اطلالة
هالة كمال الدين
halakamal99@hotmail.com
حين تصبح النعمة نقمة
يقول العالم الشهير ابن القيم: «النِعم ثلاث.. نعمة حاصلة يعلم بها العبد.. ونعمة منتظرة يرجوها.. ونعمة هو فيها ولا يشعر بها»!
نعم، نحن محاطون بالعديد من النعم في حياتنا، ولكن البعض لا يكاد يذكرها، ولا يشعر بقيمتها إلا عندما يفقدها، وذلك بسبب اعتيادها، منها نعمة المال، ونعمة الصحة، ونعمة الأبناء، ونعمة المنزل الدافئ، ونعمة المائدة العامرة بالطعام الطيب وغيرها.
مؤخرا كشف أحمد الكويتي الرئيس التنفيذي لجمعية حفظ النعمة أن عدد الوجبات والمنتجات المحفوظة منذ تأسيس الجمعية بلغ أكثر من مليوني وجبة ومنتج غذائي، في حين تم حفظ وإعادة تعبئة وتوزيع 234,078 وجبة ومنتجا غذائيا من الهدر، وذلك في عام 2022، الأمر الذي أسهم بقدر كبير في الحفاظ على البيئة من ظاهرة هدر الطعام، موضحا أن ما تحققه الجمعية من نتائج لم يأت إلا بدعم قيادتنا الرشيدة وعلى رأسها ملك البلاد المعظم.
لقد أعلن الكويتي أن متوسط هدر الطعام يوميا يصل إلى أكثر من 400 ألف كيلوجرام، فيما تزيد نسبة الهدر خلال شهر رمضان لتصل إلى أكثر من 600 ألف كيلوجرام يوميا، لافتا إلى أن حجم هدر الطعام سنويا يصل إلى 146 ألف طن، وأن قيمة الطعام المهدر سنويا تتجاوز 95 مليون دينار بحريني.
الهدر في الطعام وفقدانه يمكن أن يقضيا على استدامة النظم الغذائية، وعلى ارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي، ومن ثم انتشار ظاهرة الجوع بين ملايين من البشر، لذلك وضعت الدول المتقدمة هدف تقليل هدر الغذاء إلى النصف بحلول عام 2030 في إطار تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
هذا الهدر في نعمة الغذاء الذي يعتبر ظاهرة متفشية في العالم يحدث في الوقت الذي يتم فيه إنتاج غذاء لإطعام 7 مليارات شخص في العالم، وينام حوالي 811 مليون شخص حاليا كل ليلة وهم جوعى.
إن الإسراف والتبذير أمر محرم بقول الله تعالى: «وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إن الله لا يحب المسرفين»، لذلك تبقى هذه الموائد العامرة بكل ما لذّ وطاب والتي يلقى بالكثير مما يوضع عليها في القمامة ذنبا كبيرا في أعناق أصحابها يوم الحساب.
ويحضرني هنا ما ذكرته هيلين كيلر في مقولتها الشهيرة:
«بكيت لأنني لا أملك حذاء حتى اليوم الذي رأيت شخصا لا يملك قدمين»!
فاشكروا الله على نعمة الطعام، وحافظوا عليها من الزوال، وسخروها لخدمة غيركم من البشر المحتاجين، ولا تحولوها إلى نقمة كما قال د. مصطفى محمود:
إذا رأيت النعمة تطغيك.. فهي غضب!!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك