العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

لأجل إسرائيل.. الحرية الأكاديمية مستهدفة في الجامعات الأمريكية

بقلم: د. جيمس زغبي

الثلاثاء ٢٤ سبتمبر ٢٠٢٤ - 02:00

في‭ ‬فترة‭ ‬الستينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬قدم‭ ‬الناقد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بول‭ ‬جودمان‭ ‬مثالًا‭ ‬لوصف‭ ‬الأخطاء‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬الأمريكي‭.‬

كتب‭ ‬هذا‭ ‬المفكر‭ ‬يقول‭: ‬‮«‬منذ‭ ‬آلاف‭ ‬السنين،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬حكماء‭ ‬يعرفون‭ ‬أشياء‭ ‬كثيرة‭ ‬وكانوا‭ ‬حريصين‭ ‬على‭ ‬مشاركتها‭. ‬جاء‭ ‬إليهم‭ ‬الشباب‭ ‬وسألوهم‭: ‬‮«‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نتعلم‭ ‬على‭ ‬أيديكم؟‮»‬‭ ‬وقد‭ ‬فعلوا‭ ‬ذلك‭. ‬ومع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت،‭ ‬جاء‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الطلاب‭ ‬للتعلم‮»‬‭.‬

‮«‬وبعد‭ ‬التعلم،‭ ‬أصبح‭ ‬هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الحكماء‭ ‬القادرين‭ ‬والراغبين‭ ‬في‭ ‬التدريس‭. ‬نمت‭ ‬المؤسسة‭ ‬مع‭ ‬توافد‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الطلبة،‭ ‬والمزيد‭ ‬من‭ ‬المعلمين،‭ ‬وازدياد‭ ‬المواد‭ ‬للتدريس‭. ‬أصبح‭ ‬الأمر‭ ‬معقدًا‭ ‬للغاية‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬الحكماء‭ ‬استأجروا‭ ‬كتبة‭ ‬لتتبع‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬يدرس،‭ ‬وماذا‭ ‬كان‭ ‬يدرس،‭ ‬وأي‭ ‬طلاب‭ ‬كانوا‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬معلمين‭.‬

المشكلة‭ ‬اليوم‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬الكتبة‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬يديرون‭ ‬دفة‭ ‬الأمور‭ ‬وأصبحوا‭ ‬بالتالي‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬يقررون‭ ‬من‭ ‬سيتولى‭ ‬التدريس،‭ ‬وما‭ ‬الذي‭ ‬سيدرسه،‭ ‬ومن‭ ‬هو‭ ‬المؤهل‭ ‬للتعلم‮»‬‭.‬

إن‭ ‬هذا‭ ‬الدرس‭ ‬المستفاد‭ ‬وثيق‭ ‬الصلة‭ ‬بفهم‭ ‬التطورات‭ ‬المثيرة‭ ‬للقلق‭ ‬التي‭ ‬تتكشف‭ ‬في‭ ‬حرم‭ ‬الجامعات‭ ‬الأمريكية‭. ‬كان‭ ‬الهجوم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬الهجوم‭ ‬الذي‭ ‬شنته‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬سبباً‭ ‬في‭ ‬اندلاع‭ ‬ثورة‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬ساعدت‭ ‬فيه‭ ‬هذه‭ ‬المجموعات‭ ‬المنظمة‭ ‬في‭ ‬حشد‭ ‬المظاهرات‭ ‬العارمة‭ ‬المطالبة‭ ‬بوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬وتكريس‭ ‬الحقوق‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬كان‭ ‬اتساع‭ ‬نطاق‭ ‬تلك‭ ‬الجهود‭ ‬وعمقها‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬التحرك‭ ‬العفوي‭ ‬العارم‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الأمر‭ ‬مختلفًا‭ ‬عن‭ ‬حركات‭ ‬الاحتجاج‭ ‬العفوية‭ ‬السابقة‭ ‬التي‭ ‬ظهرت‭ ‬خلال‭ ‬العقد‭ ‬الماضي،‭ ‬ونذكر‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬مسيرة‭ ‬النساء،‭ ‬ومظاهرات‭ ‬‮«‬الترحيب‭ ‬بالمهاجرين‮»‬‭ ‬التي‭ ‬ملأت‭ ‬مطارات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ردًا‭ ‬على‭ ‬‮«‬حظر‭ ‬المسلمين‮»‬،‭ ‬و«مسيرة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المهاجرين‮»‬‭ ‬التي‭ ‬قادها‭ ‬الطلاب،‭ ‬ومسيرة‭ ‬‮«‬حياتنا‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬عمليات‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬الجماعية‭ ‬المتكررة،‭ ‬وحركة‭ ‬‮«‬حياة‭ ‬السود‭ ‬مهمة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬اندلعت‭ ‬بعد‭ ‬مقتل‭ ‬جورج‭ ‬فلويد‭.‬

وكان‭ ‬للحركة‭ ‬المطالبة‭ ‬بوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬والمؤيدة‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القواسم‭ ‬المشتركة‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬السابقة‭. ‬لقد‭ ‬انحرفت‭ ‬سياسات‭ ‬هذه‭ ‬الحركة‭ ‬نحو‭ ‬اليسار،‭ ‬وكان‭ ‬يقودها‭ ‬الشباب،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬متنوعة‭ ‬عرقيا‭ ‬ودينيا،‭ ‬علما‭ ‬بأن‭ ‬المركز‭ ‬الرئيسي‭ ‬لأنشطتها‭ ‬كان‭ ‬الحرم‭ ‬الجامعي‭.‬

لقد‭ ‬بدأت‭ ‬هذه‭ ‬الحملة‭ ‬بالمظاهرات‭ ‬والتدريس‭ ‬والوقفات‭ ‬الاحتجاجية‭. ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬فصل‭ ‬الربيع‭ ‬الماضي،‭ ‬أصبح‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬دراية‭ ‬بعمليات‭ ‬القتل‭ ‬الجماعي‭ ‬والدمار‭ ‬الذي‭ ‬تسببت‭ ‬فيه‭ ‬إسرائيل‭ ‬‭ ‬والدعم‭ ‬غير‭ ‬المشروط‭ ‬من‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬ضخامة‭ ‬الخسائر‭ ‬البشرية‭ ‬وتفاقم‭ ‬المعاناة‭ ‬المأساوية‭.‬

ومما‭ ‬يلاحظ‭ ‬أيضا‭ ‬درجة‭ ‬ومستوى‭ ‬استجابة‭ ‬الطلاب‭ ‬وتفاعلهم‭ ‬قد‭ ‬ازدادت‭ ‬أيضًا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬ظهور‭ ‬‮«‬حركة‭ ‬الحرم‭ ‬الجامعي‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬انتشرت‭ ‬بسرعة‭ ‬واتسع‭ ‬نطاقها‭ ‬لتشمل‭ ‬مئات‭ ‬الجامعات‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭.‬

ومنذ‭ ‬المراحل‭ ‬الأولى،‭ ‬واجهت‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬المناهضة‭ ‬للحرب‭ ‬في‭ ‬الحرم‭ ‬الجامعي‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬المناهضة‭ ‬التي‭ ‬سعت‭ ‬إلى‭ ‬إسكات‭ ‬المعارضة‭ ‬أو‭ ‬تشويه‭ ‬سمعتها‭. ‬كما‭ ‬اتهم‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المانحين‭ ‬وأمناء‭ ‬بعض‭ ‬جامعات‭ ‬النخبة‭ ‬المؤيدين‭ ‬لإسرائيل‭ ‬إدارات‭ ‬هذه‭ ‬الجامعات‭ ‬بعدم‭ ‬التحرك‭ ‬لقمع‭ ‬الاحتجاجات،‭ ‬وقرروا‭ ‬بالتالي‭ ‬سحب‭ ‬دعمهم‭ ‬المالي‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬المبكرة‭ ‬كانت‭ ‬خاضعة‭ ‬للرقابة‭ ‬الذاتية،‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬حالات‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬انخرط‭ ‬فيها‭ ‬الطلاب‭ ‬على‭ ‬جانبي‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬المشحون‭ ‬عاطفيًا‭ ‬في‭ ‬سلوكيات‭ ‬مؤذية‭ ‬أو‭ ‬أعمال‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬التهديد‭. ‬

وفي‭ ‬مرحلة‭ ‬معينة‭ ‬دخلت‭ ‬مجموعة‭ ‬أخرى‭ ‬مناوئة‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المعركة‭. ‬فقد‭ ‬قامت‭ ‬بعض‭ ‬المنظمات‭ ‬اليهودية‭ ‬البارزة‭ ‬المؤيدة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬بشن‭ ‬حملة‭ ‬مبالغ‭ ‬فيها‭ ‬ادعت‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬أن‭ ‬حركات‭ ‬الاحتجاج‭ ‬بأكملها‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬جوهرها‭ ‬معادية‭ ‬للسامية‭ ‬وطالبت‭ ‬بإيقافها‭ ‬لحماية‭ ‬الطلاب‭ ‬اليهود‭ ‬الذين‭ ‬شعروا‭ ‬بالتهديد‭ ‬أو‭ ‬الإقصاء‭.‬

لقد‭ ‬قامت‭ ‬هذه‭ ‬المنظمات‭ ‬بنشر‭ ‬تقارير،‭ ‬ونفذت‭ ‬حملة‭ ‬إعلامية‭ ‬ضخمة،‭ ‬كما‭ ‬أدلت‭ ‬بشهاداتها‭ ‬أمام‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬لعرض‭ ‬قضيتها‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظرها‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الأمثلة‭ ‬التي‭ ‬استخدموها‭ ‬كانت‭ ‬حقيقية،‭ ‬فإن‭ ‬الجزء‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬الأمثلة‭ ‬التي‭ ‬ذكروها‭ ‬لم‭ ‬تكن،‭ ‬بأي‭ ‬معيار‭ ‬معقول،‭ ‬معادية‭ ‬للسامية‭.‬

كانت‭ ‬تلك‭ ‬المساعي‭ ‬كافية‭ ‬لتوفير‭ ‬الزخم‭ ‬اللازم‭ ‬لظهور‭ ‬مجموعة‭ ‬ثالثة‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬المناوئة،‭ ‬وهي‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬الأعضاء‭ ‬الجمهوريين‭ ‬في‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‭. ‬لقد‭ ‬وجد‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الزخم‭ ‬‮«‬العاصفة‭ ‬الكاملة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يبحث‭ ‬عنها‭.‬

فقد‭ ‬تم‭ ‬استدعاء‭ ‬رؤساء‭ ‬جامعات‭ ‬النخبة‭ ‬للإدلاء‭ ‬بشهاداتهم‭ ‬أمام‭ ‬لجان‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬حيث‭ ‬تمت‭ ‬مواجهتهم‭ ‬بأسئلة‭ ‬تنم‭ ‬عن‭ ‬رغبة‭ ‬مبيتة‭ ‬في‭ ‬الخداع‭ ‬والتضليل،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬إعدادها‭ ‬أساسا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إحداث‭ ‬الإثارة‭ ‬الإعلامية‭ ‬أكثر‭ ‬منها‭ ‬رغبة‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬المعلومات‭. ‬

لقد‭ ‬مورست‭ ‬ضغوط‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬رؤساء‭ ‬تلك‭ ‬الجامعات‭ ‬الأمريكية‭ ‬البارزة‭ ‬أمام‭ ‬تلك‭ ‬اللجان‭ ‬المختلفة‭ ‬في‭ ‬جلسات‭ ‬عقدت‭ ‬في‭ ‬الكونجرس،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ولد‭ ‬لدى‭ ‬الكثير‭ ‬منهم‭ ‬بأنهم‭ ‬مجبرون‭ ‬على‭ ‬الاستقالة‭.‬

لقد‭ ‬ذهب‭ ‬الجمهوريون‭ ‬المنتشون‭ ‬بالنصر‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬حيث‭ ‬راحوا‭ ‬يشنون‭ ‬حملات‭ ‬من‭ ‬المضايقات‭ ‬والتهديدات‭ ‬المتعمدة،‭ ‬حيث‭ ‬هددوا‭ ‬بتعليق‭ ‬تمويل‭ ‬الكليات‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تتصرف‭ ‬كما‭ ‬يريد‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬وطالبوا‭ ‬بفرض‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الرقابة‭ ‬عليها،‭ ‬كما‭ ‬عمد‭ ‬هؤلاء‭ ‬الجمهوريون‭ ‬إلى‭ ‬تشويه‭ ‬الحركة‭ ‬الاحتجاجية‭ ‬واعتبروها‭ ‬معادية‭ ‬للسامية‭ ‬وتدعم‭ ‬‮«‬الأيديولوجية‭ ‬الإرهابية‮»‬‭ ‬أيضًا‭.‬

وسعيا‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬المتعددة‭ ‬المستويات‭ ‬والخوف‭ ‬من‭ ‬الضغوط‭ ‬التي‭ ‬يمارسها‭ ‬المانحون‭ ‬وتدخلات‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬كان‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الجامعات‭ ‬هو‭ ‬دعوة‭ ‬الشرطة‭ ‬لفض‭ ‬الاحتجاجات،‭ ‬وغالبًا‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬المفرطة‭.‬

وفي‭ ‬غضون‭ ‬أسابيع‭ ‬قليلة،‭ ‬ألقت‭ ‬الشرطة‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬3000‭ ‬طالب‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وقامت‭ ‬الجامعات‭ ‬بإيقاف‭ ‬العديد‭ ‬منهم‭ ‬ومنعت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المجموعات‭ ‬الطلابية‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬الحرم‭ ‬الجامعي‭.‬

عندما‭ ‬عاد‭ ‬الطلبة‭ ‬وأعضاء‭ ‬هيئة‭ ‬التدريس‭ ‬إلى‭ ‬حرمهم‭ ‬الجامعي‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬سبتمبر‭ ‬الحالي،‭ ‬اكتشفوا‭ ‬أن‭ ‬مديري‭ ‬الكليات‭ ‬كانوا‭ ‬يعملون‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الصيفية‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬وضع‭ ‬سياسات‭ ‬تتعلق‭ ‬بكل‭ ‬من‭ ‬النشاط‭ ‬الاحتجاجي‭ ‬المسموح‭ ‬به‭ ‬والخطاب‭ ‬المقبول‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬بعض‭ ‬الاختلافات‭ ‬من‭ ‬حرم‭ ‬جامعي‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬عبر‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬اللوائح‭ ‬الجديدة‭ ‬كانت‭ ‬بها‭ ‬ما‭ ‬يكفي‭ ‬من‭ ‬القواسم‭ ‬المشتركة‭ ‬لدفع‭ ‬الباحثين‭ ‬إلى‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬صناعة‭ ‬‮«‬المستشارين‭ ‬الأمنيين‮»‬‭ ‬الذين‭ ‬تم‭ ‬جلبهم‭ ‬لتقديم‭ ‬المشورة‭ ‬بشأن‭ ‬تغيير‭ ‬سياسات‭ ‬وممارسات‭ ‬الحرم‭ ‬الجامعي‭.‬

تفرض‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬الجديدة‭ ‬قيودًا‭ ‬على‭ ‬وقت‭ ‬ومكان‭ ‬ومدة‭ ‬الاحتجاجات،‭ ‬وتتطلب‭ ‬أن‭ ‬تحصل‭ ‬المجموعات‭ ‬الراعية‭ ‬على‭ ‬إذن‭ ‬للنشاط‭ ‬الاحتجاجي،‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬الحالات،‭ ‬تتدخل‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬محتوى‭ ‬اللافتات‭ ‬التي‭ ‬سيتم‭ ‬استخدامها‭.‬

لقد‭ ‬طُلب‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬أعضاء‭ ‬هيئة‭ ‬التدريس‭ ‬تقديم‭ ‬مناهجهم‭ ‬الدراسية‭ ‬للمراجعة‭ (‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الإداريين‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أعضاء‭ ‬الكونجرس‭ ‬الذين‭ ‬يطلبون‭ ‬ذلك‭). ‬أما‭ ‬الإشكالية‭ ‬الأكثر‭ ‬إثارة‭ ‬للجدل‭ ‬فهي‭ ‬تتعلق‭ ‬بالتغييرات‭ ‬والتعديلات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬إجراؤها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إشراك‭ ‬أعضاء‭ ‬هيئة‭ ‬التدريس‭ ‬أو‭ ‬مجالس‭ ‬الطلاب‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬أو‭ ‬اللجان‭ ‬القضائية‭ ‬المشكلة‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬هيئة‭ ‬التدريس‭ ‬والطلبة‭. ‬وبدلا‭ ‬من‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المخالفات‭ ‬داخليا،‭ ‬فإنها‭ ‬تنطوي‭ ‬على‭ ‬إنفاذ‭ ‬سلطة‭ ‬الشرطة‭ ‬من‭ ‬الخارج‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬أعرب‭ ‬كثيرون‭ ‬عن‭ ‬قلقهم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬السياسات‭ ‬ترتقي‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬أساليب‭ ‬القمع‭ ‬والترهيب‭ ‬التي‭ ‬انتشرت‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬مكارثي،‭ ‬فإن‭ ‬الأمر‭ ‬المثير‭ ‬للقلق‭ ‬بنفس‭ ‬القدر‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يعنيه‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬مستقبل‭ ‬الجامعة‭ ‬نفسها‭.‬

وهنا‭ ‬تكمن‭ ‬أهمية‭ ‬ما‭ ‬يطرحه‭ ‬الناقد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بول‭ ‬جودمان،‭ ‬لأن‭ ‬ما‭ ‬لدينا‭ ‬هو‭ ‬موقف‭ ‬حيث‭ ‬قام‭ ‬الموظفون،‭ ‬مدفوعين‭ ‬بالخوف‭ ‬والضغط‭ ‬السياسي‭ ‬ونفوذ‭ ‬المانحين،‭ ‬بالتخطيط‭ ‬للاستيلاء‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬متجاوزين‭ ‬هياكل‭ ‬الحوكمة‭ ‬الراسخة‭ ‬وقاموا‭ ‬بإضفاء‭ ‬الطابع‭ ‬الأمني‭ ‬على‭ ‬الجامعات،‭ ‬وتقييد‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬الأكاديمية،‭ ‬بل‭ ‬والحرية‭ ‬الأكاديمية‭ ‬نفسها‭.‬

لقد‭ ‬تمت‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬وفرض‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬القيود‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إسكات‭ ‬الصحوة‭ ‬الجديدة‭ ‬الداعمة‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬الفلسطيني‭.‬

{ رئيس‭ ‬المعهد‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا