العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

شرق و غرب

الخلافات التاريخية قنابل موقوتة بين الدول

الثلاثاء ٠٨ أغسطس ٢٠٢٣ - 02:00

ما‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬يلعبه‭ ‬النزاع‭ (‬الخلافات‭) ‬الموروثة‭ ‬عن‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬إشعال‭ ‬فتيل‭ ‬الأزمات‭ ‬وتأجيج‭ ‬الصراعات‭ ‬في‭ ‬العالم؟‭ ‬وماذا‭ ‬عن‭ ‬الخلافات‭ ‬الإقليمية،‭ ‬والتنافس‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬الهيمنة‭ ‬والنزاعات‭ ‬المزمنة،‭ ‬وذكريات‭ ‬الحروب‭ ‬الأهلية،‭ ‬ومشاعر‭ ‬الإحباط؟

إن‭ ‬التاريخ‭ ‬والحاضر‭ ‬يعجّان‭ ‬بالصراعات‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬الخلافات‭ ‬الموروثة‭ ‬عن‭ ‬الماضي‭. ‬بل‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الأخير‭ ‬يخلق‭ ‬أحيانًا‭ ‬‮«‬تقاليد‭ ‬المواجهة‮»‬‭ ‬الحقيقية‭.‬

يعتبر‭ ‬المؤلف‭ ‬والأكاديمي‭ ‬باتريس‭ ‬غوردان‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬دليل‭ ‬الجيوستراتيجيا‮»‬‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬الحالات‭ ‬تبرز‭ ‬بعض‭ ‬الأسباب‭ ‬باعتبارها‭ ‬الأكثر‭ ‬شيوعًا،‭ ‬وهي‭ ‬تلك‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالنزاعات‭ ‬الإقليمية،‭ ‬والتي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تسير‭ ‬جنبًا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬الحدود‭ ‬غير‭ ‬المعترف‭ ‬بها،‭ ‬وهو‭ ‬يطلق‭ ‬عليها‭ ‬وصف‭ ‬‮«‬صراعات‭ ‬الذاكرة‭ ‬التاريخية‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬يعتبرها‭ ‬من‭ ‬أخطر‭ ‬المسائل‭ ‬التي‭ ‬تعكر‭ ‬صفو‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬والشعوب‭.‬

ترتبط‭ ‬هذه‭ ‬الخلافات‭ ‬أحيانًا‭ ‬بتأكيد‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬أحقيتها‭ ‬وبصراع‭ ‬القوة‭ ‬والنفوذ،‭ ‬كما‭ ‬ترتبط‭ ‬بالنزاعات‭ ‬الإقليمية‭. ‬وهكذا‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬احتلال‭ ‬الأراضي‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬التاريخ‭ ‬وأعيد‭ ‬احتلالها‭ ‬والسيطرة‭ ‬عليها‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬ترسيم‭ ‬الحدود‭ ‬وأعيد‭ ‬ترسيمها‭ ‬وهي‭ ‬أمثلة‭ ‬تملأ‭ ‬الكتب‭ ‬التاريخية‭ ‬والجيوسياسية‭.‬

من‭ ‬المسلم‭ ‬به‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬يكرس‭ ‬السلامة‭ ‬الإقليمية‭ ‬للدول،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يشدد‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬التحدي‭ ‬على‭ ‬الحدود،‭ ‬لكن‭ ‬يوجد‭ ‬حاليًا‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الاستثناءات‭ ‬كما‭ ‬يستعرضها‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬يمثل‭ ‬مرجعا‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬السياسية‭ ‬والجيوستراتيجية‭.‬

يقول‭ ‬المؤلف‭ ‬إن‭ ‬قائمة‭ ‬الأمثلة‭ ‬طويلة‭ ‬وقد‭ ‬اقتصر‭ ‬على‭ ‬استعراض‭ ‬البعض‭ ‬منها،‭ ‬منها‭ ‬مطالبة‭ ‬اليابان‭ ‬بجزر‭ ‬الكوريل‭ ‬التي‭ ‬يسيطر‭ ‬عليها‭ ‬الروس،‭ ‬والحدود‭ ‬بين‭ ‬إثيوبيا‭ ‬وإريتريا،‭ ‬ونزاع‭ ‬شط‭ ‬العرب‭ ‬بين‭ ‬العراق‭ ‬وإيران،‭ ‬والخلافات‭ ‬المزمنة‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬حول‭ ‬السيادة‭ ‬على‭ ‬الجزر،‭ ‬والمستوطنات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬عام‭ ‬967،‭ ‬ومنفذ‭ ‬البحر‭ ‬لبوليفيا،‭ ‬قناة‭ ‬بيغل‭ ‬بين‭ ‬تشيلي‭ ‬والأرجنتين‭.‬

فالصين،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬تحدها‭ ‬أربع‭ ‬عشرة‭ ‬دولة‭ ‬كانت‭ ‬لديها‭ (‬أو‭ ‬لا‭ ‬تزال‭) ‬خلافات‭ ‬معها،‭ ‬وقد‭ ‬نجحت‭ ‬سلطات‭ ‬بيكين‭ ‬في‭ ‬إنهاء‭ ‬أغلب‭ ‬هذه‭ ‬الخلافات‭ ‬والنزاعات‭ ‬الموروثة‭ ‬عن‭ ‬الحقب‭ ‬التاريخية‭ ‬الماضية‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ‭. ‬

أما‭ ‬اليوم،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التحسن‭ ‬الملحوظ‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2005،‭ ‬فإن‭ ‬الخلاف‭ ‬الأهم‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يتواصل‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬والهند،‭ ‬إذ‭ ‬تتمسك‭ ‬الدولتان‭ ‬بمطالبات‭ ‬متداخلة‭: - ‬تطالب‭ ‬نيودلهي‭ ‬بـمساحة‭ ‬43180‭ ‬كيلومترًا‭ ‬مربعًا‭ ‬من‭ ‬جامو‭ ‬وكشمير‭ (‬على‭ ‬هضبة‭ ‬أكساي‭ ‬تشين‭)‬،‭ ‬احتلتها‭ ‬بكين‭ ‬بعد‭ ‬انتصارها‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1962،‭ ‬والتي‭ ‬تنازلت‭ ‬حتى‭ ‬عن‭ ‬5180‭ ‬كيلومترًا‭ ‬مربعًا‭ ‬لصالح‭ ‬باكستان‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1963‭.‬

ومن‭ ‬جانبها‭ ‬تتهم‭ ‬سلطات‭ ‬بكين‭ ‬جارتها‭ ‬الهند‭ ‬بالسيطرة‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭ ‬على‭ ‬90‭,‬000‭ ‬كيلومتر‭ ‬مربع‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬الصينية‭ (‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬كل‭ ‬أروناشال‭ ‬براديش‭) ‬نتيجة‭ ‬التقسيم‭ ‬الأحادي‭ ‬الجانب‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬تكريسه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1914‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬بريطانيا‭ ‬العظمى‭ (‬خط‭ ‬ماكماهون‭).‬

لا‭ ‬تزال‭ ‬بعض‭ ‬الحدود‭ ‬غير‭ ‬معتمدة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬يتألف‭ ‬منها‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬والأمثلة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬كثيرة‭ ‬وتؤجج‭ ‬اليوم‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأزمات‭ ‬والصراعات‭. ‬

على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬نذكر‭ ‬تلك‭ ‬الخاصة‭ ‬بدولة‭ ‬إسرائيل‭: ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وقطاع‭ ‬غزة‭ ‬والجولان‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬احتلالها‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬ولم‭ ‬تتم‭ ‬تسويتها‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭. ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬الحساسية‭ ‬الشديدة‭ ‬التي‭ ‬تبديها‭ ‬إسرائيل‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالخرائط‭. ‬ففي‭ ‬عام‭ ‬‮١‬948،‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬العربية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الأولى،‭ ‬حددت‭ ‬هدنة‭ ‬رودس‭ ‬خط‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ - ‬الخط‭ ‬الأخضر‭ - ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭.‬

بعد‭ ‬احتلالها‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الأيام‭ ‬الستة‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬يونيو‭ ‬1967،‭ ‬قامت‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بمحو‭ ‬الخط‭ ‬الأخضر‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الخرائط‭ ‬الرسمية،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تظهر‭ ‬في‭ ‬الكتب‭ ‬المدرسية‭ ‬والأطالس‭ ‬المدرسية‭.‬

كان‭ ‬هذا‭ ‬بمثابة‭ ‬انعكاس‭ ‬لرغبة‭ ‬حكام‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬محو‭ ‬هذه‭ ‬الحدود‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭ ‬والتي‭ ‬تم‭ ‬تحديدها‭ ‬بقرار‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭. ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬بعيد‭ ‬عن‭ ‬الواقع‭: ‬فقد‭ ‬ظل‭ ‬الخط‭ ‬الأخضر‭ ‬يمثل‭ ‬الحدود‭ ‬الإدارية‭ ‬والقضائية‭ ‬بين‭ ‬الدولة‭ ‬اليهودية‭ ‬والأراضي‭ ‬المحتلة،‭ ‬كما‭ ‬تحولت‭ ‬مع‭ ‬الانتفاضة‭ ‬إلى‭ ‬حاجز‭ ‬أمني‭ ‬يصعب‭ ‬عبوره‭. ‬

‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬ظهور‭ ‬الخط‭ ‬الأخضر‭ ‬مجددًا‭ ‬في‭ ‬الكتب‭ ‬المدرسية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2007،‭ ‬يمثل‭ ‬الاعتراف‭ ‬الضمني‭ ‬بالخط‭ ‬الأخضر‭ ‬باعتباره‭ ‬‮«‬الحدود‭ ‬الافتراضية‮»‬‭ ‬بين‭ ‬كيان‭ ‬فلسطيني‭ ‬مستقبلي‭ ‬وإسرائيل‭ ‬وقد‭ ‬برر‭ ‬يولي‭ ‬تامي،‭ ‬وزير‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬آنذاك‭ ‬قراره‭ ‬بالعبارات‭ ‬التالية‭:‬

‮«‬لدولة‭ ‬إسرائيل‭ ‬حدود‭ ‬معقدة،‭ ‬ومن‭ ‬المستحيل‭ ‬مطالبة‭ ‬الأطفال‭ ‬بفهم‭ ‬الوضع‭ ‬السياسي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬شرح‭ ‬السياق‭ ‬التاريخي‭. ‬التاريخ‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الواقع‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬الذي‭ ‬نعيش‭ ‬فيه‮»‬‭.‬

من‭ ‬بين‭ ‬أكثر‭ ‬الأزمات‭ ‬تعقيدًا‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تتغذى‭ ‬من‭ ‬صراعات‭ ‬الهوية‭ ‬الخاصة‭ ‬بالأقدمية‭: ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬يكون‭ ‬فيها‭ ‬الإقليم‭ ‬نفسه‭ ‬موضوع‭ ‬نزاع‭ ‬بين‭ ‬مجموعتين‭ ‬يعتبرانه‭ ‬مهدهما‭ ‬الأصلي‭ ‬ويبرران‭ ‬ادعائهما‭ ‬بوجود‭ ‬أقدم‭ ‬من‭ ‬الآخر‭. ‬

هذه‭ ‬النزاعات‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أكثر‭ ‬النزاعات‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬الحل‭ ‬وتستعصي‭ ‬على‭ ‬التسوية‭ ‬السلمية،‭ ‬حيث‭ ‬يسود‭ ‬البعد‭ ‬العاطفي‭ ‬والتزوير‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بتأكيد‭ ‬‮«‬حقوق‮»‬‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬على‭ ‬إقليم‭ ‬يدخل‭ ‬في‭ ‬تعريف‭ ‬ومفهوم‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬للجانب‭ ‬الآخر‭. ‬

يقدم‭ ‬ألبان‭ ‬كوسوفو‭ ‬أنفسهم‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬من‭ ‬نسل‭ ‬الإيليريين‭ ‬في‭ ‬العصور‭ ‬القديمة‭. ‬بينما‭ ‬استدعى‭ ‬الصرب‭ ‬إمبراطورية‭ ‬القرون‭ ‬الوسطى‭ ‬دوسان‭ ‬وادعوا‭ ‬أن‭ ‬الاستيطان‭ ‬الألباني‭ ‬أعقب‭ ‬الاحتلال‭ ‬التركي‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬كانت‭ ‬بريزرين‭ ‬مهد‭ ‬‮«‬العصبة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬الاسم‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1878،‭ ‬وهي‭ ‬رأس‭ ‬حربة‭ ‬القومية‭ ‬الألبانية‭. ‬بينما‭ ‬شهدت‭ ‬منطقة‭ ‬‮«‬بيك‮»‬‭ ‬ولادة‭ ‬البطريركية‭ ‬الصربية‭ ‬الأرثوذكسية‭.‬

يزعم‭ ‬الأرمن‭ ‬أن‭ ‬جذورها‭ ‬هي‭ ‬الأكثر‭ ‬رسوخا‭ ‬في‭ ‬إقليم‭ ‬ناغورني‭ ‬كاراباخ‭ ‬المتنازع‭ ‬عليه،‭ ‬بينما‭ ‬يزعم‭ ‬الأذربيجانيون‭ ‬أنهم‭ ‬وصلوا‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬كانت‭ ‬آنذاك‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬الأرمن،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬توطين‭ ‬الأرمن،‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬فقط،‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬القياصرة‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يقاتلون‭ ‬ضد‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬العثمانية‭.‬

يجادل‭ ‬الرومانيون‭ ‬والهنغاريون‭ ‬في‭ ‬ترانسيلفانيا‭ ‬بنفس‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الحجج‭. ‬بالنسبة‭ ‬للجانب‭ ‬تعتبر‭ ‬ترانسيلفانيا‭ ‬مكان‭ ‬إقامة‭ ‬الداقية،‭ ‬وهم‭ ‬سكان‭ ‬مستعمرون‭ ‬ورومانيون،‭ ‬وهم‭ ‬أحفاد‭ ‬مباشرون‭ ‬لهم‭. ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الجانب‭ ‬الثاني،‭ ‬أي‭ ‬الهنغاريون،‭ ‬كانت‭ ‬ترانسيلفانيا‭ ‬منطقة‭ ‬مكونة‭ ‬لمملكة‭ ‬المجر،‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬العاشر،‭ ‬ثم‭ ‬كانت‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬الناطقين‭ ‬بالرومانية‭.‬

هناك‭ ‬أيضًا‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الصراعات‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬فرض‭ ‬الهيمنة‭ ‬أو‭ ‬محاربتها‭ ‬والسعي‭ ‬إلى‭ ‬القضاء‭ ‬عليها‭ ‬بشتى‭ ‬السبل‭ ‬والوسائل‭. ‬كان‭ ‬التنافس‭ ‬بين‭ ‬حكام‭ ‬فرنسا‭ ‬وآل‭ ‬هابسبورغ‭ ‬في‭ ‬النمسا،‭ ‬ثم‭ ‬التنافس‭ ‬بين‭ ‬فرنسا‭ ‬وألمانيا،‭ ‬نصيبه‭ ‬من‭ ‬الأسبقية‭ ‬التاريخية‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية‭. ‬بين‭ ‬القرن‭ ‬السابع‭ ‬عشر‭ ‬وبداية‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬كان‭ ‬الإنجليز‭ ‬دائمًا‭ ‬حريصين‭ ‬على‭ ‬استبعاد‭ ‬أي‭ ‬قوة‭ ‬بحرية‭ ‬منافسة،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الهيمنة‭ ‬البحرية،‭ ‬وهي‭ ‬أساس‭ ‬قوتهم‭.‬

تظل‭ ‬ذكرى‭ ‬ورواسب‭ ‬هذه‭ ‬الخصومات‭ ‬والصراعات‭ ‬الدموية‭ ‬راسخة‭ ‬في‭ ‬الذاكرة‭ ‬الجماعية‭ ‬للشعوب،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬يحتفظ‭ ‬به‭ ‬كل‭ ‬تجاه‭ ‬الآخر‭ ‬أو‭ ‬الآخرين،‭ ‬سواء‭ ‬الإنجليز‭ ‬أو‭ ‬الألمان‭ ‬أو‭ ‬الفرنسيين‭. ‬

‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬سلالة‭ ‬جاجيلونيان‭ (‬1386-1592‭)‬،‭ ‬فرضت‭ ‬بولندا‭ ‬قوتها‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬أوروبا‭ ‬الوسطى‭ ‬مما‭ ‬أثار‭ ‬استياءً‭ ‬شديدًا‭. ‬أدى‭ ‬ضعفها،‭ ‬منذ‭ ‬القرن‭ ‬السابع‭ ‬عشر،‭ ‬إلى‭ ‬إثارة‭ ‬الشهية‭ ‬الإقليمية‭ ‬وعداء‭ ‬جيرانها‭ ‬النمساويين‭ ‬والبروسيين‭ ‬والسويديين‭ ‬والروس‭ ‬والأتراك‭.‬

في‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬تواجد‭ ‬البولنديون،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬نزاعات‭ ‬القوقاز،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الشعوب‭ ‬التي‭ ‬عارضت‭ ‬الغزو،‭ ‬ثم‭ ‬الهيمنة‭ ‬الروسية‭.‬

خلال‭ ‬الثلاثينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬كانت‭ ‬أجهزة‭ ‬استخبارات‭ ‬بولندا‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬نشطة‭ ‬للغاية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭. ‬بين‭ ‬الحربين‭ ‬العالميتين‭ ‬الأولى‭ ‬والثانية،‭ ‬لم‭ ‬تثق‭ ‬سلطات‭ ‬وارسو‭ ‬بالألمان‭. ‬نصت‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الألمانية‭ ‬السوفيتية،‭ ‬في‭ ‬23‭ ‬أغسطس‭ ‬1939،‭ ‬على‭ ‬‮«‬التقسيم‭ ‬الرابع‮»‬‭ ‬لبولندا‭ ‬بين‭ ‬المتنافسين‭ ‬على‭ ‬الهيمنة‭ ‬والنفوذ‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬العجوز‭. ‬

طوال‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬وبالتوازي‭ ‬مع‭ ‬الجرائم‭ ‬ضد‭ ‬اليهود،‭ ‬كان‭ ‬السكان‭ ‬غير‭ ‬اليهود‭ ‬في‭ ‬بولندا‭ ‬أيضا‭ ‬هدفًا‭ ‬لفظائع‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الألمان‭ ‬والروس‭.‬

على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬كانت‭ ‬مذبحة‭ ‬الضباط‭ ‬الأسرى،‭ ‬التي‭ ‬أمر‭ ‬بها‭ ‬المكتب‭ ‬السياسي،‭ ‬في‭ ‬5‭ ‬مارس‭ ‬1940،‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬قطع‭ ‬رأس‭ ‬النخب‭ ‬البولندية،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬جعل‭ ‬إعادة‭ ‬ولادة‭ ‬دولة‭ ‬بولندية‭ ‬معادية‭ ‬للاتحاد‭ ‬السوفياتي‭ ‬أمرًا‭ ‬مستحيلًا‭. ‬في‭ ‬رسالة‭ ‬إلى‭ ‬ستالين،‭ ‬كتبت‭ ‬بيريا‭ ‬يقول‭:‬

‮«‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الضباط‭ ‬السابقين‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬البولندي،‭ ‬والمسؤولين‭ ‬السابقين‭ ‬في‭ ‬الشرطة‭ ‬البولندية‭ ‬وأجهزة‭ ‬المخابرات،‭ ‬وأعضاء‭ ‬الأحزاب‭ ‬القومية‭ ‬المناهضة‭ ‬للثورة،‭ ‬وأعضاء‭ ‬منظمات‭ ‬المعارضة‭ ‬المناهضة‭ ‬للثورة،‭ ‬والمنشقين‭ ‬وغيرهم،‭ ‬وجميعهم‭ ‬أعداء‭ ‬لدودون‭ ‬للسلطة‭ ‬السوفيتية‭ ‬ويكنون‭ ‬كراهية‭ ‬دفينة‭ ‬للنظام‭ ‬السوفيتي،‭ ‬محتجزون‭ ‬حاليًا‭ ‬‭[‬‭...‬‭]‬‭ ‬ويحاول‭ ‬سجناء‭ ‬الجيش‭ ‬والشرطة‭ ‬في‭ ‬المعسكرات‭ ‬مواصلة‭ ‬أنشطتهم‭ ‬المضادة‭ ‬للثورة‭ ‬والاستمرار‭ ‬في‭ ‬التحريض‭ ‬ضد‭ ‬السوفييت‭. ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬منهم‭ ‬ينتظر‭ ‬إطلاق‭ ‬سراحه‭ ‬فقط‭ ‬للدخول‭ ‬في‭ ‬صراع‭ ‬نشط‭ ‬ضد‭ ‬القوة‭ ‬السوفيتية‮»‬‭.‬

ظل‭ ‬سؤال‭ ‬يقض‭ ‬مضجع‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬منذ‭ ‬تصفية‭ ‬الدولة‭ ‬العثمانية‭ ‬وتفكيكها‭ ‬وانهيارها‭: ‬من‭ ‬سيشغل‭ ‬المركز‭ ‬المهيمن‭ ‬الذي‭ ‬ترك‭ ‬شاغرًا‭ ‬في‭ ‬المنطقة؟‭ ‬لم‭ ‬تنجح‭ ‬دول‭ ‬إقليمية‭ ‬كثيرة‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬ويبدو‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تنجح‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬مستقبلا‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬منذ‭ ‬عشرينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬كان‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬المزمن‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬ناتجًا‭ ‬عن‭ ‬طموحات‭ ‬الهيمنة‭ ‬والنفوذ‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بصفة‭ ‬عامة‭.‬

ومن‭ ‬دون‭ ‬استبعاد‭ ‬خطر‭ ‬التسبب‭ ‬في‭ ‬نزاعات‭ ‬مسلحة،‭ ‬تتضاعف‭ ‬‮«‬نزاعات‭ ‬الذكرى‭ ‬والذاكرة‮»‬‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬العجوز‭ - ‬أوروبا‭.‬

تشكل‭ ‬المعارك‭ ‬المميتة‭ ‬في‭ ‬الحربين‭ ‬العالميتين،‭ ‬والجرائم‭ ‬التي‭ ‬ارتُكبت‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬ثم‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة،‭ ‬أو‭ ‬خلال‭ ‬فترات‭ ‬الاستبداد‭ ‬موضوعًا‭ ‬يؤجج‭ ‬الجدل‭ ‬الواسع‭ ‬والنقاشات‭ ‬المستعرة‭ ‬والتي‭ ‬انتقلت‭ ‬إلى‭ ‬أوساط‭ ‬المؤرخين‭ ‬والأكاديميين‭ ‬والسياسيين‭. ‬

لننظر‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬أوكرانيا‭. ‬لقد‭ ‬أبدى‭ ‬الرئيس‭ ‬الرئيس‭ ‬فيكتور‭ ‬يوشينكو‭ ‬إصرارا‭ ‬على‭ ‬النأي‭ ‬ببلاده‭ ‬عن‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المجالات‭. ‬وبالفعل،‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2007،‭ ‬أثار‭ ‬افتتاح‭ ‬‮«‬متحف‭ ‬الاحتلال‭ ‬السوفيتي‮»‬‭ ‬في‭ ‬كييف‭ ‬غضب‭ ‬النشطاء‭ ‬الموالين‭ ‬لروسيا‭.‬

لكنه‭ ‬كان‭ ‬خلافًا‭ ‬تاريخيًا‭ ‬آخر‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬أثار‭ ‬توترات‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬الخطورة‭ ‬تعادل‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬نشأت‭ ‬عن‭ ‬مسألة‭ ‬إمكان‭ ‬انضمام‭ ‬أوكرانيا‭ ‬إلى‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭. ‬اعتمد‭ ‬برلمان‭ ‬كييف،‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬عام‭ ‬2006،‭ ‬قانونًا‭ ‬يصف‭ ‬المجاعة‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬1932‭-‬1933‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الأوكراني‮»‬‭.‬

ولا‭ ‬يزال‭ ‬الجدل‭ ‬على‭ ‬أشده‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬التوصيف،‭ ‬مثل‭ ‬الجدل‭ ‬المتعلق‭ ‬بعدد‭ ‬القتلى،‭ ‬محتدمًا‭. ‬في‭ ‬عام‭ ‬2008،‭ ‬أعطى‭ ‬الرئيس‭ ‬الأوكراني‭ ‬أهمية‭ ‬خاصة‭ ‬للاحتفال‭ ‬بالذكرى‭ ‬السنوية‭ ‬الخامسة‭ ‬والسبعين‭ ‬لهذه‭ ‬المجاعة‭ ‬الكبرى‭ (‬حرفياً‭: ‬‮«‬الإبادة‭ ‬بالجوع‮»‬‭)‬،‭ ‬التي‭ ‬أودت‭ ‬بحياة‭ ‬ربع‭ ‬السكان‭ ‬الأوكرانيين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أثار‭ ‬أحد‭ ‬آخر‭ ‬الخطابات‭ ‬القومية‭ ‬المتطرفة‭ ‬التي‭ ‬وجهها‭ ‬ألكسندر‭ ‬سولجينتسين‭.‬

اعتمد‭ ‬مجلس‭ ‬الدوما‭ ‬إعلانًا‭ ‬يدين‭ ‬ما‭ ‬أسماه‭ ‬‮«‬المضاربات‭ ‬والمغالطات‭ ‬السياسية‮»‬‭ ‬ويذكر‭ ‬أن‭ ‬‮«‬شعوب‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬دفعت‭ ‬ثمناً‭ ‬باهظاً‭ (...) ‬للتقدم‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الذي‭ ‬تحقق‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‮»‬‭. ‬

تعتبر‭ ‬روسيا،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬رفض‭ ‬فيها‭ ‬الرئيس‭ ‬ديمتري‭ ‬ميدفيديف‭ ‬دعوة‭ ‬نظيره‭ ‬الأوكراني‭ ‬لهذه‭ ‬الذكرى،‭ ‬أن‭ ‬مجاعة‭ ‬1932‭-‬1933‭ ‬لم‭ ‬تدمر‭ ‬أوكرانيا‭ ‬فقط‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬إرادة‭ ‬عازمة‭ ‬على‭ ‬إبادة‭ ‬سكان‭ ‬معينين‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬اعترف‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي‭ ‬بذلك‭ ‬عندما‭ ‬تبنى،‭ ‬بمبادرة‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬أعضائه،‭ ‬وهو‭ ‬المؤرخ‭ ‬البارز‭ ‬برونيسلاف‭ ‬جيريميك،‭ ‬قرارًا‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬‮«‬جريمة‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‮»‬‭. ‬ورد‭ ‬البعض‭ ‬بأن‭ ‬ستالين‭ ‬ارتكب‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬ضد‭ ‬شعب‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬بأكمله‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬السلطات‭ ‬الروسية‭ ‬سماعه‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬الفترة‭ ‬الستالينية‭:‬

‮«‬في‭ ‬كتاب‭ ‬التاريخ‭ ‬المدرسي‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬أقره‭ ‬الكرملين‭ ‬لمعلمي‭ ‬وطلاب‭ ‬المدارس‭ ‬الثانوية،‭ ‬توصف‭ ‬عمليات‭ ‬التطهير‭ ‬والترحيل‭ ‬والمعتقلات‭ ‬السيبيرية‭ (‬goulags‭) ‬في‭ ‬عام‭ ‬1937‭ ‬بأنها‭ ‬خطوة‭ ‬مؤلمة‭ ‬ولكنها‭ ‬ضرورية‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬التقدم‮»‬‭. ‬وفقًا‭ ‬للمؤلف‭ ‬الدليل،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬الإصلاحات‮»‬‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬ستالين‭ ‬‮«‬من‭ ‬أعلى‮»‬‭ ‬يمكن‭ ‬مقارنتها‭ ‬بتلك‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬القيصر‭ ‬بطرس‭ ‬الأكبر‮»‬‭. ‬

كما‭ ‬تكشف‭ ‬النقاب‭ ‬عن‭ ‬مصادرة‭ ‬FSB‭ (‬خلف‭ ‬الكي‭ ‬جي‭ ‬بي‭)‬،‭ ‬في‭ ‬4‭ ‬ديسمبر‭ ‬2008،‭ ‬لجميع‭ ‬محفوظات‭ ‬الجمعية‭ ‬الروسية‭ ‬‮«‬الذاكرة‮»‬‭ ‬والتي‭ ‬تولت‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬1988،‭ ‬جمع‭ ‬شهادات‭ ‬ووثائق‭ ‬تتعلق‭ ‬بتاريخ‭ ‬الستالينية‭. ‬

إلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك‭ ‬تم‭ ‬إغلاق‭ ‬الأرشيفات‭ ‬العامة،‭ ‬يعكس‭ ‬هذا‭ ‬الإجراء‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الحكومة‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬إخفاء‭ ‬الحقيقة‭ ‬التاريخية،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬جليب‭ ‬بافلوفسكي،‭ ‬أستاذ‭ ‬العلوم‭ ‬السياسية‭ ‬أيد‭ ‬تلك‭ ‬الخطوات‭ ‬واتهم‭ ‬جمعية‭ ‬‮«‬ميموريال‮»‬‭ ‬بالسعي‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تدمير‭ ‬جهاز‭ ‬المناعة‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬وتفجير‭ ‬أزمة‭ ‬هوية‭ ‬خطيرة‭ ‬في‭ ‬روسيا‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‮»‬‭. ‬

من‭ ‬أجل‭ ‬استعادة‭ ‬العظمة‭ ‬الروسية،‭ ‬فإن‭ ‬مشروع‭ ‬القادة‭ ‬الروس‭ ‬الحاليين‭ ‬هو‭ ‬تمجيد‭ ‬القومية‭ ‬الروسية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دمج‭ ‬انتصارات‭ ‬الحقبة‭ ‬السوفيتية‭ ‬مع‭ ‬التعتيم‭ ‬على‭ ‬إخفاقاتها‭. ‬لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المراجعة‭ ‬للماضي‭ ‬الشيوعي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬توتر‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬جيرانها،‭ ‬ومنهم‭ ‬أوكرانيا‭.‬

لا‭ ‬يقتصر‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬فالعديد‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬لاسيما‭ ‬منها‭ ‬الغربية‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬قوى‭ ‬استعمارية،‭ ‬تواجه‭ ‬اليوم‭ ‬تحديات‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬بشأن‭ ‬موضوع‭ ‬الاستعمار‭ ‬ومخلفاته‭ ‬التي‭ ‬تتوارثها‭ ‬الأجيال‭ (‬فرنسا،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭) ‬أو‭ ‬الحروب‭ ‬الأهلية‭ (‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬يوغوسلافيا‭ ‬السابقة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬إسبانيا‭).‬

تجد‭ ‬إسبانيا‭ ‬نفسها‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2000‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬في‭ ‬قبضة‭ ‬حركة‭ ‬‮«‬استعادة‭ ‬الذاكرة‭ ‬التاريخية‮»‬،‭ ‬وقد‭ ‬شهدت‭ ‬في‭ ‬2007‭-‬2008‭ ‬جدلًا‭ ‬حيويًا‭ ‬محتدما‭ ‬للغاية‭ ‬يعيد‭ ‬إحياء‭ ‬ذكريات‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬وإرث‭ ‬الجنرال‭ ‬فرانكو‭ ‬الذي‭ ‬انتهج‭ ‬الفاشية‭ ‬وحكم‭ ‬بلاده‭ ‬بقبضة‭ ‬حديدية،‭ ‬كما‭ ‬عادت‭ ‬إلى‭ ‬الواجهة‭ ‬أيضا‭ ‬مسألة‭ ‬دعم‭ ‬الكنيسة‭ ‬الكاثوليكية‭ ‬لنظام‭ ‬فرانكو‭ ‬الدكتاتوري،‭ ‬بينما‭ ‬يندد‭ ‬اليسار‭ ‬في‭ ‬إسبانيا‭ ‬إلى‭ ‬الواجهة‭ ‬بينما‭ ‬ندد‭ ‬اليسار‭ ‬بإهمال‭ ‬ضحايا‭ ‬القمع‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬فرانكو‭.‬

أخيرًا،‭ ‬أدان‭ ‬قانون‭ ‬الذكرى‭ ‬في‭ ‬31‭ ‬أكتوبر‭ ‬2007‭ ‬فرانكو،‭ ‬وأمر‭ ‬بإزالة‭ ‬التماثيل‭ ‬واللوحات‭ ‬التذكارية‭ ‬والرموز‭ ‬الأخرى‭ ‬تكريماً‭ ‬لفرانكو،‭ ‬لكن‭ ‬عندما‭ ‬احتفظوا‭ ‬بذكرى‭ ‬الكهنة‭ ‬أو‭ ‬الراهبات‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬ضحايا‭ ‬للجمهوريين،‭ ‬مما‭ ‬يعكس‭ ‬حالات‭ ‬الانقسامات‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬قراءة‭ ‬التاريخ‭. ‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬تم‭ ‬فتح‭ ‬الباب‭ ‬في‭ ‬إسبانيا‭ ‬أمام‭ ‬إعادة‭ ‬التأهيل‭ ‬و‭/ ‬أو‭ ‬التعويض‭ ‬لضحايا‭ ‬الديكتاتورية‭ (‬من‭ ‬1936‭ ‬إلى‭ ‬1975‭). ‬لذلك‭ ‬فليس‭ ‬من‭ ‬المستغرب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الهرمية‭ ‬الكاثوليكية،‭ ‬قبل‭ ‬الانتخابات‭ ‬التشريعية‭ ‬في‭ ‬9‭ ‬مارس‭ ‬2008،‭ ‬قد‭ ‬دعت‭ ‬إلى‭ ‬التصويت‭ ‬ضد‭ ‬الحزب‭ ‬الاشتراكي‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أعيد‭ ‬انتخاب‭ ‬حكومة‭ ‬ثاباتيرو‭ ‬اليسارية‭.‬

في‭ ‬16‭ ‬أكتوبر‭ ‬2008،‭ ‬فتح‭ ‬القاضي‭ ‬بالتازار‭ ‬جارزون‭ ‬تحقيقًا‭ ‬ضد‭ ‬الجنرال‭ ‬فرانكو‭ ‬و34‭ ‬من‭ ‬جنرالاته‭. ‬تم‭ ‬تعليق‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬نوفمبر‭ ‬وكان‭ ‬محكوم‭ ‬عليه‭ ‬بالفشل‭ ‬بالتأكيد‭ (‬لا‭ ‬سيما‭ ‬بسبب‭ ‬قانون‭ ‬العفو‭ ‬لعام‭ ‬1977‭)‬،‭ ‬كان‭ ‬لهذا‭ ‬القرار‭ ‬أهمية‭ ‬رمزية‭ ‬وسياسية‭.‬

كان‭ ‬خوسيه‭ ‬لويس‭ ‬ثاباتيرو‭ ‬بمثابة‭ ‬الوريث‭ ‬الجدير‭ ‬لتوني‭ ‬بلير‭ ‬وهو‭ ‬أحد‭ ‬أفضل‭ ‬طلاب‭ ‬العولمة‭ ‬الليبرالية،‭ ‬لكنه‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬صورة‭ ‬يسارية‭ ‬لا‭ ‬تشوبها‭ ‬شائبة‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالقضايا‭ ‬الاجتماعية‭ (‬النسوية،‭ ‬مناهضة‭ ‬العنصرية‭... ‬إلخ‭) ‬أو‭ ‬الشؤون‭ ‬التاريخية‭. ‬حروب‭ ‬الذاكرة،‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬إسبانيا،‭ ‬هي‭ ‬أيضًا،‭ ‬وقبل‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬سياسات‭ ‬تخدم‭ ‬أهدافا‭ ‬وتستفيد‭ ‬منها‭ ‬أطراف‭ ‬تحولها‭ ‬إلى‭ ‬رأسمال‭ ‬تقتات‭ ‬منه‭. ‬

وحتى‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية،‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬أسس‭ ‬البابا‭ ‬بنديكتوس‭ ‬السادس‭ ‬عشر‭ ‬إسبانيا‭ ‬على‭ ‬أقوى‭ ‬الآمال‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬تأثير‭ ‬الكاثوليكية‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية،‭ ‬مما‭ ‬دفعه‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬الأسقفية‭ ‬ضد‭ ‬الحكومة‭. ‬لكن‭ ‬الحذر‭ ‬الأكبر‭ ‬ضروري‭ ‬بالنسبة‭ ‬له،‭ ‬لأن‭ ‬مدريد‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تستضيف‭ ‬وتمول‭ ‬يوم‭ ‬الشباب‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2011‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬تؤثر‭ ‬إسبانيا‭ ‬على‭ ‬تطور‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية،‭ ‬حيث‭ ‬أكبر‭ ‬مجتمع‭ ‬كاثوليكي‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬يعود‭ ‬سبب‭ ‬الخلاف‭ ‬إلى‭ ‬زمن‭ ‬بعيد‭. ‬وهكذا‭ ‬فإن‭ ‬الخلافات‭ ‬بين‭ ‬جمهورية‭ ‬مقدونيا‭ ‬اليوغوسلافية‭ ‬السابقة‭- ‬ARYM‭ ‬واليونان‭: ‬تدور‭ ‬أحداث‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬حول‭ ‬حلقة‭ ‬تاريخية‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭... ‬القرن‭ ‬الرابع‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد،‭ ‬عهد‭ ‬الإسكندر‭ ‬الثالث‭ ‬الأكبر‭ (‬356-323‭).‬

أما‭ ‬أثينا‭ ‬باليونان‭ ‬فهي‭ ‬ترى‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬السلالة‭ ‬المقدونية‭ ‬شهادة‭ ‬ميلاد‭ ‬الأمة‭ ‬اليونانية،‭ ‬وهي‭ ‬تدعي‭ (‬وتدافع‭) ‬عن‭ ‬الحق‭ ‬الحصري‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬التسمية‭ ‬‮«‬مقدونيا‮»‬،‭ ‬رمز‭ ‬الملكية‭ ‬المقدونية‭ ‬واللقب‭ ‬لواحد‭ ‬من‭ ‬أعظم‭ ‬رجالها‭. ‬

منذ‭ ‬عام‭ ‬1992،‭ ‬فإن‭ ‬الادعاء‭ ‬بأن‭ ‬تبني‭ ‬الاسم‭ (‬الذي‭ ‬تعترف‭ ‬به‭ ‬اليوم‭ ‬120‭ ‬دولة‭ - ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وروسيا‭ ‬والهند‭ ‬والصين‭ - ‬من‭ ‬بين‭ ‬160‭ ‬دولة‭ ‬لديها‭ ‬علاقات‭ ‬دبلوماسية‭ ‬مع‭ ‬سكوبي‭) ‬يعني‭ ‬تلقائيًا‭ ‬المطالبة‭ ‬بإقليم‭ ‬مقدونيا‭ ‬الخاص‭ ‬بها‭. ‬تمنع‭ ‬اليونان‭ ‬عملية‭ ‬انضمام‭ ‬جارتها‭ ‬إلى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬والحلف‭ ‬الأطلسي‭.‬

في‭ ‬بداية‭ ‬يناير‭ ‬2007،‭ ‬وصل‭ ‬التوتر‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬إلى‭ ‬ذروته‭ ‬لأن‭ ‬الحكومة‭ ‬المقدونية‭ ‬قررت‭ ‬تغيير‭ ‬اسم‭ ‬مطار‭ ‬سكوبي‭ ‬باسم‭ ‬جديد‭ ‬بما‭ ‬معناه‭ ‬‮«‬الفاتح‮»‬‭. ‬ردًا‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬طالب‭ ‬المقدونيون،‭ ‬خلال‭ ‬صيف‭ ‬عام‭ ‬2008،‭ ‬بعدم‭ ‬تسمية‭ ‬مطار‭ ‬ثيسالونيكي‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬مطار‭ ‬مقدونيا‮»‬‭.‬

في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2008،‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬رئاسة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬اعتبر‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الفرنسي،‭ ‬برنار‭ ‬كوشنير،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬مشكلة‭ ‬مقدونيا‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬الاسم‮»‬‭. ‬وتجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التفرد‭ ‬لا‭ ‬يؤثر‭ ‬إلا‭ ‬على‭ ‬جمهورية‭ ‬مقدونيا‭ ‬اليوغوسلافية‭ ‬السابقة،‭ ‬لأنه‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬أبدًا‭ ‬الاحتجاج‭ ‬على‭ ‬عشرات‭ ‬الأماكن‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬اسم‭ ‬مقدونيا‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ (‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬ستة‭ ‬في‭ ‬الدول‭).‬

لا‭ ‬يسع‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يلاحظ‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إحدى‭ ‬خصائص‭ ‬البلقان‭ ‬هي‭ ‬أنها‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الأزمات‭ ‬الباطنية‭ ‬هناك‮»‬‭. ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬المشكلة‭ ‬اليوم‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬الموقف‭ ‬الذي‭ ‬يجد‭ ‬السياسيون‭ ‬في‭ ‬كلا‭ ‬البلدين‭ ‬أنفسهم‭ ‬فيه‭.‬

لقد‭ ‬دافعوا‭ ‬عن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المواقف‭ ‬المتعنتة‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة‭ ‬لدرجة‭ ‬أنهم‭ ‬يعتقدون،‭ ‬عن‭ ‬صواب‭ ‬أو‭ ‬خطأ،‭ ‬أن‭ ‬ناخبيهم‭ ‬لن‭ ‬يغفروا‭ ‬لهم‭ ‬موقفًا‭ ‬معتدلًا‭ ‬ومصالحيا‭.‬

إن‭ ‬هذا‭ ‬الاستقطاب‭ ‬الحاد‭ ‬في‭ ‬الادعاء‭ ‬بالانتماء‭ ‬إلى‭ ‬إرث‭ ‬الإسكندر‭ ‬الأكبر‭ ‬يبدو‭ ‬قبل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬حقيقة‭ ‬لليمين‭ ‬القومي‭ ‬ويتغذى‭ ‬منها‭ ‬إيديولوجيا،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬اليسار‭ ‬يركز‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭ ‬على‭ ‬الجزء‭ ‬السلافي‭ ‬من‭ ‬الهوية‭ ‬المقدونية‭.‬

هناك‭ ‬مثال‭ ‬آخر‭ ‬يميز‭ ‬الماضي‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬وهو‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والسياسة‭ ‬الدفاعية‭ ‬للدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬في‭ ‬الكتلة‭ ‬السوفيتية‭ ‬السابقة،‭ ‬والتي‭ ‬تخشى‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬عودة‭ ‬التوسع‭ ‬الروسي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬اليوم‭ ‬هذا‭ ‬التصميم‭ ‬الذي‭ ‬تبديه‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬والرغبة‭ ‬الجامحة‭ ‬في‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬والحلف‭ ‬الأطلسي‭.‬

يواجه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬دول‭ ‬البلطيق‭ ‬صعوبة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬رؤية‭ ‬عمل‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬1939‭ ‬و1945‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬تحرير‮»‬‭. ‬‮«‬بالنسبة‭ ‬لنا،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬نصر‭. ‬كان‭ ‬مجرد‭ ‬كابوس‭ ‬طويل‮»‬‭ - ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬مؤخرا‭ ‬توماس‭ ‬هندريك‭ ‬إلفيس،‭ ‬وهو‭ ‬يشدد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الخلافات‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬قراءة‭ ‬التاريخ،‭ ‬مثل‭ ‬أزمة‭ ‬ربيع‭ ‬2007‭ ‬مع‭ ‬إستونيا‭. ‬ففي‭ ‬عدم‭ ‬إزالة‭ ‬الجندي‭ ‬البرونزي‭ ‬من‭ ‬تالين،‭ ‬تم‭ ‬تركيز‭ ‬سوفيتي‭ ‬يمجد‭ ‬الجيش‭ ‬الأحمر‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1947‭.‬

في‭ ‬شهر‭ ‬نوفمبر‭ ‬2006‭ ‬اعتمد‭ ‬البرلمان‭ ‬الإستوني‭ ‬قانونا‭ ‬جديدا‭ ‬يحظر‭ ‬العلامات‭ ‬‮«‬التي‭ ‬تمجد‭ ‬الجيوش‭ ‬والدول‭ ‬التي‭ ‬احتلت‭ ‬إستونيا‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬9‭ ‬مايو‭ ‬2005،‭ ‬رفض‭ ‬رئيس‭ ‬جمهورية‭ ‬إستونيا‭ ‬آنذاك،‭ ‬أرنولد‭ ‬روتل،‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬الاحتفالات‭ ‬التي‭ ‬نظمتها‭ ‬موسكو‭ ‬لإحياء‭ ‬الذكرى‭ ‬الستين‭ ‬لنهاية‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭. ‬

تعتبر‭ ‬السينما‭ ‬وسيلة‭ ‬اتصال‭ ‬قوية‭ ‬وقد‭ ‬تطرق‭ ‬المثير‭ ‬من‭ ‬الأفلام‭ ‬إلى‭ ‬النزاعات‭ ‬الموروثة‭ ‬والصراعات‭ ‬والحروب‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬بالذاكرة‭ ‬التاريخية‭ ‬بين‭ ‬الشهود‭ ‬والدول‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬العالم‭.. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬شهدت‭ ‬العاصمة‭ ‬البولندية‭ ‬وارسو‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬17‭ ‬سبتمبر‭ ‬2007‭ ‬العرض‭ ‬الأول‭ ‬لفيلم‭ ‬Andrezj‭ ‬Wajda‭ ‬المخصص‭ ‬لمذبحة‭ ‬الضباط‭ ‬البولنديين‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬السوفييت‭ ‬في‭ ‬كاتين‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬1940‭ ‬وقد‭ ‬اتسم‭ ‬ذلك‭ ‬العمل‭ ‬ببعد‭ ‬سياسي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إنكاره،‭ ‬كما‭ ‬ظلت‭ ‬تلك‭ ‬الحادثة‭ ‬عالقة‭ ‬في‭ ‬الذاكرة‭ ‬الجماعية‭ ‬وتحول‭ ‬دون‭ ‬نزع‭ ‬فتيل‭ ‬التوتر‭ ‬الذي‭ ‬يطغى‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬الروسية‭ ‬البولندية‭. ‬

كذلك‭ ‬ظلت‭ ‬الأفلام‭ ‬المرتبطة‭ ‬بنوع‭ ‬‮«‬سينما‭ ‬الملحمة‭ ‬الوطنية‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تصور‭ ‬غزو‭ ‬الدولة‭ ‬المجاورة‭ ‬وما‭ ‬اصطدمت‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬مقاومة‭ ‬وطنية‭ ‬بطولية،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬الفيلم‭ ‬الروسي‭ ‬فلاديمير‭ ‬‮«‬1612‮»‬‭ ‬للمخرج‭ ‬فلاديمير‭ ‬خوتينينكو‭ ‬الذي‭ ‬يروي‭ ‬كيف‭ ‬طرد‭ ‬الروس‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العام‭ ‬المحتلين‭ ‬البولنديين‭. ‬

تتنوع‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭: ‬فقد‭ ‬تحولت‭ ‬ألعاب‭ ‬الفيديو،‭ ‬التي‭ ‬تقتصر‭ ‬عادة‭ ‬على‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬وحدها‭ ‬إلى‭ ‬رهان‭ ‬حقيقي‭ ‬وساحة‭ ‬بدورها‭ ‬لمعارك‭ ‬الذاكرة‭. ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬عام‭ ‬2007‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬تم‭ ‬إطلاق‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬Les‭ ‬ombres‭ ‬de‭ ‬la‭ ‬guerre‮»‬‭ ‬أي‭ ‬‮«‬أشباح‭ ‬الحرب‮»‬،‭ ‬والذي‭ ‬يركز‭ ‬على‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬الإسبانية‭. ‬

تطرق‭ ‬ذلك‭ ‬الفيلم‭ ‬إلى‭ ‬قيام‭ ‬وحدة‭ ‬جوية‭ ‬نازية‭ ‬بقصف‭ ‬غيرنيكا‭ ‬في‭ ‬إسبانيا،‭ ‬وقد‭ ‬أثار‭ ‬ذلك‭ ‬جدلاً‭ ‬بين‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬اعتقدوا‭ ‬أنه‭ ‬سيسمح‭ ‬بتعريف‭ ‬الأجيال‭ ‬الشابة‭ ‬بتاريخهم‭ ‬وأولئك‭ ‬الذين‭ ‬يخشون‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬فظاعة‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم،‭ ‬وقس‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬العالم‭. ‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يجوز‭ ‬التشكيك‭ ‬في‭ ‬القيمة‭ ‬التربوية‭ ‬للعبة‭ ‬الفيديو‭ ‬التي‭ ‬تتطرق‭ ‬إلى‭ ‬الأحداث‭ ‬التاريخية‭ ‬الموثقة،‭ ‬إذ‭ ‬إنها‭ ‬اللعبة‭ ‬التي‭ ‬تتيح‭ ‬إمكانية‭ ‬تغيير‭ ‬مسار‭ ‬الأشياء‭ ‬والأحداث،‭ ‬لكن‭ ‬القصة‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬حقائق‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬افتراضات،‭ ‬والأفعال‭ ‬المرتكبة‭ ‬لا‭ ‬رجعة‭ ‬فيها‭ ‬وهي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬ذاكرة‭ ‬التاريخ‭ ‬والأمم‭. ‬

قد‭ ‬يكون‭ ‬لهذا‭ ‬الأمر‭ ‬أهمية‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬نظرنا‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬البناء‭ ‬السياسي‭ ‬المشترك‭ ‬وتكريس‭ ‬مفاهيم‭ ‬المصالحة‭ ‬والتعايش‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬حروبا‭ ‬أهلية‭ ‬دامرة‭ ‬ومدمرة‭ ‬وهي‭ ‬تحتاج‭ ‬بالتالي‭ ‬إلى‭ ‬عملية‭ ‬مصالحة‭ ‬مع‭ ‬الذاكرة‭ ‬التاريخية،‭ ‬هذه‭ ‬المصالح‭ ‬التي‭ ‬تصطدم‭ ‬بالخلافات‭ ‬الموروثة‭ ‬بين‭ ‬الدول،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬نلمسها‭ ‬اليوم‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬وبولندا‭ ‬ودول‭ ‬البلطيق‭. ‬

لا‭ ‬تقتصر‭ ‬ظاهرة‭ ‬‮«‬نزاعات‭ ‬النصب‭ ‬التذكاري‮»‬‭ ‬على‭ ‬أوروبا‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬تشمل‭ ‬على‭ ‬عدة‭ ‬بلدان‭ ‬ومناطق‭ ‬وشعوب‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬الخلافات‭ ‬التاريخية‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬تركيا‭ ‬وأرمينيا‭ ‬وحرب‭ ‬الذاكرة‭ ‬بين‭ ‬فرنسا‭ ‬ومستعمراتها،‭ ‬وخاصة‭ ‬منها‭ ‬الجزائر‭. ‬

ظلت‭ ‬العلاقات‭ ‬الصينية‭ ‬اليابانية‭ ‬متأثرة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬بالانتهاكات‭ ‬التي‭ ‬ارتكبها‭ ‬الجيش‭ ‬الياباني‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬وخاصة‭ ‬تلك‭ ‬الفظائع‭ ‬التي‭ ‬رافقت‭ ‬استيلاء‭ ‬الجيش‭ ‬الياباني‭ ‬على‭ ‬نانجينغ‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬1937‭.‬

يوجد‭ ‬تيار‭ ‬إصلاحي‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬القيام‭ ‬بمراجعة‭ ‬للتاريخ‭ ‬يغذيه،‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أمور‭ ‬أخرى‭ ‬غموض‭ ‬السلطات‭ ‬بشأن‭ ‬زيارة‭ ‬ضريح‭ ‬ياسوكوني‭ (‬طوكيو‭)‬،‭ ‬حيث‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬اليابانيين‭ ‬الذين‭ ‬لقوا‭ ‬حتفهم‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬الخارجية‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1869،‭ ‬يتم‭ ‬تكريم‭ ‬14‭ ‬مجرم‭ ‬حرب،‭ ‬بمن‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الجنرال‭ ‬توجو‭.‬

كان‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬السابق‭ ‬جونيشيرو‭ ‬كويزومي‭ (‬2001-2006‭) ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬هناك‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬لزيارة‭ ‬ذلك‭ ‬الضريح،‭ ‬ما‭ ‬أثار‭ ‬استياء‭ ‬جيرانه،‭ ‬وخاصة‭ ‬الصينيين،‭ ‬حيث‭ ‬يعتبر‭ ‬الضريح‭ ‬المذكور‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الدول‭ ‬الآسيوية‭ ‬رمزًا‭ ‬للعسكرة‭ ‬اليابانية‭.‬

في‭ ‬شهر‭ ‬أكتوبر‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2008‭ ‬صدر‭ ‬قرار‭ ‬بإقالة‭ ‬رئيس‭ ‬أركان‭ ‬القوات‭ ‬الجوية،‭ ‬الجنرال‭ ‬توشيو‭ ‬تاموغامي‭ ‬فورا‭ ‬بمجرد‭ ‬أن‭ ‬نشر‭ ‬للتو‭ ‬على‭ ‬شبكة‭ ‬الإنترنت‭ ‬كتابا‭ ‬‮«‬تصحيحيا‮»‬‭ ‬بعنوان‭ ‬هل‭ ‬كانت‭ ‬دولة‭ ‬معتدية؟‭ ‬

لقد‭ ‬اتهم‭ ‬هذا‭ ‬الجنرال‭ ‬أيضا‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بأنها‭ ‬عمدت‭ - ‬بالتواطؤ‭ ‬مع‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ - ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬فخ‭ ‬لليابان،‭ ‬ونفى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬اليابان‭ ‬قد‭ ‬شنت‭ ‬حربًا‭ ‬عدوانية‭ ‬في‭ ‬آسيا،‭ ‬كما‭ ‬برر‭ ‬إقامة‭ ‬منطقة‭ ‬نفوذ‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬وزعم‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬وكوريا‭ ‬كانتا‭ ‬ستستفيدان‭ ‬من‭ ‬ذلك‭. ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬سلطات‭ ‬طوكيو‭ ‬قد‭ ‬سارعت‭ ‬إلى‭ ‬إقالة‭ ‬هذا‭ ‬الجنرال‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وقف‭ ‬سيل‭ ‬الانتقادات‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬وكوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬ودول‭ ‬أخرى‭ ‬ضحية‭ ‬اليابان‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬1937‭ ‬و1945‭.‬

 

دبلوب

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا