يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
الانتقام من المسلمين في أوروبا
قبل أيام، نشر تقرير أعدته وكالة الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية عن الاضطهاد والتمييز العنصري الذي يتعرض له المسلمون في الدول الأوروبية.
التقرير ذكر أن نصف المسلمين المقيمين في دول الاتحاد الأوروبي يتعرضون للتمييز في حياتهم اليومية، وانه تم تسجيل زيادة حادة في الكراهية للمسلمين عقب هجوم أكتوبر واندلاع حرب غزة.
المتحدثة باسم وكالة الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية نيكول رومان قالت تعليقا على التقرير انه بحسب البيانات التي تمّ جمعها «أن تكون مسلما في دول الاتحاد يزداد صعوبة». وان احداث غزة قادت إلى «زيادة حادة في الكراهية إزاء المسلمين».
بحسب استطلاع شارك فيه 9600 شخص في 13 دولة أوروبية، أكد نحو نصف المسلمين بأنهم واجهوا التمييز في حياتهم اليومية مقارنة بنسبة 39 بالمائة المسجّلة في الدراسة الأخيرة من هذا النوع التي تعود إلى عام 2016.
وسجلت النمسا النسبة الأعلى في التمييز ضد المسلمين بنسبة 71 بالمائة تليها ألمانيا 68 بالمائة، وفرنسا بنسبة 39 بالمائة، بينما كان التمييز في إسبانيا والسويد الأدنى على مستوى أوروبا.
ورصد التقرير «ارتفاعا حادا» في التمييز خصوصا في سوق العمل والبحث عن مسكن بحق النساء اللواتي يرتدين الحجاب وبدرجة أقل بحق الرجال أو اللواتي لا يلتزمن الزي الإسلامي. وأثبتت أن «المسلمين مستهدفون ليس فقط بسبب دينهم، بل أيضا بسبب لون بشرتهم وأصلهم العرقي والمهاجر.«
وكالة الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية وصفت نتائج التقرير «بالمثيرة للقلق» وأوصت بأن يعطي الاتحاد الأوروبي اهتماما أكبر للتعامل مع العنصرية حيال المسلمين.
وقالت رئيسة الوكالة سيربا روسيو إن هذه الظاهرة يزيدها «خطاب التجريد من الانسانية الذي نلحظه في عموم القارة»، تقصد الخطاب السياسي والإعلامي في أوروبا الذي يجرد المسلمين من الإنسانية.
كراهية الإسلام والمسلمين والعداء لهم في أوروبا، او ما يسمى «الاسلاموفوبيا» ليست ظاهرة جديدة. عبر العقود الماضية تسجل التقارير الأوروبية نفسها تصاعد الظاهرة وتحذر منها وتدعو لمواجهتها. غير ان حرب ابادة غزة رافقتها، كما يسجل التقرير الأخير، تصاعد هذا العداء للمسلمين في اوروبا بشكل حاد، الأمر الذي تجسد في ممارسات تمييز عنصري وكراهية غير مسبوقة، ووراء ذلك أسباب كثيرة.
في مقدمة هذه الأسباب ما كشف عنه رد الفعل الغربي على هجمات أكتوبر وحالة الجنون التي انتابتهم دعما وتأييدا لإسرائيل. رد الفعل الغربي كشف عن كراهية وعداء متأصل ليس ضد الفلسطينيين وحدهم وانما ضد كل العرب والمسلمين، هذا المناخ كان عاملا أساسيا بالطبع في تصاعد العداء والاضطهاد للمسلمين في الدول الأوروبية.
وكرس من هذه الحالة من العداء ما شهدته الدول الأوروبية من مظاهر تأييد شعبي للفلسطينيين وادانات للجرائم الإسرائيلية في غزة. أوساط كثيرة في الدول الأوروبية اعتبرت ان المسلمين في أوروبا كانوا محرضين على رد الفعل الشعبي على هذا النحو. وما يحدث من تصاعد التمييز العنصري والكراهية للمسلمين هو في جانب أساسي منه انتقام منهم بعد ما جرى.
المهم، الأمر الذي يجب ان ندركه هو ان هذا العداء للعرب والمسلمين في اوروبا سوف يتصاعد في السنوات القادمة بشكل خطير، أحد أكبر أسباب هذا ان الصهيونية العالمية ومناصريها في الغرب يعتبرون انهم يخوضون حربا وجودية مع العرب والمسلمين من اجل الدفاع عن الكيان الإسرائيلي ومحاولة فرض مشروعه في المنطقة، والساحة الأوروبية إحدى ساحاته هذه المعركة، ولهذا سيكون استهداف العرب والمسلمين في أوروبا ومحاولة القضاء على أي تأثير أو نفوذ لهم هدفا رئيسيا في المستقبل.
ويعزز من هذا بالطبع صعود اليمين المتطرف في كل انحاء أوروبا.
للأسف الذي يشجعهم في اوروبا على مواصلة هذا التمييز العنصري والعداء للعرب والمسلمين حقيقة ان الدول العربية والاسلامية لا تفعل شيئا تقريبا للدفاع عنهم وحمايتهم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك