العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

اطلالة

هالة كمال الدين

halakamal99@hotmail.com

لا تنتظروا حدوث الأزمة

يقول‭ ‬برنارد‭ ‬شو‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬للزمن‭ ‬بالنضج‭.. ‬نحن‭ ‬نكبر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التجارب‭!‬

نعم،‭ ‬الحياة‭ ‬تعلمنا،‭ ‬والتجارب‭ ‬تصقل‭ ‬شخصيتنا،‭ ‬والمواقف‭ ‬تعكس‭ ‬مهارتك،‭ ‬فكما‭ ‬تقول‭ ‬هيلين‭ ‬كيلر‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬نتطور‭ ‬في‭ ‬هدوء‭ ‬وسكينة‭ ‬بلا‭ ‬تجارب‭.. ‬نحن‭ ‬نتطور‭ ‬ونتعلم‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التجربة‭.. ‬ففي‭ ‬المعاناة‭ ‬يكمن‭ ‬تعزيز‭ ‬الروح‮»‬‭! ‬

لم‭ ‬أجد‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭ ‬مدخلا‭ ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬متحور‭ ‬كورونا‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬أصبح‭ ‬قريبا‭ ‬منا،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وصلت‭ ‬بشائره‭ ‬إلى‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬وأحدثها‭ ‬جمهورية‭ ‬مصر‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬سجلت‭ ‬حالتي‭ ‬إصابة‭ ‬مؤخرا‭.‬

قد‭ ‬تعلمنا‭ ‬من‭ ‬تجربة‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬التي‭ ‬أصابت‭ ‬العالم‭ ‬بأكمله،‭ ‬واستهدفت‭ ‬البشر‭ ‬جميعا،‭ ‬أن‭ ‬الدنيا‭ ‬مدرسة‭ ‬مديرها‭ ‬الزمن،‭ ‬استاذها‭ ‬القدر،‭ ‬وتلاميذها‭ ‬نحن‭ ‬البشر،‭ ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬احترامي‭ ‬وتقديري‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬واجهت‭ ‬تلك‭ ‬الأزمة‭ ‬بكل‭ ‬قوة،‭ ‬وصمدت،‭ ‬بل‭ ‬وتفوقت‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬مملكتنا‭ ‬الحبيبة‭ ‬التي‭ ‬قدمت‭ ‬نموذجا‭ ‬يقتدى‭ ‬به‭ ‬عالميا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نعترف‭ ‬بصحة‭ ‬ما‭ ‬يقال‭ ‬عن‭ ‬شعوبنا‭ ‬العربية‭ ‬بأنها‭ ‬لا‭ ‬تتعلم‭ ‬الدرس،‭ ‬ولا‭ ‬تستفيد‭ ‬من‭ ‬التجارب،‭ ‬وتكرر‭ ‬نفس‭ ‬الأخطاء،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬أود‭ ‬التوقف‭ ‬عنده‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬السطور‭.‬

مؤخرا‭ ‬حض‭ ‬كبير‭ ‬العلماء‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬جيريمي‭ ‬فارار‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬المشترك‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬اللقاحات،‭ ‬وتشخيص‭ ‬وعلاج‭ ‬المسببات‭ ‬الأكثر‭ ‬خطورة‭ ‬للأمراض،‭ ‬لتجنب‭ ‬الآثار‭ ‬العميقة‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬نتيجة‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬تكافؤ‭ ‬الفرص‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬التدابير‭ ‬المضادة‭ ‬في‭ ‬ذروة‭ ‬أزمة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬مؤكدا‭ ‬على‭ ‬وجوب‭ ‬تفاهم‭ ‬متبادل‭ ‬بين‭ ‬البلدان‭ ‬لضمان‭ ‬استعداد‭ ‬أفضل‭ ‬للمتحور‭ ‬الجديد‭.‬

وأضاف‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬لا‭ ‬تنتظروا‭ ‬حدوث‭ ‬أزمة‭ ‬لإقامة‭ ‬أنظمة‭ ‬أفضل،‭ ‬عندما‭ ‬يحين‭ ‬موعد‭ ‬الجائحة‭ ‬المقبلة‭ ‬ستكونون‭ ‬بدأتم‭ ‬للتو‭ ‬إدارة‭ ‬المحرك‭ ‬بعد‭ ‬فوات‭ ‬الأوان‮»‬‭ ‬مشيرا‭ ‬إلي‭ ‬أن‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬لديها‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬للبحث‭ ‬والتطوير‭ ‬مطبقة‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬لفيروسات‭ ‬ايبولا‭ ‬و‭ ‬ماربورج‭ ‬وحمى‭ ‬القرم‭ ‬الكونغو‭ ‬النزفية‭ ‬التي‭ ‬ينقلها‭ ‬القراد،‭ ‬ولكن‭ ‬الأمر‭ ‬يتطلب‭ ‬بذل‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الجهود‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بفيروسات‭ ‬زيكا‭ ‬وحمى‭ ‬الوادي‭ ‬المتصدع‭ ‬ومسبب‭ ‬المرض‭ ‬اكس،‭ ‬وهو‭ ‬مرض‭ ‬معد‭ ‬لم‭ ‬يظهر‭ ‬بعد‭ ‬لديه‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التسبب‭ ‬في‭ ‬جائحة‭. ‬

بمعنى‭ ‬آخر‭ ‬مطلوب‭ ‬الاستعداد‭ ‬المبكر‭ ‬لمواجهة‭ ‬جائحة‭ ‬جديدة،‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬سابقتها،‭ ‬وتفادي‭ ‬الأخطاء‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬الوقوع‭ ‬فيها،‭ ‬وتوفير‭ ‬الجاهزية‭ ‬اللازمة‭ ‬معنويا‭ ‬وماديا،‭ ‬والتأكيد‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬التكاتف‭ ‬وتوحيد‭ ‬الصفوف،‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬الوطن‭ ‬الواحد،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬الأوطان‭ ‬العربية‭ ‬فيما‭ ‬بينها،‭ ‬وذلك‭ ‬عملا‭ ‬بمقولة‭ ‬الرسول‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭: ‬‮«‬لا‭ ‬يلدغ‭ ‬المؤمن‭ ‬من‭ ‬جحر‭ ‬مرتين‮»‬‭!!‬

للأسف‭ ‬الشديد‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يلدغ‭ ‬مرارا‭ ‬وتكرارا‭ ‬دون‭ ‬التعلم،‭ ‬وتلك‭ ‬هي‭ ‬المصيبة‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬تتفوق‭ ‬على‭ ‬الجائحة‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬الآثار‭ ‬السلبية‭ ‬الخطيرة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬نتمنى‭ ‬عدم‭ ‬استشعاره‭ ‬عند‭ ‬تعامل‭ ‬البعض‭ ‬مع‭ ‬المتحور‭ ‬الجديد‭.‬

إن‭ ‬تجارب‭ ‬الحياة‭ ‬هي‭ ‬العامل‭ ‬الأهم‭ ‬في‭ ‬صقل‭ ‬شخصية‭ ‬الفرد،‭ ‬وفي‭ ‬تنمية‭ ‬المواهب،‭ ‬ومحو‭ ‬المعايب،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬الأزمات،‭ ‬فهي‭ ‬تزيد‭ ‬البصير‭ ‬بصرا،‭ ‬والحليم‭ ‬حلما،‭ ‬وتجعل‭ ‬العاقل‭ ‬حكيما،‭ ‬والحكيم‭ ‬فيلسوفا‭.‬

فرجاء‭ ‬التحرك‭ ‬السريع‭.. ‬وعدم‭ ‬انتظار‭ ‬حدوث‭ ‬الأزمة‭ ‬كما‭ ‬أوصى‭ ‬فارار‭!‬

إقرأ أيضا لـ"هالة كمال الدين"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا