يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
البحرين الرائدة.. البحرين أمانة
أمس، نيابة عن سمو الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، حضر سمو الشيخ عيسى بن سلمان بن حمد آل خليفة، رئيس مجلس أمناء وقف عيسى بن سلمان التعليمي الخيري رئيس مجلس إدارة صندوق العمل، الاحتفال بذكرى مرور مائة عام على إجراء أول انتخابات للمجالس البلدية في مملكة البحرين.
الاحتفال بمرو مائة عام على إجراء أول انتخابات بلدية في البحرين حدث تاريخي كبير يجب التوقف عنده مطولا.
في 20 يوليو عام 1920، صدرت وثيقة «قانون بلدية المنامة الأساسي». صدور هذه الوثيقة كان حدثا بحرينيا رياديا، ودشن عصرا جديدا في تاريخ البحرين والمنطقة كلها. وفي عام 1924 جرت أول انتخابات بلدية.
هذا الحدث كان خطوة كبرى في مسيرة الريادة البحرينية في المنطقة في كل المجالات.
يجب ان اذكر هنا بكثير من التقدير بأن الشيخ الدكتور خالد آل خليفة رحمه الله سبق له ان أصدر دراسة توثيقية مهمة بعنوان «مئوية الانتخابات في البحرين: قراءة في النظام الانتخابي من وثيقة قانون بلدية المنامة الأساسي الصادر في 20 يوليو 1920».
وحين صدرت الدراسة، عقد مركز الوثائق التاريخية بمركز عيسى الثقافي ندوة ناقش فيها دلالات مرور مائة عام على الانتخابات.
في ذلك الوقت كتبت تعليقا على الحدث، ولا أجد اليوم والبحرين تحتفل بهذا الحدث التاريخي، أفضل من ان اعيد ما كتبته على النحو التالي:
هذا حدث تاريخي كبير. من الأهمية بمكان وطنيا وتاريخيا القاء الضوء عليه والتوقف عنده بالتأمل والتحليل. الأجيال الجديدة بالذات في البحرين يجب ان تكون على وعي بمغزى هذا الحدث في تاريخ البحرين والمنطقة.
الدكتور الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة لخص بدقة المعنى التاريخي لهذا الحدث عندما قال في الندوة: «صدور القانون دشن المرحلة الحديثة في بناء الدولة، والقائم على التنظيم الإداري المؤسسي وسيادة القانون واشراك المجتمع في إدارة مصالح الدولة، فضلا عن ولادة أول نظام انتخابي في المنطقة لاختيار أعضاء المجلس البلدي الذي يجمع بين الانتخاب والتعيين».
هذه المناسبة التاريخية، مئوية الانتخابات، تأتي تذكيرا بعدد من الحقائق التاريخية قد تغيب عن بال الكثيرين.
أول هذه الحقائق، ان البحرين بلد رائد في المنطقة بكل معنى الكلمة في مجالات بناء الدولة الحديثة، والديمقراطية والحريات.
وثاني هذه الحقائق أن قادة البحرين من حكام آل خليفة كانوا حريصين منذ وقت مبكر جدا على مسألة المشاركة الشعبية في صنع السياسات العامة، وإن تطورت صيغ هذه المشاركة حقبة بعد حقبة بحسب الظروف والأوضاع.
وثالث هذه الحقائق، ان الإصلاح السياسي والاجتماعي بشكل عام ليس أمرا جديدا او طارئا في البحرين، بل هو مسيرة طويلة بدأت مبكرا وممتدة في تاريخ البحرين الحديث والمعاصر لم تتوقف يوما.
الإصلاح في البحرين مسألة أصيلة متجذرة في تاريخها، ولم تكن في يوم من الأيام مستوردة او تقليدا لأحد، وتطورت في ظل حكم آل خليفة مرحلة بعد مرحلة وحقبة بعد حقبة.
في هذا السياق التاريخي، نستطيع ان نفهم القيمة التاريخية للمشروع الإصلاحي الكبير الذي طرحه جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وموقعه في تاريخ البحرين والمنطقة كلها.
المشروع الإصلاحي لجلالة الملك لم يأت أولا من فراغ. هو تتويج لمسيرة البحرين الطويلة في العمل على وضع أسس بناء الدولة الحديثة وتطوير التجربة الديمقراطية والحريات العامة.
والمشروع الإصلاحي لجلالة الملك لم يكن مجرد استمرار لمسيرة الإصلاح والتغيير وحسب، وإنما كان بمثابة نقلة نوعية هائلة في هذه المسيرة.
المشروع نقل العمل على بناء الدولة العصرية الحديثة الى مستويات نوعية جديدة، ونقل مسألة المشاركة الشعبية الديمقراطية في صنع السياسات العامة الى مستويات نوعية أيضا غير مسبوقة.
حقيقة الأمر ان مشروع جلالة الملك الإصلاحي جاء ليليق بريادة البحرين التاريخية في مجال الديمقراطية والاصلاح والتغيير. لهذا لم يكن غريبا ان يسجل التاريخ ان هذا المشروع لا مثيل له في المنطقة كلها.
الاحتفاء بمئوية الانتخابات في البحرين، والتذكير بمغزاها التاريخي، والقاء الأضواء على أبعادها المختلفة، ومن ثم على تاريخ الإصلاح والديمقراطية والتقدم في البحرين، أمر له أهمية قصوى.
من جانب، من شأن هذا الاسهام إيجابيا في تكوين الوعي الوطني في البحرين.
بالنسبة للأجيال الجديدة المتعاقبة بالذات، الوعي بهذا التاريخ وبمثل هذه الإنجازات الوطنية، من شأنه تعزيز قيم الولاء الوطني بكل ما يعنيه ذلك ويترتب عليه.
ومن جانب آخر، فإن التعريف بهذا التاريخ في الخارج من شأنه ان يسهم بشكل ايجابي جدا في ترسيخ صورة في غاية الإيجابية عن البحرين. وهذا أمر له أهمية قصوى على ضوء ان هذا التاريخ وهذه الانجازات لا يعرف عنها الكثيرون في الخارج، وقد تكون الصورة غائبة عنهم تماما.
بشكل عام، الريادة البحرينية في مختلف المجالات يجب توثيقها والتعريف بها على أوسع نطاق في داخل وخارج البحرين.
بالإضافة الى ما سبق وكتبته على هذا النحو، من المهم ان نقول اليوم ان البحرين هذه.. البحرين الرائدة في كل مجال.. البحرين التي حرصت قيادتها على امتداد التاريخ على مصلحة الشعب وعلى اشراكه في صنع القرار.. البحرين أمانة بيد أبنائها يجب ان يحافظوا عليها بتكاتفهم وولائهم وعملهم الجاد المخلص.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك