العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

رؤية 2050 تعبيرٌ عن النجاح الاقتصادي والتقدم المجتمعي

بقلم: محمد عيسى الكويتي

الخميس ١٠ أكتوبر ٢٠٢٤ - 02:00

ونحن‭ ‬على‭ ‬أعتاب‭ ‬رؤية‭ ‬اقتصادية‭ ‬جديدة‭ (‬2050‭) ‬تقتضي‭ ‬أن‭ ‬نحدد‭ ‬فيها‭ ‬أهم‭ ‬تطلعاتنا‭ ‬وخياراتنا‭ ‬وأولوياتنا،‭ ‬وأن‭ ‬نؤصل‭ ‬مجددا‭ ‬لمبادئ‭ ‬وقيم‭ ‬تبنيناها‭ ‬كقيادة‭ ‬وحكومة‭ ‬ومجتمع‭. ‬الخطوة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬نعكف‭ ‬عليها‭ ‬هي‭ ‬مرحلة‭ ‬تقييم‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬لتشمل‭ ‬الأبعاد‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬والفكرية‭ ‬والسياسية‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬وهي‭ ‬محاور‭ ‬وردت‭ ‬في‭ ‬الرؤية‭ ‬2030‭. ‬بهذه‭ ‬الروح‭ ‬المتفائلة‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬ننظر‭ ‬إلى‭ ‬المستقبل‭ ‬ونتعامل‭ ‬مع‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬واجهتنا‭ ‬خلال‭ ‬المسيرة‭ ‬منذ‭ ‬2008‭ ‬عندما‭ ‬تم‭ ‬تدشين‭ ‬الرؤية‭ ‬2030،‭ ‬وأن‭ ‬نستفيد‭ ‬من‭ ‬تجاربنا،‭ ‬وأن‭ ‬نبني‭ ‬على‭ ‬النجاحات‭ ‬التي‭ ‬تحققت‭ ‬ونعالج‭ ‬القصور‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬تمليه‭ ‬علينا‭ ‬قناعاتنا‭ ‬وما‭ ‬حدث‭ ‬من‭ ‬تطورات‭ ‬وتغيرات‭ ‬في‭ ‬البيئة‭ ‬المحيطة‭ ‬بنا،‭ ‬وما‭ ‬تيسره‭ ‬مواردنا‭ ‬البشرية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والمالية‭ ‬وقدراتنا‭ ‬الفكرية‭.‬

تفاؤلا‭ ‬بالدعوة‭ ‬الكريمة‭ ‬من‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬بمشاركة‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬القواعد‭ ‬الأساسية،‭ ‬وتصورات‭ ‬الرؤية‭ ‬الجديدة‭ ‬عملت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الجمعيات‭ ‬والمنظمات‭ ‬الأهلية‭ ‬والشخصيات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬ورجال‭ ‬الأعمال‭ ‬والمفكرين‭ ‬في‭ ‬مناقشة‭ ‬الأسس‭ ‬والقواعد‭ ‬الفكرية‭ ‬والتوجهات‭ ‬التي‭ ‬تنطلق‭ ‬منها‭ ‬الرؤية‭ ‬لتعبر‭ ‬عن‭ ‬تطلعات‭ ‬المجتمع‭ ‬ومتطلبات‭ ‬التقدم‭ ‬والازدهار،‭ ‬لنرسم‭ ‬بها‭ ‬صورة‭ ‬للبحرين‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2050‭ ‬نرتضيها‭ ‬جميعا،‭ ‬قيادة‭ ‬ومجتمعا‭ ‬وقطاعات‭ ‬اقتصادية‭. ‬استنادا‭ ‬الى‭ ‬هذه‭ ‬الاسس‭ ‬والقواعد‭ ‬الناظمة‭ ‬نتناول‭ ‬معالجة‭ ‬قضايا‭ ‬المجتمع‭ ‬الملحة‭ ‬للإجابة‭ ‬عن‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬الرؤية‭ ‬2030‭: ‬ما‭ ‬طبيعة‭ ‬المجتمع‭ ‬الذي‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نعيش‭ ‬فيه؟‭ ‬

انطلاقا‭ ‬من‭ ‬المشروع‭ ‬الإصلاحي‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك،‭ ‬ومن‭ ‬مركزية‭ ‬المجتمع‭ ‬والمواطن‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬الميثاق‭ ‬الوطني‭ ‬والدستور،‭ ‬ومن‭ ‬منظور‭ ‬اقتصادي‭ ‬اجتماعي‭ ‬إداري‭ ‬فكري،‭ ‬وضمن‭ ‬أهدافنا‭ ‬في‭ ‬التنويع‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬والشراكة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاستدامة‭ ‬البيئية،‭ ‬وتوافقها‭ ‬مع‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ (‬SDG‭)‬،‭ ‬نبدأ‭ ‬من‭ ‬مفهوم‭ ‬أن‭ ‬القضايا‭ ‬المجتمعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬والفكرية‭ ‬ليست‭ ‬منفصلة‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬مترابطة‭ ‬ومتأثرة‭ ‬بعضها‭ ‬ببعض؛‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬مركزية‭ ‬أو‭ ‬حجر‭ ‬زاوية‭ ‬بإقامتها‭ ‬يشتد‭ ‬البناء،‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬عوامل‭ ‬مشتركة‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬البنية‭ ‬التنموية‭ ‬ككل،‭ ‬لذلك‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬التصورات‭ ‬بيان‭ ‬مدى‭ ‬الترابط‭ ‬والتأثير‭ ‬المتبادل‭ ‬بين‭ ‬القضايا‭ ‬المراد‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬ووضع‭ ‬تصور‭ ‬لكيفية‭ ‬تأثيرها‭ ‬وتأثرها‭ ‬ببعضها،‭ ‬وكذلك‭ ‬تأثرها‭ ‬بعوامل‭ ‬وقضايا‭ ‬خارج‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬وتأثيرها‭ ‬على‭ ‬النتائج‭.‬

من‭ ‬المبادئ‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬نرى‭ ‬ضرورة‭ ‬وضعها‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬أشار‭ ‬إليه‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬الانفتاح‭ ‬والتشاركية‭ ‬والتوافق‭ ‬على‭ ‬الأولويات؛‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬عرض‭ ‬القضايا‭ ‬والحلول‭ ‬مجتمعيا‭ ‬ليتم‭ ‬التوافق‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نقاش‭ ‬وورش‭ ‬عمل‭ ‬وندوات‭ ‬تحلل‭ ‬القضايا‭ ‬ومعالجاتها‭ ‬والسياسات‭ ‬التي‭ ‬ستتبع‭ ‬وتأثيرها‭ ‬على‭ ‬الابعاد‭ ‬والجوانب‭ ‬الأخرى،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تعرض‭ ‬الصيغة‭ ‬المراد‭ ‬اعتمادها‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬التنقيح‭ ‬والمناقشة‭ ‬وإعطاء‭ ‬الوقت‭ ‬الكافي‭ ‬لذلك‭. ‬المبدأ‭ ‬الثاني‭ ‬إقرار‭ ‬أهمية‭ ‬إتاحة‭ ‬بيانات‭ ‬ومعلومات‭ ‬تساعد‭ ‬الاجهزة‭ ‬الرسمية‭ ‬والمجتمع‭ ‬والقطاع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬التصورات‭ ‬والتطلعات‭ ‬بواقعية،‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬صلبة‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬معلومات‭ ‬موثقة‭. ‬المبدأ‭ ‬الثالث‭ ‬وضع‭ ‬تعريفات‭ ‬للمصطلحات‭ ‬المستخدمة‭ ‬والأهداف‭ ‬وكيفية‭ ‬قياسها‭ ‬وتقييمها‭ ‬وعرضها‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬بشكل‭ ‬دوري‭. ‬والمبدأ‭ ‬الرابع‭ ‬تكريس‭ ‬مفهوم‭ ‬التكافل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬يضمن‭ ‬حدًّا‭ ‬أدنى‭ ‬للدخل‭ (‬وحدًّا‭ ‬أدنى‭ ‬للأجور‭) ‬تساعد‭ ‬في‭ ‬تمويله‭ ‬سياسة‭ ‬ضريبية‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬العدالة‭ ‬والقدرة،‭ ‬وتعزيز‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬بعض‭ ‬المؤسسات‭ ‬من‭ ‬خدمات‭ ‬ضمن‭ ‬المسؤولية‭ ‬المجتمعية‭.‬

وأخيرا‭ ‬وقبل‭ ‬المباشرة‭ ‬في‭ ‬عرض‭ ‬التحديات‭ ‬والقضايا‭ ‬ووضع‭ ‬التصورات‭ ‬لها،‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نطرح‭ ‬جميع‭ ‬الأسئلة‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬لتساعد‭ ‬في‭ ‬تحليل‭ ‬تحديات‭ ‬وفرص‭ ‬الوضع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والبيئي‭ ‬والاداري؛‭ ‬ونحاول‭ ‬مناقشة‭ ‬الاجابات‭ ‬المختلفة‭ ‬ونصل‭ ‬إلى‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬التوافق‭ ‬والواقعية‭ ‬حول‭ ‬الغاية‭ ‬والأهداف‭ ‬والأولويات‭ ‬والمبادرات‭ ‬والنتائج‭ ‬التي‭ ‬نرى‭ ‬أهمية‭ ‬اعتمادها‭ ‬وتنفيذها،‭ ‬وأن‭ ‬نضع‭ ‬السيناريوهات‭ ‬آخذين‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬إمكاناتنا‭ ‬وقدراتنا‭ ‬وافتراضاتنا‭ ‬حول‭ ‬التقدم‭ ‬التكنولوجي‭ ‬والتغيرات‭ ‬في‭ ‬الصناعة‭ ‬النفطية‭ ‬مع‭ ‬تحديد‭ ‬ومناقشة‭ ‬الشروط‭ ‬الواجب‭ ‬توافرها‭ ‬لنجاح‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬الرؤية‭. ‬بعد‭ ‬هذا‭ ‬الجهد‭ ‬المشترك‭ ‬يمكن‭ ‬للدولة‭ ‬والمجتمع‭ ‬والقطاع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬التوافق‭ ‬على‭ ‬خياراتنا‭ ‬من‭ ‬السياسات‭ ‬الممكنة،‭ ‬والمنهجية‭ ‬لتناول‭ ‬التحديات‭ ‬والفرص‭ ‬مستفيدين‭ ‬من‭ ‬إدراكنا‭ ‬للتفاعل‭ ‬بينها‭ ‬وتأثرها‭ ‬ببعضها،‭ ‬والحاجة‭ ‬الى‭ ‬تناغم‭ ‬الحلول‭ ‬وتكريس‭ ‬السياسات‭ ‬لبعضها‭ ‬البعض‭ ‬وتفادي‭ ‬التناقض‭ ‬بينها‭. ‬وأول‭ ‬سؤال‭ ‬نطرحه‭ ‬اليوم‭ ‬لنتمكن‭ ‬من‭ ‬اقتناص‭ ‬الفرص‭ ‬هو‭: ‬ماذا‭ ‬يعني‭ ‬الازدهار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتقدم‭ ‬المجتمعي‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلينا‭ ‬كدولة‭ ‬وكمجتمع‭ ‬وكقطاع‭ ‬اقتصادي،‭ ‬وكيف‭ ‬يتحقق‭ ‬ضمن‭ ‬هويتنا‭ ‬ومنظوماتنا‭ ‬الكبرى‭ ‬الخليجية‭ ‬والعربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬ومتى‭ ‬نعرف‭ ‬أنه‭ ‬تحقق؟‭ ‬هذا‭ ‬يستوجب‭ ‬وضع‭ ‬منظومة‭ ‬قياس‭ ‬وتقييم‭ ‬وطنية‭ ‬متعددة‭ ‬المستويات‭ ‬والأبعاد،‭ ‬تتابع‭ ‬التطور‭ ‬نحو‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬وتحقيق‭ ‬مستهدفاتها،‭ ‬تدعمه‭ ‬شبكة‭ ‬معلومات‭ ‬تشارك‭ ‬المجتمع‭ ‬والقطاع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬نتائج‭ ‬الرؤية‭ ‬وقربها‭ ‬من‭ ‬تعريفنا‭ ‬للازدهار‭ ‬والتقدم‭. ‬بناء‭ ‬على‭ ‬النتائج‭ ‬يتم‭ ‬تقييم‭ ‬كفاءة‭ ‬وفاعلية‭ ‬الهياكل‭ ‬الإدارية‭ ‬وتعزيز‭ ‬وتطوير‭ ‬القدرات‭ ‬المؤسسية‭ ‬والحوكمة‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الموارد‭ ‬الوطنية‭. ‬

 

drmekuwaiti@gmail‭.‬com‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا