بقلم: ماورو ديبونيس
لقد ضج الغرب منذ مدة بالتحليلات والنقاشات والمؤلفات التي يتحدث أصحابها عن احتمال انهيار الامبراطورية الروسية، كما أن السلطات في أوكرانيا باتت تقول إن هذا الانهيار أمر متوقع. وقد وصل الأمر برئيس جهاز المخابرات كيريلو بودانوف في خضم هذا الهوس بهزيمة روسيا وتفككها إلى حد أنه رسم خريطة للولايات الجديدة التي سيتم إنشاؤها. هل هذا توقع أم خيال جيوسياسي؟
أعادت الحرب في أوكرانيا تأجيج هذه الرغبات الغربية المكبوتة، التي لا تنتهي لدى العديد من الناس في أن يشهدوا يومًا ما الانهيار النهائي للاتحاد الروسي، الذي يعتبرونه آخر إمبراطورية استعمارية لا تزال قائمة في هذا الجزء من العالم.
يضيف مؤيدو مثل هذه الرؤية، وهي بالتأكيد ليست جديدة، في حديثهم عن روسيا في الوقت الراهن، الهزيمة التي يأملون أن يتكبدها الجيش الروسي بما يؤدي إلى تفكك أكبر دولة على هذا الكوكب.
هناك من الغربيين من يضع سيناريوهات تفكك الامبراطورية الروسية في إطار الانحدار الحتمي للقوة الروسية، المعزولة والمحاصرة الآن، جراء تداعيات العقوبات الغربية والنزعات الانفصالية الداخلية.
يقول بعض المحللين في الغرب إنه سينشأ من رماد الإمبراطورية الروسية كيانات دولة جديدة مستقلة تمامًا، أو أجزاء من الحكم القديم يتم تسليمها إلى الجيران المتحمسين.
من بين أقوى مؤيدي هذا السيناريو الأخير كيريلو بودانوف، رئيس المخابرات العسكرية الأوكرانية (هور)، الذي خلد نفسه في عيد ميلاده الأخير، بينما كان يستعد لقطع كعكة تم رسمها على خريطة اتحاد روسي مقسم بالفعل بين الجيران.
وبالنسبة إلى مؤيدي التفكك، تمثل الإمبراطورية الروسية وخطط التوسع في موسكو التهديد الأكثر إلحاحًا لأمن الكوكب، الذي يجب القضاء عليه نهائيًا، وقد وصلت هذه الأفكار إلى الدوائر السياسية الغربية بلا شك، والتي تتوجس من هذا العالم الجديد الذي يتشكل.
وحتى من دون الوصول إلى التقسيم الذي اقترحه الجنرال الأوكراني، فإن هناك في الغرب من يؤكد ضرورة العمل على إنهاء الاستعمار الذي يجب أن يعرف الغرب، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية كيفية إدارته. بالنسبة اليهم، من غير المجدي أن يكون لديهم أي أوهام: روسيا لن تكون قادرة على إضفاء الطابع الديمقراطي على نفسها.
لذلك من الضروري إعداد خطة عمل لمواكبة وتخفيف آثار التفكك المتوقعة في الغرب. خطة عمل تأخذ المصالح الغربية في الحسبان عندما يتوقف العملاق الروسي عن احتلال جزء كبير من منطقة أوراسيا.
يجب أن نكمل ما بدأناه في عام 1991 بسقوط الاتحاد السوفيتي، هذا ما يقوله أولئك الذين استبدت بهم الحماسة في الغرب، متناسين أن الإمبراطورية السوفيتية انتحرت بعد ذلك. شيء لن يحدث هذه المرة ومن الأفضل عدم فعله.
إنهم مقتنعون بذلك في روسيا ولكن أيضًا في الغرب. يستحضر انهيار الاتحاد سيناريوهات الجحيم فيما يتعلق بالمصير المجهول للترسانة النووية الروسية، قد يكون الاقتتال الداخلي حول الحدود الذي سيتم تعيينها، والصراعات وتناوب الحكام التي يمكن أن تكون أكثر دموية من الصراع الحالي.
قبل كل شيء، يؤكد أكاديمي مثل مارلين لارويل، أن هذا الانهيار الذي يتحدث عنه الغرب، في الوقت الحالي بعيد الاحتمال، لن يحل «المشكلة الروسية». إن قول هذا يعني تجاهل ما يجعل المجتمع الروسي متماسكًا والعوامل التي تسهم في الانهيار غير المؤكد للبلاد.
يقول بعض الأكاديميين أن وضع نموذج جديد للفيدرالية، ولكن حقيقي هذه المرة، والذي يكرس لامركزية السلطة، يمكن أن يحول دون تفكك روسيا. مشروع أقل إيلامًا ومرتبطًا أيضًا بنتيجة الصراع الحالي. هكذا يفكرون في بعض الدوائر الغربية.
لقد كثر الحديث عن انهيار روسيا وتفككها حتى من قبل نشوب الحرب في أوكرانيا. قبل وقت طويل من غزو أوكرانيا، بدأت الخرائط والتنبؤات الخاصة بكيفية تقسيم الاتحاد الروسي في الانتشار على نطاق واسع، خاصة بعد نهاية عهد يلتسين وبداية عهد بوتين.. في مطلع القرن الحادي والعشرين، توقع تقرير لوكالة المخابرات المركزية الأمريكي (السي آي إيه) تفكك روسيا إلى عدة دول بحلول عام 2015.
هذه الفرضيات الغربية تناولتها جزئيًا الصحف الروسية مثل Moskovskij Komsomolec في عام 2009 وموقع أوكراني في عام 2014، والذي نشر خريطة لتقسيم روسيا في المستقبل مع الأراضي التي ستعود أو تصبح مستقلة وأخرى ستكون جزءًا من الدول المجاورة، مثل سيبيريا التي ستكون صينية.
بعد بضع سنوات، شجب السياسي الروسي المثير للجدل فلاديمير جيرينوفسكي على شاشات التلفزيون خطة غربية لتقسيم البلاد، موضحًا الأطراف التي ستنهش روسيا وتستولي على أجزاء من أراضيها وثرواتها.
ثم بمجرد بدء الصراع، يتحول الانتباه إلى ما يسمى بودانوف. يقدم رئيس المخابرات، بعد التقدم الأوكراني في الخريف الماضي، خيارين بشأن مصير الاتحاد الروسي: تقسيم أراضي العدو إلى عدة أجزاء أو الحفاظ على وحدة الأراضي إذا ترك القادة الروس الحاليون السلطة.
لقد قال هذا المسؤول والجنرال الأوكراني سيتعين على موسكو إعادة الأراضي المحتلة في أوكرانيا وتلك التي تسيطر عليها في بلدان أخرى من الاتحاد السوفياتي السابق، مثل جورجيا ومولدوفا. سيتعين عليها التخلي عن جزر الكوريل لإعادتها إلى اليابان وإعادة كالينينغراد إلى مالكها الجرماني الشرعي.
ستكون جمهورية كاريليا قادرة على الانضمام إلى فنلندا، وستطالب الصين بالسيادة على سيبيريا والشرق الأقصى الروسي، وستصبح منطقة القوقاز مستقلة مرة أخرى تحت اسم Ickerija، الذي اختارته الشيشان المحررة من السيطرة الروسية بعد الحرب الأولى، وانتصرت ضد موسكو.
يمكن أن نذكر مقالا بعنوان: كيف يمكن أن تتغير الخريطة السياسية للعالم بعد هزيمة الاتحاد الروسي. توقعات وفرضيات «وهو يقدم نسخة مطابقة تقريبًا للخريطة المرسومة بقلم فلوماستر تم تصويرها بعد أسابيع قليلة في مكتب بودانوف أثناء مقابلة صحفية».
نفس هذه الخريطة هي التي رسمت على كعكة عيد الميلاد في شهر يناير. في كلتا الحالتين، يتم تخصيص منطقة الشرق الأقصى الفيدرالية بأكملها وجزء صغير من مقاطعة سيبيريا الفيدرالية لبكين، وهي مقاطعة ستشكل مع جبال الأورال جزءًا من الشمال الغربي وجزءًا من نهر الفولغا – أي نشأة جمهورية جديدة لا نهاية لها في آسيا الوسطى.
ستشمل فنلندا الجديدة أيضًا جمهورية كاريليا ومنطقة مورمانسك، وسيقتصر الاتحاد الروسي على المنطقة الوسطى مع جزء من الجنوب وفولغا والشمال الغربي، وستعود جزر كوريل المتنازع عليها إلى اليابان.
لكن طوكيو بالتأكيد لن تكون سعيدة بمواجهة عدو صيني أكبر وأكثر ثراءً، والذي سيصطدم أيضًا بالولايات المتحدة الأمريكية، التي لا يفصلها سوى مضيق بيرينغ. أخيرًا، ستصبح منطقة شمال القوقاز Ickerija، وستصبح كالينينغراد ألمانية مرة أخرى وستستعيد أوكرانيا جميع أراضيها.
في الواقع، قد يكون هذا السيناريو الأكثير أهمية. أحد الاختلافات الملحوظة بين الخريطتين – إلى جانب تعريف كالينينغراد المستقبلية و«كونيغسبيرغ والأراضي الألمانية» في الخريطة المسماة (جمهورية ألمانيا الاتحادية) هو في الواقع أنه يتعلق بالمناطق ذاتها التي تشمل أراضي أوكرانية التاريخية.
اقتصرت ردود أفعال جزء من الصحافة الروسية على ذكر من هو رئيس المخابرات العسكرية الأوكرانية (هور) – إنه إرهابي وقاتل مسؤول عن قتل مدنيين روس مثل دارجا دوجينا والهجوم على جسر كيرو والطائرات بدون طيار التي انفجرت فوق الكرملين – وهي أطروحة أكدها جزئياً الرجل نفسه في منتصف مايو 2023، عندما اعترف بأن رجاله كانوا مسؤولين عن عمليات ضد «الغزاة» الروس.
إن حديث بودانوف عن هذه الخريطة التي انتشى بها يجب أن تؤخذ على محمل الجد. ليس أقلها لأنها تعكس رغبة العديد من الأوكرانيين، وهي الانهيار الذي لا يرحم للاتحاد الروسي. يتفق وزير الدفاع أوليكسيج ريزنيكوف مع رئيس مجلس الأمن القومي والدفاع، أوليكسيج دانيلوف الأوكراني في القول بأنه يمكن حدوث هذا الانهيار الروسي في غضون بضع سنوات.
أما الشعور السائد في أوكرانيا فهو أن روسيا ستُهزم وتُحرم من إمبراطوريتها، والتي ستنهار على أي حال بفضل الضغط الذي تمارسه المناطق والجماعات العرقية العديدة في الاتحاد الفيدرالي الروسي، التي سئمت الآن من الخضوع إلى النفوذ الروسي.
حتى في الغرب، يستمر عدد أولئك الذين يريدون وضع حد لموسكو نهائيًا في الازدياد من بين أكثر مؤيدي انهيار روسيا حماسة واستماعًا، لا يسع المرء إلا أن يذكر يانوش بوغاجسكي، الذي تحدث قبل الحرب في أوكرانيا بثلاث سنوات، ويشرح بالفعل فكرته عن الحل وكيفية التعامل معها.
في صفحات جريدة «ذا هيل» الأمريكية يجادل أحل المحللين البريطانيين بأن الاتحاد الروسي المتدهور يتجه نحو التجزئة الحتمية، مدفوعًا بمشاكل اجتماعية واقتصادية خطيرة وقلق إقليمي وهو يكشف أيضا حقيقة نوايا الغرب حيث يقول:
«روسيا إمبراطورية تركزت بشكل متزايد في موسكو وتوجهات الكرملين تصطدم بغضب الأطراف، التي تشعر أنها سلبت استقلاليتها ومواردها. كيانات مصممة على تأكيد سيادتها، والتي يجب على الغرب إقامة روابط معها لتوجيهها سلمياً نحو الاستقلال. يجب تنفيذ العمل بالتوازي مع حلف الناتو، الذي يجب أن يستعد لإدارة التهديدات التي يمكن أن يتسبب فيها انهيار روسيا».
يسرد بوغاكسي Bugajski أيضًا الدول الجديدة التي يمكن أن تنشأ من رماد الاتحاد ويحذر من أن إهمال هذا السيناريو يمكن أن يضر بشكل خطير بالمصالح الغربية، لذلك من الأفضل الإدارة بدلاً من العلاج – في نظره.
بعد مرور عام على اندلاع الصراع بين روسيا وأوكرانيا المجاورة، وبعد نشر مقال بعنوان «الدولة الفاشلة: دليل على تمزق روسيا»، يعود بوغاسكي بمقال ناري ينتقد فيه صانعي السياسة الغربيين، لأنهم لم يكونوا مستعدين بعد للتعامل مع الآثار السلبية والخطيرة للتغيير الكبير والحاسم الذي هو على وشك الحدوث في ظل ما يسميه الانهيار الوشيك للاتحاد الروسي.
ويتهم بوغاسكي أولئك الذين سيكونون على استعداد لضمان أمن موسكو وحدودها، وهو يركز تحليله على التناقضات ما بين الحكومة المركزية والأطراف، وإلى الحروب الأهلية المحتملة والخلافات المتعلقة بالحدود الداخلية.
كما وصل به الأمر إلى القول إن الدول الجديدة التي ستولد من رماد الإمبراطورية الروسية لن تُجبر بعد الآن على إرسال شبابها للموت من أجل روسيا، لكن يمكنهم على العكس من ذلك الوقوف جنبًا إلى جنب مع الغرب، وعلى استعداد للعب دور الممثل الرئيسي في أوراسيا بهدف مزدوج يتمثل في جذب دول آسيا الوسطى إليهم، والتحرر من النفوذ الروسي، وكبح التقدم الصيني.
ينضم إلى هذا الكورال من المحللين الغربيين العديد من المنتديات المتخصصة والصحافة والسياسيين والخبراء. حتى الجنرال الأمريكي بن هودجز، الرئيس السابق للجيش الأمريكي في أوروبا، يتنبأ بانهيار الاتحاد الروسي، والذي قد يتحول مع ذلك إلى حدث عنيف لا يمكن السيطرة عليه، لذلك من الأفضل في نظره الاستعداد لتداعيات جيوسياسية محتملة والتعامل مع قضية رؤوس حربية نووية تحت سيطرة موسكو.
على سبيل المثال، وزيرة الخارجية البولندية السابقة، آنا فوتيجا، قالت إنها تدرك أن تفكك روسيا قد ينطوي على مخاطر، لكنها ستكون أقل أهمية مما لو كانت إمبراطورية بوتين لا تزال على قيد الحياة.
تتحدث هذه الوزيرة السابقة عن الحلول لتحقيق ما تسميه «انهيارا منظما وغير عنيف»، فضلاً عن الفوائد الاقتصادية والأمنية لأوروبا وآسيا الوسطى من انهيار روسيا، لعل أهمها نشأة دول جديدة موالية للغرب وحرية جديدة للجماعات العرقية التي ظلت تحت الوصاية الروسية حتى الآن.
يتحول إنهاء الاستعمار الكامل إلى «واجب أخلاقي واستراتيجي» في نظر لجنة الأمن والتعاون في أوروبا، وهي وكالة حكومية أمريكية تضم في عضويتها ممثلين عن الكونجرس ومسؤولين من مختلف الإدارات.
سيؤدي هذا التطور الذي يحلم بع البعض في الغرب إلى نهاية الإمبراطورية ولكن أيضًا إلى نهاية روسيا نفسها. أوضح الرئيس بوتين نفسه هذا المفهوم الأخير في فبراير الماضي عندما أكد عبر التلفزيون أن الهدف الوحيد للغرب هو محو الاتحاد الروسي من الخريطة كما هو اليوم.
«إنه مشروع تمت دراسته وكتابته، وستضطر موسكو إلى الرد عليه بالشكل المناسب» – ذلك ما قاله بوتين، الذي كرر تحذيره في حديثه عن مفهوم السياسة الخارجية الذي أقره رئيس الكرملين في 31 مارس، حيث توعد بأن روسيا ستدافع عن حقها في الوجود بأي وسيلة متاحة في مواجهة العداء الغربي والجهود المبذولة لتقييد السيادة وتدمير وحدة أراضي البلاد.
ومن قلب الإمبراطورية، ترتفع الأصوات ضد فرضيات الانهيار التي غالبًا ما تكون بعيدة المنال من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
لا يساور صحيفة كومسومولسكايا برافدا أي شك: خطط تدمير الاتحاد الروسي تشبه خطط الزعيم النازي الألماني أدولف هتلر – أو الفوهرر – وإذا لم يتم إحباطها، كما يقول الخبير الذي قابلته الصحيفة روسية، فقد يؤدي إلى مأساة أكثر خطورة مما حدث خلال سقوط الاتحاد السوفيتي.
يقول هذا الخبير الروسي: «في الأساس، لا يفهم الغرب الكيفية التي تسير بها بلدنا، حيث يتطلب الأمر وجود تنظيم عمودي صارم للسلطة لتطوير والحفاظ على تماسك منطقة شاسعة ذات تاريخ وثقافة مشتركين مثل روسيا».
«يتعلق الأمر بتقسيم الاتحاد الروسي إلى العديد من الكيانات التابعة، ولكنه يتعلق أيضًا بخطر تقويض سلامة قوة نووية عظمى. لكن لا ينبغي الاستهانة بالتهديدات بالانقسام. إنهم يستخدمون أولئك الذين غادروا بعد اندلاع الأعمال العدائية في أوكرانيا لإرهاق البلاد من الداخل، ولن يتوقفوا. لهذا السبب لا يمكننا الفوز».
إن الخطط والافتراضات والرغبات لإنهاء استعمار الاتحاد الروسي، أي وضع حد للإمبراطورية الأوروبية الأخيرة، غالبًا ما لا تأخذ في الاعتبار حقيقة معقدة للغاية وربما غير معروفة في الغرب.
إن أكبر دولة في العالم –أي روسيا– هي أيضًا واحدة من أقل الدول اكتظاظًا بالسكان في العالم، ولكن من بين أكثر من 145 مليون شخص يعيشون هناك، هناك حوالي 80% من الروس ومن بين الجمهوريات الإثنية الـ 21، تمتلك 6 فقط أغلبية من الجنسية الاسمية.
بعبارة أخرى، فإن الجنسية الروسية هي التي تطغى وهو ما يعطي تماسكا كبيرا لروسيا ويجعها من هذا المعطى نقطة قوة، على غرار مقاطعة بورياتيا البعيدة، والتي غالبًا ما يستشهد بها أكثر المؤيدين المتحمسين للتفكك الروسي كواحد من أوائل المناطقة التي تمزيق العقد مع موسكو لكن هذا غير صحيح.
علاوة على ذلك، غالبًا ما تكون الحدود التي تحدد كيانات الاتحاد الروسي الحالي نتيجة لانقسامات الذاكرة السوفيتية. لذلك يمكن أن تكون مضللة فيما يتعلق بإمكانية الاستقلالية التي تحتويها – كما في حالة جمهورية كاريليا، التي انتقلت إلى فنلندا على خريطة الجنرال بودانوف والتي قدمها العديد من الآخرين على أنها ستكون من أوائل المناطق التي تنتفض على روسيا، لكن في الواقع نجد أن 82% من السكان هم من الروس مع 7% فقط من سكان كاريليا.
لا شك أن القبضة الحديدية التي أخضع بها بوتين جميع الكيانات الفيدرالية تحت سيطرة موسكو الصارمة، بدءًا من التجربة المأساوية للشيشان، خلقت بالتأكيد استياءً في الأطراف. فالاختيار الموجه لحكام المقاطعات، والقمع اللغوي، والفوارق الاقتصادية المستمرة بين المناطق والمركز، فضلاً عن المغامرة الحربية والعدد الكبير من الجنود الذين قتلوا في المناطق النائية و/ أو الأكثر فقراً في البلاد، تفتح الطريق للتوترات الجديدة والمطالبات المحتملة باللامركزية والاستقلالية.
لكن الأقليات العرقية لا تقاتل من أجل الانفصال، وهناك شعور قوي بالارتباط بالاتحاد الروسي في جمهورياتهم، لذلك من المرجح أن يفضلوا قدرًا أكبر من الاستقلال الثقافي والسياسي على النضال من أجل الاستقلال.
بالإضافة إلى ذلك، خلال العشرين عامًا من عهد بوتين، تطور نظام التبعية المالية للأطراف في المركز، وهو أمر يصعب التخلص منه، وجعلت الأوبئة والحروب ديون الأقاليم تجاه موسكو ضخمة، حيث إنها ارتفعت بنسبة 32% منذ بداية العام 2020.
بعد أن تولى زمام الأمور في بداية الألفية وسحقه بالدماء آخر الرغبات الغامضة لاستقلال القوقاز، فإن بوتين، أو من سيحل محله في دائرة الكيجبيين (نسبة إلى الكاي جي بي)، لن يتنازل عن وحدة البلاد، كما أن الغالبية العظمى من السكان متمسكون أيضا بوحدة بلادهم.
كونفلي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك