اطلالة
هالة كمال الدين
halakamal99@hotmail.com
لا تنتظروا حدوث الأزمة
يقول برنارد شو لا علاقة للزمن بالنضج.. نحن نكبر من خلال التجارب!
نعم، الحياة تعلمنا، والتجارب تصقل شخصيتنا، والمواقف تعكس مهارتك، فكما تقول هيلين كيلر «لا يمكن ان نتطور في هدوء وسكينة بلا تجارب.. نحن نتطور ونتعلم فقط من خلال التجربة.. ففي المعاناة يكمن تعزيز الروح»!
لم أجد أفضل من هذا الكلام مدخلا للحديث عن متحور كورونا الجديد الذي يبدو أنه أصبح قريبا منا، بعد أن وصلت بشائره إلى عدد من الدول، وأحدثها جمهورية مصر العربية التي سجلت حالتي إصابة مؤخرا.
قد تعلمنا من تجربة جائحة كورونا التي أصابت العالم بأكمله، واستهدفت البشر جميعا، أن الدنيا مدرسة مديرها الزمن، استاذها القدر، وتلاميذها نحن البشر، ولكن مع احترامي وتقديري لكثير من الدول التي واجهت تلك الأزمة بكل قوة، وصمدت، بل وتفوقت في ذلك، وفي مقدمتها مملكتنا الحبيبة التي قدمت نموذجا يقتدى به عالميا في هذا الصدد، إلا أنه يجب أن نعترف بصحة ما يقال عن شعوبنا العربية بأنها لا تتعلم الدرس، ولا تستفيد من التجارب، وتكرر نفس الأخطاء، وهذا هو ما أود التوقف عنده في هذه السطور.
مؤخرا حض كبير العلماء الجديد في منظمة الصحة العالمية جيريمي فارار الدول على العمل المشترك في تطوير اللقاحات، وتشخيص وعلاج المسببات الأكثر خطورة للأمراض، لتجنب الآثار العميقة التي وقعت نتيجة عن عدم تكافؤ الفرص في الحصول على التدابير المضادة في ذروة أزمة فيروس كورونا، مؤكدا على وجوب تفاهم متبادل بين البلدان لضمان استعداد أفضل للمتحور الجديد.
وأضاف قائلا: «لا تنتظروا حدوث أزمة لإقامة أنظمة أفضل، عندما يحين موعد الجائحة المقبلة ستكونون بدأتم للتو إدارة المحرك بعد فوات الأوان» مشيرا إلي أن منظمة الصحة العالمية لديها خارطة طريق للبحث والتطوير مطبقة بشكل كامل لفيروسات ايبولا و ماربورج وحمى القرم الكونغو النزفية التي ينقلها القراد، ولكن الأمر يتطلب بذل المزيد من الجهود فيما يتعلق بفيروسات زيكا وحمى الوادي المتصدع ومسبب المرض اكس، وهو مرض معد لم يظهر بعد لديه القدرة على التسبب في جائحة.
بمعنى آخر مطلوب الاستعداد المبكر لمواجهة جائحة جديدة، والاستفادة من سابقتها، وتفادي الأخطاء التي تم الوقوع فيها، وتوفير الجاهزية اللازمة معنويا وماديا، والتأكيد على أهمية التكاتف وتوحيد الصفوف، ليس على نطاق الوطن الواحد، بل على صعيد الأوطان العربية فيما بينها، وذلك عملا بمقولة الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين»!!
للأسف الشديد هناك من يلدغ مرارا وتكرارا دون التعلم، وتلك هي المصيبة الكبرى التي تتفوق على الجائحة نفسها في الآثار السلبية الخطيرة، وهو ما نتمنى عدم استشعاره عند تعامل البعض مع المتحور الجديد.
إن تجارب الحياة هي العامل الأهم في صقل شخصية الفرد، وفي تنمية المواهب، ومحو المعايب، ومن ثم الخروج من الأزمات، فهي تزيد البصير بصرا، والحليم حلما، وتجعل العاقل حكيما، والحكيم فيلسوفا.
فرجاء التحرك السريع.. وعدم انتظار حدوث الأزمة كما أوصى فارار!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك