‭ ‬مستوطن‭ ‬إسرائيلي‭ ‬بصفة‭ ‬غير‭ ‬شرعية‭ ‬بالضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬و200‭ ‬ألف‭ ‬آخرين‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية‭ ‬المحتلة‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أوضحت‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬الإيكونوميست‮»‬‭ ‬أن‭ ‬التركيبة‭ ‬السكانية‭ ‬لهؤلاء‭ ‬المستوطنين‭ ‬تتألف‭ ‬من‭ ‬‮«‬الإسرائيليين‭ ‬العلمانيين‭ ‬أو‭ ‬المتدينين‭ ‬المتطرفين‮»‬‭ ‬الذين‭ ‬يستغلون‭ ‬انخفاض‭ ‬أسعار‭ ‬المساكن‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المستوطنات،‭ ‬كما‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬انتماء‭ ‬هؤلاء‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬مجتمع‭ ‬ديني‭ ‬أيديولوجي‭ ‬يرى‭ ‬في‭ ‬العيش‭ ‬بالضفة‭ ‬الغربية‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬مهمة‭ ‬مقدسة‮»‬‭.‬

وسجلت‭ ‬‮«‬هيومن‭ ‬رايتس‭ ‬ووتش‮»‬‭ ‬كيف‭ ‬شهد‭ ‬عام‭ ‬2023‭/‬2024‭ ‬أعلى‭ ‬وتيرة‭ ‬للهجمات‭ ‬العنيفة‭ ‬للمستوطنين‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬منذ‭ ‬2006‭ ‬وذلك‭ ‬وسط‭ ‬نمط‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬المتصاعد‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬وأثارت‭ ‬‮«‬الإيكونوميست‮»‬‭ ‬كيف‭ ‬تشجع‭ ‬هؤلاء‭ ‬المستوطنين‭ ‬بتدمير‭ ‬غزة،‭ ‬وأن‭ ‬ما‭ ‬دفعهم‭ ‬الى‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬‮«‬النفوذ‭ ‬الهائل‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬تتمتع‭ ‬به‭ ‬الأحزاب‭ ‬الداعمة‭ ‬لهم‭ ‬داخل‭ ‬ائتلاف‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو،‭ ‬وكذلك‭ ‬قرارات‭ ‬الحكومة‭ ‬التي‭ ‬توفر‭ ‬‮«‬ستارًا‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬مصادرة‭ ‬الأراضي‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‮»‬‭.‬

ومنذ‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬سُجلت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1000‭ ‬حادثة‭ ‬عنف‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المستوطنين‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬مع‭ ‬طرد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1300‭ ‬أسرة‭ ‬من‭ ‬منازلها‭ ‬بالقوة‭ ‬والترهيب،‭ ‬وسجلت‭ ‬‮«‬هيومن‭ ‬رايتس‭ ‬ووتش‮»‬‭ ‬كيف‭ ‬قام‭ ‬المستوطنون‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬‮«‬بالاعتداء‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وتعذيبهم‭ ‬وارتكاب‭ ‬العنف‭ ‬الجنسي‭ ‬ضدهم،‭ ‬وسرقة‭ ‬ممتلكاتهم‭ ‬ومواشيهم،‭ ‬وتهديدهم‭ ‬بالقتل‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يغادروا‭ ‬بشكل‭ ‬دائم،‭ ‬وتدمير‭ ‬منازلهم‭ ‬ومدارسهم»؛‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬إجبار‭ ‬‮«‬مجتمعات‭ ‬بأكملها‮»‬‭ ‬على‭ ‬الفرار‭ ‬من‭ ‬منازلها‭.‬

وأدرك‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربي‭ ‬الدور‭ ‬الحاسم‭ ‬الذي‭ ‬يلعبه‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ودعمه‭ ‬لعنف‭ ‬هؤلاء‭ ‬المستوطنين‭. ‬فسجلت‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬هيومن‭ ‬رايتس‭ ‬ووتش‮»‬‭ ‬كيف‭ ‬قام‭ ‬الجيش‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬‮«‬باستدعاء‭ ‬5‭.‬500‭ ‬مستوطن‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بعضًا‭ ‬ممن‭ ‬لديهم‭ ‬سجلات‭ ‬إجرامية‭ ‬جنائية‭ ‬في‭ ‬العنف‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‮»‬‭ ‬وتعيينهم‭ ‬فيما‭ ‬يسمى‭ ‬بكتائب‭ ‬‮«‬الدفاع‭ ‬الإقليمي‮»‬‭ ‬بالضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬وتوزيع‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬7000‭ ‬بندقية‭ ‬عليهم‭ ‬وعلى‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بـ«فرق‭ ‬الأمن‭ ‬المدنية‮»‬‭. ‬

كما‭ ‬تطرقت‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬الأزمات‭ ‬الدولية‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬تزويد‭ ‬هؤلاء‭ ‬المستوطنين‭ ‬بزي‭ ‬رسمي‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يتمكن‭ ‬ضحاياهم‭ ‬من‭ ‬التمييز‭ ‬بينهم‭ ‬وبين‭ ‬الجنود‭ ‬الإسرائيليين‭. ‬وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬ذكرت‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬الإيكونوميست‮»‬‭ ‬كيف‭ ‬مانعت‭ ‬الشرطة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬مرارًا‭ ‬الدعوات‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬إجراء‭ ‬تحقيقات‭ ‬في‭ ‬عنف‭ ‬المستوطنين‮»‬‭ ‬منذ‭ ‬تعيين‭ ‬زعيم‭ ‬حزب‭ ‬‮«‬القوة‭ ‬اليهودية‮»‬‭ ‬والمقيم‭ ‬غير‭ ‬القانوني‭ ‬في‭ ‬مستوطنة‭ ‬من‭ ‬المستوطنات‭ ‬‮«‬إيتمار‭ ‬بن‭ ‬غفير‮»‬‭ ‬وزيرًا‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬أكد‭ ‬‮«‬مكتب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لتنسيق‭ ‬الشؤون‭ ‬الإنسانية‮»‬‭ ‬على‭ ‬تواجد‭ ‬الجنود‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬أثناء‭ ‬اعتداءات‭ ‬المستوطنين‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬لكنهم‭ ‬لم‭ ‬يتدخلوا،‭ ‬وأن‭ ‬اعتداءاتهم‭ ‬المتكررة‭ ‬على‭ ‬المدن‭ ‬والبلدات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬منذ‭ ‬أوائل‭ ‬العام‭ ‬الحالي‭ ‬قد‭ ‬أسفرت‭ ‬عن‭ ‬استشهاد‭ ‬ما‭ ‬يربو‭ ‬على‭ ‬600‭ ‬فلسطيني‭ ‬وعن‭ ‬اعتقال‭ ‬واحتجاز‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬تسعة‭ ‬آلاف‭.‬

ورغم‭ ‬تأكيد‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬هيومن‭ ‬رايتس‭ ‬ووتش‮»‬‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬التدمير‭ ‬الشامل‭ ‬والاستيلاء‭ ‬على‭ ‬الممتلكات،‭ ‬والترحيل‭ ‬القسري‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬المستوطنين‭ ‬يمثل‭ ‬‮«‬جرائم‭ ‬حرب‮»‬،‭ ‬وما‭ ‬أضافته‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬الإيكونوميست‮»‬‭ ‬أن‭ ‬الخبراء‭ ‬القانونيين‭ ‬الدوليين‭ ‬يعتبرون‭ ‬‮«‬جميع‭ ‬المستوطنات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬غير‭ ‬قانونية‭ ‬بموجب‭ ‬اتفاقية‭ ‬جنيف‭ ‬الرابعة‮»‬،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ ‬قد‭ ‬تقاعست‭ ‬عن‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬فعالة‭ ‬لوقف‭ ‬التوسع‭ ‬ومعاقبة‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإسرائيليين‭. ‬

وندد‭ ‬‮«‬بيل‭ ‬فان‭ ‬إسفيلد‮»‬‭ ‬مدير‭ ‬قسم‭ ‬حقوق‭ ‬الطفل‭ ‬في‭ ‬هيومن‭ ‬رايتس‭ ‬ووتش،‭ ‬بـ«التساهل‮»‬‭ ‬و«الإفلات‭ ‬من‭ ‬العقاب‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬تأجيج‭ ‬الأزمة‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس‭ ‬الشرقية،‭ ‬كما‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬التدابير‭ ‬العقابية‭ ‬ضد‭ ‬كبار‭ ‬المستوطنين‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬إيقاف‭ ‬تسريع‭ ‬عمليات‭ ‬الضم؛‭ ‬حيث‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2024،‭ ‬فرضت‭ ‬حكومتا‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة‮»‬‭ ‬عقوبات‭ ‬اقتصادية‭ ‬وقيود‭ ‬سفر‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬محدود‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬المستوطنين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬غير‭ ‬الشرعيين‭. ‬كما‭ ‬اعترفت‭ ‬إدارة‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬عنف‭ ‬المستوطنين،‭ ‬والتهجير‭ ‬القسري،‭ ‬وتدمير‭ ‬الممتلكات‮»‬‭ ‬قد‭ ‬بلغ‭ ‬‮«‬مستويات‭ ‬لا‭ ‬تطاق‮»‬‭ ‬وتمثل‭ ‬‮«‬تهديدًا‭ ‬خطيرًا‭ ‬للسلام‭ ‬والأمن‮»‬‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬والمنطقة‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭. ‬وأقر‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬البريطاني‭ ‬آنذاك‭ ‬اللورد‭ ‬‮«‬كاميرون‮»‬‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬‮«‬غير‭ ‬قانونية‭ ‬وغير‭ ‬مقبولة‮»‬‭.‬

كما‭ ‬مارست‭ ‬نفس‭ ‬الحكومات‭ ‬ضغوطًا‭ ‬محدودة‭ ‬على‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬وائتلافه‭ ‬اليميني‭ ‬المتطرف‭ ‬لوقف‭ ‬توسيع‭ ‬المستوطنات‭. ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬2024،‭ ‬بينما‭ ‬كان‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬يُجبرون‭ ‬بشكل‭ ‬وحشي‭ ‬على‭ ‬مغادرة‭ ‬أراضيهم،‭ ‬سمح‭ ‬نتنياهو‭ ‬ببناء‭ ‬5300‭ ‬منزل‭ ‬جديد‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬3000‭ ‬فدان‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭. ‬وفي‭ ‬ردها،‭ ‬وعدت‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بـ«مواصلة‭ ‬استخدام‭ ‬الأدوات‭ ‬المتاحة‮»‬‭ ‬لكشف‭ ‬وتعزيز‭ ‬المساءلة‭ ‬دون‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬فعلية‭ ‬على‭ ‬إسرائيل،‭ ‬بينما‭ ‬اكتفى‭ ‬‮«‬جوزيف‭ ‬بوريل‮»‬‭ ‬مسؤول‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬بإدانة‭ ‬ضم‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭. ‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬المساءلة‭ ‬الفاترة‭ ‬والخجولة،‭ ‬دعت‭ ‬‮«‬سارة‭ ‬ياجر‮»‬‭ ‬مديرة‭ ‬هيومن‭ ‬رايتس‭ ‬ووتش‭ ‬في‭ ‬واشنطن،‭ ‬إلى‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬السلطات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬العنف‭ ‬والضم‭ ‬غير‭ ‬القانوني‭. ‬وأكدت‭ ‬‮«‬منظمات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‮»‬‭ ‬الدولية‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬تركز‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬وكندا‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬حازمة‭ ‬ضد‭ ‬تصرفات‭ ‬المستوطنين،‭ ‬ودعت‭ ‬إلى‭ ‬تعليق‭ ‬الدعم‭ ‬العسكري‭ ‬لإسرائيل‭ ‬لتجنب‭ ‬التواطؤ‭ ‬في‭ ‬الانتهاكات‭. ‬كما‭ ‬دعت‭ ‬المنظمة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬إلى‭ ‬مراجعة‭ ‬اتفاقياته‭ ‬الثنائية‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وفرض‭ ‬حظر‭ ‬تجاري‭ ‬على‭ ‬الأصول‭ ‬المالية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالمستوطنات‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭.‬

وأشارت‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬الأزمات‭ ‬الدولية‮»‬‭ ‬في‭ ‬تقريرها‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬عقوبات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬ضد‭ ‬قادة‭ ‬المستوطنات‭ ‬هي‭ ‬‮«‬خطوة‭ ‬أولى‭ ‬جيدة‮»‬،‭ ‬لكنها‭ ‬دعت‭ ‬إلى‭ ‬ضغوط‭ ‬أكبر‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬بسبب‭ ‬استمرار‭ ‬أعمال‭ ‬العنف‭ ‬والضم‭. ‬كما‭ ‬حثت‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬نظام‭ ‬العقوبات‭ ‬الحالي‭ ‬لفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬‮«‬أعضاء‭ ‬الحكومة‭ ‬المحرضين‭ ‬على‭ ‬العنف‭ ‬والتطرف‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬‮«‬بن‭ ‬غفير‮»‬‭ ‬ووزير‭ ‬المالية‭ ‬‮«‬بتسلئيل‭ ‬سموتريتش‮»‬‭ ‬الذين‭ ‬‮«‬يدعمون‭ ‬المستوطنين‮»‬‭.‬

ومن‭ ‬جانبها،‭ ‬أكدت‭ ‬‮«‬هيومن‭ ‬رايتس‭ ‬ووتش‮»‬‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬تتخذ‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬ودول‭ ‬أخرى‭ ‬إجراءات‭ ‬لضمان‭ ‬المساءلة‭ ‬عن‭ ‬الجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬إسرائيل،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬دعم‭ ‬التحقيقات‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬تجريها‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬والمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬إن‭ ‬استمرار‭ ‬التزام‭ ‬بايدن‭ ‬تجاه‭ ‬إسرائيل‭ ‬يجعل‭ ‬أي‭ ‬تغيير‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬غير‭ ‬محتمل‭ ‬قبل‭ ‬يناير‭ ‬2025،‭ ‬عندما‭ ‬يدخل‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬إدارة‭ ‬جديدة‭. ‬وفي‭ ‬حال‭ ‬إعادة‭ ‬انتخاب‭ ‬‮«‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬سيعزز‭ ‬‮«‬مشروع‭ ‬الاستيطان‭ ‬الإسرائيلي‮»‬،‭ ‬بينما‭ ‬قد‭ ‬توفر‭ ‬‮«‬كامالا‭ ‬هاريس‮»‬،‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬انتخابها،‭ ‬‮«‬فرصة‭ ‬لفرض‭ ‬ضغوط‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭.‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬نحو‭ ‬ثلاثة‭ ‬ملايين‭ ‬فلسطيني‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬تحت‭ ‬احتلال‭ ‬عسكري‭ ‬لا‭ ‬يوفر‭ ‬الحماية‭ ‬لهم‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬المستوطنين،‭ ‬فإن‭ ‬تردد‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬فعالة‭ ‬عليهم‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬معاناتهم‭. ‬وقد‭ ‬استنتجت‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬الأزمات‭ ‬الدولية‮»‬‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬‮«‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬الحل‭ ‬لعنف‭ ‬المستوطنين‮»‬‭ ‬حتى‭ ‬تتوقف‭ ‬عن‭ ‬كونها‭ ‬‮«‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬المشكلة‮»‬‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا