بقلم: ملفين جودمان {
لقد عبَّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن غضبه من المحادثات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران. وتهدف المحادثات إلى تقليص برنامج طهران النووي وتحرير ثلاثة سجناء أمريكيين، وإنهاء الهجمات بالوكالة على القوات الأمريكية في سوريا. زار نتنياهو شركة صناعات الفضاء الإسرائيلية وصرح بأن أي تفاهم بين الولايات المتحدة وإيران سيكون «غير مقبول بالنسبة إلينا».
لقد صب بنيامين نتنياهو جام غضبه على وجه الخصوص لأن الولايات المتحدة الأمريكية سترد على أي رد إيجابي من الجمهورية الإسلامية الإيرانية بتمكين إيران من الوصول بشكل أكبر إلى مليارات الدولارات التي تم تجميدها.
لن تؤدي المحادثات غير المباشرة إلى إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 بين إيران والقوى العالمية المختلفة، لكنها ستساعد على استقرار العلاقات الأمريكية الإيرانية وتخفيف التوترات الإقليمية في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج العربي. وبطبيعة الحال فإن إسرائيل ليست معنية بأي من هذا.
وفي الحقيقة فإن العداء الموجه ضد أمريكا في إسرائيل ليس تطورًا جديدًا، على الرغم من أن نتنياهو كان أكثر عنادًا من أسلافه في تحدي الإدارات الأمريكية المتعاقبة. ففي عام 2015، قبل نتنياهو دعوة من المشرعين الجمهوريين لإلقاء كلمة في جلسة مشتركة للكونغرس، وهو تدخل غير مقبول في السياسة الداخلية للولايات المتحدة كان ينبغي أن يكون له عواقب على إسرائيل.
في ذلك الوقت، كانت الولايات المتحدة الأمريكية تحقق نجاحًا دبلوماسيًا وسياسيًا كبيرًا في تنسيق خطة العمل الشاملة المشتركة والاتفاق النووي مع إيران، إلى جانب روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا. كان أكبر نجاح لوزير الخارجية جون كيري هو الاتفاق النووي الإيراني، لكن دونالد ترامب ومستشاره للأمن القومي، جون بولتون، أبطلاه في عام 2018.
أفلتت إسرائيل من تبعات العديد من الأعمال المعارضة لقادة الولايات المتحدة وسياساتهم على مر السنين. لقد تحدثت سابقا عن الهجوم الإسرائيلي المتعمد على السفينة يو إس إس ليبرتي خلال حرب الأيام الستة عام 1967 وكان هدف إسرائيل هو وقف اعتراض الولايات المتحدة الأمريكية للاتصالات الإسرائيلية. قتل أربعة وثلاثون بحارا أمريكيا في عمليات القصف الإسرائيلية حتى إن الإسرائيليين تدخلوا في عمليات الإنقاذ.
في الخمسينيات من القرن العشرين الماضي، قصف عملاء إسرائيليون مكتبة لوكالة المعلومات الأمريكية في مصر وحاولوا جعلها تبدو كعمل عنف مصري. كانت إسرائيل تحاول وقف الدعم الأمريكي لمشروع سد أسوان، ومنع وزير الخارجية جون فوستر دالاس من الانخراط في محادثات جوهرية مع المصريين. كان دالاس يحاول الحيلولة دون وصول النفوذ السوفييتي إلى مصر.
في المراحل الأخيرة من حرب أكتوبر عام 1973، تجاهل الإسرائيليون وقف إطلاق النار الذي توسط فيه وزير الخارجية هنري كيسنجر بعناية مع القادة السوفييت لوقف القتال.
كانت الانتهاكات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار هي التي دفعت كيسنجر للتهديد بالتدخل في الصراع إذا لم توقف إسرائيل عملياتها العسكرية. فاجأ تهديد كيسنجر وزير الدفاع جيمس شليزنجر، ولم يكن البنتاغون سعيدًا بالتهديد بالتدخل.
تلقى وزير الدفاع موشيه ديان، الذي ربما يكون قد أمر بالهجوم على السفينة يو إس إس ليبرتي في حرب الأيام الستة، الرسالة وأوقف الهجمات. كانت حرب أكتوبر بمثابة فشل استخباراتي إسرائيلي كبير أنهى آمال ديان في أن يصبح رئيسًا للوزراء.
أشار الرئيس جو بايدن إلى معارضته لسياسات نتنياهو، لا سيما خططه المناهضة للديمقراطية «للإصلاح القضائي» وسياساته في الضفة الغربية.
إن انتشار المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية أمر غير مرحب به بشكل خاص في واشنطن (وكذلك في معظم المجتمع الدولي). كما أن واشنطن ليست مسرورة بالتخطيط والموافقة السريعة على هذه المستوطنات، الأمر الذي قد يؤدي إلى تشييد 4000 وحدة استيطانية في المدى القريب.
يبدو أن معارضة بايدن لنتنياهو، بما في ذلك عدم رغبته في دعوته إلى البيت الأبيض، تلقى صدى في بعض الدوائر الإسرائيلية، على الرغم من عدم وجودها بين الأعضاء المسيحيين في الائتلاف الحاكم والجمهور اليميني المتزايد.
لم يتم ذكر ذلك في وسائل الإعلام الرئيسية، لكن بايدن أجّل أيضًا اجتماعًا مقررًا في المغرب لمنتدى النقب، كان سيضم وزراء خارجية ووزراء دولة إسرائيل والولايات المتحدة والعديد من الدول العربية.
ومع ذلك، يتفهم الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتزوغ معارضة واشنطن لسياسات نتنياهو ويحاول حشد إجماع سياسي واسع ضد ما يسمى بـ«الإصلاح القضائي».
قال شقيق هرتزوغ، مايكل هرتزوغ، السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة الأمريكية ومفاوض السلام المخضرم، للأغلبية الديمقراطية لإسرائيل إن «الدبلوماسية ليست بالضرورة أمراً سيئاً».
نتيجة لذلك، يواجه نتنياهو فقدان الدعم السياسي لشركائه المفضلين في الائتلاف بالإضافة إلى ضعف العملة الإسرائيلية وزيادة التضخم. لكن حتى الآن، لم يمنع أي شيء نتنياهو من إحراج كل مسؤول أمريكي تقريبًا، بما في ذلك الرئيسان أوباما وبايدن ووزيرا الخارجية هيلاري كلينتون وجون كيري. فقد أعلن نتنياهو بشكل استفزازي أكثر من مرة توسيع المستوطنات في الضفة الغربية خلال زيارات المسؤولين الأمريكيين.
لسوء الحظ، كان المسؤولون الأمريكيون مترددين في استخدام الأداة الأكثر أهمية التي يمتلكونها للتأثير في نتنياهو، وهي المساعدة العسكرية التي تتلقاها إسرائيل بشروط أفضل من أي دولة أخرى، بما في ذلك الدول الأعضاء في منظمة حلف شمال الأطلسي.
نظرًا إلى وجود مسؤولين إسرائيليين يعتقدون أن نتنياهو قد ذهب بعيدًا في تحدي الولايات المتحدة الأمريكية، فربما يكون هذا هو الوقت المناسب للتلويح بسلاح المساعدة العسكرية.
ستكون هذه خطوة صعبة لرئيس من الحزب الديمقراطي، لكن قد يفاجأ بايدن عندما يجد أن هناك دعمًا متزايدًا داخل الحزب وعموم السكان الأمريكيين للوقوف في وجه عناد بنيامين نتنياهو وسياسته.
{ كبير الباحثين في مركز السياسات، أكاديمي في جامعة جون هوبكنز ومؤلف عدة كتب ومن بينها «فشل الاستخبارات: تراجع السي أي إيه»
كومونز
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك