العدد : ١٧٠٧٤ - السبت ٢١ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٤ - السبت ٢١ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

موسم الهروب الرمضاني للخادمات

لم‭ ‬تكن‭ ‬والدتي‭ ‬تعلم‭ ‬أن‭ ‬قيامها‭ ‬بشراء‭ ‬ملابس‭ ‬وكسوة‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬للعاملة‭ ‬المنزلية‭ ‬ذات‭ ‬الجنسية‭ ‬الإفريقية‭ ‬ستكون‭ ‬آخر‭ ‬صوغة‭ ‬تشتريها‭ ‬لها،‭ ‬حيث‭ ‬قررت‭ ‬العاملة‭ ‬الهروب‭ ‬من‭ ‬المنزل‭ ‬في‭ ‬ليلتها،‭ ‬ويبدو‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬الهروب‭ ‬نسجت‭ ‬خيوطه‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬مع‭ ‬آخرين‭ ‬من‭ ‬جنسيتها‭.‬

تلك‭ ‬ظاهرة‭ ‬مجتمعية‭ ‬خليجية‭ ‬تستحق‭ ‬الدراسة‭ ‬والقرارات‭ ‬الحاسمة،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬توقيتها‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬ازديادها،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬قوانين‭ ‬العمل‭ ‬المنظمة‭ ‬لها،‭ ‬والتي‭ ‬يبدو‭ ‬جيدا‭ ‬أنه‭ ‬يتم‭ ‬استغلال‭ ‬ثغرات‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬جنسيات‭ ‬معينة،‭ ‬وتكبد‭ ‬المواطن‭ ‬الخليجي‭ ‬الخسائر‭. ‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬القوانين‭ ‬المكتوبة‭ ‬والعقود‭ ‬الموقعة‭ ‬بين‭ ‬الأطراف،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تغليب‭ ‬مصالح‭ ‬العامل‭ ‬والعاملة‭ ‬على‭ ‬مصلحة‭ ‬ربّ‭ ‬العمل‭ ‬والمنزل،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬‮«‬فزاعة‮»‬‭ ‬حقوق‭ ‬العمال‭ ‬والإنسان،‭ ‬فإن‭ ‬المواطن‭ ‬الخليجي‭ ‬يستمر‭ ‬في‭ ‬معاناته‭ ‬مع‭ ‬العمال،‭ ‬وخصوصا‭ ‬عاملات‭ ‬المنازل‭.‬

صحيح‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬تمتلك‭ ‬منظومة‭ ‬قانونية،‭ ‬وإجراءات‭ ‬عمالية،‭ ‬وهناك‭ ‬اهتمام‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬مكاتب‭ ‬الاستقدام‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬ظاهرة‭ ‬هروب‭ ‬العاملات،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬مستمر‭ ‬ومتواصل،‭ ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬موسم‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التشريعات‭ ‬والإجراءات‭ ‬التي‭ ‬تحمي‭ ‬رب‭ ‬العمل‭ ‬ورب‭ ‬المنزل،‭ ‬وكذلك‭ ‬مكاتب‭ ‬الاستقدام‭.‬

في‭ ‬تقرير‭ ‬لصحيفة‭ ‬الجزيرة‭ ‬‮«‬السعودية‮»‬،‭ ‬تأكد‭ ‬أن‭ ‬هروب‭ ‬الخادمات‭ ‬من‭ ‬المنازل‭ ‬مشكلة‭ ‬قديمة‭ ‬متجددة،‭ ‬أخذت‭ ‬تتجدد‭ ‬في‭ ‬ثوب‭ ‬عصري،‭ ‬وتتفاقم‭ ‬بشكل‭ ‬مقلق،‭ ‬وليس‭ ‬الهروب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬أوطانهن،‭ ‬بل‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬آخر،‭ ‬ولدى‭ ‬أسرة‭ ‬جديدة‭..!!‬

وفي‭ ‬تقرير‭ ‬لصحيفة‭ ‬الاتحاد‭ ‬‮«‬الإماراتية‮»‬‭ ‬ذكر‭ ‬أن‭ ‬هروب‭ ‬الخادمات‭.. ‬مسلسل‭ ‬قديم‭ ‬مازال‭ ‬عرضه‭ ‬مستمراً‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬وللأسف‭ ‬يقف‭ ‬الجميع‭ ‬ليشاهدوا‭ ‬الحلقات‭ ‬الجديدة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المسلسل‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يحركوا‭ ‬ساكناً‭. ‬الأيام‭ ‬تمضي‭ ‬والمشكلة‭ ‬في‭ ‬انتشار،‭ ‬والآثار‭ ‬السلبية‭ ‬الخطيرة‭ ‬لهذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬آخذة‭ ‬في‭ ‬التضخم،‭ ‬والضحية‭ ‬الأكثر‭ ‬تأثراً‭ ‬هو‭ ‬المواطن‭ ‬المسكين،‭ ‬الذي‭ ‬أتى‭ ‬بالخادمة‭ ‬من‭ ‬بلادها‭ ‬ليريح‭ ‬أسرته‭ ‬من‭ ‬عناء‭ ‬العمل‭ ‬اليومي،‭ ‬فإذا‭ ‬به‭ ‬يفتح‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬باباً‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تنتهي‭..!!‬

جريدة‭ ‬النهار‭ ‬‮«‬الكويتية‮»‬‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬كتبت‭ ‬أن‭ ‬ظاهرة‭ ‬هروب‭ ‬الخادمات‭ ‬أصبحت‭ ‬مادة‭ ‬دسمة‭ ‬للدراما‭ ‬الإنسانية‭.. ‬ولكن‭ ‬المشكلة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬دراسة‭ ‬وآلية‭ ‬جديدة،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تتحول‭ ‬حقوق‭ ‬الخدم‭ ‬إلى‭ ‬سلاح‭ ‬يطعن‭ ‬صاحب‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬الظهر،‭ ‬فقضية‭ ‬هروب‭ ‬الخدم‭ ‬مازالت‭ ‬مستعصية‭ ‬على‭ ‬الحل‭.‬

الصحافة‭ ‬البحرينية‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬فتحت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التحقيقات‭ ‬والتقارير‭ ‬الصحفية،‭ ‬واللقاءات‭ ‬والحوارات‭ ‬عن‭ ‬ظاهرة‭ ‬هروب‭ ‬الخادمات،‭ ‬ووضعت‭ ‬الحلول‭ ‬والتصورات‭ ‬والمرئيات،‭ ‬ولكن‭ ‬دون‭ ‬جدوى‭ ‬ولا‭ ‬معالجة‭ ‬نهائية‭. ‬

ومع‭ ‬هروب‭ ‬عاملات‭ ‬المنزل‭ ‬يضطر‭ ‬المواطن‭ ‬الخليجي‭ ‬إلى‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬استقدام‭ ‬عاملات‭ ‬بطرق‭ ‬غير‭ ‬مشروعة،‭ ‬حتى‭ ‬تعينه‭ ‬على‭ ‬مهام‭ ‬المنزل،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬إلى‭ ‬حين‭ ‬استقدام‭ ‬عاملة‭ ‬جديدة‭ ‬بطريقة‭ ‬قانونية‭. ‬

في‭ ‬روايته‭ ‬‮«‬موسم‭ ‬الهجرة‭ ‬إلى‭ ‬الشمال‮»‬‭ ‬كتب‭ ‬الأديب‭ ‬الراحل‭ ‬الطيب‭ ‬صالح‭ ‬عن‭ ‬حكاية‭ ‬شخص‭ ‬عربي‭ ‬هاجر‭ ‬إلى‭ ‬بلاد‭ ‬الفرنجة،‭ ‬ومدى‭ ‬تأثره‭ ‬وتأثيره‭ ‬على‭ ‬الثقافة‭ ‬الغربية‭ ‬هناك‭.. ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬حيا‭ ‬يرزق‭ ‬اليوم‭ ‬بيننا‭ ‬لكتب‭ ‬رواية‭ ‬جديدة‭ ‬عن‭: ‬‮«‬موسم‭ ‬الهروب‭ ‬الرمضاني‭ ‬للخادمات‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬الخليجية‮»‬‭.‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا