العدد : ١٧٠٥٧ - الأربعاء ٠٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٧ - الأربعاء ٠٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

حين سألني البروفيسور الفرنسي!

{‭ ‬البروفيسور‭ ‬د‭ ‬بنجامين‭ ‬أوغ‭ ‬زار‭ ‬البحرين‭ ‬يومين‭ ‬وهو‭ ‬بروفيسور‭ ‬علوم‭ ‬سياسية‭ ‬في‭ ‬باريس‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬ومحاضر‭ ‬في‭ ‬مؤسسة‭ ‬فرنسية‭ ‬للعلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬وبشكل‭ ‬تخصصي‭ ‬في‭ ‬جيوسياسة‭ ‬الخليج‭ ‬وإفريقيا،‭ ‬كما‭ ‬عرَّف‭ ‬نفسه،‭ ‬وطلب‭ ‬اللقاء‭ ‬بي‭ ‬معرفا‭ ‬نفسه‭ ‬أيضا‭ ‬بأنه‭ ‬صديق‭ ‬‮«‬مليكة‭ ‬باراك‮»‬‭ ‬سفيرة‭ ‬فرنسا‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬سابقا‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬تربطني‭ ‬بها‭ ‬صداقة‭ ‬قديمة‭ ‬وأنه‭ ‬جاء‭ ‬البحرين‭ ‬مدة‭ ‬يومين‭ ‬ويريد‭ ‬مقابلتي‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬سيقابلهم،‭ ‬لذلك‭ ‬رحبت‭ ‬به‭ ‬وذهبت‭ ‬للقائه‭ ‬الأحد‭ ‬الماضي‭ ‬وبدا‭ ‬لي‭ ‬أنه‭ ‬يستكشف‭ ‬الرأي‭ ‬الثقافي‭ ‬والسياسي‭ ‬في‭ ‬أحداث‭ ‬المنطقة‭ ‬ومعاهدات‭ ‬السلام‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الأهلي‭ ‬أو‭ ‬الشعبي‭ ‬وأدركت‭ ‬أنه‭ ‬يعرف‭ ‬مسبقا‭ ‬رأي‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬قاطبة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الملفات‭! ‬وحاولت‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭ ‬باللغة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬أسئلته‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬عمق‭ ‬الإجابة‭ ‬تكمن‭ ‬لدي‭ ‬في‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬الأم‭! ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬قال‭ ‬لي‭ ‬وأنا‭ ‬أودعه‭ ‬إنه‭ ‬استفاد‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬توصيفي‭ ‬للمآزق‭ ‬التي‭ ‬تحيط‭ ‬بالمنطقة‭ ‬بسبب‭ ‬تعدد‭ ‬المشاريع‭ ‬التي‭ ‬تستهدفها‭ ‬وكلها‭ ‬مشاريع‭ ‬توسعية‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬مشروع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬ومشروع‭ ‬إيران‭ ‬التوسعي‭ ‬عبر‭ ‬التفرقة‭ ‬الطائفية‭ ‬بين‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية،‭ ‬والمشروع‭ ‬التركي‭ ‬الإخواني‭ ‬الذي‭ ‬انتكس‭ ‬مؤخرا‭ ‬ثم‭ ‬المشروع‭ ‬الغربي‭ ‬الذي‭ ‬يستهدف‭ ‬تقسيم‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭!‬

{‭ ‬طوال‭ ‬اللقاء‭ ‬كنت‭ ‬أخاطبه‭ ‬كيهودي‭ ‬فرنسي‭ ‬حتى‭ ‬صحح‭ ‬لي‭ ‬آخر‭ ‬اللقاء‭ ‬أنه‭ ‬مسيحي‭ ‬بروتستانتي،‭ ‬في‭ ‬اللقاء‭ ‬الذي‭ ‬امتد‭ ‬ساعة‭ ‬كان‭ ‬يسأل‭ ‬باقتضاب‭ ‬وكنت‭ ‬أجيبه‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭ ‬بتوسع‭ ‬شارحة‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬والمنطقة‭ ‬العربية‭ ‬أنظمة‭ ‬وشعوبا‭ ‬هي‭ ‬ذات‭ ‬سيكولوجية‭ ‬مفطورة‭ ‬على‭ ‬السلام‭ ‬والتعايش‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬المسلمين‭ ‬والأقليات‭ ‬المسيحية‭ ‬واليهودية‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬تاريخيا‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬فارق‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الرسمي‭ ‬والشعبي،‭ ‬حتى‭ ‬نكبة‭ ‬فلسطين‭ ‬1948‭ ‬وبداية‭ ‬تنفيذ‭ ‬المشروع‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والتي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬حروب‭ ‬عديدة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الدول‭ ‬وإلى‭ ‬رفض‭ ‬شعبي‭ ‬مطلق‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الشعوب‭ ‬لاغتصاب‭ ‬بلد‭ ‬عربي‭ ‬هو‭ ‬فلسطين‭! ‬والعمل‭ ‬اليوم‭ ‬وفق‭ ‬الأساطير‭ ‬والرؤى‭ ‬التوراتية‭ ‬الملفقة‭ ‬إلى‭ ‬التوسع‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬وشعوبها‭ ‬وجغرافيتها‭!‬

{‭ ‬سألته‭ ‬كيف‭ ‬بإمكانك‭ ‬أن‭ ‬تحب‭ ‬فردا‭ ‬أو‭ ‬جهة‭ ‬أو‭ ‬كيانا‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يستهدف‭ ‬الأوطان‭ ‬العربية؟‭! ‬وكيف‭ ‬بالإمكان‭ ‬التعايش‭ ‬مع‭ ‬أجندة‭ ‬توسعية؟‭! ‬أليس‭ ‬ذلك‭ ‬يشبه‭ ‬ما‭ ‬يفعله‭ ‬شخص‭ ‬يستولي‭ ‬على‭ ‬بيتك‭ ‬ويقتل‭ ‬أطفالك‭ ‬وعائلتك‭ ‬ثم‭ ‬يقول‭ ‬لك‭: ‬أنا‭ ‬أريد‭ ‬السلام‭ ‬معك‭ ‬فلماذا‭ ‬لا‭ ‬تقبلني؟‭! ‬أو‭ ‬أنا‭ ‬أريد‭ ‬التعايش‭ ‬معك‭ ‬فلماذا‭ ‬تكرهني؟‭! ‬ألا‭ ‬يبدو‭ ‬هذا‭ ‬المنطق‭ ‬ساذجا‭ ‬أو‭ ‬غبيا‭ ‬أو‭ ‬مستهترا؟‭! ‬ويزداد‭ ‬الاستهتار‭ ‬بالكرامة‭ ‬الإنسانية‭ ‬والمنطق‭ ‬والعقل‭ ‬حين‭ ‬يواصل‭ ‬هذا‭ ‬الطرف‭ ‬محاولاته‭ ‬لتنفيذ‭ ‬أجندته‭ ‬التوسعية‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭ ‬بطرق‭ ‬وأساليب‭ ‬كثيرة‭ ‬وبدعم‭ ‬غربي،‭ ‬ثم‭ ‬يقول‭ ‬إنه‭ ‬يريد‭ ‬السلام؟‭! ‬كيف‭ ‬تجتمع‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬السلام‭ ‬مع‭ ‬مخططات‭ ‬العدوان‭ ‬والتوسع؟‭!‬

{‭ ‬لذلك‭ ‬لن‭ ‬يفيد‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬التوسعي‭ ‬أية‭ ‬اتفاقيات‭ ‬أو‭ ‬محاولات‭ ‬اختراق‭ ‬للدول‭ ‬العربية‭ ‬لأن‭ ‬الشعوب‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬لديها‭ ‬حدس‭ ‬قوي‭ ‬في‭ ‬معرفة‭ ‬الصحيح‭ ‬والخاطئ‭ ‬استنادا‭ ‬إلى‭ ‬تجاربها‭ ‬التاريخية‭ ‬الجمعية‭ ‬التي‭ ‬تشير‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬العدو‭ ‬ومن‭ ‬هو‭ ‬الصديق‭! ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬الرفض‭ ‬الشعبي‭ ‬العربي‭ ‬الجارف‭ ‬لهذا‭ ‬الكيان‭ ‬يؤكده‭ ‬لها‭ ‬تجارب‭ ‬التاريخ‭ ‬معه‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬سلوكياته‭ ‬المتواصلة‭ ‬والمستمرة‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬تبني‭ ‬المخططات‭ ‬والرؤى‭ ‬التوسعية‭ ‬العدوانية‭! ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يترك‭ ‬مجالا‭ ‬لهذه‭ ‬الشعوب‭ ‬لكي‭ ‬تصدق‭ ‬ادعاءاته‭ ‬حول‭ ‬السلام‭! ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬ومن‭ ‬يدعمه‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬هو‭ ‬مرفوض‭ ‬اليوم‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬الشعوب‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬اكتشفت‭ ‬بعد‭ ‬أحداث‭ ‬غزة‭ ‬ماهية‭ ‬الصهيونية‭ ‬العالمية‭ ‬التي‭ ‬يستند‭ ‬عليها‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬حتى‭ ‬داخل‭ ‬دولها‭ ‬في‭ ‬الغرب‭!‬

{‭ ‬شعوبنا‭ ‬العربية‭ ‬وبحكم‭ ‬دينها‭ ‬الإسلامي‭ ‬الذي‭ ‬تنتمي‭ ‬إليه‭ ‬لا‭ ‬تفرق‭ ‬بين‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي‭ ‬والشرائع‭ ‬الأخرى‭ ‬كاليهودية‭ ‬والمسيحية‭ ‬ولا‭ ‬تفرق‭ ‬بين‭ ‬الأنبياء‭ ‬والرسل‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬عقديتها‭! ‬ولكن‭ ‬هي‭ ‬تعرف‭ ‬الفارق‭ ‬الجوهري‭ ‬والكبير‭ ‬بين‭ ‬اليهودية‭ ‬والمسيحية‭ ‬وبين‭ ‬الصهيونية‭ ‬واليهودية‭ ‬وبين‭ ‬الصهيونية‭ ‬المسيحية‭ ‬والمسيحية‭ ‬كشريعة‭ ‬سماوية‭! ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬لا‭ ‬تتقبل‭ ‬كأي‭ ‬شعب‭ ‬طبيعي‭ ‬من‭ ‬يواصل‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬مقدساتها‭ ‬وعلى‭ ‬شعوبها‭ ‬ويطمح‭ ‬في‭ ‬أراضيها‭ ‬لأن‭ ‬السنة‭ ‬الكونية‭ ‬نفسها‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬تكامل‭ ‬الأمم‭ ‬والشعوب‭ ‬والحضارات‭ ‬والثقافات‭ ‬وليس‭ ‬إلى‭ ‬اعتداء‭ ‬البعض‭ ‬على‭ ‬الأمم‭ ‬الأخرى‭ ‬برؤية‭ ‬أسطورية‭ ‬عنصرية‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬اليهود‭ ‬شعب‭ ‬الله‭ ‬المختار،‭ ‬فيما‭ ‬بقية‭ ‬الشعوب‭ ‬عبيد‭ ‬لهم‭! ‬هذه‭ ‬أبرز‭ ‬الأفكار‭ ‬التي‭ ‬أجبت‭ ‬بها‭ ‬وهناك‭ ‬تفاصيل‭ ‬كثيرة‭ ‬أخرى‭ ‬لا‭ ‬يتسع‭ ‬لها‭ ‬مقام‭ ‬هذا‭ ‬المقال،‭ ‬ولكنها‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬الدائرة‭ ‬ذاتها‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا