اطلالة
هالة كمال الدين
halakamal99@hotmail.com
لعنة طالت الجميع
كشفت دراسة أجراها معهد «تشايلد لايت» التابع لجامعة أدنبره في اسكتلندا وهي الأولى من نوعها التي تتضمن تقديرا للجحم العالمي لمشكلة الأطفال من ضحايا الاعتداء الجنسي عبر الإنترنت بأن طفلا من كل ثمانية في مختلف أنحاء العالم كان عرضة في العام الماضي ومن دون رضاه لالتقاط ونشر مواد مصورة ذات طابع جنسي، أو لمشاهدة محتوى من هذا النوع، أي ما يعادل 302 مليون طفل.
الدراسة أكدت أن المواد الإباحية طالت نحو 20% من الأطفال في أوروبا الغربية وحدها، مشيرة إلى أن أبرز التفاعلات الجنسية كانت الرسائل أو طلبات لأفعال من البالغين والصغار والابتزاز بالصور الحميمية، واستخدام الذكاء الاصطناعي لصناعة صور مزيفة، لافتة إلى أنه يتم الإبلاغ عن حالة كل ثانية في مختلف أنحاء العالم، وهو ما وصفه أحد معدي الدراسة بول ستانفيلد بجائحة عالمية بقيت مستترة مدة طويلة من الزمن الأمر الذي يتطلب تحركا دوليا لمواجهتها.
وكان الباحث الاجتماعي زكريا عبد الجبار قد حذر مؤخرًا من الغزو الفكري للجيل الجديد عبر الفضاء الإلكتروني ومن الألعاب والتطبيقات المنتشرة مشيرا إلى مخاطر الاستدراج الإلكتروني التي لا تقتصر على التحرش الجنسي فحسب بل تمتد إلي التأثير في الأفكار والمعتقدات والمبادئ بشكل مسيء وغير صحيح، وذلك خلال محاضرة توعوية قدمها في مركز حماية الطفل التابع لوزارة التنمية الاجتماعية بعنوان «حماية الطفل من الفضاء الإلكتروني والابتزاز»!
التحرش الجنسي الإلكتروني بات من أهم المخاطر التي تتهدد الجيل الجديد، والذي يخلف ضررا قصير أو طويل الأمد بما في ذلك الأمراض النفسية في مرحلة لاحقة من الحياة، وهو يعني أي سلوك لمحتوى غير أخلاقي أو مناف للعادات والتقاليد بغرض الابتزاز أو التنمر على الضحية، أو نشر صور ومقاطع صوتية ومرئية ونصوص كتابية تدعو إلى القلق والفزع، مع التهديد بالإرسال إلى الأهل والأصدقاء والمعارف، والإرغام على تدبير مقدار معين من المال، أو تلبية رغبة معينة.
إن التحرش الجنسي بالأطفال أو «الغلمانية» أو «بيدوفيليا» من الاضطرابات الجنسية الشهيرة والتي تمثل تحديا يضاف إلى التحديات التي تواجه العالم اليوم، وما يزيد من مخاطر وصول المتحرشين إلى الأطفال هو تنامي قدرتهم على الدخول إلى عالم مفتوح عبر الإنترنت، وفي أحيان كثيرة في ظل عدم حضور من قبل الآباء، مما يسهل من الإيقاع بهم، الأمر الذي يزيد من صعوبة المهمة الملقاة على عاتق الأهل.
لذلك تبقى الرسالة الأهم والأصح الموجهة إلى الآباء هي أن يكونوا قريبين من أبنائهم عبر خلق حالة من الصداقة والمصارحة بينهم، وعدم تركهم في حالة من العزلة والتوحد مع عالمهم الافتراضي، والذي تحول إلى لعنة طالت الجميع.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك