الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
تجار «زاري عتيج».. موديل 2025..!!
في سنوات ماضية كان «زاري عتيج» هو البائع المتجول الذي يطوف على البيوت في الفرجان بعربته الخشبية أو على إحدى الدواب.. وينادي بأعلى صوته لإعلان بضاعته، التي لا تتعدى الصحون والأدوات المنزلية.. عبر أسلوب المقايضة والتبديل، بحيث تعطيه ربة المنزل أغراضا قديمة ومستهلكة في البيت، أو أكياس الأرز «الخياش»، أو الأسلاك الكهربائية التي يطلق عليها في اللغة الدارجة بعبارة: «الماو».. ويعطيها صحونا جديدة مثل «صحن بو أسد» وغيره من الأدوات المنزلية.
ومع تطور الحياة، تحول الأمر إلى وجود مؤسسات ومحلات تجارية، غير أن بعض الباعة فضلوا البقاء على أسلوب «زاري عتيج» من خلال بيع الأسماك والخضروات على البيوت في الفرجان، ثم انتقل الأمر إلى بيع قناني المياه عند إشارات المرور، ثم بسطات البيع عند التقاطعات.. وبعدها بدأنا نرى شاحنات «البيك آب» التي تبيع الخضروات والفواكه في الشوارع أمام السيارات، من دون مراعاة لاشتراطات النظافة والصحة، تماما كما هي بسطات بيع المكسرات والشاي والكرك، والهريس والمضروبة، والكباب والنخي وغيرها.
كما وانتقلت الظاهرة إلى عرض بيع السيارات المستعملة في المساحات المفتوحة، وهو الوضع الذي رفضته معارض بيع السيارات واشتكت منه، وتصدت له الجهات المختصة، وفرضت عليهم الغرامات والجزاءات، وانخفضت تلك الظاهرة بشكل كبير، على الرغم من عدم القضاء عليها بشكل تام.
وعلى الرغم من تحول العديد من المؤسسات والمطاعم والكافتيريات إلى فتح فروع متنقلة عبر مركبات «الفود تراك»، واستغلال منصات وحسابات التواصل الاجتماعي وبعض المشاهير لإعلان بضائعها، وتحول بعض المشاهير والبلوجر وغيرهم إلى «زاري عتيج» إلكتروني..!! إلا أننا بدأنا نشهد ظاهرة جديدة اليوم، تتمثل في وقوف مركبات لمؤسسات تجارية لبيع الثياب والملابس، وقطع الغيار وتنظيف السيارات، أمام محطات البترول، في الشوارع والطرقات الجانبية داخل الأحياء السكنية..!!
ولا أدري لماذا هذه الفوضى الحاصلة؟ ومن المسؤول عن وقفها؟ وما أسباب انتشارها؟.. ربما حالة الركود التي يشهدها السوق هي السبب.. فتضطر المحلات إلى الترويج عن بضائعها خارج المحلات، والاتفاق مع نوعية من العمالة الأجنبية، لبيع البضائع وفق الحصول على نسبة معينة من أرباح المبيعات.
وربما الوضع الحاصل الذي لم يردع الباعة الجائلين، والخوف من تنظيم العملية بشكل قانوني، تحت مبرر عدم مضايقة البعض في أرزاقهم ولقمة عيشهم.. شجع الآخرين للبيع بأسلوب «زاري عتيج».. وربما أن بعض المحلات والمؤسسات ضاقت ذرعا من كثرة الرسوم والإيجارات، فتوجهت إلى البيع في الشارع، التي لا تكلف أي رسوم، ولا تتكبد الخسائر، ولا يوجد من يحاسبها.
ما يحصل اليوم عبارة عن بدايات لفوضى تجارية ستنتشر وتستفحل أكثر، لدرجة أننا سنشاهد في الغد بيع الكتب والغسالات والأجهزة الالكترونية، ولربما وصل الأمر كذلك إلى بيع العقارات وتأجير الشقق والأثاث، وكافة المهن والوظائف التي تعرض خدماتها، لا عبر مكاتب ومحلات ومؤسسات، وإنما في الشوارع والطرقات.. تماما كما نشاهد اليوم توزيع الإعلانات في أبواب المنازل وعلى السيارات.
أوقفوا ظاهرة تجار «زاري عتيج» موديل 2025.. قبل أن تغلق المجمعات التجارية أبوابها.. ونرى كل المحلات تبيع في الشوارع والطرقات، وتنادي بأعلى صوتها: «زاري عتيج.. ماوي عتيج»..!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك