يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
الـتـوجـيـه الـمـلـكـي الـحـكـيـم
حـمـايـة شـبـاب الـبـحـريـن أولـويـة وطـنـيـة كـبـرى
عبارات موجزة قالها جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بشكل تلقائي وعفوي تمثل تنبيها ملكيا للكل.. تمثل بعبارة ادق توجيها ملكيا يتعلق بقضية في غاية الأهمية والخطورة.
نعني ما قاله جلالة الملك حين استقبل جلالته قبل ايام كبار افراد العائلة المالكة الكريمة وكبار المسئولين وأصحاب الإنجازات فيما يتعلق بما يواجهه الشباب اليوم في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة، وما يتوجب عمله لحماية الشباب في مواجهة تأثيرات سلبية خطيرة.
قبل كل شيء، حين يقول جلالة الملك هذا بشكل عفوي تلقائي من دون خطاب مكتوب فهذا يعني ان القضية تشغل بال جلالته وإنها على درجة كبيرة من الأهمية والخطورة، وهي بالفعل كذلك.
ما قاله جلالة الملك يجب ان يتوقف امامه الكل في المجتمع مليا، وان يتأمل ما يحمله من أبعاد ومعانٍ تمثل رسالة ملكية إلى الكل.
توصيف دقيق
لنتأمل بداية ما قاله جلالة الملك.
جلالته قال: «في هذه الظروف فإنه من المهم أن يوجه الجميع الشباب إلى التعايش وفق مبادئ الخير والسلام والحياة الطيبة والكريمة، ليكونوا بعد ذلك بلا شك أقوى من يدافع عما توارثوه .انه من المؤسف أن الشباب أصبح يتعلم العنف والحروب مثلما نرى فيما يحدث في بعض الدول.. إن التربية الحسنة هي تربية خير وسلام وتعايش ومحبة، وأنه لا شك إذا أثبتت هذه المبادئ، فسوف يدافع عن مجتمعه وليس العكس.«
ما قاله جلالة الملك على هذا النحو بمثابة توجيه ملكي له اهمية استثنائية، ويجب التوقف مطولا عند ابعاده والجوانب التي يثيرها.
ثلاثة جوانب كبرى ينطوي عليها حديث جلالة الملك يجب ان نتوقف عندها ونتأملها.
الجانب الأول: ان جلالة الملك يقدم توصيفا دقيقا للظروف الحالية في المنطقة والعالم من زاوية محددة.. من زاوية الأخطار المرتبطة بها على المجتمعات وعلى الشباب بالذات.. من زاوية أي قيم سلبية ومواقف تكرسها هذه الظروف لدى الشباب.
نعلم جميعا ما تشهده المنطقة في الوقت الحاضر من حروب وصراعات عنيفة متعددة. الأمر لا يتعلق فقط بما يجري في غزة ولكن الصراعات العنيفة تمتد الى دول عدة في المنطقة والكثير منها يأخذ طابعا طائفيا كما هو الحال في العراق ولبنان واليمن وسوريا.
هذا الوضع المتفجر في المنطقة يؤثر بالتأكيد على مستقبل كل الدول العربية من جوانب كثيرة.
الجانب الذي ينبه اليه جلالة الملك، ولا يحظى للأسف باهتمام الكثيرين في الدول العربية هو، تأثير هذا الوضع على الشباب.. على تفكيرهم والمواقف والقيم التي يتبنونها، وبالتالي على دورهم في المجتمع.
هذه الأحداث في المنطقة تؤثر على الكل بلا استثناء لكن تأثيرها مضاعف بالنسبة للشباب بالذات بحكم حماسهم واندفاعهم وسنهم الحرجة. وكثير من هذه الـتأثيرات سلبية.
أخطر هذه التأثيرات السلبية، والتي نبه اليها جلالة الملك بوضوح، ما يتعلق بالمواقف والقيم التي قد يتبناها الشباب.
الأحداث التي تشهدها المنطقة تدفع بالتأكيد قطاعا من الشباب الى التطرف والى تبني مواقف عنيفة او تؤيد العنف. هذه الأحداث تكرس لدى قطاع من الشباب قيما غاية في السلبية مثل قيم التشدد والتطرف السياسي والديني والطائفي، واعتبار ان العنف من الممكن ان يكون وسيلة مشروعة..
بالطبع، مثل هذه الـتأثيرات السلبية على الشباب من الممكن ان تترتب عليها نتائج خطيرة على الدول والمجتمعات العربية.
هذا القطاع من الشباب الذي يتبنى مثل هذه القيم والمواقف السلبية من الممكن ان ينقلب على الدولة والمجتمع ويروج للتطرف والتشدد، وقد يلجأ إلى العنف أيضا بكل ما يترتب على ذلك من تداعيات خطيرة.
علينا ان نتنبه هنا الى امر خطير يرتبط بهذه المواقف والقيم السلبية للشباب يفاقم من خطرها.
علينا ان نتنبه الى انه بالنسبة للبحرين وأغلب الدول العربية هناك دول اجنبية ومنظمات وقوى لديها أصلا اجندات معروفة تهدف الى اختراق دولنا ومجتمعاتنا واثارة الفوضى فيها وتخريبها وهدم مؤسساتها إن استطاعت.
هذه الدول والقوى والمنظمات الأجنبية لا تتردد في استغلال حالة الشباب نتيجة الظروف السائدة حاليا وما تفرزه من نتائج سلبية أسوأ استغلال، ولا تتردد في دفع هؤلاء الشباب الى التمرد على الدولة والمجتمع، والتعامل معهم كأداة لتنفيذ اجندات التخريب والتدمير.
كما يجب ان نتنبه الى انه في داخل مجتمعاتنا العربية هناك قوى متطرفة ومتشددة طائفيا او دينيا سوف لن تتردد بدورها في استغلال حالة الشباب هذه وتسعى الى حشدهم ودفعهم الى مواقف وادوار تخريبية مدمرة.
ما ذكرناه يبين كما اشرت ان جلالة الملك ينبه الى ظاهرة خطيرة فعلا.
ما هو المطلوب؟
الجانب الثاني الذي ينطوي عليه حديث جلالة الملك يتعلق بما هو مطلوب في مواجهة هذه الظاهرة، وهذه التأثيرات السلبية التي يتعرض لها الشباب.
المطلوب ببساطة بحسب التوجيه الملكي هو حماية الشباب.. حماية الشباب في مواجهة هذه التأثيرات التي تفرضها الظروف الحالية في المنطقة وتحصينهم.
القضية الكبرى التي أشار اليها جلالة الملك في هذا الصدد هي ان حماية الشباب وتحصينهم هي ضرورة وطنية كبرى ليس لحمايتهم فقط، وانما وبنفس القدر من الأهمية لحماية الدولة والمجتمع.
جلالة الملك قال اننا نريد أن «يدافع الشباب عن مجتمعه وليس العكس».
هذا حديث حكيم يلخص جوهر القضية. الهدف هو ان يكون الشباب معاول بناء للوطن والمجتمع وقوة كبرى للدفاع عنه، لا معاول هدم للدولة والمجتمع.
كيف نحمي الشباب؟
الجانب الثالث الذي يثريه حديث جلالة الملك يتعلق بالطريق إلى حماية الشباب من هذه الـتأثيرات السلبية وتحصينهم في مواجهتها. بعبارة أخرى، كيف لنا ان نحمي شباب البحرين؟
جلالة الملك حدد الطريق إلى حماية الشباب بشكل دقيق، في امرين:
الأول: تكريس القيم لوطنية.
والثاني: التربية الوطنية السليمة.
جلالة الملك أشار الى ضرورة ان نكرس لدى الشباب قيم ومبادئ «التعايش وفق مبادئ الخير والسلام والحياة الطيبة والكريمة» وأكد جلالته ان «التربية الحسنة هي تربية خير وسلام وتعايش».
هذا توجيه ملكي حكيم لكيفية حماية الشباب.
جلالة الملك يوجه إلى الأهمية الحاسمة لبناء الوعي الوطني السليم، وتكريس القيم الوطنية السليمة لدى الشباب، واعتبر جلالته ان التربية السليمة هي الطرق الى تحقيق هذ الهدف.
من المسئول عن تنفيذ هذا التوجيه الملكي؟.. من المسئول عن تكريس هذه القيم والمبادئ وهذه التربية الوطنية المنشودة؟
جلالة الملك قال ان «من المهم أن يوجه الجميع الشباب» إلى القيم الوطنية في التعايش والتسامح.
أي ان الكل في المجتمع بلا استثناء مسئول عن تنفيذ هذا التوجيه الملكي.
الأسرة أولا هي المسئول الأول. هي المسئول عن تربية أبنائها التربية الوطنية السليمة.. هي المسئول عن تحصين ابنائهم في مواجهة نزعات التطرف والعنف.. هي المسئول الأول عن زرع القيم الوطنية لدى ابنائها.
كل مؤسسات وأجهزة الدولة مسئولة كلٌ فيما يخصه عن حماية الشباب وفق خطط وبرامج.
كل أجهزة الاعلام مسئولة.. مسئولة عن التوعية العامة للشباب وكل افراد المجتمع بأخطار ما يجري في المنطقة وتأثيراته السلبية، والتوعية بالأهمية الوطنية لرعاية الشباب وتوجيههم التوجيه السليم، ومسئولة عن التحذير من المخططات الأجنبية التي تستهدف الشباب خصوصا.
كل قوى المجتمع المدني ومنظماته مسئولة.
المهم ان الكل في المجتمع يجب ان يدرك جديا الأهمية الاستثنائية لتنبيه وتوجيه جلالة الملك وان يتصرف بناء على ذلك.
تحصين الجبهة الداخلية
الأوضاع المتفجرة في المنطقة تحمل تهديدات وتحديات كبرى لكل دول المنطقة على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ومن البديهي ان كل دولة عربية يجب ان تكون لديها رؤية للتعامل مع هذه الأوضاع ومع التطورات التي يحملها المستقبل.
والمؤكد ان تحصين الجبهة الداخلية يأتي على رأس الأولويات على الاطلاق في التعامل مع الأوضاع الحالية حاضرا ومستقبلا. تحصين الجبهة الداخلية هو أكبر عوامل القوة التي تمكن الدولة من مواجهة التحديات الحالية والأبعاد السلبية المرتبطة بها.
وفي القلب من تحصين الجبهة الداخلية يأتي هدف حماية الشباب، وهو الأمر الذي أكده جلالة الملك بشكل واضح ومحدد.
الحقيقة ان ما قاله جلالة الملك بأبعاده المختلفة على نحو ما أشرنا ينبه الى الأهمية الحاسمة للمبادرة بوضع استراتيجية وطنية لحماية الشباب وتحصينهم في مواجهة التأثيرات الشديدة السلبية للأوضاع الحالية في المنطقة، وترسيخ القيم الوطنية عبر التربية الوطنية ومختلف الأساليب الأخرى على نحو ما نبه جلالة الملك.
بالطبع مؤسسات الدولة المعنية مطالبة بطرح مثل هذه الاستراتيجية بالمشاركة مع مختلف قوى المجتمع المدني، وصياغة برامج عملية بهذا الشأن، وتدشين حملة توعية واسعة للشباب وكل قوى المجتمع.
هذه قضية يجب ان تكون لها أولوية كبرى في العمل الوطني اليوم. الأمر يتعلق بمستقبل الوطن كله.
الخلاصة ان جلالة الملك بهذا التوجيه الملكي بضرورة حماية الشباب في الظروف الحالية، قد نبه جلالته الجميع الى انه في ظل هذه الأوضاع المتفجرة حاليا، لا هدف اكثر أهمية من تحصين الجبهة الداخلية، ومن حماية الشباب خصوصا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك