العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

حفظ ماء وجه العدالة الدولية

الأوامر‭ ‬التي‭ ‬أصدرتها‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬باعتقال‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬وجالانت،‭ ‬قرار‭ ‬تاريخي‭ ‬من‭ ‬أوجه‭ ‬عدة‭.‬

قبل‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬هو‭ ‬حفظ‭ ‬لماء‭ ‬وجه‭ ‬العدالة‭ ‬الدولية‭.‬

على‭ ‬امتداد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬غزة‭.. ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬الهمجية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬والجرائم‭ ‬اليومية‭ ‬التي‭ ‬ترتكب‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وكل‭ ‬الشرفاء‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬يتساءلون‭: ‬أين‭ ‬العدالة‭ ‬الدولية؟‭.. ‬أين‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدولية‭ ‬المعنية‭ ‬بحماية‭ ‬الشعوب‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان؟‭.. ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يظل‭ ‬هؤلاء‭ ‬المجرمون‭ ‬طلقاء‭ ‬هكذا‭ ‬يفعلون‭ ‬ما‭ ‬يشاؤون؟

لهذا‭ ‬قرار‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬بمثابة‭ ‬حفظ‭ ‬لماء‭ ‬وجه‭ ‬العدالة‭ ‬الدولية‭. ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬نقدر‭ ‬للمحكمة‭ ‬أنها‭ ‬أصدرت‭ ‬هذه‭ ‬الأوامر‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الضغوط‭ ‬الشديدة‭ ‬السياسية‭ ‬واللاأخلاقية‭ ‬التي‭ ‬مورست‭ ‬عليها‭ ‬لمنع‭ ‬صدور‭ ‬القرار‭.‬

المهم‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأوامر‭ ‬التي‭ ‬أصدرتها‭ ‬المحكمة‭ ‬لها‭ ‬أهمية‭ ‬كبرى‭ ‬من‭ ‬زوايا‭ ‬عدة‭.‬

اليوم‭ ‬وبحكم‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬أصبح‭ ‬نتنياهو‭ ‬وجالانت‭ ‬مجرمي‭ ‬حرب‭ ‬رسميا‭. ‬وبالطبع‭ ‬لم‭ ‬تصل‭ ‬المحكمة‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬النتيجة‭ ‬إلا‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬تحقيقات‭ ‬موسعة‭ ‬وأدلة‭ ‬موثقة‭ ‬يعرفها‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬حال‭.‬

المحكمة‭ ‬كانت‭ ‬حريصة‭ ‬على‭ ‬تحديد‭ ‬جرائم‭ ‬الاثنين‭ ‬التي‭ ‬حتمت‭ ‬صدور‭ ‬الأوامر‭. ‬ذكرت‭ ‬المحكمة‭ ‬في‭ ‬بيانها‭ ‬أن‭ ‬‮«‬المحكمة‭ ‬وجدت‭ ‬أسبابا‭ ‬معقولة‭ ‬للاعتقاد‭ ‬بأن‭ ‬نتنياهو‭ ‬وجالانت‭ ‬يتحملان‭ ‬المسؤولية‭ ‬الجنائية‭ ‬عن‭ ‬الجرائم‭ ‬التالية‭: ‬‮«‬جريمة‭ ‬الحرب‭ ‬باستخدام‭ ‬التجويع‭ ‬كأسلوب‭ ‬في‭ ‬الحرب،‭ ‬والجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭: ‬القتل،‭ ‬الاضطهاد،‭ ‬والأفعال‭ ‬اللاإنسانية‭ ‬الأخرى،‭ ‬وجريمة‭ ‬الحرب‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬توجيه‭ ‬هجوم‭ ‬متعمد‭ ‬ضد‭ ‬السكان‭ ‬المدنيين‮»‬‭. ‬واعتبرت‭ ‬المحكمة‭ ‬أن‭ ‬القيود‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الغذاء‭ ‬والماء‭ ‬والدواء،‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬تجويع‭ ‬السكان‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وتعريضهم‭ ‬للمعاناة‭ ‬الشديدة‭ ‬وفق‭ ‬البيان‭.‬

هذه‭ ‬الإدانة‭ ‬الدولية‭ ‬ليست‭ ‬إدانة‭ ‬لنتنياهو‭ ‬وجالانت‭ ‬فقط،‭ ‬وإنما‭ ‬إدانة‭ ‬للكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬كله‭. ‬هي‭ ‬حكم‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬مجرم‭ ‬يرتكب‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬وجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭ ‬بحق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

لهذا‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تصدر‭ ‬مستقبلا‭ ‬أوامر‭ ‬اعتقال‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬المحكمة‭ ‬ضد‭ ‬قيادات‭ ‬عسكرية‭ ‬وسياسية‭ ‬إسرائيلية،‭ ‬فكلهم‭ ‬يرتكبون‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭.‬

وأوامر‭ ‬الاعتقال‭ ‬هي،‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬بيان‭ ‬المحكمة‭ ‬انصاف‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬ضحايا‭ ‬الجرائم‭ ‬الإسرائيلية‭. ‬هؤلاء‭ ‬الضحايا‭ ‬الذين‭ ‬تخلى‭ ‬عنهم‭ ‬العالم‭ ‬وتركهم‭ ‬ضحية‭ ‬لهؤلاء‭ ‬المجرمين‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬الأوامر‭ ‬بمثابة‭ ‬إقرار‭ ‬دولي‭ ‬بحق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬التحرر‭ ‬والاستقلال‭ ‬من‭ ‬الاحتلال‭ ‬الغاشم‭.‬

المحكمة‭ ‬أوضحت‭ ‬أنها‭ ‬أصدرت‭ ‬قرار‭ ‬اعتقال‭ ‬نتنياهو‭ ‬وجالانت‭ ‬بموجب‭ ‬قانون‭ ‬النزاع‭ ‬المسلح‭ ‬الدولي،‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أن‭ ‬‮«‬القانون‭ ‬الإنساني‭ ‬الدولي‭ ‬المتعلق‭ ‬بالنزاع‭ ‬المسلح‭ ‬الدولي‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬وفلسطين‭ ‬ينطبق‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬ذات‭ ‬الصلة،‭ ‬وذلك‭ ‬لأنهما‭ ‬طرفان‭ ‬ساميان‭ ‬متعاقدان‭ ‬في‭ ‬اتفاقيات‭ ‬جنيف‭ ‬لعام‭ ‬1949،‭ ‬ولأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تحتل‭ ‬أجزاء‭ ‬من‭ ‬فلسطين‭ ‬على‭ ‬الأقل‮»‬‭. ‬وعلى‭ ‬هذا‭ ‬الأساس‭ ‬اعتبرت‭ ‬المحكمة‭ ‬أن‭ ‬عدم‭ ‬اعتراف‭ ‬إسرائيل‭ ‬باختصاصها‭ ‬لا‭ ‬قيمة‭ ‬له‭.‬

أي‭ ‬أن‭ ‬المحكمة‭ ‬أصدرت‭ ‬قرارها‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬صراع‭ ‬مسلح‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬ودولة‭ ‬فلسطين‭ ‬التي‭ ‬تحتل‭ ‬إسرائيل‭ ‬أجزاء‭ ‬منها‭. ‬وهذا‭ ‬إقرار‭ ‬دولي‭ ‬بحق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬الاستقلال‭ ‬والتحرر‭ ‬من‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬شرعية‭ ‬له‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬ينتهي‭.‬

بالطبع‭ ‬هذه‭ ‬الأوامر‭ ‬التاريخية‭ ‬للمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬على‭ ‬أهميتها‭ ‬الكبيرة‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬أن‭ ‬العدالة‭ ‬الدولية‭ ‬قد‭ ‬تحققت،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدولية‭ ‬قد‭ ‬أصبحت‭ ‬فعالة‭ ‬وتقوم‭ ‬بدورها‭ ‬المفترض‭. ‬

العدالة‭ ‬لن‭ ‬تتحقق‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬تقديم‭ ‬هؤلاء‭ ‬المجرمين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬للمحاكمة‭ ‬وعقابهم‭ ‬على‭ ‬جرائمهم،‭ ‬وتوقفت‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الحالية،‭ ‬وحصل‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬على‭ ‬حقوقه‭ ‬المشروعة‭ ‬كاملة‭.‬

يبقى‭ ‬أن‭ ‬لأوامر‭ ‬المحكمة‭ ‬جوانب‭ ‬مهمة‭ ‬أخرى‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نتطرق‭ ‬إليها‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا