العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

اطلالة

هالة كمال الدين

halakamal99@hotmail.com

من أجل أجيال سوية

يتساءل‭ ‬أحدهم‭: ‬‮«‬ماذا‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬الطفل‭ ‬الذي‭ ‬تنمرت‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬نشأ‭ ‬وتبين‭ ‬أنه‭ ‬الجراح‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬ينقذ‭ ‬حياتك؟

سؤال‭ ‬جميل‭ ‬ووجيه،‭ ‬يكشف‭ ‬عن‭ ‬الوجه‭ ‬الأملح‭ ‬القبيح‭ ‬لهذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬تمثل‭ ‬خطرا‭ ‬جسيما‭ ‬يهدد‭ ‬الحياة‭ ‬النفسية‭ ‬والمجتمعية‭ ‬للبشر‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬عواقبها‭ ‬إلي‭ ‬الموت‭ ‬انتحارا،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬نشهده‭ ‬بصورة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تصدرت‭ ‬قوائم‭ ‬الظواهر‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الأكثر‭ ‬انتشارا‭ ‬حول‭ ‬العالم‭.‬

كم‭ ‬آلمني‭ ‬بشدة‭ ‬بل‭ ‬ووجعني‭ ‬حديث‭ ‬إحدى‭ ‬الأمهات‭ ‬التي‭ ‬رزقها‭ ‬الخالق‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬بطفلة‭ ‬مريضة‭ ‬بالسكري،‭ ‬وذلك‭ ‬حين‭ ‬راحت‭ ‬تعبر‭ ‬لي‭ ‬عن‭ ‬معاناة‭ ‬ابنتها‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬من‭ ‬التنمر‭ ‬عليها‭ ‬بسبب‭ ‬مرضها،‭ ‬ولكنها‭ ‬وبدعم‭ ‬الإدارة‭ ‬والأهل‭ ‬واجهت‭ ‬وصمدت‭ ‬وواصلت‭ ‬وتفوقت،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬التنمر‭ ‬قد‭ ‬يدمر‭ ‬حياة‭ ‬إنسان‭ ‬بالفعل،‭ ‬ولكنه‭ ‬يصنعها‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭! ‬

مؤخرا‭ ‬اقترحت‭ ‬سلطات‭ ‬مدينة‭ ‬كوماموتو‭ ‬اليابانية‭ ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬مكافحة‭ ‬التغيب‭ ‬والتنمر‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬إرسال‭ ‬الروبوتات‭ ‬إلى‭ ‬المدارس‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬التلاميذ،‭ ‬والتي‭ ‬يتحكم‭ ‬فيها‭ ‬التلاميذ‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬قلق‭ ‬سلطات‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬زيادة‭ ‬غياب‭ ‬التلاميذ‭ ‬عن‭ ‬المدارس‭ ‬بسبب‭ ‬التنمر‭ ‬والإذلال‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أقرانهم‭.‬

المتحدث‭ ‬باسم‭ ‬سلطات‭ ‬المدينة‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬الروبوتات‭ ‬ليس‭ ‬حقيقيا‭ ‬تماما‭ ‬ولكن‭ ‬قد‭ ‬يعطي‭ ‬شعورا‭ ‬محددا‭ ‬واقعيا‭ ‬للأطفال‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يثقون‭ ‬ويخافون‭ ‬من‭ ‬التفاعل‭ ‬مع‭ ‬الآخرين،‭ ‬معربا‭ ‬عن‭ ‬أمله‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يساعد‭ ‬هذا‭ ‬الاقتراح‭ ‬التلاميذ‭ ‬في‭ ‬التغلب‭ ‬علي‭ ‬مخاوفهم،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وصل‭ ‬عدد‭ ‬الطلاب‭ ‬المتغيبين‭ ‬عن‭ ‬المدارس‭ ‬الابتدائية‭ ‬والثانوية‭ ‬إلى‭ ‬أعلى‭ ‬مستوى‭ ‬له‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬حيث‭ ‬بلغ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬244‭,‬940‭.‬

ووفقا‭ ‬لهذا‭ ‬الاقتراح‭ (‬الذي‭ ‬أراه‭ ‬شخصيا‭ ‬غريبا‭ ‬وعجيبا‭ ‬بل‭ ‬وغير‭ ‬منطقي‭ ‬بالمرة‭) ‬سيتم‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬شهر‭ ‬نوفمبر‭ ‬العام‭ ‬الجاري‭ ‬إرسال‭ ‬روبوتات‭ ‬ذاتية‭ ‬الحركة‭ ‬لا‭ ‬يزيد‭ ‬ارتفاعها‭ ‬على‭ ‬متر،‭ ‬يتحكم‭ ‬فيها‭ ‬التلاميذ‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬ويمكنها‭ ‬التحرك‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الاتجاهات‭ ‬بسهولة‭ ‬من‭ ‬فصل‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭.‬

عند‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬ظاهرة‭ ‬التنمر‭ ‬يتبادر‭ ‬إلى‭ ‬ذهني‭ ‬دائما‭ ‬تساؤل‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭:‬

هل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يشفي‭ ‬أحد‭ ‬نفسه‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬إصابة‭ ‬شخص‭ ‬آخر؟

لتأتي‭ ‬الإجابة‭ ‬بنعم،‭ ‬لأنني‭ ‬ببساطة‭ ‬أجد‭ ‬البعض‭ ‬يمارسه‭ ‬بسبب‭ ‬طبيعته‭ ‬وليس‭ ‬لسبب‭ ‬في‭ ‬المتنمر‭ ‬عليه،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬لفت‭ ‬إليه‭ ‬أحد‭ ‬الفلاسفة‭ ‬حين‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬التنمر‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬ليس‭ ‬لديهم‭ ‬ثقة‭ ‬بأنفسهم‭ ‬عل‭ ‬الإطلاق،‭ ‬بل‭ ‬هم‭ ‬غالبا‭ ‬يكونون‭ ‬كارهين‭ ‬لذاتهم،‭ ‬لذلك‭ ‬أنصح‭ ‬أي‭ ‬إنسان‭ ‬يتعرض‭ ‬له‭ ‬بألا‭ ‬يدع‭ ‬كلمات‭ ‬المتنمر‭ ‬تؤثر‭ ‬فيه،‭ ‬لأنه‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يحتاج‭ ‬الثقة،‭ ‬وليس‭ ‬أنت‭! ‬

يقول‭ ‬سيدنا‭ ‬علي‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭:‬

‮«‬الحدة‭ ‬ضرب‭ ‬من‭ ‬الجنون‭.. ‬لأن‭ ‬صاحبها‭ ‬يندم‭.. ‬فإن‭ ‬لم‭ ‬يندم‭.. ‬فجنونه‭ ‬مستحكم‮»‬‭!‬

وحين‭ ‬تصل‭ ‬الحدة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ذبح‭ ‬النفس،‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نتكاتف‭ ‬جميعا‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬المنزل‭ ‬ومرورا‭ ‬بالمدرسة‭ ‬ووصولا‭ ‬إلى‭ ‬المجتمع‭ ‬لنغرس‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬أبنائنا‭ ‬شعار‭ ‬‮«‬لا‭ ‬للتنمر‭.. ‬لا‭ ‬للاستسلام‭ ‬له‭.. ‬لا‭ ‬للصمت‭ ‬عنه‮»‬‭!‬

وذلك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬خلق‭ ‬أجيال‭ ‬سوية‭!‬

إقرأ أيضا لـ"هالة كمال الدين"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا