العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

كتب بلا قراء

بقلم: د. نبيل العسومي

الاثنين ٢٣ سبتمبر ٢٠٢٤ - 02:00

انتشرت‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬ظاهرة‭ ‬غريبة‭ ‬تزامنت‭ ‬مع‭ ‬انتشار‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والتوسع‭ ‬في‭ ‬استخدامها‭ ‬وسهولة‭ ‬الوصول‭ ‬إليها،‭ ‬وهي‭ ‬ظاهرة‭ ‬الإصدارات‭ ‬‮«‬الأدبية‮»‬‭ ‬حيث‭ ‬كثر‭ ‬إصدار‭ ‬ونشر‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬دواوين‭ ‬الشعر‭ ‬والروايات‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬ملاحقتها‭ ‬أو‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬عناوينها‭ ‬أو‭ ‬أسماء‭ ‬أصحابها‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬تصلنا‭ ‬إعلانات‭ ‬يومية‭ ‬أو‭ ‬شبه‭ ‬يومية‭ ‬عن‭ ‬دواوين‭ ‬شعراء‭ ‬أو‭ ‬روايات‭ ‬جديدة‭ ‬أو‭ ‬كتب‭ ‬جديدة‭ ‬أو‭ ‬إصدارات‭ ‬جديدة‭ ‬تم‭ ‬تدشينها‭ ‬لأشخاص‭ ‬مجهولين‭ ‬لم‭ ‬نسمع‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬أنهم‭ ‬كانوا‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬الحركة‭ ‬الأدبية‭ ‬أو‭ ‬يمتلكون‭ ‬سيرة‭ ‬أدبية‭ ‬وإبداعية‭ ‬معروفة،‭ ‬حتى‭ ‬أننا‭ ‬قرأنا‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الماضية‭ ‬خبرا‭ ‬عن‭ ‬تدشين‭ ‬ديوان‭ ‬لكاتبة‭ ‬شابة‭ ‬عرفت‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التقديم‭ ‬أثناء‭ ‬التدشين‭ ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬تبين‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الديوان‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬تدشينه‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المناسبة‭ ‬هو‭ ‬الديوان‭ ‬التاسع،‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬مدهش‭ ‬يحيلنا‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬التساؤلات‭ ‬التي‭ ‬نطرحها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬المتواضع‭ ‬مع‭ ‬الاحترام‭ ‬والتقدير‭ ‬الكبير‭ ‬للكتاب‭ ‬والمبدعين‭ ‬الحقيقيين‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭.‬

قد‭ ‬نتفهم‭ ‬رغبة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬تجربة‭ ‬الكتابة‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬المختلفة‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والمواقع‭ ‬لنشر‭ ‬تجاربهم‭ ‬وأفكارهم‭ ‬وإبداعاتهم‭ ‬الشبابية،‭ ‬ويمكن‭ ‬تدريجيا‭ ‬خلال‭ ‬عدة‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الكتابة‭ ‬والتجريب‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الكتاب‭ ‬يبقى‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬20‭ ‬أو‭ ‬30‭ ‬كاتبا‭ ‬عدد‭ ‬قليل‭ ‬منهم‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬المسيرة‭ ‬ولفت‭ ‬الانتباه،‭ ‬ولكن‭ ‬الذي‭ ‬نشاهده‭ ‬الآن‭ ‬ليس‭ ‬الاكتفاء‭ ‬بنشر‭ ‬التجارب‭ ‬على‭ ‬المواقع،‭ ‬وإنما‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬نشر‭ ‬الكتب‭ ‬والدواوين‭ ‬والروايات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يقرأها‭ ‬أحد‭ ‬ربما‭ ‬باستثناء‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأقارب‭ ‬والأصدقاء‭ ‬الذين‭ ‬قد‭ ‬يقرأونها‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬المجاملة‭ ‬لا‭ ‬أكثر‭ ‬ولا‭ ‬أقل‭.‬

وللأمانة،‭ ‬فإن‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬وقع‭ ‬بين‭ ‬يدي‭ ‬وحاولت‭ ‬القراءة‭ ‬فيها،‭ ‬لكنني‭ ‬لم‭ ‬أقدر‭ ‬على‭ ‬المواصلة‭ ‬لأنني‭ ‬وجدت‭ ‬معظم‭ ‬المكتوب‭ ‬هو‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬الهراء‭ ‬أو‭ ‬الدردشة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تقدم‭ ‬للقارئ‭ ‬شيئا‭ ‬ولا‭ ‬تمنحه‭ ‬متعة‭ ‬القراءة‭ ‬أو‭ ‬المتابعة‭.‬

إن‭ ‬سهولة‭ ‬النشر‭ ‬والطباعة‭ ‬قد‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬سهولة‭ ‬أن‭ ‬يتجرأ‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬هبّ‭ ‬ودبّ‭ ‬على‭ ‬نشر‭ ‬الكتب‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬دواوين‭ ‬أو‭ ‬روايات‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬المسميات‭ ‬العديدة‭ ‬الأخرى‭. ‬وبطبيعة‭ ‬الحال،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬السهولة‭ ‬لها‭ ‬وجه‭ ‬إيجابي‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬حرية‭ ‬النشر‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬صعبة‭ ‬فيما‭ ‬مضى،‭ ‬ولكن‭ ‬لها‭ ‬جانبا‭ ‬سلبيا‭ ‬وهو‭ ‬المساعدة‭ ‬على‭ ‬نشر‭ ‬الكلام‭ ‬الفارغ‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يقدم‭ ‬ولا‭ ‬يؤخر‭ ‬ولا‭ ‬يخلق‭ ‬لنا‭ ‬مبدعين‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الوزن‭ ‬القادرين‭ ‬على‭ ‬التنافس‭ ‬إقليميا‭ ‬ودوليا‭ ‬وقد‭ ‬يطرح‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬مسألة‭ ‬الضوابط‭ ‬الأدبية‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬متوافرة‭ ‬لغربلة‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭ ‬أو‭ ‬الثرثرات‭ ‬الكبيرة‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يصبح‭ ‬النشر‭ ‬مفتوحا‭ ‬على‭ ‬مصراعيه‭. ‬فيما‭ ‬مضى‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬كانت‭ ‬هنالك‭ ‬حركة‭ ‬نقدية‭ ‬قوية‭ ‬وشرسة‭ ‬تتناول‭ ‬ما‭ ‬ينشر‭ ‬وما‭ ‬لا‭ ‬ينشر‭ ‬من‭ ‬النصوص‭ ‬الأدبية‭ ‬في‭ ‬النوادي‭ ‬والجمعيات‭ ‬الثقافية‭ ‬بقدر‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الدقة،‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬النقد‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬المعايير‭ ‬التي‭ ‬تفحص‭ ‬الإنتاج‭ ‬المسمى‭ ‬أدبيا،‭ ‬ومن‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يتجاوز‭ ‬عتبة‭ ‬النقد‭ ‬بجدارة‭ ‬يصبح‭ ‬ممتلكا‭ ‬لجواز‭ ‬العبور‭ ‬إلى‭ ‬الساحة‭ ‬الإبداعية‭ ‬ومن‭ ‬يتبين‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المتطفلين‭ ‬على‭ ‬الإبداع‭ ‬فإنه‭ ‬سريعا‭ ‬ما‭ ‬يختفي‭ ‬ولا‭ ‬يلتف‭ ‬إليه‭ ‬أحد‭. ‬ولكن‭ ‬للأسف‭ ‬أن‭ ‬الحركة‭ ‬النقدية‭ ‬اليوم‭ ‬صارت‭ ‬ضعيفة‭ ‬أو‭ ‬غائبة‭ ‬في‭ ‬الدراسة‭ ‬الاكاديمية‭ ‬ولا‭ ‬تهتم‭ ‬بما‭ ‬ينشر‭ ‬من‭ ‬النصوص‭ ‬الأدبية‭ ‬شعراً‭ ‬أو‭ ‬رواية‭ ‬إلا‭ ‬قليلا‭ ‬وربما‭ ‬هذا‭ ‬سبب‭ ‬من‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬شجعت‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تمتلئ‭ ‬الساحة‭ ‬بالعديد‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬الكتابات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬قيمة‭ ‬لها‭ ‬ولا‭ ‬إبداع‭ ‬فيها‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا