العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

وماذا عن وجودكم أنتم؟!

قبل‭ ‬أيام‭ ‬زار‭ ‬الرئيس‭ ‬العراقي‭ ‬عبداللطيف‭ ‬رشيد‭ ‬إيران‭ ‬والتقى‭ ‬المرشد‭ ‬الإيراني‭ ‬علي‭ ‬خامنئي‭. ‬أجهزة‭ ‬الإعلام‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬تغطيتها‭ ‬للقاء‭ ‬ركزت‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬خامنئي‭ ‬للرئيس‭ ‬العراقي‭ ‬أو‭ ‬بمعنى‭ ‬اصح‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬التعليمات‭ ‬التي‭ ‬وجهها‭ ‬له‭. ‬

خامنئي‭ ‬قال‭ ‬للرئيس‭ ‬إن‭ ‬العراق‭ ‬يجب‭ ‬الا‭ ‬يسمح‭ ‬بأي‭ ‬وجود‭ ‬أمريكي‭ ‬على‭ ‬أراضيه‭. ‬وقال‭ ‬إن‭ ‬‮«‬الأمريكيين‭ ‬ليسوا‭ ‬أصدقاء‭ ‬للعراق‭. ‬الأمريكيون‭ ‬ليسوا‭ ‬أصدقاء‭ ‬لاحد‮»‬‭. ‬وأضاف‭: ‬‮«‬وجود‭ ‬حتى‭ ‬أمريكي‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬يعتبر‭ ‬كثيرا‮»‬‭.‬

القضية‭ ‬ليست‭ ‬الوجود‭ ‬العسكري‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يبقى‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬يبقى‭. ‬وهذه‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬حال‭ ‬المفروض‭ ‬أنها‭ ‬قضية‭ ‬تخص‭ ‬العراق‭ ‬وحده،‭ ‬والعراقيون‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬يقررون‭ ‬بشأنها‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬يرونه‭ ‬من‭ ‬مصلحة‭ ‬عراقية‭. ‬ليس‭ ‬لإيران‭ ‬الحق‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المبدأ‭ ‬في‭ ‬ان‭ ‬تقرر‭ ‬هي‭ ‬بهذا‭ ‬الشأن‭ ‬أو‭ ‬تعطي‭ ‬تعليمات‭ ‬أو‭ ‬أوامر‭ ‬للعراقيين‭.‬

والمرشد‭ ‬الإيراني‭ ‬حين‭ ‬يقول‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭ ‬ينسى‭ ‬إن‭ ‬إيران‭ ‬مدينة‭ ‬لهذا‭ ‬الوجود‭ ‬الأمريكي‭ ‬بالذات‭. ‬لولا‭ ‬الغزو‭ ‬والاحتلال‭ ‬الأمريكي‭ ‬للعراق‭ ‬الذي‭ ‬أيدته‭ ‬إيران‭ ‬وهللت‭ ‬له‭ ‬لأنه‭ ‬أطاح‭ ‬بالنظام‭ ‬العراقي‭ ‬وساهمت‭ ‬مباشرة‭ ‬وعبر‭ ‬القوى‭ ‬العميلة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬التمهيد‭ ‬له‭.. ‬لولا‭ ‬هذا‭ ‬الوجود‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬إيران‭ ‬قد‭ ‬استطاعت‭ ‬ان‭ ‬تفرض‭ ‬سطوتها‭ ‬وهيمنتها‭ ‬في‭ ‬العراق‭. ‬الوجود‭ ‬الأمريكي‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬سلم‭ ‬العراق‭ ‬إلى‭ ‬إيران‭ ‬والقوى‭ ‬العميلة‭ ‬لها‭.‬

المهم‭ ‬هنا‭ ‬ان‭ ‬خامنئي‭ ‬حين‭ ‬تحدث‭ ‬عن‭ ‬الوجود‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل‭ ‬فانه‭ ‬يتجاهل‭ ‬تساؤلا‭ ‬جوهريا‭: ‬وماذا‭ ‬عن‭ ‬وجودكم‭ ‬انتم؟‭.. ‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬واليمن؟

كلام‭ ‬خامنئي‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬افتراضين‭ ‬غريبين‭:‬

الأول‭: ‬انه‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬يحق‭ ‬لإيران‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يحق‭ ‬لأمريكا‭. ‬بمعنى‭ ‬انه‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬أمريكا‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬وجود‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬ولكن‭ ‬إيران‭ ‬يحق‭ ‬لها‭.‬

هذا‭ ‬افتراض‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬أي‭ ‬أساس‭ ‬او‭ ‬مبرر‭. ‬أمريكا‭ ‬دولة‭ ‬أجنبية،‭ ‬وإيران‭ ‬دولة‭ ‬أجنبية‭. ‬ما‭ ‬يسري‭ ‬على‭ ‬أمريكا‭ ‬يسري‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬يقرره‭ ‬العراقيون‭.‬

والثاني‭: ‬ان‭ ‬مبرر‭ ‬ما‭ ‬يدعو‭ ‬اليه‭ ‬خامنئي‭ ‬من‭ ‬انهاء‭ ‬كامل‭ ‬للوجود‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬هو‭ ‬ان‭ ‬أمريكا‭ ‬ليست‭ ‬دولة‭ ‬صديقة‭ ‬يمكن‭ ‬الاعتماد‭ ‬عليها‭. ‬ويعني‭ ‬هذا‭ ‬افتراض‭ ‬ان‭ ‬إيران‭ ‬دولة‭ ‬صديقة‭ ‬للعراق‭ ‬ويعتمد‭ ‬عليها‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تبقى‭.‬

هذا‭ ‬أيضا‭ ‬افتراض‭ ‬خاطئ‭ ‬لا‭ ‬أساس‭ ‬له‭.‬

لسنا‭ ‬بحاجة‭ ‬الى‭ ‬الحديث‭ ‬تفصيلا‭ ‬هنا‭ ‬عما‭ ‬فعلته‭ ‬إيران‭ ‬بالعراق‭. ‬يكفي‭ ‬ان‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬الحقته‭ ‬إيران‭ ‬هي‭ ‬والقوى‭ ‬والمليشيات‭ ‬العميلة‭ ‬لها‭ ‬بالعراق‭ ‬والشعب‭ ‬العراقي‭ ‬من‭ ‬دمار‭ ‬وخراب‭ ‬وجرائم‭ ‬طائفية‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬ابدا‭ ‬عما‭ ‬فعله‭ ‬الاحتلال‭ ‬الأمريكي‭. ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ابدا‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنها‭ ‬صديق‭ ‬للشعب‭ ‬العراقي‭ ‬او‭ ‬حريصة‭ ‬عليه‭.‬

حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬ان‭ ‬خامنئي‭ ‬حين‭ ‬يريد‭ ‬انهاء‭ ‬الوجود‭ ‬الأمريكي‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬نهائيا‭ ‬فهو‭ ‬انما‭ ‬يريد‭ ‬ان‭ ‬تخلو‭ ‬الساحة‭ ‬العراقية‭ ‬تماما‭ ‬لإيران‭ ‬ولوجودها‭ ‬ونفوذها‭ ‬هي‭ ‬والقوى‭ ‬العميلة‭ ‬لها‭.‬

ولهذا‭ ‬السبب‭ ‬تحديدا‭ ‬بالمناسبة،‭ ‬تحارب‭ ‬إيران‭ ‬أي‭ ‬وجود‭ ‬عربي‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وأي‭ ‬اتفاقات‭ ‬تعاون‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والعراق،‭ ‬وأي‭ ‬تقارب‭ ‬بين‭ ‬العراق‭ ‬واشقائه‭ ‬العرب‭.‬

المهم‭ ‬ان‭ ‬اثارة‭ ‬القضية‭ ‬اليوم‭ ‬لها‭ ‬أهمية‭ ‬خاصة‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬ما‭ ‬يتردد‭ ‬عن‭ ‬عزم‭ ‬إيران‭ ‬فتح‭ ‬صفحة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬وما‭ ‬يترافق‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬تصريحات‭ ‬إيرانية‭ ‬عن‭ ‬حرصها‭ ‬على‭ ‬صالح‭ ‬المنطقة‭ ‬وعملها‭ ‬على‭ ‬ذلك‭.‬

هذا‭ ‬الحديث‭ ‬يوحي‭ ‬بأن‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نثق‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬وبعزمها‭ ‬على‭ ‬فتح‭ ‬هذه‭ ‬الصفحة‭ ‬الجديدة‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬جديدة‭ ‬مقبولة‭.‬

حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬انه‭ ‬حتى‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة،‭ ‬وبعيدا‭ ‬عن‭ ‬التصريحات‭ ‬الإيرانية،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬لا‭ ‬في‭ ‬مواقف‭ ‬وسياسات‭ ‬إيران‭ ‬وممارساتها‭ ‬العملية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وغيره‭ ‬وتجاه‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬عموما‭ ‬ما‭ ‬يؤيد‭ ‬منحها‭ ‬الثقة‭ ‬أو‭ ‬الاعتقاد‭ ‬بأنها‭ ‬ستغير‭ ‬من‭ ‬استراتيجيتها‭ ‬الطائفية‭ ‬التخريبية‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا