العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

تونس على أبواب الانتخابات الرئاسية الثالثة

بقلم: د. نبيل العسومي

الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ - 02:00

تستعد‭ ‬الشقيقة‭ ‬تونس‭ ‬لتنظيم‭ ‬دورة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الشهر‭ ‬القادم‭ ‬وهي‭ ‬الانتخابات‭ ‬الثالثة‭ ‬منذ‭ ‬أحداث‭ ‬2011،‭ ‬التي‭ ‬ترشح‭ ‬لها‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المرشحين‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الهيئة‭ ‬المستقلة‭ ‬للانتخابات‭ ‬وهي‭ ‬هيئة‭ ‬دستورية‭ ‬مستقلة‭ ‬لم‭ ‬يصح‭ ‬عندها‭ ‬سوى‭ ‬3‭ ‬مرشحين‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬الرئيس‭ ‬الحالي‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬ورئيس‭ ‬حركة‭ ‬الشعب‭ ‬زهير‭ ‬المغزاوي‭ ‬ورئيس‭ ‬حركة‭ ‬عازمون‭ ‬العباشي‭ ‬زمال‭. ‬وسوف‭ ‬تشهد‭ ‬الأيام‭ ‬القادمة‭ ‬انطلاق‭ ‬الحملات‭ ‬الانتخابية‭ ‬لهؤلاء‭ ‬المرشحين‭ ‬الثلاثة،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬مما‭ ‬أثير‭ ‬ومازال‭ ‬من‭ ‬جدل‭ ‬حول‭ ‬استبعاد‭ ‬عدد‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬المرشحين‭ ‬رفضت‭ ‬الهيئة‭ ‬المستقلة‭ ‬للانتخابات‭ ‬ترشحاتهم،‭ ‬وأدى‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬نقاش‭ ‬قانوني‭ ‬ودستوري‭ ‬بين‭ ‬المختصين،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬المرشحين‭ ‬هم‭ ‬أمين‭ ‬عام‭ ‬حزب‭ ‬العمل‭ ‬والإنجاز‭ ‬‮«‬إخواني‮»‬‭ ‬عبداللطيف‭ ‬المكي‭ ‬والمنذر‭ ‬الزنايدي‭ ‬وهو‭ ‬وزير‭ ‬سابق‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬وعماد‭ ‬الدايمي‭ ‬وهو‭ ‬مدير‭ ‬عام‭ ‬ديوان‭ ‬الرئاسة‭ ‬السابق‭ ‬للمنصف‭ ‬المرزوقي،‭ ‬حيث‭ ‬أكدت‭ ‬الهيئة‭ ‬المستقلة‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬الثلاثة‭ ‬لم‭ ‬يستوفوا‭ ‬شروط‭ ‬الترشح‭ ‬القانونية‭ ‬ولم‭ ‬يستوفوا‭ ‬عدد‭ ‬التزكيات‭ ‬الشعبية‭ ‬المطلوبة،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المحكمة‭ ‬الإدارية‭ ‬أمرت‭ ‬بقبول‭ ‬ترشحهم،‭ ‬فإن‭ ‬الهيئة‭ ‬تعتبر‭ ‬نفسها‭ ‬المسؤولة‭ ‬قانونيا‭ ‬ودستوريا‭ ‬عن‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬النهائي‭ ‬بخصوص‭ ‬مدى‭ ‬استيفاء‭ ‬المرشحين‭ ‬لشروط‭ ‬الترشح،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬الهيئة‭ ‬المستقلة‭ ‬قد‭ ‬قطعت‭ ‬هذا‭ ‬الجدل‭ ‬بشكل‭ ‬نهائي‭ ‬بعد‭ ‬إعلانها‭ ‬المرشحين‭ ‬الثلاثة‭ ‬لخوض‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬القادمة‭.‬

إن‭ ‬هذه‭ ‬الانتخابات‭ ‬الثالثة‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الجديدة‭ ‬تعطي‭ ‬الأمل‭ ‬مجددا‭ ‬للشعب‭ ‬التونسي‭ ‬الشقيق‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والأمني‭ ‬وتشير‭ ‬أغلب‭ ‬المؤشرات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬حظوظ‭ ‬الرئيس‭ ‬الحالي‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬الفوز‭ ‬بدورة‭ ‬ثانية‭ ‬مدتها‭ ‬5‭ ‬سنوات،‭ ‬وذلك‭ ‬لعدة‭ ‬أسباب‭ ‬من‭ ‬أهمها‭:‬

1‭ ‬‭ ‬نجاح‭ ‬الرئيس‭ ‬سعيد‭ ‬في‭ ‬الملف‭ ‬الأمني‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬وجيزة‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الإرهاب‭ ‬قضاء‭ ‬مبرما‭ ‬واستعادت‭ ‬تونس‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬حكمه‭ ‬الحالية‭ ‬استقرارها‭ ‬الأمني‭ ‬بشكل‭ ‬ملموس‭ ‬واختفت‭ ‬نهائيا‭ ‬تلك‭ ‬العمليات‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬تونس‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬حكم‭ ‬النهضة،‭ ‬وهذا‭ ‬أثّر‭ ‬إيجابيا‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتجارية‭ ‬والسياحية،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬الانفلات‭ ‬الأمني‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬عنصرا‭ ‬مقلقا‭ ‬للمواطنين‭ ‬والمستثمرين‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء،‭ ‬ولذلك‭ ‬يستطيع‭ ‬الذين‭ ‬يدافعون‭ ‬عن‭ ‬خط‭ ‬الرئيس‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬وضع‭ ‬هذا‭ ‬الإنجاز‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬قائمة‭ ‬إنجازات‭ ‬الرئيس‭ ‬سعيد‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬2019‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬2024‭.‬

ثانيا‭: ‬النجاح‭ ‬السياسي‭ ‬والتشريعي‭ ‬لوضع‭ ‬حد‭ ‬للفوضى‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬قائمة‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬حكمه‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬2019‭ ‬إلى‭ ‬2021‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬فيها‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية‭ ‬والبرلمانية‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬فوضى‭ ‬عارمة‭ ‬وصراع‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬السياسية‭ ‬حول‭ ‬المشهد‭ ‬البرلماني‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬للصراع‭ ‬والفوضى‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬رئاسة‭ ‬الغنوشي‭ ‬زعم‭ ‬حزب‭ ‬النهضة‭ ‬الذي‭ ‬فشل‭ ‬فشلا‭ ‬ذريعا‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬البرلمان‭ ‬بالصورة‭ ‬الصحيحة‭ ‬والمتوازنة‭ ‬التي‭ ‬تحقق‭ ‬النتائج‭ ‬المرجوة،‭ ‬حيث‭ ‬خاب‭ ‬أمل‭ ‬التونسيين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البرلمان‭ ‬وفي‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬المتصارعة‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬وعلى‭ ‬تحقيق‭ ‬المكاسب‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الأوضاع‭ ‬الصعبة‭ ‬التي‭ ‬عاشتها‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬أيام‭ ‬تفشي‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬والعجز‭ ‬عن‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬المرض‭ ‬الذي‭ ‬راح‭ ‬ضحيته‭ ‬حوالي‭ ‬20‭ ‬ألف‭ ‬شخص،‭ ‬ولذلك‭ ‬جاء‭ ‬قرار‭ ‬الرئيس‭ ‬في‭ ‬25‭ ‬يوليو‭ ‬2021‭ ‬بحل‭ ‬البرلمان‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أقال‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬هشام‭ ‬المشيشي‭ ‬وعلق‭ ‬أنشطة‭ ‬البرلمان‭ ‬استنادا‭ ‬إلى‭ ‬المادة‭ ‬80‭ ‬من‭ ‬الدستور،‭ ‬ونجح‭ ‬قيس‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬نجاحا‭ ‬كبيرا‭ ‬بهذه‭ ‬الحركة‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬دستور‭ ‬2014‭ ‬باعتباره‭ ‬العلة‭ ‬للمشاكل‭ ‬التي‭ ‬عانت‭ ‬منها‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭. ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬النجاح‭ ‬مقدمة‭ ‬لتحقيق‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬التحولات‭ ‬السياسية‭ ‬والأمنية‭ ‬ومنعرجا‭ ‬حاسما‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬تونس‭ ‬المعاصر‭ ‬قطعت‭ ‬فيه‭ ‬تونس‭ ‬سيطرة‭ ‬الاخوان‭ ‬على‭ ‬البرلمان‭ ‬وعلى‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭.‬

ثالثا‭: ‬رغم‭ ‬العقوبات‭ ‬والقيود‭ ‬التي‭ ‬فرضت‭ ‬على‭ ‬تونس‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الاقتصادي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬وفرض‭ ‬قيود‭ ‬عديدة‭ ‬على‭ ‬عملية‭ ‬إقراض‭ ‬تونس‭ ‬وذلك‭ ‬لرفض‭ ‬الرئيس‭ ‬سعيد‭ ‬شروط‭ ‬الصندوق‭ ‬المجحفة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لرئيس‭ ‬يحظى‭ ‬بدعم‭ ‬أغلبية‭ ‬الشعب‭ ‬أن‭ ‬يخضع‭ ‬لها،‭ ‬وخاصة‭ ‬إيقاف‭ ‬التوظيف‭ ‬في‭ ‬الجهاز‭ ‬الحكومي‭ ‬وبيع‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬وتغيير‭ ‬أنظمة‭ ‬التقاعد‭ ‬وإلغاء‭ ‬الدعم‭ ‬للمواد‭ ‬الأساسية‭ ‬وهي‭ ‬إجراءات‭ ‬لو‭ ‬استجابت‭ ‬لها‭ ‬تونس‭ ‬لأدت‭ ‬إلى‭ ‬انتفاضة‭ ‬جديدة‭.‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬معالجة‭ ‬مشكلة‭ ‬الميزانية‭ ‬للعام‭ ‬23‭ ‬و24‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬قروض‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي،‭ ‬وذلك‭ ‬استنادا‭ ‬إلى‭ ‬تسخير‭ ‬الموارد‭ ‬المحلية‭ ‬والاستفادة‭ ‬مما‭ ‬توفره‭ ‬صناديق‭ ‬التنمية‭ ‬العربية‭ ‬والأفريقية‭ ‬وتعزيز‭ ‬النظام‭ ‬الضريبي‭ ‬بشكل‭ ‬فعال،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬عبور‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬بصعوبة‭ ‬ولكن‭ ‬عبور‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬خضوع‭ ‬للشروط‭ ‬المجحفة‭.‬

تلك‭ ‬هي‭ ‬أهم‭ ‬الإنجازات‭ ‬التي‭ ‬يفخر‭ ‬بها‭ ‬داعمو‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬ويرفعونها‭ ‬في‭ ‬اجتماعاتهم‭ ‬ومداخلاتهم‭ ‬الإعلامية‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المعارضين‭ ‬للرئيس‭ ‬يشيرون‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬عزز‭ ‬القبضة‭ ‬الأمنية‭ ‬ومس‭ ‬بالحريات‭ ‬العامة‭ ‬وزج‭ ‬بالمعارضين‭ ‬في‭ ‬السجون‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تحليل‭ ‬ونقاش‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا