العدد : ١٧٠٥٠ - الأربعاء ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٠ - الأربعاء ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

انبعاثات محركات الديزل وأثرها في الصحة والبيئة

بقلم: د. زكريا الخنجي

الأحد ٢٧ أكتوبر ٢٠٢٤ - 02:00

اتصل‭ ‬بي‭ ‬صديق،‭ ‬لم‭ ‬أتصل‭ ‬أو‭ ‬يتصل‭ ‬بي‭ ‬منذ‭ ‬عدة‭ ‬أشهر،‭ ‬وهذا‭ ‬الصديق‭ ‬كيميائي‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬مختبر‭ ‬ما،‭ ‬كنت‭ ‬أتواصل‭ ‬به‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬ليميط‭ ‬لي‭ ‬اللثام‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬أجهلها‭. ‬طرح‭ ‬صديقي‭ ‬هذا‭ ‬موضوع‭ ‬انبعاثات‭ ‬محركات‭ ‬الديزل‭ ‬وكم‭ ‬هي‭ ‬ذات‭ ‬تأثير‭ ‬في‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان‭ ‬والبيئة،‭ ‬ثم‭ ‬طلب‭ ‬مني‭ ‬توصيل‭ ‬هذه‭ ‬المعلومات‭ ‬إلى‭ ‬الجهات‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬حتى‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬القيام‭ ‬ببعض‭ ‬الإجراءات‭ ‬للتقليل‭ ‬من‭ ‬تأثير‭ ‬الأدخنة‭ ‬الصادر‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬النوعيات‭ ‬من‭ ‬المحركات،‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬سابقًا‭ ‬مع‭ ‬محركات‭ ‬السيارات‭ ‬العادية‭ ‬التي‭ ‬سُن‭ ‬لها‭ ‬قانون‭ ‬واشتراطات‭ ‬بأن‭ ‬يتم‭ ‬تركيب‭ ‬قطعة‭ ‬من‭ ‬جهاز‭ ‬على‭ ‬عادم‭ ‬السيارات‭ ‬لامتصاص‭ ‬بعض‭ ‬الغازات‭ ‬والأدخنة‭ ‬التي‭ ‬تنطلق‭ ‬منها‭.‬

طلبتُ‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬يعطيني‭ ‬بعض‭ ‬المعلومات‭ ‬حتى‭ ‬أكتب‭ ‬مقالاً‭ ‬بهدف‭ ‬النشر‭ ‬حتى‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬الجهات‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة،‭ ‬فقال‭ ‬إنه‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬سيكتب‭ ‬المقال،‭ ‬وأنه‭ ‬مستعد‭ ‬لعمل‭ ‬عرض‭ ‬مرئي‭ ‬لتوضيح‭ ‬الموضوع‭ ‬إن‭ ‬طلبت‭ ‬الجهات‭ ‬هذا‭ ‬العلاقة،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬المقال‭:‬

لا‭ ‬يخفى‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬ظاهرة‭ ‬التلوث‭ ‬البيئي‭ ‬وخصوصًا‭ ‬تلوث‭ ‬الهواء‭ ‬بالغازات‭ ‬المسببة‭ ‬لتغير‭ ‬المناخ‭ ‬واستنزاف‭ ‬طبقة‭ ‬الأوزون،‭ ‬وكلا‭ ‬الأمرين‭ ‬لهما‭ ‬تبعات‭ ‬كارثية‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬وعلى‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان‭ ‬وكذلك‭ ‬سلامة‭ ‬بقية‭ ‬الكائنات‭ ‬الحية‭. ‬فلذلك‭ ‬تسعى‭ ‬الدول‭ ‬جاهدة‭ ‬إلى‭ ‬التحكم‭ ‬والسيطرة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الانبعاثات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إصدار‭ ‬قوانين‭ ‬وتشريعات‭ ‬ولوائح‭ ‬وإجراءات‭ ‬مراقبة‭ ‬وسيطرة‭ ‬حازمة‭ ‬تضمن‭ ‬منع‭ ‬وتقليل‭ ‬انبعاثات‭ ‬هذه‭ ‬الغازات‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬تركيبها‭ ‬الكيميائي‭ ‬وتركيزاتها‭.‬

ونحن‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬السبَاقة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب،‭ ‬فالحكومة‭ ‬ملتزمة‭ ‬بتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬السبعة‭ ‬عشر‭ ‬كاملةً‭ ‬والتي‭ ‬منها‭ ‬الهدف‭ ‬الثالث‭ ‬عشر‭ ‬والمتمثل‭ (‬بالعمل‭ ‬المناخي‭)‬،‭  ‬فالجهود‭ ‬التي‭ ‬بذلتها‭ ‬وما‭ ‬زالت‭ ‬تبذلها‭ ‬وزارة‭ ‬النفط‭ ‬والبيئة‭ ‬واضحة‭ ‬وأثارها‭ ‬وثمارها‭ ‬مجنية،‭ ‬فما‭ ‬نرى‭ ‬جانب‭ ‬من‭ ‬جوانب‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬إلا‭ ‬وهناك‭ ‬مرسوم‭ ‬أو‭ ‬قرار‭ ‬للمحافظة‭ ‬عليه،‭ ‬تتبعها‭ ‬إجراءات‭ ‬صارمة‭ ‬للتحكم‭ ‬والسيطرة‭ ‬ونراها‭ ‬دائمةَ‭ ‬المواكبة‭ ‬بالتعرف‭ ‬على‭ ‬التقنيات‭ ‬الحديثة‭ ‬المعتمدة،‭ ‬وكذلك‭ ‬الممارسات‭ ‬الجيدة‭ ‬المتبعة‭ ‬للدول‭ ‬الأخرى‭ ‬لتقوم‭ ‬بتطبيقها‭ ‬وفقًا‭ ‬لاعتبارات‭ ‬وتشريعات‭ ‬وقوانين‭ ‬الدولة‭. ‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬للمواطنين‭ ‬دورا‭ ‬وواجبا‭ ‬وطنيا‭ ‬للمساهمة‭ ‬والوقوف‭ ‬يدًا‭ ‬بيد‭ ‬مع‭ ‬الحكومة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬المكتسبات‭ ‬المتحققة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬البيئة‭ ‬سواءً‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬التبليغ‭ ‬عن‭ ‬المخالفات‭ ‬أو‭ ‬تقديم‭ ‬المبادرات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بذلك،‭ ‬وهذا‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬دفعنا‭ ‬إلى‭ ‬كتابة‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬والتركيز‭ ‬عليه‭ ‬لما‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬جودة‭ ‬الهواء‭ ‬وعلى‭ ‬صحة‭ ‬وسلامة‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين‭.‬

قبل‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬أسبوع‭ ‬من‭ ‬كتابة‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬حضرتُ‭ ‬اجتماعًا‭ ‬مع‭ ‬أحد‭ ‬الرؤساء‭ ‬التنفيذيين‭ ‬لأحد‭ ‬المصانع‭ ‬البتروكيميائية،‭ ‬وأثناء‭ ‬حديثنا‭ ‬عن‭ ‬منتجات‭ ‬الشركة‭ ‬لفت‭ ‬انتباهي‭ ‬أحد‭ ‬المنتجات‭ ‬التي‭ ‬يقومون‭ ‬بتصنيعها‭ ‬ويطلق‭ ‬عليه‭ ‬اسم‭ ‬(DEF) Diesel Exhaust Fluid‭ ‬وبالعربية‭ (‬سائل‭ ‬عوادم‭ ‬الديزل‭) ‬وهو‭ ‬منتج‭ ‬صديق‭ ‬للبيئة‭ ‬ولا‭ ‬يسبب‭ ‬ضررًا‭ ‬على‭ ‬الصحة،‭ ‬فأدرت‭ ‬دفة‭ ‬الحديث‭ ‬معه‭ ‬مركزًا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المنتج‭ ‬وعن‭ ‬كمية‭ ‬الإنتاج‭ ‬وعما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬المصنع‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬تغطية‭ ‬وتلبية‭ ‬طلبات‭ ‬السوق‭ ‬المحلية‭. ‬فكان‭ ‬أثناء‭ ‬حديثي‭ ‬يبتسم‭ ‬ويهز‭ ‬برأسه‭ ‬ينتظر‭ ‬متى‭ ‬أنهي‭ ‬أسالتي‭ ‬ليرد‭ ‬عليّ؛‭ ‬بأن‭ ‬معظم‭ ‬إنتاج‭ ‬المصنع‭ ‬يتم‭ ‬تصديره‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬أوروبا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬فسألته‭ ‬عن‭ ‬السبب‭ ‬فأخبرني‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬قوانين‭ ‬وتشريعات‭ ‬في‭ ‬دولنا‭ ‬تلزم‭ ‬المستخدمين‭ ‬لمحركات‭ ‬الديزل‭ ‬باستخدام‭ ‬هذه‭ ‬المادة،‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬نطاق‭ ‬ضيق‭ ‬بينما‭ ‬أغلب‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لديها‭ ‬قانون‭ ‬وتشريعات‭ ‬تلزم‭ ‬باستخدام‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭ ‬لمركبات‭ ‬محركات‭ ‬الديزل‭ ‬التي‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬غرفة‭ ‬الاختزال‭ ‬التحفيزي‭ ‬الانتقائي‭ ‬(SCR) Selective Catalytic والتي قامت‭ ‬مصانع‭ ‬محركات‭ ‬الديزل‭ ‬للمركبات‭ ‬مؤخرًا‭ ‬بتركيبه‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الشاحنات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬بالديزل‭ ‬استجابة‭ ‬للقوانين‭ ‬والاشتراطات‭ ‬المفروضة‭ ‬من‭ ‬الدول‭. ‬فأخبرته‭ ‬لعله‭ ‬مخطئ‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬وإنني‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬أننا‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬لدينا‭ ‬تشريع‭ ‬وقانون‭ ‬بخصوص‭ ‬مراقبة‭ ‬انبعاثات‭ ‬غازات‭ ‬أكاسيد‭ ‬النيتروجين‭ ‬من‭ ‬محركات‭ ‬الديزل‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬الشاحنات‭ ‬وباصات‭ ‬المدارس‭ ‬ومولدات‭ ‬الطاقة‭. ‬وبعد‭ ‬هذا‭ ‬اللقاء‭ ‬رحت‭ ‬أستفسر‭ ‬وأبحث‭ ‬وأتأكد‭ ‬مما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬قرار‭ ‬يلزم‭ ‬مستوردي‭ ‬الشاحنات‭ ‬ويشترط‭ ‬وجود‭ ‬غرفة‭ ‬الاختزال‭ ‬التحفيزي‭ ‬الانتقائي‭ ‬(SCR) ووجود‭ ‬قرار‭ ‬يلزم‭ ‬سائقي‭ ‬وملاك‭ ‬الشاحنات‭ ‬بملء‭ ‬الخزان‭ ‬المخصص‭ ‬بمادة‭ ‬الـ (DEF).

وللتوضيح‭ ‬يقوم‭ ‬هذا‭ ‬المركب‭ ‬الكيميائي (DEF)‭ ‬والذي‭ ‬هو‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬محلول‭ ‬يوريا‭ ‬مائي‭ ‬ذي‭ ‬تركيز‭ ‬معين‭ ‬بمعالجة‭ ‬دخان‭ ‬العوادم‭ ‬في‭ ‬محركات‭ ‬الديزل‭. ‬حيث‭ ‬تحتوي‭ ‬الشاحنات‭ ‬الحديثة‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬متكامل‭ ‬يتكون‭ ‬من‭ ‬خزان‭ ‬مخصص‭ ‬لهذه‭ ‬المادة‭ ‬تكون‭ ‬فتحة‭ ‬التعبئة‭ ‬بجانب‭ ‬فتحة‭ ‬تعبئة‭ ‬وقود‭ ‬الديزل‭ ‬وكذلك‭ ‬يتكون‭ ‬من‭ ‬غرفة‭ ‬الاختزال‭ ‬التحفيزي‭ ‬الانتقائي،‭ ‬والتي‭ ‬يتم‭ ‬تركيبها‭ ‬في‭ ‬مجرى‭ ‬أنبوب‭ ‬عادم‭ ‬الشاحنات‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬مضخات‭ ‬حساسة‭ ‬تقوم‭ ‬برش‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭ ‬آليًا‭ ‬وبكميات‭ ‬محددة‭ ‬إلى‭ ‬داخل‭ ‬غرفة‭ ‬الاختزال‭ ‬التحفيزي‭ ‬الانتقائي‭ (‬SCR‭) ‬والذي‭ ‬تقوم‭ ‬بدورها‭ ‬بخفض‭ ‬أكاسيد‭ ‬النيتروجين‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بغازات‭ ‬النوكس (NOx gases) بنسبة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬95%‭ ‬وتحويلها‭ ‬إلى‭ ‬غاز‭ ‬النيتروجين‭ ‬وبخار‭ ‬الماء‭.‬

وبعد‭ ‬رجوعي‭ ‬من‭ ‬الاجتماع‭ ‬والعودة‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‭ ‬قمتُ‭ ‬بالبحث‭ ‬والاطلاع‭ ‬على‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬أصدرتها‭ ‬وزارة‭ ‬النفط‭ ‬والبيئة‭ (‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للبيئة‭ ‬سابقًا‭) ‬ومنها‭ ‬القرار‭ ‬رقم‭ ‬2‭ ‬لسنة‭ ‬2021‭ ‬بشأن‭ (‬المقاييس‭ ‬البيئية‭ ‬للهواء‭) ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬القرار‭ ‬يتعلق‭ ‬بانبعاثات‭ ‬الغازات‭ ‬من‭ ‬المصانع‭ ‬ومن‭ ‬ضمنها‭ ‬غازات‭ ‬أكاسيد‭ ‬النيتروجين‭. ‬ولكنني‭ ‬لم‭ ‬أجد‭ ‬أي‭ ‬مادة‭ ‬أو‭ ‬بند‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتحكم‭ ‬والسيطرة‭ ‬على‭ ‬انبعاثات‭ ‬غازات‭ ‬أكاسيد‭ ‬النيتروجين‭ ‬من‭ ‬مركبات‭ ‬ومحركات‭ ‬الديزل،‭ ‬وكذلك‭ ‬قمت‭ ‬بالاطلاع‭ ‬على‭ ‬القرار‭ ‬رقم‭ ‬8‭ ‬لسنة‭ ‬2002‭ ‬بشأن‭ (‬معايير‭ ‬الملوثات‭ ‬والمواد‭ ‬المنبعثة‭ ‬من‭ ‬المركبات‭ ‬أو‭ ‬عوادمها‭ ‬والتفتيش‭ ‬عليها‭) ‬فتبين‭ ‬أن‭ ‬القرار‭ ‬متعلق‭ ‬بالمركبات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬بوقود‭ ‬الجازولين‭ ‬فقط‭ ‬والذي‭ ‬يتضمن‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬رقم‭ ‬14‭ ‬نصًا‭ ‬يقول‭ ‬‮«‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬استيراد‭ ‬المركبات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬بالجازولين‭ ‬ولا‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬المحول‭ ‬الحفزي (Catalytic Convertor)»‭. ‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬أن‭ ‬مركبات‭ ‬الديزل‭ ‬تعتبر‭ ‬أكبر‭ ‬مسبب‭ ‬لانبعاث‭ ‬هذه‭ ‬الغازات‭ ‬إلا‭ ‬أنني‭ ‬لم‭ ‬أجد‭ ‬قرارًا‭ ‬أو‭ ‬مادة‭ ‬تتطرق‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الخطر‭ ‬البيئي‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬يغزو‭ ‬الطرقات‭ ‬مع‭ ‬الزيادة‭ ‬المطردة‭ ‬في‭ ‬أعداد‭ ‬الشاحنات‭ ‬والمركبات‭ ‬الثقيلة‭ ‬وما‭ ‬تعانيه‭ ‬الشوارع‭ ‬والطرقات‭ ‬من‭ ‬ازدحام‭ ‬مروري‭ ‬تشارك‭ ‬فيها،‭ ‬وخصوصًا‭ ‬في‭ ‬ساعات‭ ‬الذروة،‭ ‬والتي‭ ‬تسهم‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يدع‭ ‬مجال‭ ‬للشك‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬حالات‭ ‬أمراض‭ ‬الجهاز‭ ‬التنفسي‭ ‬بين‭ ‬مواطني‭ ‬ومقيمي‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭. ‬وللتأكيد‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬فقد‭ ‬ذكرت‭ ‬وكالة‭ ‬حماية‭ ‬البيئة‭ ‬الأمريكية‭ ‬(EPA)‭ ‬أن‭ ‬انبعاثات‭ ‬أكاسيد‭ ‬النيتروجين‭ ‬من‭ ‬الشاحنات‭ ‬والمركبات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬بالديزل‭ ‬لها‭ ‬أضرار‭ ‬كبيرة‭ ‬جدًا‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان،‭ ‬وخصوصًا‭ ‬صحة‭ ‬الجهاز‭ ‬التنفسي،‭ ‬حيث‭ ‬ذكر‭ ‬المصدر‭ ‬نفسه‭ ‬‮«‬إن‭ ‬استنشاق‭ ‬هواء‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬تركيز‭ ‬عالٍ‭ ‬من‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬النيتروجين‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تهيج‭ ‬مجاري‭ ‬الهواء‭ ‬في‭ ‬الجهاز‭ ‬التنفسي‭ ‬البشري‮»‬‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬المخاطر‭ ‬الأخرى‭ ‬المتعلقة‭ ‬بمساهمته‭ ‬بتكوين‭ ‬غاز‭ ‬الأوزون [(O3) Ozone] وكذلك‭ ‬المواد‭ ‬الجسيمية‭ ‬[‭(‬PM) Particulate matter]‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تفاعلها‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬المركبات‭ ‬في‭ ‬الهواء‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬يخفى‭ ‬ضررها‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان‭ ‬أيضًا،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أكدته‭ ‬دراسة‭ ‬نشرت‭ ‬على‭ ‬مجلة (ELSEVIER) تحت‭ ‬عنوان‭ ‬(Country- and manufacturer-level attribution of air quality impacts due to excess NOx emissions from diesel passenger vehicles in Europe)،‭ ‬فقد‭ ‬ذكرت‭ ‬أنه‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬والقوانين‭ ‬المفروضة‭ ‬والنسبة‭ ‬المحددة‭ ‬لانبعاث‭ ‬غازات‭ ‬أكاسيد‭ ‬النيتروجين‭ ‬من‭ ‬شاحنات‭ ‬الديزل‭ ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬نعاني‭ ‬من‭ ‬معدل‭ ‬وفيات‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬5000‭ ‬وفاة‭ ‬سنويًا‭ ‬بسبب‭ ‬هذه‭ ‬الانبعاثات‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬أوروبا‭.‬

ثم‭ ‬يختم‭ ‬صاحبي‭ ‬المقال‭ ‬بهذا‭ ‬الرجاء؛

وإنني‭ ‬هنا‭ ‬أبعث‭ ‬برسالة‭ ‬عاجلة‭ ‬للجهات‭ ‬المعنية‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬وزارة‭ ‬النفط‭ ‬والبيئة‭ ‬وكذلك‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للمرور‭ ‬بوزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬للعمل‭ ‬على‭ ‬دراسة‭ ‬الأمر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إصدار‭ ‬قرار‭ ‬مماثل‭ ‬للقرار‭ ‬رقم‭ ‬8‭ ‬لسنة‭ ‬2002‭ ‬المتعلق‭ ‬بانبعاثات‭ ‬عوادم‭ ‬المركبات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬بوقود‭ ‬الجازولين،‭ ‬بحيث‭ ‬يكون‭ ‬القرار‭ ‬متعلقًا‭ ‬بانبعاثات‭ ‬عوادم‭ ‬المركبات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬بوقود‭ ‬الديزل‭. ‬لما‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬تأثير‭ ‬بيئي‭ ‬إيجابي‭ ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬جودة‭ ‬الهواء‭ ‬وبيئة‭ ‬البلد‭ ‬وصحة‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين،‭ ‬بل‭ ‬ونكون‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬السبّاقة‭ ‬إقليميًا،‭ ‬بل‭ ‬وعالميًا‭ ‬في‭ ‬تبني‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬ومواكبة‭ ‬التقنيات‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬وبالتالي‭ ‬نكون‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تحقيق‭ ‬أحد‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬بصورة‭ ‬مستمرة‭.‬

وهنا‭ ‬ينتهي‭ ‬المقال‭.‬

ومن‭ ‬ناحيتنا‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬موضوع‭ ‬تلوث‭ ‬الهواء‭ ‬بأكاسيد‭ ‬النتروجين‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يُعد‭ ‬من‭ ‬المخاطر‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬الإنسان‭ ‬وصحته،‭ ‬فالهواء‭ ‬الملوث‭ ‬ليس‭ ‬كمثل‭ ‬الغذاء‭ ‬أو‭ ‬الماء‭ ‬الملوث‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬تجنبه‭ ‬واللجوء‭ ‬إلى‭ ‬نوعية‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬الغذاء‭ ‬والماء‭ ‬الصحي،‭ ‬فالهواء‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجنبه،‭ ‬فهو‭ ‬موجود‭ ‬حولنا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬فإن‭ ‬كان‭ ‬ملوثًا‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬يؤثر‭ ‬تأثيرًا‭ ‬مباشرًا‭ ‬في‭ ‬الإنسان‭. ‬

ونحن‭ ‬نعتقد‭ ‬أنه‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬للنظر‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬الموضوعات‭ ‬الأخرى‭ ‬الخاصة‭ ‬المتعلقة‭ ‬بتلوث‭ ‬الهواء‭ ‬تحديدًا،‭ ‬وتلوث‭ ‬الغذاء،‭ ‬وتلوث‭ ‬الماء،‭ ‬ومثل‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬وجعلها‭ ‬ذات‭ ‬أولوية‭ ‬وكذلك‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬أن‭ ‬تتحمل‭ ‬المؤسسات‭ ‬الخاصة‭ ‬مسؤوليتها‭ ‬المجتمعية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬فهي‭ ‬موجودة‭ ‬وتسبب‭ ‬أنواعا‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬التلوث‭.‬

Zkhunji@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا